الفن رسالة حب وسلام الفن سفير الإنسانية والجمال الفن تواصل وتبادل ثقافي وطالما كانت السينما ترجمة لمشاعر وأحاسيس البشر.. الصورة فيها لغة موحدة لاتحتاج ترجمة.. المتعة التي تحققها وجدانية.. روحية.. عقلية. بهذه المعاني الجميلة رحب سفيرنا المصري في بلجيكاإيهاب فوزي بالمخرج الكبير "يسري نصر الله" قبل بداية عرض فيلمه "الماء والخضرة والوجه الحسن". مع رئيس المهرجان "إيليو دي ريبو" ورئيس وزراء بلجيكا سابقا. والحقيقة أن وجود سعادة السفير المصري.. واحتفاءه الشديد بالوفد المصري.. وحرصه علي التواجد كان أفضل وأجمل صورة لكل ما يتردد من افتراءات بعدم الاهتمام بالفنون في مصر.. "علي" و"المعزة" حديث المهرجان من الحب ما قتل وكانت مصر قد شاركت بالإضافة إلي فيلم "يسري نصر الله" الذي عرض في البرنامج الرسمي.. بفيلم "علي معزة وإبراهيم" للمخرج الشاب المتميز "شريف البنداري" الذي لاقي نجاحا كبيرا أيضا عند عرضه.. وكشف عن موهبة جديدة هو الممثل الشاب "علي صبحي" الذي سيكون له شأن بارز في عالم السينما. ولعل أكثر ما يسعد القلب انتقال عدد كبير من زوجات السفراء العرب في بروكسل إلي "مونز" لحضور عرض الفيلم المصري فكان لحضورهم صدي كبير في الصحافة البلجيكية والمهرجان.. ولذا أخص بالشكر السيدة الفاضلة عزيزة زوجة السفير العراقي.
لجنة التحكيم الدولية والتي رأسها المخرج الروماني "رادو ميها لوا" ومن بين أعضائها المخرجة المصرية المتميزة "هالة خليل" أعطت جائزتها الكبري للفيلم الإيراني "الابنة" فرهاد أصلاني" كما حصل بطل الفيلم "رضا ميركاريمي" علي جائزة أحسن ممثل والجدير بالذكر أن الفيلم حصل أيضا علي جائزة لجنة تحكيم أفلام المرأة التي رأستها المصرية ماجدة واصف رئيسة مهرجان القاهرة السينمائي. أما جائزة لجنة تحكيم الأفلام البلجيكية التي رأستها كاتبة هذه السطور نعمة الله حسين فقد حصل عليها الفيلم القصير "المنزوعين" الذي يعد العمل الأول لبطلته "إيمانويل نيكو".
إن إطلالة مصر العريقة عكسها التواجد المصري.. بالإضافة لتواجد عربي كبير.. وقد حصل الفيلم التونسي "زهرة حلب" للمخرج "رضا باهي" علي جائزة الجمهور.. والمعروف أنها تعادل في أهميتها جائزة لجنة التحكيم الكبري. كما أود أن أخص بالشكر السكرتير الأول لسفارتنا "عبد المحسن شافعي" لتواجده في العروض المصرية وتسهيل الصعاب من قبل مصر للطيران وكل الشكر أيضا للسيدة "ريهام" التي نجحت في إبرام الاتفاقية أن تكون "مصر للطيران" متواجدة من خلال المهرجان.. فكانت هذه دعاية إيجابية لمصر أتمني أن تستمر.
ومرة أخري عودة إلي الفيلم الإيراني "الابنة"، الذي حصد خمس جوائز من المهرجان.. وهو فيلم شديد العذوبة.. يعكس صورة صادقة للمجتمع الإيراني والعلاقات الأسرية.. بل هو أيضا انعكاس للحياة وصورة المرأة الجديدة من خلال جيل جديد من الفتيات يحاول الخروج من سيطرة المجتمع ويحاول الحصول علي استقلاله.
