نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    أسيوط جاهزة لاستقبال ناخبى الدائرة الثالثة    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في السويس    مدبولى: تسهيلات لرجال الأعمال المحليين والأجانب    ترامب: سنعلن عن رئيس الاحتياطي الفيدرالي الجديد أوائل 2026    "كاكست" تطلق برنامجًا لتسريع البحث إلى السوق لدعم اقتصاد المعرفة وتعزيز منظومة الابتكار الوطنية    فيديو | بوتين يستقبل ويتكوف وكوشنر في الكرملين لمناقشة مبادرة السلام الأمريكية    الجيش السوداني يوسّع نطاق سيطرته في جنوب كردفان وينفي شائعات عن سقوط بابنوسة    أمم أفريقيا تربك استعدادات أندية الدوري الاسباني    بابا الفاتيكان يطرح أفكاره بشأن المجمع الذي انتخبه ويتناول الروحانية ورحلاته المستقبلية    كييف تنفي سقوط بوكروفسك لدى قرب زيارة ويتكوف لموسكو    البنتاجون يعلن بدء عملية القضاء على تجار المخدرات    غدا.. 3 مباريات نارية    برشلونة يحسم مصير ليفاندوفسكي ويقرر رحيله بنهاية الموسم    تذاكر المترو ب«الفيزا»    «هنو» يطلق منصة «Cultural Café».. ويؤكد: القصر مفتوح لكل الزائرين    مكتبة اللاهون تنظم محاضرة توعوية حول أهمية الآثار والمتاحف لطلاب المدرسة الابتدائية    مجلس أمناء مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يعقد أولى اجتماعاته برئاسة مشيرة خطاب    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    الوطنية للانتخابات: فرز الأصوات في انتخابات النواب بالدوائر الملغاة يتم بمقار البعثات في الخارج    العثور على مسن ميتا في ظروف غامضة داخل منزله بقنا    أستاذ علوم سياسية: الرئيس السيسي أعطى درسًا شاملًا لكل أطراف العملية الانتخابية    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    وكيل وزارة الشباب بالدقهلية يلتقي كيان اتحاد طلاب تحيا مصر    مدرب العراق: أرغب في تحقيق بداية مثالية في بطولة كأس العرب    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    محافظ الأقصر: افتتاحات يومية لمشروعات في كل المجالات خلال ديسمبر    جامعة سوهاج تبدأ في استلام أجهزة الحضانات لمستشفى شفا الأطفال    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    ماجد الكدواني يواصل التحضير لمسلسل «سنة أولى طلاق»    كأس إيطاليا.. موعد مباراة يوفنتوس ضد أودينيزي والقناة الناقلة    قافلة «زاد العزة» ال 85 تدخل إلى غزة محملة بآلاف من السلال الغذائية    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    تشكيل هجومي للكويت أمام منتخب مصر    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    حبس عامل مدرسة بالإسكندرية 15 يومًا بتهمة الاعتداء على 4 أطفال في رياض الأطفال    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    نائب وزير الإسكان يجتمع مع وفد البنك الإفريقي لمتابعة تنفيذ مشروع الصرف الصحى بالأقصر    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل جديد لوظائف بدولة الإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاجومي شاعر يعشق الحياة وينحاز للثوار !
