أديب يتهم آخر بسرقة إبداعه.. يبدو الأمر عادياً - رغم فظاعته - مع تكرار هذه الوقائع بين حين وآخر، لكن المفارقة العجيبة هي أن يتهم شاعر شقيقه الروائي بسرقة أعماله. هذه ليست طرفة لكنها حقيقة فجرها الشاعر ماهر نصر وربما بعد نشر تفاصيلها هنا علي صفحات "آخرساعة" تصبح حديث الموسم والأوساط الثقافية في مصر، وبخاصة إذا عرفنا أن ماهر اتهم شقيقه الروائي المعروف ممدوح عبدالستار بالسطو علي إبداعه الشعري وتضمينه في طيات رواياته المختلفة التي حصدت العديد من الجوائز الأدبية المرموقة مصرياً وعربياً، وتصبح هذه القنبلة التي فجرها ماهر ضد شقيقه أكثر خطورة حين نعلم أن الأخير سيكون من بين المرشحين المصريين لنيل جائزة "بوكر" العالمية في نسختها العربية الدورة القادمة وذلك عن أحدث رواياته "الدلجموني.. أوراق ميت" التي صدرت قبل أيام عن دار نشر بيت الياسمين لمالكها الروائي الكبير إبراهيم عبدالمجيد. في مقهي المجلس الأعلي للثقافة كان لقائي مع ماهر نصر. كانت علامات الضجر والحزن ترتسم وجهه وفي يده حقيبة مزدحمة بالأوراق قال إنها أدلة علي كل كلمة ضد شقيقه الذي – حسب قوله – سرق إبداعاته علي مدار نحو 02 عاماً وحان الوقت لكشف الحقيقة فقد ساعدت شقيقي ممدوح في الكتابة وشاركنا في مسابقة د.سعاد الصباح. حصلت أنا علي الجائزة الأولي علي المستوي العربي عن رواية "قال محمد الفحَّام"، وفي المسابقة ذاتها فاز ممدوح بجائزة ثانية مناصفة مع الفلسطيني باسل الخطيب، الأول عن روايته "مقامات التفرد والأحوال" والثاني عن روايته »أحلام الغرس المقدس« كانت تلك أولي تجاربي مع السرد الروائي، ما حمسني للمضي في كتابة الرواية وبالفعل بدأت وقتذاك في كتابة رواية بعنوان "الكاف والنون" ومجموعة قصصية، إلا أنني فوجئت باختفاء هذين العملين وغيرهما من إبداعاتي في مجال الشعر. أصبت بالصدمة والإحباط لضياع منجزي هذا. وقتها اتهمت زوجتي بالإهمال. ظننت أنها كانت سبب ضياع هذه المخطوطات. في هذه الأثناء اندلعت حرب الخليج الأولي فازدتّ اكتئاباً وإحباطاً وأعلنت توقفي عن الكتابة! ومنذ ذلك الحين لم أكتب سوي عدد محدود من القصائد، وفي عام 9002 جمع أصدقائي مجموعة من أشهر قصائدي ونشروها في ديوان بعنوان "في قلة الأشياء كثرتها" وكانت زوجتي تحاول رفع حالتي المعنوية فتتقدم ببعض أعمالي الشعرية لجوائز أدبية مختلفة فحصدت عدة جوائز مثل جائزة مجلة النصر وجائزة مجلة الشاهد وجائزة أخبار الأدب وغيرها. منامة الشيخ يضيف ماهر: منذ عدة أشهر جاء ممدوح عبدالستار وأخبرني أنه استخدم أوراق لي في روايته "منامة الشيخ" التي نُشرت عن الهيئة العامة للكتاب عام 0102 فأعلنت رفضي لذلك في حضور الشاعر إبراهيم الملاح، وقد عاودتني الذكريات المؤلمة التي تسبب فيها ضياع هذه المشروعات الإبداعية وأدركت أنه كان وراء سرقة أعمالي قديماً. نوقش هذا الأمر في نادي أدب كفر الزيات وأدلي الشهود بأقوالهم ومنهم الملاح والشاعر إبراهيم خطاب والروائي محمد أمين وغيرهم. وقدم بعض الشعراء والأدباء مبادرة لحل هذه المشكلة منهم الشعراء محمد عزيز وأحمد أبوشادي ومحمد صالح واقترحوا أن يقوم ممدوح بطبع أعداد محدودة يشير فيها إلي الأجزاء التي اقتبسها من إبداعي لكنه رفض وقال "من لديه مستندات فليتقدم بها للمحكمة" علي اعتبار أن الأصول (المخطوطات) معه وليس لديّ ما يُثبت كلامي، ولكن أمدني بعض الأصدقاء بدلائل قاطعة تؤكد سطوه علي أشعاري التي ضمنها مسرحيته الشعرية "لغة التشابه" وهي مسرحية من فصل واحد نشرت عام 7991 بطلها الرئيس شاعر، والأشعار الواردة علي لسان ذلك الشاعر من الأشعار التي سبق نشرها لي بين عام 8891 و9891 وكل ما ورد من أشعار في هذه المسرحية من أعمالي. حيال