مازالت حالة من الارتباك تسود قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعد الخسائر الفادحة والتي توالت بعد جريمة قطع الاتصالات والانترنت يوم 28 يناير عقب اندلاع ثورة مصر يوم 25 من نفس الشهر.. وتكبدت شركات الاتصالات والانترنت والكول سنتر والتعهيد بمصر خسائر بالغة بسبب انقطاع هذه الخدمات الأمر الذي جعلها تحول خدماتها علي دول أخري..كما أن هذه الأزمة فتحت ملفا مسكوتا عنه وهو ضرورة تحرير الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات من الحكومة..وكذلك تعديل المادة 67 من قانون الاتصالات التي تتيح للسلطات المختصة في الدولة أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات وتتدخل في عملها.. وحتي الآن لم يتوقف نزيف الخسائر فمن المتوقع تراجع موقع مصر علي خريطة صناعة الكول سنتر عن مركزها الحالي كرابع العالم في عام 2010 إلي مرتبة متأخرة في تقييم عام 2011 بسبب هذا الانقطاع..كما أن الاحتجاجات التي حدثت الأيام الماضية قد لا يبقي علي مصر في مركزها الرابع..و جميع المراكز العاملة في هذا المجال تأثرت كثيراً بقرارات حظر التجوال إذ إنها تعمل علي مدار 24 ساعة يومياً ما تطلب الإبقاء علي العاملين لأكثر من فترة عمل لتلبية تعاقدات الشركات العالمية في محاولة لإنقاذ هذه الصناعة من الانهيار.. وكانت تحظي صناعة التعهيد والكول سنتر بدعم كبير خلال الأعوام السابقة ووصلت صادرات مصر من تلك الصناعة إلي 101 مليار دولار العام الماضي.. وكان متوقعاً أن تصل إلي 2 مليار دولار عام 2003و10مليارات عام 2020 غير أن الأحداث السابقة وإغلاق بعض مراكز خدمة العملاء بمصر أوجد نوعاً من الغموض حول مستقبلها.. حيث يقول"الدكتور مدحت خليل.. رئيس مجلس إدارة مؤسسة راية": إن خسائرنا في المؤسسة من قطع خدمات الإنترنت والاتصالات أثناء الثورة وصلت إلي 25 مليون جنيه.. إضافة إلي قيام شركتين عالميتين تعملان مع راية في مجال تصدير الخدمات بنظام التعهيد بإغلاق مراكزهما بمصر. ويؤكد"المهندس حسان قباني.. الرئيس التنفيذي لموبينيل": أن انقطاع الخدمات الصوتية والإنترنت أمر خارج عن إطار الشبكات وليس لها دخل فيه مشيراً إلي أن الشركة تكبدت خسائر كبيرة تقدر ما بين 80 إلي 100 مليون جنيه بسبب قطع الخدمات الصوتية والإنترنت وخدمة الرسائل القصيرة مشدداً علي أن خسائر قطاع الاتصالات أثرت بما لاشك فيه علي الاقتصاد المصري.. وكانت شركات المحمول من أكثر المتضررين من قطع الخدمات الصوتية والإنترنت.. ومن جانبه يشير"المهندس حاتم دويدار.. الرئيس التنفيذي لفودافون مصر" إلي أن الجهات الأمنية اجتمعت مع شركات المحمول الثلاث "فودافون وموبينيل واتصالات"يوم 23 من يناير وطالبتهم بالاستعداد لأي قرار لقطع الخدمة عن المشتركين في أي مكان وأي وقت إذا استدعت الحالة الأمنية وبخاصة في ميدان التحرير الأمر الذي لم يلق قبولا لدي ممثلي الشركات الذين كانوا لا يرغبون الوصول لهذه المرحلة..ووقتها استندت الجهات علي المادة 67 من قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 حيث تتيح لهم إدارة الشركات أثناء الأزمات والأمن القومي..علما بأن قرار فصل الخدمة عن المشتركين صبيحة يوم 28 من يناير الماضي كان شفويا وليس كتابيا غير أنه مسجل لدي الشركة حيث أرسلت الجهات الأمنية قرارها بقطع الخدمة إلي غرفة التحكم بالشبكة شفويا من خلال كود سري..وتم تسجيله لاسيما أن جميع أوامر الجهات الأمنية لغرفة التحكم تكون مسجلة..