نشر في آخر ساعة يوم 21 - 06 - 2011

حالت ظروفي دون حضور العرض الخاص لفيلم الفاجومي، وفضلت أن أشاهده في إحدي دور العرض القريبة من منزلي، وكان عدد الحضور يزيد علي توقعاتي،وخاصة بعد موجات التخويف من البلطجية الذين يملأون الشوارع، وغياب الأمن، وغيرها من الأقاويل التي يرددها البعض ليبث الرعب في قلوب الناس، لمنعهم من مغادرة منازلهم إلا في أضيق الحدود، لكن علي مين، فالناس تملأ الشوارع وتذهب إلي حيث تريد، وكانت القاعة التي تضم أكثر من شاشة بها أعداد معقولة من الرواد، مع الوضع في الاعتبار أننا في عز موسم الامتحانات، ومعظم الأسر المصرية "ملهية"لشوشتها في الاستعداد للثانوية العامة، الذي يفوق استعدادنا جميعا للانتخابات القادمة! وطبعا يجب أن تتوقع أن جمهور فيلم الفاجومي له طبيعة خاصة، فهو جمهور لايبحث عن فيلم فيه كام إفيه بايخ، ولابطل يقفز من فوق أسطح المنازل دون أن تنكسر رقبته، ولاممثلة تقترب من الخمسين، وتحاول جذب الجماهير بخلع كل مايمكنها خلعه من ملابسها! إنه فيلم لجمهور يحب السينما ويحترمها،وقد ساقتني الظروف للجلوس جوار عائلة من خمسة أفراد، بين سن الثلاثين والستين، وكنت أستمع دون قصد مني لبعض تعليقاتهم التي تدل علي الدهشة الشديدة من التطابق بين مايحدث علي الشاشة ومايحدث في واقعنا المعاصر، رغم أن أحداث الفيلم تتحرك في سنوات الستينيات والسبعينيات وقليل من الثمانينيات، وتقفز دون أن ندري إلي الزمن الحالي فنشعر وكأن الزمن لم يتغير بنا خلال أكثر من أربعين سنة، فما كنا نعاني منه في الستينيات لايختلف كثيرا عما قاسيناه في التسعينيات وحتي لحظة خلع مبارك من حكم البلاد بعد ماظن أنه سوف يستمر جاثما علي صدورنا إلي أبد الدهر، وكمان كان في نيته توريثنا إلي إبنه وربما إلي حفيده أيضا!
التاريخ يعيد نفسه، بتكرار وملل وسخافة أيضا، منذ أن ابتلانا الله بحكم العسكر وحتي يومنا هذا، وماكان يقاسيه المثقف المعارض لسياسة عبدالناصر، من اعتقال وضرب وسحل وإهانة، يتكرر في عصر السادات وفي عصر مبارك، وكأن المواطن المصري مكتوب عليه البهدلة ياولدي في كل العصور والأزمنة التي تمجد حكم الفرد! ورغم أن هذا البلد مر عليه الكثير من الشرفاء المعارضين الذين فضلوا مقاومة الظلم والفساد،عن التحالف مع قوي البغي ونيل المكاسب والمزايا، إلا أن أصواتهم كانت أضعف من أن تصل للحكام، وهرموا وماتوا قبل أن تتحقق غايتهم ، وهذا يدفعنا أو يجب أن يدفعنا إلي الإحساس بالفخر فعلا لأننا لأول مرة في تاريخنا المعاصر ننجح فعلا في إقصاء الحاكم الطاغية، ونخرجه من جنته هو وعائلته وعصابته، ونلقي بهم في السجون انتظارا لمحاكمات عادلة نرجو ألا يطول فترة انتظارنا لنتائجها!
شعرت بسعادة شديدة وأنا أشاهد فيلم الفاجومي وأتابع جنازة عبدالناصر، التي شارك فيها الملايين الذين خرجوا لوداعه يبكونه ويبكون أنفسهم وأحلامهم التي ضاعت بعد نكسة يونيه، وعلينا أن نعترف أن حكم عبدالناصر كان له بعض المزايا، وقفز ذهني للجنازة العسكرية المهيبة للرئيس الأسبق أنور السادات، الذي اغتيل علي يد أعضاء من منظمات اتخذت من الدين شعارا، وسبب سعادتي الشديدة أنني أصبحت علي يقين أن ثورة يناير لم تفلح فقط في خلع مبارك من عرش مصر، بل حرمته من جنازة شعبية محتملة، لو أنه كان قد فارقنا بالمعروف وهو لايزال في السلطة! الآن أصبح الأمر كعشم إبليس في الجنة، ولو زاره الموت اليوم أو غداً أو بعد غد أو في أي يوم قادم فسوف يعامل مثل أي سجين مات، ولن يخرج في جنازته أقرب الناس إليه لأنهم جميعا في سجن طره، ولن يودعه إلا شعبه المنتصر ليس من باب الشماتة، لاسمح الله ولكن حتي يطمئنوا أنه قد دخل قبره ولن يخرج منه، إلا لحساب ربنا،الذي لم يفكر يوما في مواجهته!
