أطفال الشوارع.. قنبلة موقوتة تهدد المجتمع الفقر والطرد ومشاكل الأسرة وراء الظاهرة نصت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أجيزت عام 9891 لكي تجمع في وثيقة واحدة جميع الحقوق الإنسانية التي يجب أن يتمتع بها كل طفل دون أي تمييز وفي كل مكان في العالم وراعت أن تشمل كل الحقوق لرعاية صحية وتعليمية وثقافية مع الاهتمام بالأسرة ذات المشاكل والتي تعاني الفقر وقد وقعت معظم دول العالم علي هذه الاتفاقية.. وبقيت ظاهرة الأطفال بلا مأوي الذين يتخذون من الشوارع مأواهم وتقدر منظمات الأممالمتحدة عددهم ب 051 مليون طفل بالعالم. ومع تأكيد تقارير الأممالمتحدة بتزايد أعداد هؤلاء الأطفال رغم اهتمام الحكومات والجمعيات الأهلية فكان التعرف علي الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة أساسا لما دعت إليه رابطة المرأة العربية برئاسة الدكتورة هدي بدران إلي إسناد إعداد دراسة أطفال الشوارع في مصر الأسباب الرئيسية والتكلفة الاقتصادية للدكتورة كريمة علي كريم أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر. وقد حددت أهداف الدراسة بهدفين الأول استعراض الخصائص بهدف الوصول إلي عوامل الطرد للأطفال إلي الشارع والثاني بتقدير التكلفة الاقتصادية الخاصة بما يضيع علي الفرد نفسه وأسرته من مكاسب عندما يتركها ودراسته ويتجه إلي السرقة والنصب وتعاطي المخدرات وقالت الدكتورة هدي بدران في تصديرها لهذه الدراسة: إنها تعبير عن اهتمام الرابطة بهذه الظاهرة بشكل عام ولإضافة بعد جديد للدراسات السابقة حولها وتقدم الدراسة عرضا وتحليلا للتكلفة الاقتصادية وركزت علي النواحي الاجتماعية. طفل الشارع حددت الدراسة أربع فئات تتفق كلها في خاصية بقاء الأطفال بالشارع لفترات طويلة وتختلف فيما بينها في علاقتهم بأسرهم وهم الأطفال الذين يمضون اليوم وبعض الليالي في الشارع ويقومون بأعمال هامشية مثل مسح الأحذية والتسول وبيع مناديل الورق ويقضون الليل مع أسرهم الأطفال الذين يمضون اليوم وبعض الليالي في الشارع ويعودون لأسرهم كل عدة أيام لتمضية ليلة لكي يظل علي علاقة بأسرته. أطفال يقضون أيامهم بالشوارع ويبيتون في دور إيواء أو مؤسسات حكومية وأهلية وقد يزور البعض منهم أهله كل فترة من الزمن والفئة الرابعة وهي أسوأ الحالات وتشمل الأطفال الذين يعيشون الأيام والليالي في الشارع وينامون في الحدائق أو تحت الكباري أو محطات القطار وهؤلاء لاتوجد بينهم وبين أسرهم أي علاقة وهم أكثر عرضة للمخاطر. استخلصت الدراسة من خلال البحث الميداني أن 63٪ من الأطفال لم يلتحقوا بالمدرسة و46٪ منهم التحقوا ولم يكملوا تعليمهم وتركوا الدراسة وهم لايعرفون القراءة ويبلغ معدل الأمية بينهم إلي 76٪ وشكل مكان المعيشة السبب الثاني للهروب للشارع حيث يعيشون في أسر ذات حجم كبير بعضها يقيم في شقة صغيرة أو في حجرة أو حجرتين في شقة مشتركة.. وأن الأطفال الذين تركوا الدراسة دون إكمال تعليمهم كان بناء علي رغبتهم أو برغبة من الأهل وقد بلغت نسبة أطفال الشوارع