منذ نحو سنوات سيطرت حالة من الشد والجذب علي مستوي الأجواء السياسية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وشركة محرك البحث الشهير »جوجل» التابعة لمجموعة »ألفابت»، وتنامت حدة التوتر والتصعيد بين الطرفين مع تبني دول الاتحاد لهجة شديدة القوة وفرضت غرامة مالية تجاه محرك البحث الذي يلقي دعماً سياسياً قوياً داخل الولاياتالمتحدة؛ وتأتي هذه العقوبة علي خلفية تلاعب جوجل بنتائج البحث في الشبكة العنكبوتية لصالح خدمتها التسويقية »جوجل شوبينج» والاحتكار الرقمي لمحرك البحث والهواتف الذكية الذي تقوم به الشركة الأمريكية علي نحو غير قانوني. في خطوة غير مسبوقة، فرضت مفوضية مكافحة الاحتكار التابعة للاتحاد الأوروبي غرامة بقيمة 2.7 مليار دولار ضد شركة جوجل الشهر الجاري والتي تعد أكبر عقوبة من نوعها أصدرتها دول القارة العجوز خلال السنوات الماضية، بزعم انتهاك الشركة الأمريكية قواعد المنافسة واستفادتها من قوتها للسيطرة علي محركات البحث والمواقع المتخصصة بمقارنة الأسعار والتجارة الإلكترونية؛ بجانب التلاعب في نتائج البحث علي الإنترنت والقيام بشكل ممنهج بتعزيز حظوظ وإبراز خدماتها التسويقية وإظهارها بما يفوق قوتها الحقيقية، وذلك علي حساب خدمات التسوق المنافسة، ما أدي إلي إلحاق أضرار بالمنافسين والمستهلكين علي حد سواء؛ حيث إن نتائج البحث في مجالات مثل الخرائط والحجوزات السياحية ونتائج الأعمال المحلية، تميل عن عمد لنتائج تدعم جوجل. وكانت المفوضية الأوروبية قد منحت جوجل 3 شهور لإنهاء المخالفات المتعلقة بقواعد المنافسة كإنذار أخير وإلا ستتخذ إجراءات ضدها والتي قد تصل إلي 10٪ من عائد مجموعة »ألفابت» لعام 2016 أي ما يعادل 9 مليارات دولار. وجاءت هذه النتيجة عقب تحقيق مطول في انتهاك جوجل العملاقة، قوانين مكافحة الاحتكار في أوروبا، بدأ عام 2010 بعد تلقي عشرات الشكاوي من منافسين، ومنهم موقع »Tripadvisor»، و»فاوندم» البريطاني لمقارنة الأسعار وشركة »نيوزكورب»، وجماعة الضغط »فيرسيرش». ومن المقرر أن يصدر الحكم النهائي في هذه القضية قبل حلول الشهر المقبل، وفقاً لما ذكره الصحفي الأمريكي »ماثيو يجليسياس» بموقع »«ox» الأخباري. ويمكن أن تشهد جوجل هذا العام المزيد من العقوبات والغرامات من قبل القائمين داخل الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، خاصة فيما يتعلق بخدمة »أدسنس» الإعلانية- وهي برنامج إعلاني تابع لشركة جوجل يسمح لأصحاب مواقع الويب بوضع إعلانات علي مواقعهم- بالإضافة إلي برامج الهواتف الذكية التي تعمل بنظام أندرويد. وقالت مفوضة شؤون المنافسة في الاتحاد الأوروبي، »مارجريت فيستاجر»، والتي وجهت الاتهام للشركة العملاقة، إن محرك البحث هذا قدم منتجات مبتكرة غيرت مسار حياتنا، ولكن ذلك لا يعطيه الحق في أن يحرم الشركات الأخري من إمكانية المنافسة والتجديد. حيث إن استراتيجيته المتعلقة بمقارنة الأسعار تعدت مسألة اجتذاب العملاء لتصل إلي حد الهيمنة علي سوق المواقع التي تقدم مقارنات لأسعار الخدمات. فيما حث السياسيون الأوروبيون الاتحاد الأوروبي علي فرض عقوبات علي جوجل أو حتي كسرها، في حين يري نظيرهم الأمريكيون أن المنظمين يستهدفون الشركات الأمريكية الناجحة. وقد وضعت فيستاجر رهانات عالية المخاطر نحو جوجل إذا لم تمتثل لقرارات الاتحاد الأوروبي التي أصدرها الشهر الماضي بجانب الغرامة المالية. فيما حذرت فيستاجر من غرامات إضافية إذا لم تتوقف الشركة الأمريكية عن تفضيل خدمة مقارنة أسعار التسوق الخاصة بها في نتائج البحث العامة، مع رفضها التام ما يدور حول ترصد دول الاتحاد شركات التقنية الأمريكية، قائلة إن ما أسفرت عنه نتائج التحقيقات جاءت وقفاً للمستندات والأوراق المدعومة بالإحصاءات والأرقام. وأضافت قائلة إنه لا يوجد أي تعسف ضد الشركات الأمريكية. ورغم ذلك إلا أن المفوضية سبق أن فرضت عقوبات صارمة وغرامات مالية علي العديد من شركات التقنية الأمريكية علي مدار الشهور والسنوات الماضية، ومن بينهم موقع التواصل الاجتماعي »فيسبوك»، حيث فرضت خلال مايو الماضي 122 مليون دولار عقب تقديمه معلومات مضللة بشأن صفقة الاستحواذ علي تطبيق »WhatsApp». كما طالت العقوبات شركة »مايكروسوفت» هي الأخري، فكانت واحدة من بين الشركات التي فرضت عليها غرامة قدرت بنحو مليار دولار عام 2008، نتيجة عدم الإفصاح عن أكواد البرمجة في برنامجها الأشهر »internet explorer» هذا بالإضافة إلي تغريمها 631 مليون دولار عام 2013 لاحتكار تطبيقات البحث. وتم تغريم شركة »إنتل» ما يقرب من 1٫2 مليار عام 2009، علي أثر قيامها ببيع منتجاتها بسعر أقل من منافسيها والأسعار المتفق عليها، وفقاً لما ذكرته وكالة بلومبيرج الأخبارية. وفي وقت سابق أعلنت وكالة رويترز أن الهيئات التنظيمية تسعي للحصول علي مشورة الخبراء حول نظام الأندرويد لمعرفة القضية، ما يشير إلي أنها قد تحاول اختبار العيوب المحتملة في القضية قبل التحرك نحو قرار نهائي. وانتقدت جوجل بشدة قضية »الأندرويد»، قائلة إن الاتحاد الأوروبي يعرض استراتيجية المحرك نحو الخطر بالتخلي عن برامج الهاتف الذكي - مما يقلل من العملاء. وتقول الشركة هناك شروط صارمة يضعها الاتحاد علي التطبيقات لأي هاتف يعمل بنظام الأندرويد ما تعوق العمل بسلاسة وتحتاج إعادة بحث من جديد.