أعتذر لأني لم أدخل في موضوع فيلم الفاجومي ولكن ليس ذنبي أن أحداثه بتخبط وتتلاقي مع أحداث الحاضر، وخاصة وأن أشعار أحمد فؤاد نجم التي امتزجت بموسيقي الشيخ إمام بدت وكأنها تتحدث عن أناس نعرفهم وأحداث عاصرناها خلال الثلاثين عاما الماضية، رغم أنها في الحقيقة قد كتبت في زمن يسبق مانعيشه بربع قرن علي الأقل، وشعرت وكأن قصيدة جيفارا مات قد قيلت بعد استشهاد خالد سعيد، وغيره من شهداء يناير، وقصيدة يناير كأن نجم قالها في ميدان التحرير في يوم 52 يناير، فيلم الفاجومي أول فيلم مصري يحتفي بشاعر ويجعل كلماته أروع من أي حوار، من أهم شخصيات الفيلم خالد الصاوي الذي قدم الشخصية الرئيسية، الذي يجمع بين كل المتناقضات، فهو شاعر سياسي مهموم بقضايا وطنه، وفي نفس الوقت هو رجل يعشق مذاق الدنيا وخاصة النساء والحشيش ،ويعيش بلاقيود،رغم أنه قضي نصف سنوات شبابه في المعتقلات! عاصر حلم عبدالناصر وانكسر مع إنكسار هذا الحلم، وعاصر سنوات حكم السادات، وخرج في مظاهرات تطالب بالحسم وضرورة الحرب لرد الإهانة والعار الذي لحق بالجيش المصري بعد نكسة يونيه، وكان نتيجة ذلك رميه في المعتقل بعد تعذيبه وضربه،حاول نظام عبدالناصر أن يستقطبه ولما فشل حاربه هو ورفيق دربه الشيخ إمام، ومنعت أجهزة الاعلام الرسمية تداول أغنياته وحاربته في رزقه وقد ذاع سيطه وانتشرت أغنياته وتخطت حدود مصر إلي كافة الدول العربية! وسوف يكون الفاجومي درة أعمال خالد الصاوي لسنوات قادمة!
قدمت جيهان فاضل دورا يؤكد موهبتها وشجاعتها فهي تقدم شخصية حورية"أم آمال" وهي سيدة شعبية مطلقة ،ترتبط بعلاقة خاصة مع الفاجومي، تحبه وهي تدرك أن علاقتها به مكتوب عليها الفشل، تتطور الشخصية بعد أن ترتدي ابنتها الحجاب في سنوات السبعينيات وتتزوج من شاب ينتمي إلي جماعات دينية، وهي مقدمة لاستسلام المجتمع المصري للتيارات الدينية المستوردة من الخليج علي الطريقة الوهابية! وهو مايدخلها في صدام مع الحكومات المتعاقبة!
صلاح عبدالله في شخصية الشيخ إمام، المغني والمطرب الكفيف الذي استطاع بموسيقاه التي عانقت أشعار أحمد فؤاد نجم أن يحلق في سماء الشهرة والمجد، وهو الصديق اللدود الذي قد يندفع تجاه مصالحه الشخصية، طمعها في بعض المكاسب المادية فيصطدم بمبادئ نجم ويدب بينهما الخلاف، وسرعان ما يعود بينهما الوئام والمحبة والمصلحة أيضا!
الفاجومي لايقدم حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم فقط،ولكنه مسح واستعراض لأهم الأحداث التي مر بها المجتمع المصري خلال النصف قرن الأخيرة بداية من قيام ثورة يوليه، وحتي منتصف الثمانينيات، مع القفز إلي ثورة يناير التي كانت التطور الطبيعي لكل الانتفاضات الشعبية السابقة! صوت أحمد سعد وموسيقي شريف محروس ومونتاج معتز الكاتب وتصوير محمد شفيق وسيناريو عصام الشماع مع أداء خالد الصاوي وصلاح عبدالله وجيهان فاضل سيمفونية سينمائية بديعة في زمن شحت فيه الأفلام الجميلة!
مع الفاجومي يبدأ عصام الشماع رحلته الحقيقية ليضع اسمه بين أهم مخرجي السينما المصرية في الوقت الحالي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.