من وجهة نظر المغرمين بما يُعرف بالديمقراطية الأمريكية يجسِّد تنصيب الرئيس تقليدًا فذا فريدًا من نوعه، حيث يشارك فيه الحزبان الرئيسيان الجمهوري والديمقراطي، ويطرحان خلاله خلافاتهما الأيدولوجية جانباً احتفاءً بالانتقال السلمي للسلطة. ويشارك في حفل تنصيب الرئيس أيضاً السلطات الحكومية الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويشرف رئيس المحكمة العليا الأمريكية علي أداء اليمين الدستورية للرئيس في مبني الكونجرس. ويعود العديد من تقاليد التنصيب إلي عهد الرئيس جورج واشنطن عام 1789 ثم ظهرت تقاليد أخري مع مرور الزمن. لا ينص الدستور الأمريكي علي كيفية تنصيب الرئيس، سوي أنه يجب علي الشخص المنتخب أداء »اليمين الدستورية لتولي المنصب»! ومن اللافت أنه يسمح بإجراء تغيير طفيف علي نص القسم، مثال إمكانية استخدام كلمة »أؤكد» بدلاً من »أقسم» أنني »سأنفذ مخلصًا مهام منصب رئيس الولاياتالمتحدة، وسأعمل بأقصي ما لدي من قدرة علي صيانة وحماية دستور الولاياتالمتحدة والذود عنه». ويُعد هذا الخيار بديلاً في حال كانت المعتقدات الدينية للشخص تمنع عليه القسم، وهو ما فعله رئيس واحد فقط هو فرانكلين بيرس عام 1853. ورغم أن الدستور لا يفرض أداء اليمين علي الكتاب المقدس، إلا أن معظم الرؤساء اختاروا القيام بذلك، فيما اختار الرئيس جون كوينسي آدامز أداء اليمين علي كتاب القانون. ثلاثة من الرؤساء السابقين يعتزمون حضور حفل تنصيب دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، والمقرر له يوم الجمعة 20 يناير، وأبرزهم الرئيس السابق بيل كلينتون وقرينته هيلاري، وقرارهما بالذهاب سيضع هيلاري كلينتون علي منصة التنصيب ولكن في موضع المتفرج وكان بيل وهيلاري كلينتون قد أعلنا قرارهما بالحضور بعد فترة وجيزة من تصريح مكتب الرئيس السابق جورج دبليو بوش في الثالث من يناير الجاري بأنه سوف يحضر مع السيدة الأولي السابقة لورا بوش، وقال مكتب بوش في بيان إن »الرئيس وقرينته يسرهما أن يكونا قادرين علي أن يشهدا التداول السلمي للسلطة السمة المميزة للديمقراطية الأمريكية ويشهدا الرئيس ترامب ونائبه بنس وهما يؤديان اليمين الدستورية»! كما أكد الرئيس الأسبق جيمي كارتر وزوجته روزالين، في وقت سابق، أنهما يعتزمان حضور حفل تنصيب ترامب، وهو ما يندرج في إطار التقاليد السياسية الأمريكية. أما الرئيس جورج بوش الأب، البالغ من العمر 92 عامًا، وزوجته، باربرا، فإنهما لا يعتزمان حضور حفل التنصيب نظرًا لكبر سنّ الرئيس الأسبق وحالته الصحية، حسبما صرح به مكتبه. أجهزة الأمن تقول إنها تستعد للحفل في ظل استعدادات خاصة تحسباً لهجمات من ذئاب داعش المنفردة، أو لأخري بالشاحنات علي غرار ما حدث في مدينتي نيس الفرنسية وبرلين الألمانية، علماً بأن تقديرات الصحف الأمريكية لنفقات الحفل تخطت ال100 مليون دولار. أما الغائبون عن حفل ترامب فقد تزعمهم النائب جون لويس، أحد رموز الحركة الأمريكية للحقوق المدنية، معتبراً إياه »رئيساً غير شرعي أتت به روسيا التي هدمت حملة هيلاري كلينتون لحساب هذا الرجل». وأضاف »لا يمكنك أن تتأقلم مع شيء تشعر بأنه خاطئ» وكان ترامب أدلي بتصريحات ضد الأقليات خلال حملته الانتخابية، كما أعلن سبعة ديمقراطيين آخرين في مجلس النواب أنهم لن يحضروا حفل التنصيب في مبني الكابيتول، وقال كثير منهم إنهم يريدون بذلك التعبير عن موقفهم الاحتجاجي تجاه الرئيس المقبل. وهي المرة الأولي التي لا يحضر فيها النائب لويس الذي يمثل جورجيا في مجلس النواب. وعلي نفس النهج سار النائب الديموقراطي عن أريزونا راؤل جريجالبا، والنائبة الديموقراطية عن كاليفورنيا باربرا لي، التي أكدت أنها لن تذهب »لتكريم رئيس جاء بالعنصرية والتمييز علي أساس الجنس وكراهية الأجانب والتعصب إلي العرق الأبيض. وقال النائب لويس جوتيريز إنه لن يذهب إلي مبني الكابيتول، لكنه سيشارك مع زوجته في تظاهرة مناهضة لترامب في واشنطن غداة حفل التنصيب». من جانبه لم يقف ترامب مكتوف الأيدي، حيث هاجم جون لويس من خلال منبره المفضل، تويتر، قائلاً: »علي عضو الكونجرس جون لويس قضاء المزيد من الوقت في إصلاح ومساعدة دائرته الانتخابية، التي هي في أسوأ حال، ناهيك عن أنها مبتلاة بالجريمة، وذلك بدل اللجوء إلي الشكاوي الكاذبة حول نتيجة الانتخابات»، وتابع ترامب »إنه رجل بارع فقط في »البلا بلا بلا» ولكن لا عمل ولا نتائج.. إنه أمر محزن حقا». أما المخابرات الأمريكية فقد حذرت في تقرير تشاؤمي، من أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستواجه تزايداً خطراً حول نزاعات دولية، وتراجع القيم الديمقراطية بصورة لا مثيل لها منذ انتهاء الحرب الباردة. ويأتي نشر هذا التقرير عقب تقرير آخر نشرته نفس الجهة، واتهمت فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه »أمر بشن حملة» للتأثير علي نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقال مجلس الاستخبارات الوطنية في تقريره، إن التطورات السياسية والاقتصادية والتغيّر التكنولوجي، يضاف إليها تراجع نسبي للزعامة الأمريكية في العالم، عوامل »تدعو للتفكير بمستقبل مظلم وصعب» وأضاف التقرير وعنوانه »التوجهات العالمية.. مفارقة التقدم» أن »السنوات الخمس المقبلة ستشهد صعوداً للتوترات داخل وبين الدول.. الشعوب ستطالب الحكومات بتوفير الأمن والازدهار، ولكن جمود مصادر الدخل، وانعدام الثقة والاستقطاب وقائمة من التحديات الناشئة ستؤدي إلي كبح أدائها». فستان السيدة الأولي دائما ما تكون السيدة الأولي في الولاياتالمتحدة محط الأنظار في حفلات تنصيب الرؤساء الأمريكيين، ويدور السؤال الذي يتردد بين الحاضرين في الحفل حول ما الذي ترتديه السيدة الأولي، علماً بأن هناك متحفا في واشنطن جمع في مكان واحد الفساتين وملابس الحفلات التي كانت ترتديها السيدات الأول في أمريكا في هذه المناسبات علي مر العقود. ويعرض المتحف الوطني للتاريخ الأمريكي في جناح خاص الأزياء والملابس التي ارتدتها السيدات الأول في أهم أمسية في حياتهن وهي حفلة تنصيب رئيس الولاياتالمتحدة، ويزور المتحف الوطني كل عام نحو أربعة ملايين زائر من مختلف أنحاء العالم حيث يعد هذا المتحف من