»زي ما قال الريس منتخب مصر كويس» كان ذلك الهتاف هو الأكثر ارتباطًا بنجلي الرئيس السابق حسني مبارك، المقصورة الرئيسية في استاد القاهرة تعرف أصواتهما جيدًا، وبعد 6 سنوات من ثورة يناير ذهبا مجددًا للمدرجات لحضور مباراة منتخب مصر الودية أمام نظيره التونسي، قبل السفر إلي الجابون لخوض بطولة كأس الأمم الأفريقية. مشهد عبثي وغير متزن أصاب الجميع بالرهبة والاضطراب سواء كان مؤيدا لنظام مبارك أو رافضا له، الطابع السياسي كان مسيطرًا علي تلك المباراة التي أقيمت بين أبرز بلاد ثورات »الربيع العربي» مصر وتونس، لو كان يعلم أحد أن النتيجة ستكون حضور أبناء مبارك للمباراة لطالب المصريين بمنع إقامتها. سنكون منصفين ولن نحجر علي حرية أحد، فمن الطبيعي أن نشاهد جمال وعلاء في عزاء زوجة الفنان محمد صبحي، ووارد أيضًا أن يحضرا عزاء القدير الراحل محمود عبدالعزيز، وهناك احتمال ضعيف لا يصل ل1٪ أن يذهبا دون حراسة إلي أحد مطاعم السمك بشبرا لتناول الغداء، كلها أمور طبيعية ومن الممكن أن تمر دون لغط في الحديث، ولكن حضورهما مباراة للمنتخب بعد 6 سنوات من اندلاع ثورتي »الياسمين» ببلد بوعزيزي، و»التحرير» في مصر، وبعد أن ثار ملايين من الشعبين واجتمعا علي إسقاط علي زين العابدين ومبارك، وأعلوا كلمة إسقاط النظام، فبالتأكيد هذا الظهور لم يكن دون هدف. القانون يمنع لا يستطيع أحد أن يجزم بأن جمال مبارك ليس لديه نية للترشح لرئاسة الجمهورية خاصة وأن الثورة قامت ضد التوريث الذي كان يسعي والده مبارك له، وإن كانت نيته هي الترشح فما يفعله الآن من التحام وتجمع وسط المصريين قد يكون مؤشرًا لنيته، والقول الفصل في مسأله الترشح يعرضها الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة. »لا يجوز قانونا أن يترشح علاء وجمال مبارك لانتخابات رئاسة الجمهورية، وليس من حقهما التقدم بطلب للترشح إلا في حالة واحدة، وهي رد الاعتبار»، هذا ما قاله فودة موضحًا أن القانون لن يكون المعيار الوحيد للترشح. وأوضح فودة أن رد الاعتبار يكون بانقضاء المدة المعينة التي حددها القانون بعدد سنوات محددة، أو يقوم المتهمان قبلها بالتقدم بخطاب إلي المحكمة لطلب رد الاعتبار، وفي حال إقرار المحكمة بالموافقة علي طلب رد الاعتبار يكون من حقهما الترشح لانتخابات الرئاسة، أو ينتظران حتي يقضيان مدة رد الاعتبار. وكانت محكمة النقض قضت بتأييد الحكم النهائي الصادر بإدانة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال في قضية »القصور الرئاسية»، وأصبح المدانون الثلاثة من المخاطبين بأحكام البند 6 من المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية 45 لسنة 2014 ويحرم هذا البند من مباشرة الحقوق السياسية، بالتصويت والانتخاب، وذلك لفترة 6 سنوات تبدأ من تاريخ تنفيذ العقوبة. واستطرد : »ووفقاً للقرار بقانون 92 لسنة 2015 بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، فإن الحرمان لا يسري إذا أوقف