صيام الأطفال يعتمد الإسلام أسلوب التدريج لإقناع الأطفال بأداء الفروض الدينية، ويعتبر أداء فريضة الصوم من الفرائض البدنية التي تحتاج إلي تعود منذ سنوات مبكرة، وهو أمر تعرضت له الكثير من الأحاديث النبوية التي وضعت قواعد واضحة لكيفية التعامل مع الأطفال في مثل هذه المسائل من منطلق الحديث النبوي الشريف "رفع القلم عن ثلاثة؛ عن النائم حتي يستيقظ، وعن الصبي حتي يبلغ، وعن المجنون حتي يعقل"، فالطفل لا فرض عليه وإنما يتم إقناعه بالفرائض بوسائل عدة لإعداده لما هو مقبل عليه. والسن التي يُبدأ بتعليم الأطفال الصيام فيها هي سن الإطاقة للصيام، وهي تختلف باختلاف بنية الولد، وقد حدَّدها بعض العلماء بسن العاشرة، وقال الإمام الأوزاعي: "إذا أطاق الطفل صوم ثلاثة أيام تباعا لا يخور فيهن ولا يضعف حُمِّلَ صومَ شهر رمضان". فالمقياس هنا هو الاستطاعة فلا يشاق علي الطفل الصغير، ولا يمكن التشديد عليه اهتداء بسيرة أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم مع أولادهم، يأمرون من يطيق منهم بالصيام فإذا بكي أحدهم من الجوع دُفع إليه اللعب يتلهي بها، ولا يجوز الإصرار عليهم بالصيام إذا كان يضرهم بسبب ضعف بنيتهم أو مرضهم. والقاعدة هي أن يبدأ الطفل بصيام بضع ساعات من اليوم، ثم إذا تجاوب يبدأ في صيام المدة كاملة، لينطلق بعدها في صيام ما يقدر عليه من أيام الشهر، وصولا إلي صيام الشهر كله، مع الأخذ في الاعتبار أن شعور الطفل بالتعب والإرهاق يستوجب علي والديه أن يقدما له الماء والطعام فوراً. آداب الإفطار فرض الله الصيام على المسلمين لحكمة يريدها، لذلك تأتي لحظة الإفطار بعد صيام ساعات طويلة لحظة اختبار لما تعلمه المسلم من حكمة الصوم، وهنا يخطئ البعض عندما تغلبه شهوة الطعام فينقض على المائدة يأكل ما لذ وطاب حتى يصاب بالتخمة وتضيع عنه حكم الصيام، لذلك جاءت السنة النبوية لتوضح لنا آداب الجلوس على مائدة الإفطار في شهر رمضان الكريم. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد شرب ماء، وأنه كان يعجل الفطر فور غروب الشمس، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". ومن هذه القواعد النبوية يمكن أن نخرج بقواعد صحية فنبدأ الافطار ببعض التمر أو بمشروب سكري، وليكن مثلا الكركدية أو التمر الهندي بكميات قليلة لاتتجاوز النصف كوب، بعد ذلك القيام لصلاة المغرب، وهي فترة كافية لتنشيط المعدة، يمكن بعد ذلك تناول أي نوع من أنواع الحساء، ثم يمكن تناول الوجبة الرئيسية التى تحتوي على البروتينات والنشويات بكميات قليلة، ولاننسى السلطة لفوائدها الصحية، هكذا يمكن لنا أن نستفيد من الشهر الكريم صحيا ونفسيا. قواعد السحور "تسحروا فإن في السحور بركة"، هكذا قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، مبينا فضل السحور في شهر رمضان، إذ يقول "إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السّحر"، لذلك حض على السحور بأي شكل في قوله: "تسحروا ولو بجرعة ماء" و"نعم سحور المرء التمر". وتأتي الإشارات النبوية للحث على السحور من أجل إعطاء القوة الكافية للصائم من أجل أن يتقوى على العبادة ويقضي مصالحه وهو صائم دون أن يشعر بالتعب والإرهاق، ومع ذلك هناك قواعد واضحة لتناول السحور أهمها ألا يسرف الصائم في وجبة السحور، فيملأ بطنه بالطعام، بل يأكل بمقدار، فإنه ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بَطْنٍ، خاصة أن كثرة الأكل تورث الكسل والفتور. ويفضل تأخير وجبة السحور، إحياء لسنة رسول الله، ويفضل تناول النباتات الورقية كالخس والجرجير لاحتفاظها بالماء لفترة طويلة في الجهاز الهضمي، ومنتجات الألبان مناسبة للسحور كالزبادي والجبن الأبيض، وقليل من الأغذية السكرية كالعسل الأبيض والأسود، والبيض أو الفول بكميات قليلة. إخراج الصدقة يرتبط شهر رمضان الكريم بالرغبة في الإنفاق في وجوه الخير والصدقات والزكاة المختلفة، وقد حدد الله عز وجل مخارج الزكاة في قوله تعالى: }إنَّما الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{ التوبة:(60). ومن أهم شروط أداء الصدقة والزكاة أن تكون خالصة لوجه الله، لا يشوبها رياء ولا سمعة، وأن تكون الصدقة من الكسب الحلال الطيب، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً، لقوله تعالى:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد{ٌ البقرة: (267). ويجب على المتصدق أن يبتعد عن المن والأذى وأن يتمسك بالبسمة في وجه المساكين والفقراء، لقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر{ البقرة: (264)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضوا مُصدقيكم"، ويفضل كثرة الإنفاق في أوجه الخير المختلفة طوال الشهر الكريم، فرسول الله كان أجود ما يكون في الشهر الكريم.