معالم الجذب المهمة للسياح في العاصمة الأمريكية، وتقول لاورا دوف المتحدثة باسم المتحف إن المعرض الخاص بأزياء السيدات الأول يعد من أكثر الأجنحة التي تلقي إقبالا من الزوار، وتؤكد أن كثيرين من الزوار يأتون للمتحف لمشاهدة هذا المعرض فقط. فستان ميشيل أوباما هو آخر إضافة في المعرض، ويتدفق من منطقة الخصر في الفستان حرير الشيفون الأبيض حتي يصل إلي الأرضية، وتكسو الزهور المصنوعة من الحرير الشفاف الفستان ويزدان منتصف كل زهرة منها بقطعة من الكريستال من إنتاج سواروفسكي، وهذا الفستان صمم ليبدو رقيقا وشبابيا ومرحا في الوقت ذاته. وكان هناك نوع من الإثارة والتوقعات الكبيرة قبيل حفل تنصيب أوباما، ودارت تساؤلات حول الملبس الذي ستختاره السيدة الأولي المعروف عنها أنها رياضية ومهتمة باتجاهات الأزياء، وقام بتصميم الفستان الذي ارتدته جاسون وو وكان ذلك بمثابة شرف كبير لمصصم الأزياء الذي ولد في تايوان ويعيش حاليا في نيويورك، وكان عمره وقت تصميم الفستان 26 عاما. بالنسبة لميلانيا ترامب، فكما أن هناك حالة من الرفض لزوجها كرئيس، فهناك حالة من الرفض في أوساط مصممي الأزياء للقيام بتفصيل الملابس لها كسيدة أولي.. وكان توم فورد، أحد أكثر مصممي الأزياء شهرة في الولاياتالمتحدة، أول الرافضين، وقال لموقع يو إس إيه توداي، تعليقاً علي الأمر: » لقد طُلب مني تصميم ملابس لها منذ سنوات عدة، لكني رفضت»! وأضاف »حسناً، إنها لا تلائم صورتي بالضرورة.. إن ملابسي باهظة الثمن، ولكي تستطيع السيدة الأولي أن تكون قريبة من فئات الشعب كافة، فلا يجب أن ترتدي مثل هذه الأزياء» وأوضح فورد أنه صمم فستان سهرة عاجي لميشيل أوباما في عام 2011 لتحضر عشاءً مع العائلة الملكية البريطانية في قصر باكنجهام، ولكنه اعتبر ذلك »ملائماً» وشعر بالفخر، ورداً علي سؤال عما إذا كان ينبغي لميلانيا أن تتوقف عن ارتداء ملابس باهظة الثمن عندما يتولي زوجها الرئاسة رسمياً، قال: » لا أعرف.. الأمر متروك لميلانيا». مصممة الأزياء الفرنسية المقيمة في نيويورك صوفي تياليه، التي صممت عددا من الأزياء لميشيل أوباما، أكدت أيضاً أنها لا تنوي تقديم أي من تصاميمها لميلانيا ترامب، بسبب معارضتها لمواقف زوجها، ودعت مصممين آخرين إلي أن يحذوا حذوها، وقدمت المصممة الفرنسية نفسها علي أنها مدافعة عن »التنوع والحرية الفردية واحترام كل أنماط الحياة» مؤكدة أنها لن تساهم في إلباس السيدة الأولي المقبلة للولايات المتحدة، إذ لا ترغب في أن يرتبط اسمها »بأي شكل من الأشكال» بسياسة ترامب، وأوضحت تياليه أن »المواقف العنصرية والمعادية للنساء وللأجانب التي استخدمها زوجها خلال الحملة الرئاسية لا تتوافق مع القيم التي تحكمنا» وأضافت: »أعي تماما أنه من غير الرشيد التدخل في السياسة. ولكن بالنسبة لشركة عائلية كشركتنا، لا ترتبط النتائج التي نحصدها بالمال حصرا». وأكدت تياليه أن ميشيل »ساهمت في أن يصبح اسمي معروفا ومحترما في العالم أجمع» لافتة إلي أن هذا التعاون ينطلق من أن »قيم ميشل أوباما وأعمالها وأناقتها كانت لها دائما صدي في نفسي».