وتم التحقق من أن الشركات الأخري لديها نفس الأوامر ومطابقة قرار الفصل للقانون وتم تنفيذ القرار في القاهرة والإسكندرية والسويس ووصلت حتي رئاسة الجمهورية والوزارة ومسئولي الشركات ما اضطررنا إلي الاستعانة بهواتف تعمل عبر الأقمار الصناعية للتمكن من التواصل بالشركة.. وللعلم فإن الجهات الأمنية يمكنها فصل الخدمة عن المواطنين حتي وإن لم تنفذ الشركات مشغلة الخدمة للقرار من خلال سنترالات الهاتف الثابت التي تعتمد عليها محطات المحمول أو التشويش علي الخدمات في مناطق معينة غير أن تدخلها كان سيؤثر علي إعادة الخدمة وربما تستغرق حوالي 15 يومًا علي الأرجح عكس شركات المحمول التي استعدت لعودة الخدمة إلي طبيعتها في أي وقت..وكنا سنتعرض لعقوبات في حال عدم التنفيذ ربما تصل إلي حد تمكين الجهات الأمنية منها وإدارتها ووقف الترخيص الأمر الذي كان سيؤثر علي المساهمين المباشرين وغير المباشرين بها..كما إننا تكبدنا خسائر تصل إلي ما يقرب من 100 مليون جنيه خلال الأحداث المصاحبة للثورة حيث تراوحت الخسائر المباشرة في الأيام التي لم تعمل فيها خدمات البيانات والصوت والرسائل القصيرة إلي 50 مليون جنيه إضافة إلي خسائر البنية التحتية من تكسير ونهب محطات ومحال تابعة للشركة تتراوح ما بين 20 إلي 25مليون جنيه وتعويض المشتركين بنصف شهر لعملاء الإنترنت الثابت وعشرة أيام للموبايل وخمسمائة "اس ام اس" والتي وصلت إلي ما يزيد علي 20 مليون جنيه.. لقد كانت "فودافون" مؤيدة للثورة منذ اللحظة الأولي وهي الشركة الوحيدة التي أعلنت أن الجهات الأمنية هي من طلبت فصل الخدمة فضلا عن أنها طالبت السلطات التي تبث رسائل للمواطنين عبر شبكتها بأن تحدد محتوي الرسائل وأن توضح للمشتركين من أي جهة، إضافة إلي أنها طالبت الجهات المعنية بأن ترسل إليها جميع الأوامر مكتوبة وموقعة باسم وصفة ورتبة من يصدرها ولدينا المستندات التي تثبت ذلك.. ويؤكد"المهندس أسامة أحمد..العضو المنتدب للمؤسسة المصرية لنقل البيانات_تي ايه داتا-": أن خسائر انقطاع الإنترنت تقدر بالملايين أن لم تكن بالمليارات وكان التأثير الأكبر علي خدمات التعهيد والكول سنتر وشركات قطاع الأعمال بشكل خاص .. وقد عادت خدمات الإنترنت إلي كل مناطق مصر كل ما سبق دفع الخبراء في قطاع طالب خبراء في الاتصالات إلي المطالبة بضرورة تحرير الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات من الحكومة وأن يتبع مجلس الشعب إضافة إلي ضرورة إخراج مذكرة توضيحية عن قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 لمعرفة الإجراءات التي يجب أن تتبع في مثل تلك الأحداث.. وفي هذا الإطار يأتي كلام"المهندس محمود أبو شادي.. رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات"والذي يقول: يجب أن يتم تحرير الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات من الحكومة وأن يتبع مجلس الشعب مثل الجهاز المركزي للمحاسبات بحيث لا يمكن فصل خدمات الاتصالات دون إبداء أسباب معقولة وأن يكون هناك حيثيات وآليات تنظم عمليات تعويض المشتركين ومقدمي الخدمة لاسيما وأن فصل الخدمة يتم في حالات الضرورة القصوي مثل تهديد للبلاد أو تخفيف أحمال علي بعض السنترالات..كما أنه من الضروري إخراج مذكرة توضيحية أو إجراءات تنفيذية عن قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 لمعرفة الإجراءات التي يجب أن تتبع في مثل هذه الأحداث إذ إن عقود الاتصالات بعضها يختلف وتتضمن بند قطع الخدمة عن المشتركين. هنا يقول"الدكتور عمرو بدوي.. الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات":أنه لا يمكن إلغاء المادة 67 من قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003حيث تبيح هذه المادة للسلطات المختصة بإدارة شركات الاتصالات أثناء الأزمات والأمن القومي..لكن في الوقت نفسه يمكن بحث الضوابط الخاصة بهذه المادة وعمل تعديل في بعض بنودها بما يتلاءم مع التطورات والتغيرات التي تحدث حاليا..مع العلم أن المادة 67 من قانون الاتصالات تتشابه وتتواجد في أغلب قوانين الاتصالات بدول العالم ويتم استخدامها أثناء الحروب والتعبئة العامة والتي تحتاج إلي سلطات استثنائية..