رحل عن دنيانا أديب الخيال العلمي نهاد شريف الذي قدم للمكتبة العربية العديد من قصص وروايات الخيال العلمي، والذي يعتبر فنه الرائد في هذا المجال في الأدب العربي المعاصر، فلم يكتب إلا في هذا اللون من الأدب، رغم صعوبة الكتابة فيه، لأنه يحتاج إلي خيال جامح، واستيعاب لعلوم العصر المختلفة، وفهم عميق للتقدم العلمي والتكنولوجي المذهل الذي يظلل سماء عصرنا. وكان نهاد شريف شديد الإيمان بأهمية العلم والأخذ بأسبابه، ولابد من توظيفه في عالم الأدب، حتي يصل مجتمعنا إلي المكانة اللائقة بين الأمم والشعوب، وخاصة أن العالم يسابق ظله ليصل إلي أسرار المادة، والأخذ بأسباب العلم حتي يتمكن من السيادة والريادة، وحتي يمكنه أن يسعد بإنجازات العلم، ويسخره لخدمة الإنسان والأدب العربي يكاد يخلو من أدب الخيال العلمي باستثناء بعض ما كتبه توفيق الحكيم والدكتور مصطفي محمود والدكتور يوسف عز الدين عيسي، ولكن هؤلاء لم يقتصر إنتاجهم الفني علي هذا النوع من الأدب، بل كتبوا في مجالاته الأخري من قصص ومسرحيات ومقالات بعكس نهاد شريف الذي لم يكتب إلا في مجال الخيال العلمي، وكان أديبنا الراحل يقول لي دائما كلما التقيت به، أو ذهبت لأستعير منه كتابا من مكتبته التي تضم مئات الكتب، إن أمله أن يزود المكتبة العربية بقصص وروايات الخيال العلمي، وإن آماله أن تأخذ هذه القصص طريقها إلي الإذاعة والتليفزيون والسينما، وإنه كان شديد السعادة عندما تحولت روايته قاهر الزمن إلي فيلم سينمائي. وكنت أقول له إن مطلبك هذا صعب التحقيق، لأنه من الصعب إخراج هذه الأعمال في دراما تليفزيونية أو سينمائية، لأن ذلك يتطلب خيال وتكنولوجيا الغرب التي يملكها المخرجون هناك، ومن الصعب تصوير مشاهد الفضاء الخارجي، وتخيل هؤلاء القادمين من كوكب آخر بإمكانياتنا الهزيلة، وخيال مخرجينا المتواضع.. وكان يردد دائما ويتحدث عن حبه لهذا اللون من الأدب ، وعن مدي سعادته لأنه حقق من خلاله ماكانت تصبو إليه نفسه، حتي لايخلو الأدب العربي من هذا اللون من الأدب الذي يتجه إليه الغرب بكل كيانه، وأنجز الكثير من خلال الكتب، ومن خلال الأفلام.