مع كل الفحيح وسموم الأكاذيب التي يبثها الفلول والمستفيدون من فساد الرئيس المخلوع.. مازالت الأسرار والفضائح تتكشف يوما بعد يوم.. ومازالت رائحة الفساد المكتومة لأكثر من ثلاثين سنة تلوث الأجواء، مؤكدة أنها تحتاج جهودا هائلة ومبيدات فتاكة لم تظهر لها أمارات كافية للآن لكي نتمكن من التطهير والبناء علي نظافة.. ويبدو أن الجراب يحوي الكثير والكثير جدا. لقد شممت تلك الرائحة العفنة منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولم أقف صامتا، وتضامن معي عدد من الزملاء الذين وضعوا مستقبلهم وحياة أسرهم علي أكفهم، وتقدمنا للقضاء الذي مازال ينظر ويتداول قضية أرض "أركاديا" للآن.. ولم نكن ندرك أن ما تصدينا له كان مجرد خيط رفيع يقود لغابة متشابكة شاسعة من أعمال الإجرام والسلب والنهب.. اعتقدنا أنها حالة انحراف فردية لرئيس مؤسسة صحفية هارب ومذعور حاليا رغم استمرار حمايته من جهاز سيادي كبير ويخطط له مستشار معجون بالتعامل مع الجواسيس والفاسدين، ويشاركهما بعض الذيول والتابعين.. لكنها كانت البداية لتشكيل تنظيم عصابي رسمي ومافيا كبري تحكم بلدا عريقا، لم يدرك أعضاؤها أبدا قدر هذا البلد ومكانته، ولو أدركوا لما سمحت لهم ضمائرهم أن يفعلوا.. وكان مذهلا أن المافيا يقودها الرئيس نفسه ونفر قليل من أصدقائه وأسرته وأصدقائهم.. والأعجب أن المحاكمات طالت عددا محدودا فقط معظمهم من شلة "الوريث" وأن زعيم المافيا يحاكم علي عدة فلل وشاليهات كهدايا، بينما الكثيرون مازالوا أحرارا طلقاء، ومنهم من هرب بسهولة وسرعة مدهشتين. (1) مازال يلعب بمنخاره في حلقات من مسلسل "خداع واستعباط".. ومازال يتمارض كتلميذ بليد يتهرب من درس القدر القاسي، بعد أن أهاننا وجرح كبرياءنا وسلب إرادتنا ونهب ثرواتنا، لكنه قبل كل ذلك أهان نفسه ولوث ماضيا له كان محلا لفخر الجميع.. وهاهو ينهي مشواره بانكسار وذلة لن تستطيع حيل أمهر وأخبث المدافعين أو المستفيدين أو الأصدقاء من الأفراد أو الدول انتشاله وغسله منهما.. فقد سبق حكم الشعب أي حكم آخر مترفقا كان أو مشددا لحد الإعدام.. لقد أهال التراب علي فترة حكمه وكساها بالظلم والغلظة والتعالي والقتل والاستبداد، وأعطي المبرر المقبول لتطلق عليها الغالبية لقب أسوأ وأسود ثلاثين سنة في تاريخ مصر المديد.. وقد يكون لهذا قابلها الشعب بأقوي الردود السلمية وأرقي الدروس الحضارية.. بأعظم ثورة في تاريخ مصر، والتي ظهر من يصفها بالخارج بالأعظم في تاريخ العالم.. لا أعرف إن كان مع هذه النهاية الآن يتذكر الله ويستغفره فيعتذر ويرد المنهوب أم يدعو من قلب سميك وطرف لسان بأن يستر سوءاته ويخفي أسراره وألا تضيع عليه مئات المليارات وأكرر مئات المليارات وليس ستة ملايين وخمس فلل التي نهبها ومعه نفر قليل من أسرته وأصدقائه وأصدقائهم.. لقد تعلم (والحقيقة أنه لم يتعلم) من مساهمته في أول شركة دخلها باسم الأجنحة البيضاء (لونها تغير بالتأكيد) للحصول علي عمولات سلاح ألا يدخل شراكة رسمية علي الورق فيما بعد.. فقد ستره الله بعد إدانة الشركة بالتهرب ضريبيا بأمريكا وهي جريمة كبري هناك، وتحمل الشريك الرابع حسين سالم بمفرده الفضيحة (وشال الليلة في بلد العم سام).. ولكنه بمجرد توليه الرئاسة لم يلبث أن كافأ شريكه ونديمه علي الفور ومنحه صداقته المطلقة وائتمنه علي الانفراد كواجهة طبعا بملكية كل الشركات والمشروعات التي يحلمان بها ومنها ثروات البلد الطبيعية من غاز وبترول ومياه وكنوز سياحية يتصرفان بها مثلما يحلو لهما.. ولم يبخل عليه (ولا علي نفسه بالطبع) بأي أرقام من الأموال ملايينها