الذين كانوا يعملون قبل نزولهم للشارع 55٪ وكان نصفهم يحققون دخلا كافيا بناء علي تقديرهم و08٪ منهم كانوا لايحتفظون بالدخل لأنفسهم ويعطون جزءا لأسرهم وتأكد من الدراسة أهم أسباب الهروب هي عنف أحد الوالدين في التعامل معهم بسبب انفصالهم أو هربا من تحكم الوالدين أو بطرد من الوالدين ويري الأطفال أن الأسرة كانت هي سبب نزولهم للشارع. أبعاد الظاهرة تهدف الدراسة لإلقاء الضوء علي أبعاد الظاهرة علي المستوي القومي من حيث حجمها النسبي ومقارنة خصائصها وللأسف لاتوجد بيانات رسمية عن عدد أطفال الشوارع في مصر لأسباب أهمها حساسية الأسر في عدم الإفصاح عن وجود أولاد لها بالشارع وقد أوضحت الدراسة ماذكرته صحيفة »كاتلونيا« الأسبانية والمستمدة من تقرير منظمة اليونيسيف إلي أن هناك مابين 006 ألف طفل ومليون يعيشون .. وجاءت نتيجة للعينة التي شملها البحث الميداني للدراسة أن نسبة الأمية بين أطفال الشوارع تزيد علي ثلاثة النسبة علي المستوي القومي وأمية والديهم 5.2 مثل بالنسبة للآباء وتزيد عنها في الأمهات.. ولقد وجد أنه توجد علاقة مباشرة قوية بين الفقر وكبر حجم الأسرة وأن هذا الطفل ينظر إليه علي أنه مصدر دخل كما أن نسب الطلاق بين أسر أطفال الشوارع تزيد كثيرا عن نظيرتها إضافة إلي أن التنشئة الاجتماعية في كثير من الأسرة الفقيرة والتي تقيم بالعشوائيات تفتقر إلي الأساليب السلمية في تربية الأطفال نتيجة لانخفاض الوعي وبالتالي فإن مجموعة من العادات والتقاليد تحكم العلاقة الاجتماعية داخل هذه الأسر مما يشكل مجتمعا شبه منفصل عن المجتمع المصري فعادة ما تستخدم هذه الأسر العقاب البدني والسب والشتائم وهذه الطبقة هي غالبا ما تفرز أطفال الشوارع وسلوكهم الانحرافي الذي لايتأتي من وجودهم بالشارع لأنه نتيجة مجموعة من القوي الثقافية للبيئة الاجتماعية التي أتوا منها فقد اتجه عدد من علماء الاجتماع والسلوك الإجرامي إلي تأكيد العلاقة بين الأحياء الفقيرة والانحراف علي أعتبار أن السلوك المنحرف هو نتيجة لمجموعة القوي الثقافية التي ينطوي عليها المجتمع. مقترح وخلاص طرحت سؤالا حول مايمكن عمله لتخفيف هذه الظاهرة وكانت الإجابة بالوصول لبعض المقترحات التي يمكن تحقيقها علي الأجلين الطويل والمتوسط وتتلخص في مكافحة عوامل الطرد والفقر ويتبعها التخلص من العشوائيات أو علي الأقل الحد منها بتحسين مستوي المعيشة ومن الأسباب الهامة أيضا زيادة التوعية للأسر والأفراد لنبذ العنف في التعامل مع الأطفال عن طريق وسائل الإعلام وخاصة التليفزيون.. والثانية تأتي عن طريق خطب ووعد رجال الدين في الجوامع والكنائس لأن لهما تأثيرا ملموسا مع انتشار الأمية وانخفاض مستوي التعليم.. وتوسيع دائرة المعرفة لأسر أطفال الشوارع بما ينتظر الأطفال بالشارع من التعرض للعدوي بأمراض معدية والحبس والعنف والمخاطر المتوقعة بهدف تخويفهم من هذا المجهول المتربص في الشارع ولعل هذا يخفض من عدد الأطفال الذين يلجأون للشارع كوسيلة للهرب من المشاكل الأسرية ويشجع الموجودين فيه للعودة لأسرهم.