»اسمي جان لوك ميلانشون.. ولدت في 19 أغسطس 1951 في مدينة طنجة المغربية.. طولي 1.74.. وزني 79 كجم. قياس قمصاني 41/42. أرتدي سراويل مقاس 42. وحذائي أيضاً نفس المقاس.. شعري طبيعي ولا أصبغه».. كلمات كتبها جان لوك ميلانشون، مرشح أقصي اليسار الفرنسي لانتخابات الرئاسة، علي فيس بوك قبل أن يعلن انسحابه من السباق متحالفاً مع بنوا آمون مرشح الحزب الاشتراكي، وفي منشور آخر كتب ميلانشون بالتفصيل كل ممتلكاته، وكذلك حسابه المصرفي وعنوان شقة يملكها في باريس وبيت في الريف. تأتي كلمات ميلانشون كمعايير وضعها من جانبه لكل من يريد الوصول إلي قصر الإليزيه، وبعدما وجه القضاء تهمة »سوء استغلال أموال اجتماعية» إلي مديرة مكتب مرشحة اليمين المتطرف للرئاسة مارين لوبان، وكان ذلك في إطار التحقيق بشأن الانتخابات البلدية والأوروبية التي جرت عام 2014 و2015، فيما فُتح تحقيق قضائي آخر بشأن المرشح فرانسوا فيون علي خلفية اتهامه بمنح زوجته وولديه وظائف وهمية إبان تواجده كنائب في البرلمان ثم في منصب رئيس الوزراء (2007-2012)، وتأتي هذه الملاحقات القضائية قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية، حيث تجري الجولة الأولي في 23 أبريل ثم جولة الإعادة في 7 مايو من العام الجاري. فتحت فضيحة بينيلوب فيون، زوجة مرشح يمين الوسط، الباب أكثر من أي وقت مضي، علي أحقية الناخب الفرنسي في التفتيش بداخل محفظة كل المرشحين. لم يبت القضاء بعد بمسألة الوظائف الوهمية لزوجة فيون، لكن الآلة الحاسبة للإعلام والفرنسيين قامت بدورها، وجمعت بالتفصيل الأموال التي حصلت عليها زوجته والتي تجاوزت 900 ألف يورو بحسب صحيفة »لو كانار أنشينيه»، هذا عدا مرتب ولديه اللذين وظفهما كمساعدين له في الجمعية الوطنية (البرلمان) قبل أن يصبحا محاميين. وتم اختيار ثلاثة قضاة للتحقيق في مسألة الوظائف التي يشتبه بأنها وهمية لبينيلوب زوجة فرانسوا فيون وولديه، وأعلنت النيابة الوطنية المالية في بيان أنها فتحت تحقيقا قضائيا يتعلق ب»اختلاس أموال عامة، وسوء استغلال أموال اجتماعية، وتواطؤ وإخفاء جرائم، وسوء استغلال نفوذ، والإخلال بواجب إبلاغ السلطة العليا حول شفافية الحياة العامة»، وبات بإمكان القضاة استدعاء المرشح فيون بأي لحظة لتوجيه اتهام إليه أو استدعائه كشاهد. وتتزايد المخاوف من أن تؤدي هذه الإجراءات القضائية إلي إضعاف فيون أكثر فأكثر، مع تراجع شعبيته في شكل كبير في استطلاعات الرأي منذ بدء تداول هذه القضية، وبعدما وعد في البداية بأنه سينسحب من السباق إلي قصر الإليزيه في حال إدانته بات يؤكد أنه سيواصل حملته في جميع الأحوال. وخلال تجمع انتخابي في ضواحي باريس، الأسبوع الماضي، لم يتطرق فيون مباشرة إلي التطور الأخير، إلا أنه ندد بالهجمات »الشرسة» التي تستهدفه، بحيث بات معارضون له يتعمدون التشويش علي تجمعاته الانتخابية بواسطة أشخاص يقرعون علي الأواني تعبيرا عن رفضهم له، واعتبرت صحيفة »لوباريزيان» الشعبية أنها »ضربة قاسية لرئيس الحكومة السابق» واصفة ما يحدث بأنه »وضع فريد خلال الجمهورية الخامسة، ولا أحد يعرف كيف سينتهي». وجاء الدور علي المرشح المستقل إيمانويل ماكرون ليعلن في آخر تجمع انتخابي له أنه »ليس لدي ما أخفيه عن الفرنسيين.. لقد أصبحت النزاهة عنواناً ضرورياً لكل من أراد أن يتصدي للعمل العام». وفي حوار مفصل مع صحيفة »لو جورنال دو ديمانش» الأسبوعية قال ماكرون مفصلاً : إن المردود الوحيد لبيته هو راتب تقاعد زوجته بريجيت البالغ 2150 يورو (يبلغ ماكرون من العمر 39 عاماً بينما زوجته أكبر منه بعشرين عاماً) إضافة إلي الحقوق التي يملكها من كتابه »الثورة» والذي باع منه 112 ألف نسخة، ما يجعله مستحقا لمبلغ 250 ألف يورو. لكن فريق ماكرون وعبر التشديد علي هذه الصورة »الشفافة» لم يفته إبراز معلومة مهمة تعود إلي خانة الرد المباشر علي خصومه، من خلال التوضيح أن الفريق الانتخابي لحملته جمع ما يزيد عن خمسة ملايين يورو عبر تبرعات تراوحت قيمتها بين 10 يوروهات و500 يورو. وهو ما يكشف أن عدد المتبرعين بمبالغ تفوق 4000 آلاف يورو لا يتجاوز 3٪ من مجمل المتبرعين، وأن الغالبية العظمي من التبرعات لا تتعدي 60 يورو. أي بكلام آخر، يشدد فريق ماكرون أن الأخير ليس مرشح النخبة، وليس مرشح البنوك وباريس كما يتهمه بعض خصومه، بل مرشح الفرنسيين، مرشح من هم بحاجة إلي عدم احتقار أسئلتهم. أولويات مختلفة تختلف أولويات ونقاط ضعف مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان تماما، حيث لم تهتز قاعدة مناصريها عندما طالبها الاتحاد الأوروبي بإعادة مبلغ 300 ألف يورو تقاضتها زوجة أخيها سابقا من دون أن تمارس الأخيرة مهام حقيقة كما تقول بروكسل، بل علي العكس هاجمت لوبان الاتحاد الأوروبي واعتبرت قراره أحاديا، ورفضت سداد الأموال، ورد الاتحاد بقرار استرجاع المبلغ عبر حرمان لوبان من نصف راتبها. في معسكر لوبان لا حاجة لإجابات مفصلة تطال تفاصيل عائدات عائلتها الضريبية إعلاميا أو إبراز وثائق حول الوظيفة موضوع الخلاف أمام الكاميرات، لأن عماد حملتها بات قائما علي محاكاة هواجس ومخاوف الفرنسيين، والإجابة محسومة سلفا عند قاعدتها: »طبعا لا.. هذه لم تكن وظيفة وهمية». حتي السؤال لصحفي برنامج »لو كوتيديان» عما إذا كان ما قامت به لوبان يعتبر تقاضيا للأموال مقابل »وظيفة وهمية» قابله تدخل حارس لوبان لرميه خارج القاعة. سبق لمارين لوبان أيضا، أن حاولت مواجهة »الهيئة العليا لشفافية الحياة السياسية في فرنسا» قضائيا، بعدما حولت الأخيرة ملفها إلي المدعي المالي واتهمتها مع والدها جان ماري لوبان بتخفيض تقدير قيمة ممتلكاتها أثناء ترشحها لمنصب النيابة الأوروبية عام 2014. مع هذا، لم تمنع هذه النقاط الرمادية لوبان من تصدر استطلاعات الرأي بعد تراجع فرانسوا فيون. تدخل روسي مع تلميحات من حملة إيمانويل ماكرون بأن موسكو تعمل ضده، وهي نفس الاتهامات التي أطلقتها هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأمريكية في الخريف الماضي، نفت الرئاسة الروسية أي تدخل لها في الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وصرح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف »لم يحدث ولم يسبق لنا أن فكرنا في التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، فناهيك عن عمليته الانتخابية»، مؤكدا أن »موسكو لم يسبق لها علي الإطلاق أن فعلت ذلك رسميا ولن تفعله في المستقبل». وتابع إن »القول بأن وسائل إعلامنا تحاول التأثير علي الرأي العام أمر عبثي»، وندد بيسكوف »بمحاولات تشويه قناتي شآر تيش (روسيا اليوم) وشسبوتنيكش التابعتين للدولة الروسية واللتين اتهمهما فريق حملة ماكرون بالعمل ضد ترشحه.. وكان ريشار فيران الأمين العام لحركة »إلي الأمام» التي يتزعمها ماكرون، قد طلب عبر قناة فرانس2 العامة »من أعلي سلطات الدولة ضمان عدم تدخل قوة أجنبية في حياتنا الديمقراطية»، كما ندد فيران »بأخبار خاطئة وشائعات» متحدثا عن »مئات، بل آلاف الهجمات» علي أنظمة المعلوماتية في إشارة إلي روسيا المتهمة بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. بعض الاتهامات تقول إن موسكو تسعي عبر وسائل إعلامها إلي زعزعة أحد المرشحين للرئاسة الفرنسية دون غيره، فحسب فيران »وبصفة غامضة لا تتطرق إلي شؤون السيدة لوبان أو السيد فيون».. تبدو وكأنها تتخذ شكل قصة إثارة أو فيلم تجسس وتآمر يعود إلي حقبة الحرب الباردة. وكانت القناتان المعنيتان قد نددتا في وقت سابق باتهامات حركة ماكرون مع نفي »نشر معلومات خاطئة عموما وحول إيمانويل ماكرون أو الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا». وطورت روسيا في السنوات الأخيرة وسائل إعلامها العامة الموجهة إلي الجمهور الدولي بهدف توضيح وجهة نظرها في القضايا الدولية، لكن شآر تيش وشسبوتنيكش اتهمتا خصوصا من البرلمان الأوروبي بأنهما وسيلتا »دعاية» للرئاسة الروسية. استطلاعات الرأي آخر ما كشفت عنه استطلاعات الرأي هو تقدم مارين لوبان، وذلك في الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة ابي. في . آيه سيلزفورسب البحثية، وعززت تقدمها فيما يتعلق بالأصوات التي ستحصل عليها في الجولة الأولي.. وأوضح الاستطلاع، أن زعيمة الجبهة الوطنية ستحصل علي 27.5٪ من الأصوات في الجولة الأولي، التي ستجري في 23 أبريل، بزيادة 2.5 ٪ عن المرة الأخيرة، التي أجري فيها الاستطلاع في الرابع من فبراير الماضي.. وأشار الاستطلاع إلي أن إيمانويل ماكرون سيحل ثانيا في الجولة الأولي، وسيحصل علي 21٪ من الأصوات، بانخفاض نقطة مئوية، يليه المرشح المحافظ فرانسو فيون وسيحصل علي 19٪، بانخفاض نقطة مئوية أيضا. وبالنسبة لجولة الإعادة المقررة في السابع من مايو، أظهر الاستطلاع أن ماكرون سيتفوق علي لوبان بنسبة 61٪ من الأصوات مقابل 39 ٪، في حين أن فيون في حالة وصوله للإعادة سيفوز علي لوبان بنسبو 55٪ من الأصوات..