عادل إمام لم يكن سقوطا لرئيس فقط، ولكنه كان سقوطا لفنان صدق زعامته من مسرحية كوميدية سخر خلالها من الدكتاتورية، ولكنه دعمها بكل ما يملك في الواقع ومن خلال تصريحات مستفزة لأقصي حد، وعلي طريقة »حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمني لك الغلط« ابتلع الجمهور خبرا غير صحيح عن الزعيم عادل إمام . فبينما يصور مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" انتشر بسرعة البرق خبر بدئه تصوير فيلم "الضربة الجوية" والذي كان مشروعا غير مكتمل المعالم في جهاز السينما ثم ألغي بعد الثورة التي كشفت حقيقة الرئيس السابق للجمهور .. نشر الخبر علي عدة مواقع بشبكة الإنترنت وانتشر بشكل عجيب علي المنتديات الخاصة بالجمهور ولعل الكسل المهني للصحفيين هو السبب الأهم لنشره علي المواقع الصحفية بينما يظل انتشاره علي المنتديات علامة استفهام تعيدنا إلي صورة عادل إمام لدي جمهوره والذي استقبل الخبر دون دهشة نظرا لمواقف الزعيم السابقة سواء تلك التي أعلن خلالها ولاءه المطلق للرئيس المخلوع أو لابنه أو التي هاجم خلالها شعب غزة الأعزل أثناء المجزرة الإسرائيلية في ديسمبر يناير 8002 9002 فضلا عن تصريحاته ضد مظاهرات يوم الغضب وهو ما شكل صورة جعلته علي رأس القائمة السوداء التي أعدها شباب الثورة علي موقع الفيس بوك للفنانين والمشاهير الذين رأوا في مواقفهم عدوانا علي الثورة تدور أحداث الفيلم في الفترة من1950حتي عام 1891 مستعرِضاً تدرُّج مبارك في القوات الجوية منذ تعيينه في العريش مارس0591. ويستمر الفيلم في سرد حياة مبارك الحربية حتي ترقيته إلي رتبة فريق عام 47واختياره كنائب لرئيس الجمهورية في أول أبريل 5791، وتولي مبارك الحكم. لكن يبدو أن ثورة 52يناير لم تكن مدرجة علي قصة الفيلم . يتشابه مشوار كل من عادل إمام والرئيس السابق في العديد من المحطات كما يلتقيان في العديد منها فقد لمع نجم الاثنين مع بداية ثمانينات القرن الماضي فبينما تولي مبارك الرئاسة بعد أن كان ظلا للرئيس السادات فإن عادل إمام بدأ مشوار النجومية المطلقة بعد مشوار طويل من أدوار السنيد والأدوار المساعدة. احتل عادل إمام عرش النجومية المطلقة بأدوار في أفلام محدودة القيمة لكنها حققت إيرادات نسبية حيث كانت التحولات الاجتماعية والاقتصادية في مصر تميل نحو أفلام من نوع "المتسول" و"كراكون في الشارع". وفي نفس الفترة لعب أدوارا أكثر جدية لينافس فيها ممثلي جيله المميزين أحمد زكي ومحمود عبد العزيز ونور الشريف، ووجد ترحيباً من النقاد في أفلام "الأفوكاتو" و"حب في الزنزانة". في بداية التسعينات أخذت أفلامه الصبغة السياسية الاجتماعية التي تعكس اهتمامات رجل الشارع العادي في المجتمع المصري والعربي بشكل كوميدي ساخر بفضل السيناريست وحيد حامد، والمخرج شريف عرفة. ارتبط ظهور عادل إمام بظهور طبقة الأغنياء الجدد الذين أطلقهم انفتاح السادات من الجحور ومواسير الصرف في سبعينيات القرن الماضي، ووصفهم عادل في حوار لمجلة »الوسط« عام 1989 بأنهم »عصب مصر.. الذين ينتجون ويستهلكون«. هذه الطبقة هي التي تكفلت بتمويل البنية الأساسية لنجوميته، وهي التي شجعته علي رفع أجره للمرة الأولي إلي ستين ألف جنيه بعد عرض فيلمه التافه »رجب فوق صفيح ساخن« الذي تجاوزت إيراداته المليون جنيه في يناير 1979. وفي التسعينيات، لم تعد الطبقة المتوسطة طرفاً في أي معادلة سياسية أو اقتصادية، فأصبح عادل يتحدث كثيراً عن »الناس الغلابة« وعن التزامه بالتعبير عن أحلامهم ورغباتهم، والدفاع عن حقوقهم في مواجهة خصميهما: الفساد والتطرف. وفي هذا السياق تحالف مع اثنين من أمهر صناع السينما في تلك الفترة: السيناريست وحيد حامد والمخرج شريف عرفة، وقدم ثلاثتهم عدداً من الأفلام المهمة: »اللعب مع الكبار« و»النوم في العسل« و»الإرهاب والكباب« و»طيور الظلام«. وفي النصف الثاني من التسعينيات هلت زوابع كوميديا جديدة، بممثلين جدد خرجوا غالباً من عباءة الزعيم، »محمد هنيدي والراحل علاء ولي الدين علي نحو خاص« سنيداً في أفلامه، وتقلص الهاجسان السياسي والاجتماعي في الأفلام إلي مستوي حرق علم إسرائيل، واقتحم المطربون بورصة نجوم السينما بكل وطأة الفيديو كليب، وأصيب المخرجون والمنتجون بحمي البحث عن مواقع تصوير سياحية داخل مصر وخارجها، ورفع بعض السينمائيين شعاراً أخلاقياً مستفزاً هو »السينما النظيفة«!.. وبدلاً من أن يهتم عادل إمام بالبحث في هذه الفوضي عن »دور« يليق ب»داخليته« وكفاحه المضني من أجل »ركوب« المواطن المصري وإضحاكه علي خيبته »الراكبة جملاً«.. ركبه العناد ودخل مع تلاميذه في »حرب إفيهات« لم يكن مؤهلاً لها، وكانت النتيجة أفلاماً شائخة، مترهلة، مفتعلة، آخرها هذا المسخ الذي يسمي »بوبوس«.