التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    ضربة لترامب، قرار قضائي بعدم قانونية نشر الحرس الوطني في واشنطن    على طريقة استسلام ألمانيا، تفاصيل أبرز بنود الخطة الأمريكية للسلام في أوكرانيا    إحالة المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية للمحاكمة الجنائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    عازف البيانو العالمي لانج لانج: العزف أمام الأهرامات حلم حياتي    أحمد السقا ومحمد رمضان يغنيان ويرقصان في حفل توزيع جوائز "ذا بيست" بالأهرامات (فيديو)    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    الكويت تدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وتدعو لتحرك دولى عاجل    حكام مباريات السبت في افتتاح الجولة الرابعة عشرة بالدوري المصري    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    البابا في احتفالية "نيقية.. إيمان حي": العروض كشفت جمال التاريخ ودورنا في حفظ الوديعة التي سلّمها القديسون عبر العصور    بدء التصويت بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في نيوزيلندا    سلام أم استسلام.. تفاصيل الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.. رفع العقوبات عن روسيا.. عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.. إجراء انتخابات أوكرانية.. وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة موسكو    زيلينسكي يؤكد دعم أوكرانيا لمبادرة السلام الأمريكية    بعد علاقة دامت 10 سنوات، إعلان موعد زواج النجمين شين مين آه وكيم وو    حماس تتهم إسرائيل بدفع الخط الأصفر غربًا ونزوح واسع    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    وزير السياحة يتابع الاستعدادات النهائية لتشغيل منظومة التأشيرة بالمطارات    مصرع 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    مصرع شخص وضبط 2 آخرين في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بقنا    مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع بدعم نتائج إنفيديا    دعما للمنتخبات الوطنية.. وزير الرياضة يلتقي هاني أبو ريدة في مقر اتحاد الكرة    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    أشرف زكى يشيد بحفاوة استقبال سفير مصر فى عمان خلال مشاركته بمهرجان الخليج    نقابة المهن التمثيلية تحذر من انتحال اسم مسلسل كلهم بيحبوا مودى    شريهان أبو الحسن تفوز بجائزة أفضل مذيعة منوعات عن برنامج ست ستات على قناة DMC    ستاد المحور: الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القهوة.. عشق صوفي
نشر في آخر ساعة يوم 08 - 08 - 2016

لم تدخل القهوة القاموس المصري بين يوم وليلة، إذ كافحت طويلاً حتي وصلت إلي عرش المشروب الرسمي لتعيد رسم المشهد الثقافي في القاهرة علي جميع المستويات لقرون عدة، فالقهوة لم تكن يوماً بالمشروب العادي، بل إنها ضمت الكثير من القصص والحكايات التي تكشف عن تطورات المجتمع المصري علي مدار ستة قرون تقريباً، شهدت البلاد خلالها تغير الحكام وتبدل العباد وانقلاب الأحوال.
بدأت علاقة المصريين بالبن منذ القرن الخامس عشر الميلادي علي وجه تقريبي، عندما اكتشف مشايخ الصوفية شجر البن في اليمن، وهناك بدأت التجارب علي استخدام النبتة الجديدة، والتي اكتشف أنها تنشط الذهن وتساعد في تحمل ساعات السهر طلباً للعبادة، لذلك أقرها الشيخ الصوفي العيدروسي علي أتباع طريقته، ثم انتشرت في جميع بلاد اليمن، والتي كانت خاضعة حينذاك لسيادة الدولة المملوكية في مصر، فكان من الطبيعي أن انتشر تناول البن في أرجاء الإمبراطورية المملوكية بما في ذلك مصر والحجاز والشام، ومنها انتقل شرب القهوة إلي الدولة العثمانية بعدما ضم السلطان سليم الغازي معظم هذه الأقطار إلي دولته، ومن إسطنبول انتقل شرب القهوة إلي العالم كله، فرجال الصوفية هم من علموا العالم شرب القهوة، بعدما أصبحت من لوازم الصوفية، لأنها تساعدهم علي السهر وقيام الليل، وتنسب القهوة في بلاد الشام إلي الطريقة الشاذلية، فتسمي »شاذلية»‬، ويتم سكب الفنجان الأول من القهوة علي الأرض، باعتباره من نصيب مؤسس الطريقة الشاذلية.
ومع دخول البن إلي مصر علي ركاب الصوفية، بدأ المشروب المعد منه يأخذ اسمه المميز؛ »‬القهوة»، وهي أحد أسماء الخمر في العربية القديمة، وتم استخدام أحد أسماء الخمر للدلالة علي مشروب البن، من باب التسمية بالأضداد كما جرت عادة العرب، بأن يطلقوا علي الشيء عكسه فيسمون الفتاة الجميلة ب»قبيحة»، وأسود البشرة ب»كافور»، لذلك أطلق علي مشروب البن »‬القهوة» لأنه يوقظ العقل علي عكس الخمرة التي تذهب به، فيما رأي البعض أن سبب التسمية يرجع إلي أن معني قها في اللغة فقدان الشهية، وهو الأثر الذي تشترك فيه القهوة والخمرة لمن يتناولهما.