السيد "عزيز" رجل مسيطر ذو شخصية حادة سواء في مجال العمل أومع أسرته.. حتي وإن كان يساند بناته في استكمال الدراسة إلا أنه متحفظ بشدة.. ابنته الصغري "ستيرة" متمردة ذات إرادة.. بعد انتهاء الدراسة الثانوية تطلب منه الإذن للسفر من مدينتهم التي تقع في الجنوب أن تذهب لطهران لمدة يوم واحد بالطائرة لكي تجتمع مع صديقاتها حيث إن إحداهن سوف تسافر بصحبة والدتها إلي كندا للالتحاق بالجامعة، ولكنه يرفض فكرة السفر حتي أمام توسلات والدتها.. وفي اليوم المحدد وكان متوافقا مع قدوم عائلة لخطبة شقيقتها.. تقرر السفر إلي طهران دون إخبار والدها معتمدة علي عودتها قبل قدوم الضيوف.. لكن سوء الأحوال الجوية تلغي كل الرحلات الجوية.. ليعرف الوالد بما حدث فيقرر السفر بسيارته لإحضارها من عند صديقتها.. ويصطدم معها في السيارة بعد أن يضربها فتهرب منه وتلجأ إلي عمتها التي تقيم في طهران بعد أن قاطعها "عزيز" لزواجها ممن لايرغب هو فيه. بعد سنوات من المقاطعة يلتقي بشقيقته ويدرك مدي الظروف السيئة التي تعيشها.. كل هذه الظروف تجعله يدرك جيدا أن العنف الأسري لايجدي نفعا.. وأن الحب والتفاهم والثقة في إطار كل ماهو مشروع هو مايصلح.. وأن الحصار الظالم علي ابنته لايعطي شخصية سوية. وإذا كان "رضا" اختار إحدي المدن البعيدة في الجنوب ليتم بها تصوير الفيلم فإنه من خلال مشاهد بسيطة جعلتنا ندرك أن هذه المدينة الثرية جدا من البترول يعاني الكثيرون فيها من عدم توافر المنتجات المشتقة منه في كثير من الأحيان.. بالإضافة لصعوبة الحياة.. كل ذلك نجح فيه رضا.. وعند استلامه الجائزة صرح قائلا بأنه تعلم من ابنته وصديقاتها الكثير.. وأن الفتيات اليوم في طهران يرتدن المقاهي العامة ولديهن مزيد من الحريات مقارنة ببداية "خوميني" وحالة الانغلاق التي كانت فيها المرأة كثيرا.. والحق إن النساء هن من يدفعن الثمن غاليا في كل شيء.
أما الفيلم المصري "علي معزة وإبراهيم" لشريف البنداري وبطولة "علي صبحي" الذي كان متواجدا في "مونز" فقد حظي بإعجاب شديد وكان علي حديث الضيوف لدوره المتميز.. وقد شاركه البطولة أحمد مجدي وسلوي محمد علي أما السيناريو فهو لأحمد عامر وإبراهيم البطوطي.. عن علاقة غريبة تربط "علي" بمعزة صغيرة.. يتعامل معها كإنسانة يحبها بل تكاد تكون خطيبته.. هذه العلاقة تجعله عنصر سخرية من كثير من بعض أهالي الحارة والأطفال ويعتقد أنه مسحور فيذهبوا به إلي أحد السحرة ليعطيه ثلاث "طوبات" ليلقي بها في ثلاثة بحار.. لذلك ومع أحد ساكني الحارة الذي كان يعاني من سماع أصوات يسافران من الإسكندرية إلي شرم لإلقاء (الحجر) ومعهما بالطبع "ندي" المعزة الصغيرة. الفيلم يحمل الكثير من مشاعر الدفء الإنساني.. ويعطي صورة صادقة للعلاقات الإنسانية في الحارة المصرية وأهلها.. وكان أداء "علي" جميلا.. استحق عنه بجدارة جائزة أحسن ممثل فردي وتقديرا كبيرا في "مونز". كانت هذه رؤية سريعة لواحد من أهم المهرجانات الأوروبية التي تهتم بالسينما العربية.. الذي اختص في دورته هذه بالاحتفاء بالسينما المصرية ونجومها.