ذلك قام رئيس مجلس إدارة نادي أدب كفر الزيات بتشكيل لجنة لفحص السرقة الأدبية وانتهت اللجنة إلي إثبات سطو شقيقي ممدوح علي أشعاري ونسبتها إلي نفسه علي غير الحقيقة، ثم عقد مجلس الإدارة اجتماعاً آخر فحص خلاله المستندات التي تقدمت بها (المجلات القديمة التي نشرت فيها هذه القصائد) صدر علي أثره قرار بوقف عضوية ممدوح عبدالستار من نادي الأدب وأدان ما فعل وطالب النقاد بفحص جميع الأعمال الروائية الخاصة به لبيان مدي النقل من أعمالي. ويوضح ماهر نصر: الإصداران الأول والثاني لشقيقي صدرا باسمه كاملاً "ممدوح محمد عبدالستار نصر" ولما فعل ما فعل غيَّر اسمه الأدبي إلي "ممدوح عبدالستار" حتي يبتعد عن اسمي تماماً، رغم أنه في هذين العملين كان يبدأ العمل بقصائد من إبداعي ولكن بالإشارة إلي ذلك، ورغم اعترافه هذا تلاعب ممدوح في إحدي القصائد واقتبس جزءا منها وأصدره في كتاب آخر حسبما ذكر تقرير نادي الأدب! موت إبداعي ممدوح عبدالستار الذي يسبق ماهر في العمر بعامين ويقيم مثل أخيه في محافظة الغربية – مسقط رأسيهما – رفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً وبعث إليّ علي ما اعتبره ادعاء كاذب من شقيقه حيث قال نصاً: تعلمت من الطبيعة، أن الجبل سيظل جبلاً، مهما تسلقت فوقه الفئران، هذا الدرس منهج حياتي، لكنني أود أن أوضح للقارئ الكريم: إن ماهر نصر مات إبداعياً منذ فترة طويلة، وتوقف عن الكتابة بعد صدور روايته "قال محمد الفحَّام"، والآن يريد أن يحيا إعلامياً دون وجه حق، حتي لو كان علي حساب منجزاتي، موضحاً: إن الخلاف القائم هو خلاف شخصي، أراد منه، أن يحقق وجوده الإعلامي والأدبي دون أن يحقق منجزاً حقيقياً علي المستوي الأدبي، وإذا كان متحققاً، أين هو إبداعه؟ لقد نشر الشعر الذي كتبه قديماً في السنتين الماضيتين، وعلي نفقته الخاصة، وطبعة محدودة للغاية، وأنا أقول له (الكتابة فعل وجود، واستمرار، وليس فعل تسلق علي منجز الآخرين). لست شاعراً وأضاف ممدوح: إن ما يتقوله من سرقتي لبعض أعماله الشعرية كان موافقاً عليه، بل وسعيد به لما تتضمنه أعمالي من بعض قصائد له، سواء أشرت إليها كما في مجموعة "السمان يستريح في النهر" ومجموعة "الفتاة والفرس"، أو لم أشر إليها كما في رواية "مقامات التفرد والأحوال" ومسرحية "لغة التشابه". والحقيقة، أنني لم أدع يوماً ما أنني شاعر، بل إنني معروف داخل الأوساط الأدبية بكوني روائيا وقاصا، لي منجزي الحقيقي، الذي اعترف به كثير من النقاد والأدباء والمؤسسات الثقافية، سواء في مصر أو الوطن العربي. ودليل علمه بتضمين بعض أعماله ما جاء في رواية "مقامات التفرد والأحوال" من أبيات شعرية له في الصفحة الأولي من الرواية التي احتلت المركز الثاني في مسابقة سعاد الصبّاح، وهو حصل علي المركز الأول في الرواية. ومن المعلوم أن الفائزين يأخذون نسخاً من الأعمال الفائزة في كل المجالات. وهو بذلك يعلم ما أوردته من شعره في روايتي، ولم يقاضني، ولم يبد أي اعتراض. إن الشعر المتضمن في الأعمال السردية ليس له دوره الأساسي في العمل السردي، وإنما كل ما يقوم به هو علي المستوي الإشاري- إشارة التعريف بماهر نصر- ولا يتجاوز أكثر من ذلك. أخي شاعر مغمور! ويواصل ممدوح: أريد أن أذكر حقيقة مهمة للغاية، أنني عندما أريد تضمين شعر ما، وكذلك أي كاتب، لا ينظر إلي شعراء مثل ماهر نصر، لكونه شاعراً مغموراً، لا يعرفه الكثيرون، بل إن الكاتب قد يُضمّن شعراً لمحمود درويش مثلاً، أو أحمد عبدالمعطي حجازي، أو عفيفي مطر، أو السياب، أو أدونيس، أو صلاح جاهين في شعر العامية. هذه هي القامات التي تضيف بعداً للعمل، لكن ما تضمنته أعمالي من شعر ماهر نصر، إنما كان مساعدة له، وتسليطاً