رغم مرور أسبوع علي واقعة احتراق برج "جرينفيل" السكني غرب العاصمة البريطانية لندن، الأربعاء الماضي، إلا أن أصداء الكارثة لم تنته، وخاصة قصة السيدة المصرية رانيا إبراهيم التي وثقت الحادث من شقتها في الطابق الرابع والعشرين (الأخير) في البرج العملاق، الذي احترق تماماً ولم يعرف أحد هل نجحت الشرطة في إنقاذها هي وابنتيها الصغيرتين أم أنهن متن جميعاً، نظراً لصعوبة الوصول إليهن في الطابق الأخير.. تفاصيل اللحظات الأخيرة يرويها ل"آخرساعة" شقيقها الذي ظل معها علي الهاتف حتي انقطاع الاتصال. بثبات شديد وقلب مفعم بالإيمان، واجهت المصرية ابنة مدينة الأقصر رانيا إبراهيم مصيرها في عاصمة الضباب، حين استيقظت فجأة علي أصوات صراخ وضجيج لتدرك أن البرج الذي تسكن فيه مع طفلتيها الصغيرتين يشتعل، من أسفل إلي أعلي، حيث كانت النيران قد اقتربت من الطابق الأخير الذي تقيم فيه والذي يحمل الرقم 24، لكن رانيا قامت ببث فيديو مباشر عبر موقع "فيسبوك" لنقل ما يحدث وبعد يوم واحد من الواقعة، أعلنت الشرطة البريطانية أن عدد الضحايا وصل إلي 17 قتيلاً، لكن ظل العالم كله يتساءل عن مصير رانيا وابنتيها.. وظلت أصداء نطقها للشهادتين تتردد في مسامع الملايين حول العالم. الفيديو الذي لم تتجاوز مدته 7 دقائق فقط، لمس القلوب، وأثار العديد من التساؤلات بشأن الطريقة التي تعمل بها الشرطة البريطانية في إنقاذ سكان بناية كبيرة تضم نحو 120 شقة سكنية، خاصة أن الشرطة كانت تطلب من السكان عبر مكبرات الصوت مغادرة المكان، لكن كيف كانت رانيا وابنتاها ومن كانوا في الطابق ذاته سيستطيعون مغادرة الطابق الرابع والعشرين بينما النيران التهمت الطوابق السفلية بدءاً من الأول وصولاً إلي الطابق العشرين تقريباً. "آخرساعة" نجحت في الوصول إلي شقيق رانيا ويُدعي محمد أحمد عدلي إبراهيم (30 عاماً) والتي تكبره رانيا بعام واحد، حيث قال لنا الأحد الماضي أثناء مثول المجلة للطبع إنه التقي محافظ أسوان اللواء مجدي حجازي، حيث قام المحافظ بالاتصال هاتفياً بوزير الخارجية سامح شكري والسفير المصري في لندن، للوقوف علي مستجدات الأمر فيما يتعلق بمسألة رانيا، وفي النهاية أبلغ المحافظ محمد بأنه سيبلغه بأي جديد بعد الاطلاع علي الإجراءات من الجانب البريطاني. تحدثنا مع محمد عن الأسرة وعلاقته بشقيقته رانيا، حيث قال، إن الأسرة أساساً من محافظة الأقصر، لكنهم يقيمون في مدينة أسوان، موضحاً أنه حاصل علي دبلوم التجارة ويعمل في مجال المقاولات في أسوان، لافتاً إلي أنه كان الأقرب إلي شقيقته رانيا، خاصة أنها تكبره بعام واحد، حيث إن عددهم 7 أشقاء هم علي الترتيب (سيدة، مني، سماح، رشا، رانيا، محمد، محمود) والشقيقة الكبري "سيدة" وعمرها 47 عاماً متزوجة ومقيمة في إنجلترا من سنوات، وقد سافرت إليها رانيا قبل حوالي 7 سنوات لاستكمال دراستها للقانون، حيث إنها تخرجت في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية. يتابع: تعرضت شقيقتي