أكد المهندس أشرف عبدالرازق رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات الزراعية بوزارة الزراعة، أن الإدارة تُعد حاليًا خطة لتطوير منظومة مكافحة الآفات، تتضمن إعداد خريطة قومية لحصر الآفات علي مستوي الجمهورية، وإقامة مراكز للتنبؤ والإنذار المُبكّر، مُشيرًا في حوار مع »آخرساعة» إلي أنه تم البدء في تطبيق برنامجًا جديدًا لعلاج »سوسة النخيل» بمحافظة الوادي الجديد، كما تنفذ الإدارة خطة استباقية لمُكافحة الجراد بصفة دورية، مُشددًا علي أن حدودنا مؤمنة بشكل تام ضد الجراد، لافتاً إلي أن الوزارة تعمل علي مواجهة »مافيا غش المبيدات»، فخلال العام الماضي فقط تم ضبط 218 ألف عبوة مُبيد مغشوش، وإلي نص الحوار. • حدثنا عن طبيعة عمل الإدارة المركزية لمكافحة الآفات الزراعية. - تختص الإدارة بوضع وتنفيذ الخطط اللازمة لمكافحة الآفات المُختلفة لحماية المحاصيل الزراعية، من خلال عدّة محاور رئيسية، أهمها عملية الإرشاد التي نقوم بها لتوعية المزارعين من خلال الندوات واللقاءات الجماهيرية، بالأعراض الخاصة بالآفات المختلفة والإرشادات التي ينبغي علي المُزارع اتباعها للوقاية من الآفات، وطرق وتقنيات العلاج حال ظهور إصابة في المحاصيل للحد من انتشارها. وإذا نظرنا لما حدث هذا الموسم في مزارع المانجو بمحافظة الإسماعيلية، من إصاباتٍ واسعة جرّاء انتشار »العفن الهبابي» الذي يُعد عرضًا لآفة »الحشرة البيضاء القشرية»، سنجد أن سبب الإصابة يكمن في عدم قيام المزارعين بعملية التربية والتقليم والتهوية للأشجار بعد الحصاد بطريقة سليمة، ما دفعنا للتدخل لتوفير »الصابون البوتاسي» الذي يعد من بدائل المبيدات المُستخدمة لمواجهة الآفة التي أصابت ما يزيد علي 120 ألف فدان من المحصول، وتمكنّا من السيطرة عليها، كما تعمل الإدارة علي تنفيذ خطة لتطوير منظومة مكافحة الآفات. ما ملامح هذه المنظومة؟ - تعتمد علي استحداث آليات جديدة للمُكافحة بما يُمكننا من التدخل السريع لمُكافحة الآفات، حيث نعد حاليًا خريطة قومية لحصر جميع الآفات الزراعية علي مستوي الجمهورية، وتلك المُحتمل ظهورها في التوسّعات الزراعية الجديدة، بالتعاون مع معهد وقاية النباتات. هذه الخريطة مُقسّمة حسب المحاصيل وأماكن انتشارها بالمحافظات. حصرنا بالفعل الآفات التي تُصيب محاصيل القُطن والبطاطس والقمح. بخلاف وحدات التنبؤ والإنذار المُبكر التي بدأنا إقامتها، ضمن مشروع التغيرات المُناخية الذي ننفذه بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية والهيئة العامة للأرصاد الجوية، لحصر ومراقبة الظروف البيئية والمناخية التي تساعد علي ظهور الآفات، لإبلاغ المُزارعين بها ومُكافحتها سريعاً، فهناك مثلاً العديد من الآفات الفطرية التي تظهر مع ارتفاع نسبة الرطوبة، أشهرها »الصدأ البرتقالي» الذي يُصيب القمح. ما أخطر الآفات التي تُصيب المحاصيل؟ - أشهرها »سوسة النخيل الحمراء»، التي تتكوّن وتنتشر بسبب الأخطاء التي تحدث في مُعاملات ما بعد الحصاد، حيث يقوم بعض المُزارعين بتقليم النخيل بعد الحصاد مباشرة، الذي يتزامن مع توقيت نشاط الحشرة ما يؤدي إلي حدوث الإصابة، وننفذ حاليًا برنامجًا علميًا لمواجهة سوسة النخيل بمنطقة الواحات البحرية التي تضم وحدها ثمانية ملايين نخلة، ومحافظة الوادي الجديد باعتبارها من أهم المحافظات المنتجة للبلح، ويعتمد البرنامج علي إقامة نماذج استرشادية للمزارعين لزراعة النخيل بأحدث المعاملات البُستانية التي تعظم إنتاجه وتحميه من هذه الآفة. ونقوم بإتاحة إجراء عمليات الفحص والمعالجة والرش الوقائي باستخدام أجهزة متخصصة، بمبلغ رمزي لا يتجاوز عشرة جنيهات سنويًا للنخلة المُصابة دعمًا للمُزارع، حيث يعود ذلك عليه بفائدة اقتصادية، فمتوسط إنتاج النخلة الواحدة غير المُصابة يتراوح بين 100 - 150 كيلو، كما بدأنا بالتوسع في استخدام المُكافحة الحيوية للآفات المُختلفة - التي تحد من استخدام المبيدات الكيماوية - لما لها من آثار إيجابية علي البيئة وصحة المواطنين. عملية المكافحة الحيوية، كيف تتم؟ - عن طريق تربية أنواع معينة من الحشرات التي تتغذي علي الآفات وتكافحها تُسمّي بالأعداء الحيوية. هذه الحشرات موجودة في الطبيعة إلا أننا نقوم بإكثارها معمليًا قبل أن نُطلقها علي الأفدنة المُصابة. وبالفعل عالجنا مؤخرًا 2500 فدان بالمفترس الأكاروسي وهو نوع من الحشرات المُهاجمة للعنكبوت الأحمر الذي يُصيب محصول الطماطم، بخلاف العديد من محاصيل الخضراوات والفواكه المُعّدة للتصدير مثل الفراولة والباذنجان والقرعيات. ومن أهم الأعداد الحيوية التي نقوم بإكثارها أسد المنّ وحشرة أبوالعيد وطفيل »التريكوجراما» الذي يتغذي علي اليرقات حرشفية الأجنحة مثل دودة ورق القطن وديدان اللوز. ورغم كفاءة هذه الطريقة في المُكافحة إلا أنّها مازالت لا تحظي بالانتشار المطلوب، لذا نعمل علي توعية المُزارع بجدوي استخدامها. ما الآلية المُتبعة لإكثار هذه الحشرات معملياً؟ - هذه العملية تبدأ بصيد الحشرات من خلال »مصائد فرمونية»، قبل أن يتم إكثارها داخل وحدات مُتخصصة تضم معامل وحضّانات، وتملك الإدارة وحدتين في الإسماعيلية وبني سويف، بحيث توضع البيض واليرقات في درجة حرارة معيّنة تسمح بتكاثرها، لتُكمل مراحل نموها بعد ذلك بالتغذية علي نباتات معيّنة مثل نبات الخروع، يتم زراعتها داخل صوب للتحكم في العوامل اللازمة للنمو. ليتم إطلاقها بعد ذلك علي المحاصيل المُصابة. المشكلة أن الأعداء الحيوية لديها حساسية تفوق الآفة نفسها، ما يجعلها تتأثر بالمبيدات بصورة سريعة، وهذا يستوجب ضرورة التنسيق لتأمينها، كما نستهدف زيادة هذه الوحدات لتغطي الجمهورية، وهناك أصناف عديدة نُعد لإكثارها وتعظيم الاستفادة منها. كما نقوم من خلال الإدارة العامة للجراد والطيران الزراعي، بتنفيذ خطّة استباقية لمكافحة الجراد بصفة دورية، لما يُمكن أن تسببه أسراب الجراد من خسائر اقتصادية فادحة حال مُهاجمتها المحاصيل الزراعية. إلي أي مدي يُشكّل الجراد خطورة علي المحاصيل الزراعية؟ - حدودنا مؤمّنة تماماً ضد أي هجوم لأسراب الجراد، وليست هناك أي خطورة منه، بسبب جاهزية لجان المُكافحة، فالإدارة يتبعها 13 قاعدة رئيسية و42 قاعدة فرعية، تنتشر علي المناطق الحدودية الواقعة ضمن خطوط هجرة الجراد، فهناك خطان رئيسيان لهجرة الجراد، أولهما يبدأ من الجهة الجنوبية الشرقية بامتداد سواحل البحر الأحمر، حتي يصل إلي الشمال الشرقي باتجاه سيناء ومن ثم الأردن وفلسطين. أما الخط الآخر فيمتد من الجهة الجنوبية الغربية. حيث تبدأ مواسم الهجرة من شهر نوفمبر وتستمر حتي نهاية فصل الشتاء. هل تعني أن مصر تُعد من دول هجرة الجراد؟ - بالفعل، مصر تُعدّ من دول الهجرة وليست دول التكاثر. الجراد يتكاثر في بعض الدول المجاورة بقارة أفريقيا منها السودان وأثيوبيا وأريتريا، ومن الجهة الشرقية اليمن والسعودية. ورغم أن هذه الدول تعمل علي مكافحة الجراد لديها حتي لا تتكوّن أسراب، إلا أن خطتنا تكون استباقية تحسبًا لحدوث أي خلل في مواجهة الدول الأخري للجراد، لذا نعمل علي التنسيق الدائم معها، وهناك اتفاقيات بيننا وبين الدول المجاورة لحماية حدودنا. ما تفاصيل هذه الخطة؟ - تعتمد خطّة المسح الدوري علي عدّة محاور تبدأ بعملية المسح البيئي للمناطق الحدودية المُحتملة للهجرة، وهي ما تقوم به لجان الاستكشاف باستخدام أجهزة حديثة للرصد عن طريق الأقمار الاصطناعية، وتتصل بغرفة العمليات المركزية لدينا، لتحديد وحصر المناطق الجبلية والرملية الرّطبة التي تعرّضت للأمطار، فالعشب والنباتات البرية التي تنمو في هذه المناطق تُعد البيئة الأنسب لجذب الجراد، ولرصد أي أعداد موجودة من الجراد أو يرقاته، ومدي احتمالية وجود جراد تجمّعي. وتشمل خريطة المسح مناطق الشيخ الشاذلي ومرسي علم وشلاتين ومدينة أبورماد، وأبوسمبل والسلوم وواحة سيوة. كما أن هناك عوامل أخري نضعها في الاعتبار عند متابعة حالة الجراد أهمها تقارير سرعة واتجاه الرياح، والتي تصلنا بصورة يومية من هيئة الأرصاد الجوية. حيث تؤثر هذه العوامل في حجم أسراب الجراد، وبخلاف هذه الخطة تنفّذ الإدارة العامة لمكافحة القوارض حملات دورية لمُكافحة »فأر الغيط». ماذا عن عملية مُكافحة القوارض؟ - هذه العملية تأتي علي رأس أولويات الإدارة لما تسببه القوارض من أضرار بيئية وصحيّة كونها ناقلة للأمراض، غير الضرر الهائل الذي يُمكن أن يلحق بالمحاصيل. وتقوم خطّة المُكافحة علي حصر بؤر التكاثر والإصابة للقوارض التي تتركز علي جسور الترع والمصارف المُحيطة بالمناطق الزراعية. وتعد معدلات تكاثر الفئران مرتفعة جدًا حيث يمكن للذكر والأنثي إنجاب2500 فأر سنويًا. ما يجعلنا نقوم بثلاث حملات سنوية بعد حصاد المحاصيل الصيفية والشتوية. كما نولي محصول القمح أهمية خاصة باعتباره محصولاً استراتيجيًا، من خلال حملة »تحزيم زراعات القمح»، باستخدام مُبيدات مركّبة من مادة »فوسفيد الزنك» ونسب من الذرة الجاذبة للقوارض، والتي نُغيّر تركيبها بصفة دورية حتي لا يتجنّبها الفأر. ونعمل حاليًا علي التوسع في إنتاج هذه المبيدات ودعم المزارعين بها، من خلال عدّة محطات لخلط وإنتاج مبيدات »مُسيلات الدم»، منها محطة »إيتاي البارود» بمحافظة البحيرة. غير الحملات التي ننظمها لتوعية المزارعين بكيفية إقامة وحدات للطعوم داخل الأراضي، وخطورة سوء تخزين الحبوب وإلقاء المخلفات الزراعية التي تتغذي عليها الفئران بجوار المجاري المائية، حيث تعد من أخطر العوامل تساعد علي انتشارها. وبالتوازي مع إجراءات مُكافحة الآفات المُختلفة، نُنفذ استراتيجية متكاملة لمواجهة ظاهرة غش المبيدات والحد منها، لما لها من تأثيرات كارثية علي صحة المواطن والمحاصيل الزراعية. كيف تتعامل الإدارة مع ظاهرة غش المبيدات؟ _ حجم الظاهرة هائل. نحن نواجه »مافيا غش المبيدات»، من خلال الحملات الرقابية التي ننفذها علي منافذ البيع والتداول، بالتنسيق مع لجنة المبيدات بالوزارة وشرطة المُسطحات ومباحث التموين. فخلال العام الماضي ضبطنا 218 ألف عبوة مبيد مغشوش ومُنتهي الصلاحية، وذلك خلال مرورنا علي 1785 منفذًا لبيع المبيدات، كما اتخذنا الإجراءات القانونية اللازمة بشكل فوري، لإغلاق ثلاثة مصانع غير مُرخصة »تحت بير السلم» لإنتاج المبيدات بمنطقة برج العرب. إلا أن المُشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود ردع لهذه المُمارسات، فالعقوبة الواردة في قانون الرقابة علي المبيدات رقم 53 لسنة 1969، إما حبس لمدة تتراوح من شهر إلي سنة أو غرامة لا تتجاوز 100 جنيه، وللأسف لا يتعرض أحد في الأغلب للحبس، ما يجعنا في أمس الحاجة لإجراء تعديل تشريعي يتضمّن تغليظ هذه العقوبة.