يعد النائب البرلماني السابق حمدين صباحي المرشح لانتخابات الرئاسة رمزا نضاليا ضد النظام السابق أخذ مقعده في صفوف المعارضة منذ أيامه الأولي في جامعة القاهرة، وواصل انحيازه للثوابت الوطنية وللطبقات الفقيرة منذ ذلك الوقت حتي يومنا هذا. وكان أحد السابقين إلي إعلان ترشحه للرئاسة قبل الثورة لطرح بديل شعبي لمشروع التوريث والتمديد فدخل في صراع مفتوح مع النظام الفاسد. "آخر ساعة" التقته وأجرت حوارا معه حول برنامجه الانتخابي وأبرز طموحاته وآماله ومشروعاته للنهوض بمصر ما بعد الثورة. ❊❊ طرحت اسمك كمرشح للرئاسة قبل الثورة هل تعد ذلك ميزة لك الآن. أعتبره ميزة نسبية فالمسألة معنوية فمن رشحوا أنفسهم قبل الثورة تحملوا المخاطر، ورشحوا أنفسهم أيام العسر وليس أيام اليسر. الآن الوضع مختلف حق الترشح مفتوح للمصريين جميعا. وكان الهدف من الترشح إبان سطوة النظام السابق السعي لإسقاطه، لذلك جاء طرح اسمي كمرشح شعبي لإرساء فكرة حق المصريين للترشح لمواجهة مشروع التمديد والتوريث وإسقاطه. ❊❊ ما هي أهم معالم برنامجك الانتخابي؟ قدمت الرؤية العامة لبرنامجي منذ اليوم الأول لترشحي، ونحن بصدد إضافات نأخذها من رأي الناس والمتخصصين والخبراء، حتي اكتمال رؤية برنامجي بشكل كلي بعد ثلاثة أشهر علي أقصي تقدير. الإطار العام لبرنامجي هو السعي لتحقيق نهضة كبري في مصر تنقلها من مصاف الدول النامية أو المتخلفة إلي واحدة من الاقتصاديات الكبري في العالم وأن تنضم للاقتصاديات الصاعدة التي كانت مثلنا وعندما انقطع مشروعنا للتصنيع والتنمية النهضوي ودخلنا في هذا التخندق داخل حدودنا والتبعية للمشروع الأمريكي فقدنا قدرتنا علي النمو والتنمية وتراجعنا. وعلينا لتحقيق ذلك أن نجعل مشروعنا القومي هو النهوض بمصر وجعلها من مصاف الاقتصاديات الكبري ، وهو مشروع يرتكز علي ثلاث ركائز، الأولي وهي الديمقراطية التي تضمن لجميع المصريين حقوقا متساوية في السلطة من خلال صندوق الانتخابات. الركيزة الثانية هي التنمية الكبري الطاغية التي يوزع عائدها بالعدل بين جميع المصريين فيعيد تشكيل الخريطة الاجتماعية لمصر فينقل أغلبية الفقراء من تحت خط الفقر إلي الطبقة الوسطي. الركيزة الثالثة هي استقلال القرار السياسي وهو ما يحتاج إلي سياسة خارجية مختلفة، هذا باختصار الإطار العام لبرنامجي الانتخابي. ❊❊ ماذا يقدم برنامجك للفلاح؟ اعترف بانحيازي الاجتماعي للفلاحين باعتباري ابن فلاح، ومنتصرا بشدة لفكرة إنقاذ الفلاحين من وضعهم الحالي فهم في حاجة لمبادرة وخطة جديدة تنهض بالزراعة تحدث تنمية ريفية، نحتاج لبعض القرارات لدعم الفلاح في مصر أولها إسقاط ديون الفلاحين لدي بنك التنمية كتشجيع لهم، وإنشاء صندوق وطني يقوم بشراء جميع الأراضي الزراعية المملوكة للمقيمين في المدن وتمليكها للفلاحين وتقسيط ثمنها علي ثلاثين سنة، دون إلحاق الضرر بملاكها الأصليين الذين سيتم تعويضهم علي أساس السعر الحقيقي للأرض. بالإضافة إلي إنشاء نقابة مستقلة للفلاحين في كل قرية يجمعها اتحاد عام للفلاحين المصريين يعبر عن هذه الطبقة الأصيلة يدافع عن مصالحها ويعمق مشاركتها الديمقراطية في صناعة مستقبل الوطن كله. ❊❊ وماذا عن العمال؟ يجب هدم الاتحاد العام للعمال ونقاباته الصفراء ونبدأ في بناء ديمقراطي لاتحاد العمال، ونقر مبدأ الحريات النقابية، ونعيد النظر في قانون العمل بشكل يحمي حقوق العمال في الوقت ذاته لا يكون كابحا للاستثمار ورأس المال، لكن هذا يحتاج إلي حوار جاد وحقيقي بين طرفي المعادلة وأن يجلسا علي مائدة حوار واحدة. لابد أن يكون هناك حد أدني للأجور ب0021جنيه لأن هدفنا من التنمية الصعود بال05٪ من الشعب المصري الموجودين تحت خط الفقر إلي الطبقة الوسطي، فعلينا أن نحترم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين وأن ننهي عصر القهر للفقراء. ❊❊ وما هو تصورك للتعليم والصحة؟ برنامجي يؤكد مجانية التعليم من الحضانة للجامعة لأن التعليم حق لجميع المصريين، لكن التعليم الحالي محتاج إلي إعادة نظر لإقامة نظام تعليمي جديد يعطي المصريين القدرة علي التفكير وحرية الرأي واحترام كافة الأديان، يدعم البحث العلمي وينميه، لذلك سيكون للتعليم جزء كبير من ميزانية الدولة لأن التعليم عائده مضاعف في خطة التنمية. أما الصحة فتحتاج لنظام علاجي متكامل لجميع المصريين تحت مظلة التأمينات الصحية بصورة تعيد للمصري كرامته. ❊❊ أطراف مصر بها الكثير من المشاكل هل يشكل هذا خطرا علي أمنها القومي؟ النوبة وبدو سيناء وأولاد علي لا خطر منهم علي أمن مصر، لأن لا نوايا لهم خارج مصر بالعكس هم مقمعون ومضطهدون، اعتبروا لفترات طويلة مواطنين من الدرجة الثانية، وهم لم يطلبوا الكثير كل ما يريدونه أن يعترف بهم كمواطنين لهم حقوق متساوية مع مواطني القاهرة، فهم يصونون مصر وعليها أن تصونهم، ودورهم في حماية أمن مصر مهم وهو الأهم. وهذا يستتبع ضرورة إعادة إحياء المشروع القومي لتنمية سيناء وفي القلب منه حق السيناويين في تملك الأراضي. أما أهالي النوبة فيجب أن يكون لهم نظرة خاصة لخصوصيتهم الثقافية والاجتماعية واحترام التنوع في مصر في إطار وحدتها استجابة حقيقية لمطالبهم وإنهاء معاناتهم الطويلة غير المبررة. ❊❊ برأيك أيهم أفضل لمصر النظام البرلماني أم النظام الرئاسي؟ النظام الرئاسي البرلماني -أقرب ما يكون للنظام الفرنسي- هو الأفضل علي أن يضمن توازن سلطات بين الرئيس والبرلمان، تقلص فيه سلطات الرئيس ولا تجعله نصف إله، مع إعطاء البرلمان سلطات رقابية حقيقية علي الرئيس مع إعطاء البرلمان حقا دستوريا في محاكمة الرئيس. ❊❊ هل سنشهد مرة أخري التداخل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية؟ رأينا جميعا كيف تغولت السلطة التنفيذية علي حساب السلطتين القضائية والتشريعية، فالقضاء كان استقلاله منقوصا ومجلس الشعب كان تابعا، لذلك سنعمل علي إقرار نظام قضائي مستقل استقلالا كاملا، ونريد مجلس شعب حر لديه سلطة رقابية حقيقية تمكنه من مراقبة الرئيس ومحاكمته أمام البرلمان وأمام الرأي العام وأمام القضاء. ❊❊ هل أنت مع محاكمة رموز النظام.. أم الاكتفاء باسترجاع الأموال المنهوبة؟ الشعب المصري أصدر حكمه السياسي علي النظام السابق بالإعدام، لكن المحاكمة ضرورة للعدل، وجزء أساسي من العدل هو محاكمتهم أمام القضاء العادي وإعطاؤهم كافة الضمانات وليس محاكمتهم أمام القضاء العسكري أو أمن دولة عليا طوارئ كما كانوا يفعلون معنا ومع معارضيهم، أمام القضاء ستتكشف جرائمهم وسينالون العقاب الذي يستحقونه. ❊❊ كيف تري نمو جماعة الإخوان في الشارع بعد الثورة؟ الإخوان قوة من أكبر القوي الوطنية حصلت علي شرعية حرمت منها لفترة طويلة، إلا أن حجمها النسبي تراجع بعد ثورة 52 يناير، لأن جماعة الإخوان تعد الأكبر حجما والأكفأ تنظيما فعند أي انتخابات كان يذهب حوالي أربعة ملايين ناخب منهم مليونان من الإخوان، الآن سيذهب ثلاثة ملايين من الإخوان إلا أن الذي سيذهب من الشعب الآن عشرون مليونا وهو ما يؤكد علي التراجع النسبي لقوة الإخوان. ❊❊ هل أنت من دعاة الدولة العلمانية أم الدينية؟ أدعو إلي دولة مدنية لا دينية ولاعسكرية، لا أدعو إلي دولة علمانية تفصل الدين عن الدولة مستمدة من النموذج الأوروبي ليس لها علاقة بتجربتنا، ولا للدولة الدينية التي يدعو لها البعض ولم يكن لها وجود طوال التاريخ الإسلامي، لذلك عندما نطالب بدولة مدنية يعني أن ينتخب الشخص من قبل المسلمين والمسيحيين علي أساس أنه الأقدر والأصلح للمنصب الذي يتقدم له لا علي أساس دينه. من جهة التشريع نحن أبناء الثقافة العربية الإسلامية التي صنعها المسلمون والمسيحيون وشارك فيها اليهود في بعض فتراتها عبر 41 قرنا هذه هي هويتنا عندما أشرع أكون منتميا لها ومعبرا عن قيمها، وهي قيم إنسانية راقية، فعندما أتحدث عن مبادئ الشريعة الإسلامية أتحدث عن الحق والتسامح والعدل والبر والإحسان ومكارم الأخلاق وهي مبادئ موجودة عند الإخوة المسيحيين، والتأكيد علي أن الدين لاعب أساسي في تكوين الشخصية المصرية وتجاهله خطيئة. ❊❊ كيف تري مستقبل المؤسسة العسكرية ووضعها في إطار الدولة المدنية؟ أري أن تكون مهمة الجيش واضحة ومحددة في مهمتين أساسيتين أولاهما حماية الأمن القومي للبلاد وسلامة أمنها، المهمة الثانية تتمثل في صيانة الدستور وحماية حق التداول السلمي للسلطة بمنع أي قوة من احتكار المشهد السياسي وتكون هذه السلطة بنص الدستور، وهي مادة يجب أن توضع في الدستور الجديد لتعطي الجيش حق حماية التداول السلمي وفي الوقت ذاته تمنع الجيش من التدخل في السلطة بشكل سافر. ❊❊ هل ستستخدم حقك الدستوري حال أصبحت رئيسا للجمهورية في تعيين نائب الرئيس؟ لا، لأنني أدعو إلي ضرورة أن ينتخب نائب الرئيس مع الرئيس في تذكرة انتخابية واحدة فأنا مع تعديل دستوري يسمح باختيار نائب الرئيس عن طريق الانتخابات المباشرة حتي لايكون هناك شبهة إكراه في اختيار نائب الرئيس. ❊❊ هل تري أنه قد حان وقت دخول مصر عصرالمشروع النووي؟ أنا مع مشروع مصر لإنتاج الطاقة النظيفة من الشمس والرياح، وهي مشروعات ستوفر العملة الصعبة لأن أوروبا ستستورد هذه الطاقة من مصر وقد أبدوا استعدادهم لذلك بالفعل. أما المشروع النووي فأري أن مصر لابد أن تبدا مشروعا سلميا خصوصا لتحلية مياه البحر لاستصلاح المزيد من الأراضي الزراعية. ❊❊ ما هو مستقبل العلاقة مع القارة الأفريقية؟ الحل بسيط وهو إذا عادت مصر إلي أفريقيا عادت أفريقيا لمصر،كانت المشكلة في الأساس نابعة منا فقد انقطعنا عن أفريقيا وبددنا ميراث الزعيم جمال عبد الناصر، وعاملناهم بغباء واستعلاء وأوجدنا عداوات. الاستقبال الحاشد للوفد الشعبي في أوغندا دليل علي قدرتنا علي استعادة دورنا، ولكن يجب أن نذهب إلي هناك لدينا مشكلة في منابع النيل إذا فلنذهب إلي هناك ونتحاور معهم لديهم مشاكل فلنسع لحلها ولنساعده علي التنمية من أجل تأمين احتياجات مصر من المياه، نريد استعادة قوانا الناعمة في أفريقيا وإعادة تفعيل دور الأزهر والكنيسة المصرية. ❊❊ ما هو موقفك من معاهدة السلام مع إسرائيل؟ لست مع معاهدة السلام لكن هذا لا يعني إلغاءها، فسياستي مع إسرائيل لا تسعي لزج مصر في حرب مع إسرائيل لأن معركتنا الرئيسية مع الفقر والفساد وتنمية مصر ولا تقبل بأن تكون مصر خداما لإسرائيل، لذلك سنحترم تعهدات مصر الدولية ومعاهداتها، والرأي للشعب إذا أراد أن يلغيها فليتقدم شخص بطلب عمل استفتاء علي المعاهدة. لكني سأقطع بالتأكيد الغاز عن إسرائيل وسنفتح المعابر ولن نغلقها أمام اي فلسطيني، ولن أكون جدارا عازلا، قوة مصر المعنوية والسياسية لن توظف علي موائد التفاوض لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية وسندعم المقاومة العربية المشروعة في جميع أنحاء العالم العربي كحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، ستلقي دعمي وتأييدي لأن هذا واجبي أن أدعم أمتي العربية المظلومة والتي أخذت منها حقوقها. ❊❊ هل سنري سياسة مصرية مختلفة حيال الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ نريد سياسة خارجية جديدة تعيد مصر لدوائرها الطبيعية ما يمكنها من أن تأخذ مواقف نابعة من مصلحتها، أول هذه الدوائر هي الدائرة العربية من خلال إقامة السوق العربية المشتركة والتوجه إلي إقامة الاتحاد العربي متجاوزين جامعة الدول العربية التي جاوزها الزمن وأصبحت عجوزا غير قادرة علي متابعة تطورات الأوضاع الأخيرة، لذلك ندعو إلي إقامة الاتحاد العربي علي غرار الاتحاد الأوروبي. والدائرة الإسلامية من خلال عمل مشترك بين القوي الرئيسية في العالم الإسلامي وهي الدول العربية ومصر في القلب منها وإيران وتركيا، ومن خلال هذا التعاون الثلاثي سيتم حل مشكلة أمن الخليج العربي من خلال المصالح المشتركة والتعاون وحماية الأمن المتبادل هذا التعاون الثلاثي سيكون قاطرة يشد خلفه العالم الإسلامي كله. عودة مصر إلي دوائرها الثلاث محصنة كقائد لمنطقتها العربية ورائد لقارتها الأفريقية ومنارة لعالمها الإسلامي، سيجعل لها هيبة دولية وسيمنع أي دولة أن تعامل مصر في إطار التبعية وعندها ستدرك الإدارة الأمريكية أن لدينا مصالح ونحن قادرون علي حمايتها ستغير من سياستها معنا ونؤكد علي شعار "ارفعي رأسك فوق إنت مصر" ❊❊ ما هو أول قراره ستتخذه حال انتخبت رئيسا؟ أول قرار سيكون تقليص ميزانية مؤسسة الرئاسة للربع للبدء في سياسة تقشف حكومي وإنهاء سياسة البذخ الحكومي.