ومع انتشار شرب القهوة في مصر المملوكية، بدأت المحال التي تستضيف محبي المشروب الجديد، والذي كان يقدم عادة مع النرجيلة، وسرعان مع دعيت المحال ب»المقاهي»، وهي التسمية التي انتقلت إلي الأناضول العثمانية، لكن انتشار المشروب في القرن الخامس عشر الميلادي فجر الخلافات والنقاشات الحادة بين الفقهاء حول مدي مشروعية تناول القهوة، وهو ما دفع بعضهم إلي تأليف الكتب التي تدافع عن مشروعية مشروب القهوة وأخري تدفع بحرمانية تناوله، وكان من الطريف أن ظهر وسط هذا الجدل حديث منسوب إلي النبي صلي الله عليه وسلم، يذهب إلي أن »‬من شرب القهوة يحشر يوم القيامة ووجه أسود من أسافل أوانيها».
ويذهب محمد الأرناؤوط في كتابه »‬من التاريخ الثقافي للقهوة والمقاهي» إلي أن أول صدام حول مشروعية شرب القهوة بدأ في مكة المكرمة، عندما عين السلطان المملوكي قنصوه الغوري خاير بك ناظرا علي الحسبة في مكة المكرمة العام 1511، ووصول الأخيرة من القاهرة إلي مكة في وقت كان يتم الاحتفال فيه بالمولد النبوي الشريف، ووجد أن الجماعات الصوفية تتناول مشروب القهوة بكميات كبيرة في هيئة السكر، إذ كانوا يتبادلون الشرب من كأس ضخمة مليئة بالقهوة، فسأل خاير بك عن فعلهم هذا، فقالوا له إنهم يشربون القهوة، وحكوا له عن طريقة صناعتها من حب البن، وأن القهوة أصبحت منتشرة في مكة وصار البن يباع في شوارعها في أماكن علي هيئة الخمارات ويجتمع عليها بعض الناس بشكل مخالف للشريعة المطهرة.
وعلي الفور جمع خاير بك مشايخ الإسلام في مكة لتدارس أمر القهوة، وعندما دافع شيخ الشافعية في مكة الشيخ نور الدين، تم تكفيره من قبل بقية المشايخ، الذين أفتوا بأن تناول القهوة حرام شرعاً، وأرسل خاير بك رأي علماء مكة إلي القاهرة، لكن السلطان الغوري الذي اجتمع بكبار مشايخ الإسلام في القاهرة، وصلوا إلي نتيجة مخالفة لرأي علماء مكة، إذ تقرر أن شرب القهوة حلال لا إثم فيه، وأن الحرام يتعلق فقط بالمظاهر المصاحبة لتناول القهوة من تشبه بمن يشرب الخمر، ويري الأرناؤوط أن هذه الفتوي التي انتصرت للقهوة، كانت السبب الرئيس في انتشار القهوة في مصر ومنها إلي العالم كله.
ويري الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، أن انتشار القهوة جاء بجهود مصرية خالصة فعن طريق مصر انتقلت فنون شروب القهوة إلي أرجاء الدولة العثمانية كلها، وعبر العلاقات التجارية بين مصر والمدن الإيطالية بدأت تنتقل فنون شرب القهوة إلي أوروبا، وأن مصر كانت تستورد القهوة من اليمن ثم تعيد تصديرها ومعها الإنتاج المصري من السكر إلي أوروبا، وأكد ل»آخر ساعة»، أن القهوة تحولت إلي طقس اجتماعي في مصر بعدما انتشرت المقاهي في جميع أرجاء القاهرة، وباتت الكثير من صفقات التجار تجري داخل المقاهي، بل وتحولت إلي مراكز ثقافية إذ شهدت تجمعات لأصحاب الربابة وخيال الظل ورواة السيرة الشعبية وهو ما ظل قائماً حتي القرن العشرين.
وأشار الدسوقي إلي أن القهوة كانت المشروب رقم واحد حتي القرن التاسع عشر، عندما بدأ الاحتلال البريطاني لمصر، والذي جاء بعادات جديدة، إذ فرض البريطانيون طباعهم وذوقهم علي المصريين، فالإنجليز يعشقون الشاي، وبدأوا في استيراد كميات كبيرة منه من مستعمراتهم في الهند، وهنا بدأت النخب المصرية في تقليد المستعمر ومحاولة التشبه بقادة الاحتلال الإنجليزي، فبدأ الشاي يغزو الأحياء الراقية أولاً ثم مقاهي الأحياء الشعبية في القاهرة، ومنها إلي الريف حتي أزاح الشاي القهوة من عرش المشروب الأكثر تفضيلاً عند المصريين بحلول منتصف القرن العشرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.