سيدة لوعكة صحية وبعدها أرسلت دعوة إلي رانيا لتسافر إليها، واستغلت رانيا الفرصة لاستكمال دراستها في إحدي الجامعات البريطانية، وهناك تزوجت من سوداني اسمه حسن، وأنجبت منه طفلتين، فتحية (4 سنوات) وهنيّة (عامين). محمد مرتبط إنسانياً برانيا بشكل قوي، لأن سنهمها قريب من بعضهما البعض، ولذلك فإنه كما قال لنا كان يتواصل معها بصفة شبه يومية، ويتابع أخبارها ويطمئن علي ابنتيها أولاً بأول، لافتاً إلي أنه ظل معها علي الهاتف لمدة ساعتين كاملتين بعدما بثت الفيديو الحي علي موقع "فيسبوك" قبل أن تؤكد له أن النيران بدأت تقترب بشدة من الطابق الرابع والعشرين الذي تقيم فيه، وبعدها انقطع الاتصال ولم يعرف ما إذا كانت الشرطة البريطانية قد وصلت إليهن وأنقذتهن أم لا. يضيف: لا أستطيع أن أقول أن رانيا وابنتيها قد توافهن الله.. لكن الرحمة تجوز علي الحي والميت، ولم نسمع في بيانات وزارة الداخلية البريطانية عن وجود أسمائهن ضمن أسماء الموتي أو المصابين حتي الآن. ويوضح محمد أن زوج رانيا وقت الحادث لم يكن موجوداً معها، حيث كان في مصر منذ خمسة أشهر نظراً لمرض شقيقه، لافتاً إلي أن رانيا وزوجها كانا يترددان علي مصر في زيارات سنوية، آخرها كان منذ خمسة شهور. يعود محمد ليتذكر اللحظات الأخيرة في حياة شقيقته، حيث تؤكد جميع الشواهد موت كل من لم ترد أسماؤهم ضمن الناجين أو المصابين، ويقول الأخ المكلوم: رانيا وقت اندلاع الحريق كانت نائمة وفي حضنها طفلتاها فتحية وهنية، وفي هذه الأثناء اتصلت بي شقيقتي الكبري سيدة وأبلغتني بحريق برج جرينفل، حيث كانت تقف أسفل البرج ومنعتها الشرطة من دخول المبني طبعاً حيث تم عمل كردون أمني حول المبني. يواصل: بعد ذلك تابعت الفيديو "البث المباشر" الذي رفعته رانيا علي الفيسبوك، وأصبت بحالة من اليأس الشديد، لأنني أري أختي تضيع أمام عيني ولا ولن أستطيع أن أفعل شيئاً لإنقاذها، وبعد مشاهدة البث المباشر، اتصلت أنا بها خمس مرات متتالية "مكالمات فيديو" عبر تطبيق "إيمو" الإلكتروني، وظللت معها علي الهاتف نحو ساعتين كاملتين كانت تردد خلالهما الشهادتين باستمرار، وعلمت أنها لم تكن بمفردها في الشقة بل إن بعض الجيران تجمعوا لديها، ومن بينهم رجل وسيدة من كبار السن، وعدد آخر من الجيران، وفجأة ومع تصاعد النيران ووصولها إلي الدور 24 انقطع الاتصال معها، وأخذت أدعو لها ولإبنتيها بالرحمة والمغفرة. محمد أوضح أن رانيا إلي جانب دراستها للقانون كانت تعمل في مجال تحفيظ القرآن وإلقاء الدروس الدينية للفتيات والسيدات من أبناء الجالية المسلمة المنتشرين في هذا المكان، حيث كان هناك مسجدان علي الأقل قرب البرج المحترق، وعموماً كانت رانيا بطبعها تميل إلي العمل الخيري. وأخيراً يناشد محمد المسئولين في الحكومة ووزارة الخارجية ببذل مزيد من الجهد والاهتمام بمتابعة مستجدات الواقعة مع الجانب البريطاني، والعمل علي استخراج جثة شقيقته وابنتيها، وإرسالها إلي مصر لدفنهن في أسوان.