بصدور حكم البراءة علي محمد حسني مبارك، في قضية قتل المتظاهرين، لم يعد الرئيس السابق بحاجة إلي نظر الدعوي التي تقدم بها محاميه فريد الديب، والمطالبة بالعفو الرئاسي الشامل عنه، فمبارك باستثناء قضية القصور الرئاسية، لم تتم إدانته في كافة التهم التي نُسبت إليه مُنذ اندلاع ثورة 25 يناير. ورغم ذلك، لا تزال هناك قضيتان ضد مبارك، لم تصدر فيهما أحكام نهائية، وهما قضية »هدايا الأهرام»، المُنتظر الحكم فيها يوم 23 مارس الجاري، وقضية الكسب غير المشروع التي لا تزال قيد التحقيق بعد تحويلها إلي محكمة الجنايات، وحيث لم يتم التصالح فيها حتي الآن. ومع صدور الحكم بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين، لم يعد مبارك محبوسًا علي ذمة قضايا أخري بعد قضائه مدة العقوبة بالسجن 3 سنوات في قضية القصور الرئاسية، ومن ثم لم يعد أمامه سوي قضيتي الكسب غير المشروع، التي يجري فيها جهاز الكسب غير المشروع فحص تضخم ثرواته، وينتظر فيها حكم الإحالة إلي الجنايات أو التصالح معه، وقضية هدايا الأهرام المحجوزة للنطق بالحكم في طعن النيابة علي قرار حفظ التحقيق بجلسة 23 مارس الجاري، وهذا ما تنتظره هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار الدكتور محمد الدمرداش، نائب رئيس مجلس الدولة، التي أرجأت في 16 فبراير الماضي الدعوي المقامة من إحسان محرم محمد محرم، رقم 14474 قبل صدور الحكم بالبراءة، والمطالبة باستصدار توصية لرئاسة الجمهورية بإصدار قرار بالعفو الرئاسي الشامل عن مبارك لظروفه الصحية لجلسة 20 إبريل المقبل. وتعقيبًا علي ذلك يقول الدكتور نبيل سالم، أُستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس، إن مبارك استرد حريته بالكامل طالما لم تأمر جهات التحقيق بحبسه ، كما أنه حتي الآن ليس في حاجة إطلاقا إلي العفو الرئاسي الشامل لأنه حصل علي حكم نهائي وبات له قوة الشيء المقضي وأصبح بريئا تماما من كل التهم المسندة إليه والمطالبة بالعفو هنا يقع علي غير ذي محل لأنه لم يعد مدانا في أي من التهم التي وجهت إليه. أضاف، هذا الحكم القضائي أقوي من أي حكم بالعفو لأن العفو يشترط أن يكون هناك إدانة قضائية نهائية وبالتالي يطلب المحكوم عليه من رئيس الجمهورية استعمال حقه الدستوري في العفو عنه وهو ما ينتفي مع حالة مبارك، مشيرا إلي أن قضيتي الكسب غير المشروع وهدايا الأهرام مازالتا قيد التحقيق ولم يصدر بهما ضده حكم قضائي نهائي بالإدانة حتي يطلب العفو الرئاسي عنه فالتحقيق لا يعني الإدانة بل مجرد اتهامات وقد تنتهي بالحفظ والتصالح حسب ما تسفر عنه التحقيقات إنما حاليا لا يوجد محل يقع عليه العفو الشامل فالأمر اختلف بعد الحكم بالبراءة ومصير القضية المرفوعة امام مجلس الدولة حسبما تري هيئة المفوضين، فقد تري انه لا توجد أحكام بالادانة وبالتالي لا يوجد محل يقع عليه العفو الشامل عنه إلا إذا ثبت إدانته بحكم نهائي بات واستنفد جميع طرق الطعن عليه في القضايا المتداولة الآن مثل قضية هدايا الأهرام وهذا ما ستنتظره مفوضي الدولة. الفقيه الدستوري، إبراهيم درويش، يقول إن مبارك ليس بحاجة إلي إجراء آخر مهما كان هذا الإجراء فتم العفو عنه بحكم نهائي بات قاطع لا مجال للشك فيه لأن الحكم القضائي أقوي من استصدار قرار بالعفو فالقضاء برأه من كل القضايا المنسوبة إليه علي مدي 6 سنوات رغم أنه مازال هناك قضايا قيد التحقيق تنطوي علي شيء من التلكؤ في التحقيق ولم يصدر حكم نهائي بها بالإدانة، إنما تمت براءته من القضايا الأساسية الكبري التي كانت تشينه لو ثبتت عليه وأهمها قضية قتل المتظاهرين، مشيرا إلي أن العفو يأتي إذا وقع عليه عقوبة، فتنص المادة 155 من الدستور المصري علي إن لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. فحتي الآن ليس عليه أحكام فهو حر وإقامته في المستشفي العسكري الآن برغبته لتلقي العلاج وليس كمحبوس علي ذمة قضايا. الدكتور صبري السنوسي، أُستاذ القانون العام، وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة، يري أن المسألة مُنتهية فبعد الحكم ببراءة مبارك تنقضي دعوي العفو الرئاسي لأنها لم تعُد لها محل كما أن المحامي مُقيم الدعوي قد يترك الخصومة لأنها لم تعد لها معني. الدكتور حامد جبر، المحامي بالنقض والمحكمة الدستورية العليا، قال إن مبارك لا يحتاج العفو الرئاسي الشامل علي الإطلاق وذلك لأنه لم يصدر حتي الآن قرار من النائب العام بحبسه احتياطيا علي ذمة التحقيقات التي يجريها جهاز الكسب غير المشروع أو صدور حكم محكمة ضده في هدايا الأهرام، وطالما قضي فترة العقوبة في القضية المحكوم عليه فيها فإن مبارك حتي هذه اللحظة طليق. أضاف، كما أن مبارك لا يستحق إصدار قرار بالعفو الرئاسي عنه فهناك حكم بات صدر من محكمة النقض بتأييد حبسه 3 سنوات لاستغلاله الأموال العامة للدولة فيما يتعلق بالقصور الرئاسية وهذ الحكم ماس بالذمة المالية ولا علاقة له بحكم البراءة في القضية الجنائية بقتل المتظاهرين، ويترتب عليه حرمان مبارك من كل الامتيازات التي كان يتمتع بها أثناء رئاسته للجمهورية. أما الدكتور محمد طه عليوة، المحامي بالنقض، فأشار إلي انقضاء محل الدعوي المقامة بالعفو الرئاسي عن مبارك لحصوله علي حكم البراءة في قتل المتظاهرين وانقضاء مدة الحبس 3 سنوات في القصور الرئاسية وقضي بألا وجه لإقامة الدعوي في قضية هدايا الأهرام في الجلسة الأخيرة وينتظر الحكم في طعن النيابة علي قرار حفظ التحقيق بها ، وقد تنتهي قضية الكسب غير المشروع بالتصالح معه وبالتالي لا يوجد حكم يرد عليه العفو الرئاسي وسيمارس حياته بشكل طبيعي.