وملياراتها، بل مئات ملياراتها كما سيتضح حالا.. وكان يقتطع له من أحلي المواقع بجسد مصر الجميل الذي استباحوه، بالقرب من بحر أو نهر أو محميات طبيعية، حسبما يشتهي حسين سالم لنفسه ولولي نعمته.. كما تكرم عليه بالتليفونات اللازمة للحصول علي أي قروض أو مبالغ مهما بلغت ضخامتها من البنوك.. بل إنه بحسه الأمني العالي وقد حكم مصر بالأمن السري وبالقهر دون الوسائل الأخري كالبلاد التي تحترم شعوبها كان حذرا أكثر من اللازم وتحاشي حتي التليفونات، وضم لمؤسسة الرئاسة مباشرة كلا من محافظ البنك المركزي ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.. وهما يملكان الكثير من الخفايا والمعلومات لو أرادا تقديم حق الشعب بخصوص أسرار ماجري لأمواله وثرواته .. بل إن الأمر وصل إلي دخول الوريث الذي كان "حالما محتملا" ليصبح ذا نفوذ وظيفي مباشر في الجهاز المصرفي وقد عين ممثلا للبنك المركزي بمجلس إدارة "البنك العربي الإفريقي الدولي" المملوك للحكومتين الكويتية والمصرية.. وما يحمله ذلك من مؤشرات وأسرار لمن يبتغي الحقيقة. (2) تقرير أصدره الجهاز المركزي للمحاسبات في 8002 بشكل شبه سري، عن الحساب الختامي ونتائج أعمال بنكي الأهلي ومصر ( أكبر بنكين في مصر) في السنة السابقة.. هذا التقرير أرسل للبنكين فقط ودمتم، دون إرساله للجهات الرقابية الأخري طبقا للقانون رغم مابه من مخالفات رهيبة تخص مليارات الجنيهات المتعثرة والضائعة علي البنكين (برضاهما طبعا مقابل الرضا الرئاسي السامي، أو حتي رغما عنهما لكنهما لا يستطيعان النطق بكلمة.. فهذه المليارات متعثرة أو مرفوضة الدفع ممن ؟ من حسين سالم الصديق أو قد يكون ضمنيا الشريك للرئيس نفسه ، ولا يمكن سؤاله طبعا عن ضمانات كافية لرد تلك المليارات أو ماذا يسدد أو لايسدد.. فمن يجرؤ علي الكلام؟ واكتفي الجهاز برد البنكين كسد خانة لتغطية العميل ال"فوق السوبر" علي أن يتم سداد تلك القروض الكبيرة المتعثرة من زيادات إضافية تقتطع من الأرباح علي حساب أصحاب الودائع من جموع الشعب التي تدفع الثمن دائما.. ولولا أن تقدم وكيل الجهاز السابق المحاسب عاصم عبدالمعطي سليمان ببلاغ للنائب العام لما عرف أحد شيئا عن بعض تلك الكوارث: اتهم البلاغ رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بالتستر علي فساد كل من البنك الأهلي وبنك مصر.. وتعمد إخفاء تقارير الجهاز المتعلقة بالرقابة المالية وتقويم الأداء عن الأعوام من 5002 إلي 0102 وعدم تقديمها لمجلس الشعب ومجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي بالمخالفة للقانون والقواعد واجبة الاتباع في هذا الشأن (وهذا بلاغ ضمني ضد المسئولين بالبنك الأهلي وبنك مصر والبنك المركزي الذي يصب لديه كل مايخص البنوك خاصة العامة كرقيب عليها بالطبع).. وقد ترتب علي ذلك تسهيل الاستيلاء علي المال العام وتربح بعض كبار العملاء من خلال قروض ومنافع مالية بمليارات الجنيهات.. ومن ذلك ما يخص عميل واحد حصل حتي نهاية 7002 من البنك الأهلي علي قروض وتسهيلات قيمتها 42.1 مليار جنيه لمجموعة شركاته بمفرده ( منها 41.9 مليار جنيه تمثل 71٪ من مجموع قروض البنك لكل عملائه بالإضافة إلي 9.2 مليار جنيه التزامات عرضية بما يمثلان معا 5.72٪ أو أكثر من ربع إجمالي قروض وتسهيلات البنك الأهلي وهنا يجدر ذكر أن أكبر 62 عميلا آخر للبنك حصلوا في نفس الفترة علي مجموع قروض وتسهيلات 02.234 مليار جنيه فقط أي أقل من عميلنا الأثير ومجموع ديون للطرفين يمثل حوالي نصف مجموع القروض والنصف الآخر لجميع عملاء البنك الآخرين ولكل شعب مصر!).. هذا