البابا شنودة وخلفه هانى عزيز قبل أن يتبرأ منه!!! إعلانات الكنيسة في اجتماعيات الصحف اليومية بشكل عام قليلة، وغالبا ما تتعلق بشلح »طرد« كاهن أو قسيس بسبب سوء سلوكه وتحذير الناس من التعامل معه بصفته »الكنسية«، لكن »الشلح« هذه المرة والذي نشر في الاسبوع الماضي جاء مختلفا عن أي مرات سابقة، فالمعلن هنا علي رأس الإعلان هو البابا شنودة الثالث نفسه ضد أحد المدعين عليه!!! أعلن البابا شنودة أن هاني عزيز (الذي كان قريبا من دائرته علي مدي ثلاثين عاما) ليس مستشارا له ولا متحدثا باسمه بأية صفة، وذلك ردا علي تصريحات منسوبة في بعض الصحف ذكر فيها لقب أنه مستشار البابا وذلك بطريقة لا ترضي عنها الكنيسة!!! والإعلان المنشور بهذه الصيغة »التحذيرية« له أكثر من دلالة وعلامة ومضمون لأن بطل قصتنا كان كما قلت قريبا جدا من البابا، وتراه دائما يسبقه في أي مكان يقصده لمناسبة.. أوحتي زيارة.. سواء كانت رسمية.. أو ودية!!! لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الموضوع المثير: إذا كان السيد هاني عزيز لايحمل أي رتبة أو صفة أو لقب أو وظيفة داخل الكنيسة المصرية، فعلي أي أساس كان البابا شنودة يسمح له بالاقتراب من دائرته والظهور معه طوال السنوات الطويلة الماضية؟!! وإن لم تخُني ذاكرتي فإنني أستطيع أن أرصد المرات التي شاهدت فيها السيد هاني عزيز في معية البابا شنودة، وكان منها زيارة البابا لنقابة الصحفيين منذ حوالي 52 عاما، وكان برفقته عدد من القساوسة الذين يرتدون الأزياء الكنسية السوداء بينهم هذا الشاب الممتلئ الجسم الثقيل الوزن الذي يرتدي الملابس المدنية »هاني عزيز«. ومرة أخري من حوالي عشرين سنة بسرادق العزاء بمسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، عندما قدم نفسه لأستاذي وجدي قنديل أنه ينقل مواساة البابا في مصابه المرحوم أشرف إيهاب حشيش (إبن السيدة زوجته) وأتذكر أنه جاء مقعده بجواري. ومرة ثالثة من حوالي عشر سنوات بدعوة من »الليونز« في القاعة الرئيسية بفندق النيل هيلتون بالدور الأول عندما دعوا البابا شنودة لإلقاء محاضرة علي غذاء عمل، وجاء هاني عزيز قبل وصول البابا بحوالي نصف ساعة، ولاحظته يتفقد المكان ويتحدث مع المنظمين للندوة، وعندما وصل البابا واعتلي المنصة لم يجلس بجواره السيد هاني عزيز كمستشار ولم يدع في الحقيقة ذلك أمامنا وإنما جلس علي طاولة جانبية مثل أي مدعو آخر!! وفي نظري يعتبر هاني عزيز أحد فلول الحزب الوطني المنحل، فقد كان يرسل للصحف القومية مقالات له تنشر تحت مسمي: عضو لجنة العلاقات الخارجية بالحزب الوطني الديمقراطي، وبعد ثورة 52 يناير سحب بالطبع هذا العنوان، وأعتقد أنه سحب كل كروته الشخصية التي كان يهديها لمعارفه، وأصبح اللقب الآخر البديل هو: أمين عام جمعية محبي السلام، وكأن هناك من أبناء هذا الشعب كارهين للسلام، فأراد سيادته تعزيز قيمة السلام . وفي فترة زمنية محددة، وخصوصا أيام عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة كان السيد هاني عزيز يقدم نفسه (مستشار الاتحاد العام للمصريين في الخارج) رغم أنه كان يقيم في »الداخل« ولا علاقة له بمشاكل وحلول أبناء مصر المهاجرين أو المقيمين أو العاملين خارج الحدود.. ومن الذي نصبه في هذا الموقع أصلا؟ يفسر البعض أن كل هذه الألقاب قد تخدم دائرة اهتماماته الأساسية وهي مجال »البيزنس« ولذلك أُلاحظ أن كل اتجاهاته هي الأعمال الاجتماعية،ولا يهتم أصلا بالقضية القبطية، لكن قارئنا قد يندهش مثلي عندما يقرأ أنه قد صدر ضد هاني عزيز 62 حكما قضائيا لإصداره شيكات بدون رصيد، ومصدري في ذلك مانشرته عدة صحف ومواقع إلكترونية وأبرزها جريدة »الفجر« التي يرأسها صديقي »الكاتب الكبير عادل حمودة«!!! لكن الغريب والمثير فعلا أن البابا شنودة الثالث يعلم تماما شخصية السيد هاني عزيز، والذي لا يحمل أي توصيف رسمي داخل الكنيسة.. ومع ذلك لم يعترض علي الاقتراب منه طوال ثلاثين عاما، بل إمعانا في إهانته كما جاء في الإعلان وصف تصريحاته بأنها تتم بطريقة لاترضي عنها الكنيسة، وهذا في حد ذاته يمثل غضبا كاملا من البابا علي تابعه، والذي لم يستخدم أبدا الرأفة معه، فقد كان بإمكان البابا شنودة الثالث لو كان حريصا علي عدم جرح مشاعر السيد هاني عزيز أن يستدعيه شخصيا ويوجه له اللوم أو العتاب علي تصرفاته وسلوكه الذي يغضبه، أو كان باستطاعة البابا أن ينشر إعلانا عاما ينفي أن يكون له أي مستشار، دون تحديد أسماء إلا أن إصرار البابا شنودة علي نشر إعلان بارز يعلن فيه »بالاسم« أن الأستاذ هاني عزيز ليس مستشارا له، ولا متحدثا باسمه بأية صفة، يمثل إهانة بالغة، وله أكثر من دلالة ومعني، ولا أدري سر هذه القسوة التي ظهرت فجأة من ثلاثين عاما كان خلالها من أقرب المقربين إليه!!! والغريب أن هاني عزيز (والتي لاتخلو صفحات الوفيات من مشاطراته وعزائه لأصحاب المناصب والنفوذ في عزيز لديهم مهما كانت صلة ودرجة المتوفي بهم) قد رد علي إعلان البابا شنودة بطريقة يحسد عليها وعملا بتعليمات السيد المسيح (عليه السلام) والتي تقول إذا صفعك أحد علي خدك الأيمن فأعطه الأيسر.. عندما أصدر بيانا في اليوم التالي لصفعة البابا، وقال فيه: لقد نفيت مرارا وتكرارا أنني أعمل مستشارا للبابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية!!! والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل من الممكن علي شخصية بحجم البابا شنودة والمعروف عنه ذكاؤه ودهاؤه أن يحذر الرأي العام من شخص بعينه بأنه لايعمل مستشارا له ولا متحدثا باسمه بأي صفة، من تلقاء نفسه؟!!.. لابد أنه جني من ورائه الكثيرمن المتاعب والمشاكل التي يعرفها هو شخصيا بالتفصيل، ولا نعرفها نحن إلا بالاستنتاج والتخمين وضرب الودع!!! وليتفرغ السيد هاني عزيز في المرحلة المقبلة للعمل الاجتماعي بصفته أمين عام جمعية محبي مصر السلام، وليس ممثلا للكنيسة، ولا مستشارا لقداسة البابا شنودة أو متحدثا رسميا باسمه.. فذاك أفضل جدا!!!