للضوء عليه، وعلي أعماله - غير المنشورة أصلاً- وهذا الدور كنت أقوم به من منطلق الأخ الأكبر ليس إلا، وهو يعلم ذلك جيداً، بدليل عدم اعتراضه علي أعمالي خلال هذه السنوات الطويلة، منذ عام 0991 ولم يعترض شفاهياً، أو كتابياً، ولم يتقدم إلي الجهات المعنية. حقيقة أعضاء اللجنة وفي تعليقه علي تقرير الإدانة الصادر عن نادي الأدب قال ممدوح: بالنسبة للتقرير، وسحب الجوائز التي حصلت عليها، أقول لهم: هذه الجوائز العربية والمصرية الكثيرة، والتي كنت أحصل عليها بمخطوطات، حصلت عليها في الرواية والقصة والمسرح، ولم أحصل عليها بشعر ماهر نصر، هذا كلام بعيد عن الحقيقة، وأقول لهم، لماذا لم يحصل ماهر علي جائزة لها قيمة في الشعر. الحقيقة أنهم كارهون لنجاحي من أول عمل. ولتعريف القارئ الكريم بهم - دون ذكر الأسماء- سوف أحكي بعضاً عنهم. وأريد أن أذكّرهم بما فعله أحد أعضاء اللجنة، بالتوقيع علي ديوان لشاعر مشهور- يشابهه في الاسم- علي أنه ديوانه، وقد سرق الشاعر الشهير بذاته وشخصه، وديوانه أيضاً، والناس تعلم ذلك، ومشاجرته مع الشاعر إبراهيم خطاب- العضو الآخر في اللجنة- دليل علي ذلك، وواحد آخر من اللجنة، أذكّر الناس بما كان يفعله، وتعاونه مع جهاز أمن الدولة السابق، وإبلاغه عن بعض المتدينين في بلدته، والعضو الآخر كان يعمل عند ماهر، قبل أن يتم تعيينه، ولابد أن يكون وفياً له. والحقيقة أن غالبية أعمالي معهم منذ فترات طويلة، وأقول لهم أيضاً، لماذا كل هذه المدة من الصمت، ولماذا الآن؟ دوافعكم معروفة، وواضحة. وعن رد فعله في حال لجأ شقيقه ماهر إلي القضاء قال ممدوح: أتمني أن يفعل ذلك، وأنا بدوري أتساءل، لماذا صمت كل هذه المدة، وهو يعلم أنني سارق، وذلك لأنه يعلم في قرارة نفسه أنني كنت أمد يد العون له، كما ربيته صغيراً، وكنت العائل الوحيد لهذه الأسرة، وبفضل الله، كنت سبباً فيما هو فيه الآن، وهذه حقيقة يعلمها الجميع، فقط الجاحد هو من ينكر ذلك. وأخيراً سألته: كيف يمكن احتواء هذه الأزمة سريعاً قبل استفحالها، وبخاصة أنكما شقيقان قبل أي شيء، فقال: الله المستعان أولاً، وأخيراً. أنا لست في أزمة بسبب هذا التشهير الشخصي والأدبي، لأنني أثق في نفسي وأعمالي، وحصولي علي 8 جوائز عربية، كان آخرها جائزة دبي الثقافية، وأربع جوائز مصرية، يؤكد مشروعي الأدبي. لكن الأزمة عنده، لأنه لا يملك مشروعاً أدبياً، ومنقطع عن الكتابة، وهذا ليس ذنبي. أدعو الله أن يمن عليه بالكتابة مجدداً، وأن يحصل علي بعض الجوائز مثلي، لكنني أشك في ذلك. حافر علي حافر من جانبه علق الكاتب محمد صالح رئيس نادي أدب كفر الزيات علي هذه الأزمة قائلاً: من واقع ما انتهت إليه لجنة الفحص اطمأن قلب وعقل النادي إلي ثبوت واقعة السرقة في مسرحية "لغة التشابه" التي فاز بها ممدوح عبدالستار في مسابقة تيمور الأدبية وبما لا يدع مجالاً للشك، لأنها سرقة وقع فيها الحافر علي الحافر، وقد حرصنا كل الحرص علي الصلح بين الطرفين نظراً لكونهما شقيقين رغم إدراكنا أن السرقة هي السرقة حتي لو كانت بين الابن وأبيه، وتركنا لكل محاولات الصلح أبواباً متعددة، وأمام تعنت ممدوح وإصرار ماهر لم يكن هناك بُد من اتخاذ الشكل الرسمي الذي من خلاله ترد الحقوق إلي أصحابها، وبخصوص إدراكنا لإبداع الزميلين فنحن لا نتطوع للدفاع عن أحد، ولم نمنح توكيلاً من أحد الطرفين للقيام بهذه المهمة، ونظراً لانعدام فكرة الحسبة الإبداعية، ورفضنا للكثير منها لم نتطوع للدخول بين شقيقين، فنحن بمثابة القاضي فيما يُعرض علينا من قضايا وبما يقدم لنا من شكاوي، فنحن جهة ينضوي تحت لوائها أدباء الموقع، يدار بواسطة لائحة منظمة للعمل موجهة إلينا من الهيئة العامة لقصور الثقافة.