تنفيذ العقوبة، أو رُد إلي الشخص اعتباره». وأكد فودة أن محكمة النقض لا يمكن أن تصدر أحكاما بحرمان أشخاص من أن يترشحوا في الانتخابات الرئاسية، لذا يمكن الطعن عليه لعدم اختصاص المحكمة. الكلمة للمواطن الشعب أعلن تمرده علي آل مبارك جميعهم، حتي الذين لم يوجه لهم اتهامات بالتربح وإفساد الحياة السياسة وإهدار المال العام، نقطة سوداء باتت في تاريخهم ولن يمحوها أحد وما يفعله الآن أبناء مبارك ما هو إلا محاولة لتلميع ذاتهما من جديد فيظهران بالوجوه المبتسمة المشرقة، النادمة علي ما فعلت، المحبة للمصريين، لا حواجز ولا حراسات تفصل بينهم، كل هذا مدبر ومخطط له منذ أن كانا في السجن ولم يحدث صدفة. أدان دكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية وسائل الإعلام التي تترصد نجلي مبارك وتتعمد الحديث عنهما كلما ظهرا في مكان عام، مشيرًا إلي ضرورة الابتعاد عنهما وتجنب الحديث عنهما لأن ذلك سيضعهما أمام الصورة الحقيقة لوضعهما بأنهما نتاج فساد دام 30 سنة ولا يمكن أن يتغير الوضع بين ليلة وضحاها. وأوضح صادق أن تهافت الناس عليهما لالتقاط الصور معهما أمر طبيعي لأن هناك العديد من المؤيدين لمبارك ونظامه »آسفين ياريس» وكذلك الرافضون للثورة بعد أن شاهدوا نتائجها ولكن مؤكداً أن كارهيهم ورافضيهم أكثر بكثير. »الشعب لن يسامحهم إطلاقًا» هكذا وصف صادق شعور المصريين تجاه آل مبارك، مؤكداً أن هناك أرواحا زهقت وبيوتاً خربت واقتصاداً دمر بفعل الفساد، فكيف ينسي المصريون كل هذا؟ وأكد صادق أن تعمد الحديث عن نجلي مبارك وترشح جمال للرئاسة، أمر عبثي ولا يصدقه عقل، لافتًا إلي أنها لعبة من بعض القوي السياسية المؤيدة لمبارك والمعادية لثورة 25 يناير، وهؤلاء يريدون إثبات فشل الثورة بظهور جمال وعلاء وسط التجمعات الشعبية. علي جثتنا ما يفعله نجلا مبارك لن يغير من الواقع شيئا، هذا ما قاله الخبير السياسي الدكتور عمار علي حسن وأردف قائلا: » ربما يكون ما حدث لعلاء وجمال غيَّر منهما ، بالتأكيد فمن يمر بمثل ما مرا به يفقد عقله، ولن ننصب أنفسنا حكامًا علي نفوس البشر، فمن الوارد أنهما ندما علي ما فعلا ويريدان تحسين صورتيهما لذلك يتعمدان التواجد وسط التجمعات الشعبية سواء واجب عزاء أو ماتش كرة أو حتي عشاء» . »الخروج عن المسموح»، بتلك الجملة وصف يسري البنداري موظف بإحدي شركات الاتصالات ما نشهده حاليًا من تواجد لنجلي مبارك علي الساحة، لافتًا إلي أنهما خرجا عن كل المواثيق والأعراف. وقال: »والله لما بشوفهم بقول يا ثورة ماتمت ، ناس غيرهم ميظهروش غير في أضيق الحدود ، دول فاسدين ومتورطين، إزاي بيعملوه كدة وإيه جرأتهم دي!!». »علي جثتنا وجثث ولادنا» هذا ما قالته سميرة محمد ربة منزل بعد سؤالها عن احتمالية عودة جمال مبارك للعمل السياسي مرة أخري، وقالت: » أنا ساكنة في وسط البلد والشارع اللي أنا فيه ده »الشيخ ريحان» شفت الشباب بيموتوا قصاد عيني ومحدش جاب حقهم، وفي الآخر يرجعوا تاني!».