تعيس من يعيش الحياة بدون قلب لا يعرف الحب.. فهو الذي يضفي بهجة علي الوجود.. بالطبع دون أن ننكر عذاباته.. لكن حمدا لله أن هناك نعمة " النسيان". من يحب الدنيا.. تحبه، وتتصادق معه.. ومن يخاصمها تخاصمه وتدير له ظهرها.. إن معايشة الحياة فن يقوم علي الرضا والتسامح والحب. ليلي علوي ويسري نصر الله في مونز وللحب وجوه عديدة ومختلفة.. لعل أرقاها حب الله.. فإنها ليست حبا فقط، لكن تقويم للسلوك والمشاعر الإنسانية.. ينبع منها الأخلاق الحميدة حتي لو تناقضت الشخصية، لأنه من الحب من يجعل الشخص أنانيا لايحب إلا نفسه.. والحقيقة أن الأنانية قد تريح الإنسان في بعض الأحيان.. لكنها بالتأكيد بداية النهاية لكل تواصل إنساني. لو تحاب الناس لعاش العالم كله في سلام.. لا حروب ولا دمار.. لكن ماذا نقول للنفس البشرية "الأمارة بالسوء". ومهرجان مونز السينمائي لأفلام الحب يحتفل بدورته الثالثة والثلاثين هذا العام، ويتوافق تاريخه هذا العام مع " الفالنتين داي". ولذلك تحتفل المدينة وتتجمل بالقلوب والورود الحمراء. يرأس مهرجان الحب رئيس وزراء بلجيكا السابق " إيليو دي ربينيو"، وبالمناسبة هو أيضا مؤسس المهرجان مع مديره الفني "أندريه سوتيريك". • • في هذه الدورة يتم الاحتفال بالسينما المصرية وفنانيها.. حيث تشارك مصر بثلاثة أفلام "الخضرة والماء والوجه الحسن" للمخرج القدير "يسري نصر الله" .. بطولة الفنانة ليلي علوي.. وقد سبق أن كرم المهرجان منذ عدة سنوات الفنان القدير يسري نصر الله عن أعماله ومساهماته الفنية.. أما ليلي فهي ضيفة حبيبة للمهرجان سبق تكريمها من قبل، كما شاركت في إحدي السنوات في لجنة التحكيم الدولية. ولعله ليس بالغريب أن الجالية العربية كلها تستعد لانتظارها، حيث تتمتع بشعبية كبيرة هناك.. وسوف يُعرض الفيلم خارج المسابقة لكن في إطار البرنامج الرسمي. كما يشارك الفيلم المصري "علي معزة وإبراهيم" وهو العمل الروائي الطويل للمخرج الشاب "شريف البنداري" الذي يشارك أيضا بفيلمه الروائي القصير "حار جاف صيفا" في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، ولقد اعتذر شريف عن عدم الذهاب للمهرجان بسبب تصوير مسلسل جديد.. وإن كان علي صبري بطل الفيلم هو ضيف المهرجان. والحقيقة أن هذه الدورة في احتفائها بالسينما المصرية.. فإنها تهتم أيضا أيضا بالمشاركة العربية.. حيث يُعرض من تونس فيلم "زهرة حلب" بطولة هند صبري.. وفيلم المخرجة جزائرية الأصل "ريحانة" .. "أنا في سني مازلت أختبئ لأدخن" .. وهو من إنتاج المنتجة ميشيل راي جافراس، زوجة المخرج القدير "كوستا جافراس".. وهو يشارك في إطار أفلام المسابقة الأوروبية.. التي يشترك فيها عشرة أفلام من ثلاث عشرة دولة لأنها بعضها من الإنتاج المشترك. وفي لجنة التحكيم الدولية لمسابقة الأفلام الطويلة التي يرأسها المخرج الروائي " رادو ميهاليانو" الذي بدأ حياته في المسرح اليهودي برومانيا، لكنه تعرض للتهديد من الديكتاتور، فهاجر إلي فرنسا ليدرس السينما، ويقدم أول أفلامه الروائية الطويلة عام 1993.. وتضم اللجنة عشرة من كبار فناني السينما العالمية من بينهم المخرجة المصرية (هالة خليل) التي عُرِض لها العام الماضي فيلم " نوارة" وحاز الإعجاب بشدة.
ولجنة تحكيم سينما المرأة تترأسها د. ماجدة واصف رئيسة مهرجان القاهرة السينمائي.. وتضم في عضويتها كلا من إليزابيث يروجين.. وماريزا كوكين رئيسة مؤسسة سينما المرأة.. ومارتين ديلوز عضو في المؤسسة.. ولوسيارو سوليتو وهي متخصصة في السينما الإيطالية.. وتمنح اللجنة جائزتها إلي الفيلم الذي يتحدث عن القيم أو المشكلات الإنسانية والعائلية.
أما المصرية الثالثة المشاركة في لجان التحكيم فهي كاتبة هذه السطور نعمة الله حسين التي تشارك في مسابقة الأفلام البلجيكية القصيرة ويشارك معها المخرج الفرنسي "أوليفيه لوستو" الذي بدأ حياته ناقدا سينمائيا.. قبل أن يتجه إلي الإخراج. بالإضافة إلي المخرج الشيلي " توماس ويلس". والجدير بالذكر أن هذه اللجنة لا تضم أي فنانين عادة من بلجيكيا.. حتي لا تكون بها أي شبهة للمجاملة.. أو لعمل أي تربيطات أو حساسيات في المستقبل.
ولمهرجان مونز تقليد جميل للغاية.. فهو في كل دورة جديدة يختار أما " روحية" للمهرجان.. تكون هي ضيفة الشرف.. وهذا العام يحتفي المهرجان بالفنانة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية "مارتا فيللا لونجا" .. التي درست في الكونسرفتوار بالجزائر وبدأت حياتها كممثلة علي خشبة المسرح في بارس عام 1958 لتتجه بعد ذلك إلي السنيما عام 1965. ولعل أكثر من عملت معهم المخرج الفرنسي "أندريه تشيتيه".
ولعل من الصدف الجميلة أن فيلمي الافتتاح والختام يتحدثان عن العمر الثالث، ففيلم الافتتاح السيد والسيدة إدلمان يروي لقاء سارا بفيكتور عام 1971 ليمضيا معا 45 عاما من الحياة المشتركة.. إنها أيقونة وأوديسا عن الحب.. وهو العمل الأول لمخرجه "نيكولا بيدوس". أما فيلم الختام فهو "بروفيل لاثنين" فهو عن أرمل عجوز يتحاور علي النت مع سيدة في منتصف العمر وتطلب لقاءه، ولايدري ماذا يفعل لأنه كان يضع صورة لصديق أصغر منه عمرا. كانت هذه بعضا من ملامح مهرجان مونز لأفلام الحب في دورته الثالثة والثلاثين واحتفالا بالحب وبالحياة.