العميل يعمل في أنشطة إنشاء خطوط الأنابيب البحرية وتصدير الغاز.. وكانت ضماناته غير كافية وبعضها أراض بسيناء غير مؤكدة الملكية.. وقد منح تسهيلات بمخالفات واضحة ولم يتم احتفاظ البنك ببيانات وتعاملات ضرورية لملفه الائتماني ومنح امتيازات أخري لم تمنح لعميل سابق في تاريخ البنك.. كما تولت البنوك متضامنة سداد بعضها البعض لديون هذا العميل بدلا منه(؟!) وكأنه صاحب كل البنوك أو الآمر الناهي فيها (إنه حسين سالم أو الرئيس المخلوع ذاته الذي تعلم ألا يظهر باسمه ثانية أبدا)! (3) تضمن البلاغ أيضا تعمد جهاز المحاسبات وبنك مصر إخفاء مديونية أحد العملاء (صاحبنا) للبنك بلغت في 03/6/7002 ما قيمته 2.526 مليار جنيه بخلاف قروض أخري 881.1 مليار جنيه تم نقلها لبنك القاهرة الذي استحوذ عليه بنك مصر، بالإضافة إلي اكتتاب بنك مصر في سندات بعض شركات العميل بأكثر من 35 مليون جنيه أي بمجموع قروض وتسهيلات حوالي 4 مليارات جنيه.. وبفحص القروض الممنوحة لهذا العميل (حسين سالم أو الذي يتعمد التعثر وعدم رد القروض ويحصل برغم ذلك علي المزيد من أموال الشعب بنفوذ وسطوة صديقه ونديمه).. تبين الآتي: تجاوزت توظيفات البنك لدي العميل والأطراف المرتبطة به بأكثر من المقرر من البنك المركزي بمبلغ 1.360 مليار وبنسبة 55٪ عن النسبة المقررة بالمادة 17 من قانون البنك المركزي وذلك برغم تقليل النسبة بنقل أكثر من مليار جنيه لبنك القاهرة. تصاعد مديونيات العميل للبنك لاستمراره في الحصول علي قروض جديدة لسداد مديونياته القائمة (سداد قرض قديم من قرض جديد) وذلك بالمخالفة للمادة 75 من قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 3002 وتقضي بأن يشترط لمنح العميل ائتماناً أن تكون لديه موارد مالية ذاتية كافية (لذلك لم يكن مستغربا أن يتحول معدم أو موظف من أصدقاء زعيم المافيا أو أحد أفراد أسرته لملياردير في غمضة عين.. وكله من فلوس الشعب بالبنوك أو أراضي الدولة) وقد ظهر للعميل فوق السوبر بمفرده قروضا لم تسدد حتي 03/6/7002 بمبلغ 61.644 مليار جنيه (ميزانية بلد صغير أو كذا محافظة مصرية) أصدر بنك مصر بناء علي طلب العميل إياه (صاحبنا أو نديمه) خطابا مصرفيا للبورصة يفيد توافر قدرة مالية للعميل لديه لتنفيذ عملية استحواذ علي إحدي الشركات في حدود 007 مليون جنيه علي الرغم مما تبين من عدم وجود رصيد متحفظ عليه للعميل بالبنك بقيمة الشهادة سواء من موارده أو ممول من البنك! تم أيضا إخفاء ما ثبت لجهاز المحاسبات من عدم كفاية مخصص القروض بكل من البنكين (الأهلي ومصر) لمواجهة القروض والالتزامات العرضية بالمخالفة لأسس تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء وبصفة خاصة أكبر مدين للبنكين في تاريخ العمل المصرفي المصري (نديم الرئيس المخلوع) وقد بلغ إجمالي العجز بتلك المخصصات للبنكين 23.5 مليار جنيه يخص النديم منها بمفرده حوالي 15٪ والباقي لمصر كلها؟!.. الغريب أننا سمعنا عن كل رجال الأعمال المتعثرين ومشاكلهم مع البنوك وسجن بعضهم وهروب البعض الآخر، لكننا لم نسمع أبدا قبل ثورة يناير المجيدة عن أي خلاف ولو بسيط مع حسين سالم ( البالع لنصف ديون أكبر بنكين بمصر).. ألا يكفي هذا لكي نستغل قضاء الرئيس المخلوع لفترة حبسه الاحتياطي أو الترفيهي بالمستشفيات، ونجري كشفا بالمنظار علي معدته، علنا وعسانا نجد جزءا من تلك الديون المعدومة أو المبلوعة من نديمه وتساوي وحدها أكثر من نصف الديون المتعثرة للبنكين لدي عملائهما من كل شعب مصر؟.. مارأي القائمين علي إدارة البلاد والعباد والثورة وربما القضاء.. والقدر؟!