النيران كانت البداية للقضاء على وجود الحزب الوطنى بالحياة السياسية يبدو أن قرار (الحل) سيكون هو (الحل) للقضاء علي ما تبقي من أنقاض الحزب الوطني داخل الحياة السياسية في مصر، لن تشفع المحاولات التي يبذلها بعض القائمين علي الحزب الآن في إبقائه علي قيد الحياة السياسية، ولن يسمح ملايين المصريين أن يبقي الحزب الذي احتكر السلطة لسنوات طويلة، وارتكب أعضاؤه آلاف الجرائم المدنية والسياسية أن يظل قائماً ويؤدي دوراً سياسياً ملوناً ومزيفاً. يواجه الحزب الوطني عشرات الدعاوي القضائية المطالبة بحل الحزب، وكذلك دعاوي استرداد مقاراته وإعادتها للدولة، علاوة علي تورط العشرات من أعضائه في قضايا الفساد التي ارتكبت في عهد النظام السابق، وانتظار الكثيرين لما ستسفر عنه تحقيقات لجنة تقصي الحقائق في وقائع الاعتداءات التي وقعت علي المتظاهرين خلال ثورة يناير والمعروفة إعلامياً بموقعة الجمل، والتي تشير التحقيقات الأولية فيها لتورط العشرات من قيادات وكوادر الحزب الحاكم (سابقاً) في ارتكابها، علاوة علي الصورة الذهنية السلبية التي ترسخت في أذهان المواطنين عن الحزب الوطني وسياساته وكونه سبباً مباشراً في تدهور الأوضاع علي مختلف الأصعدة في مصر طوال السنوات الماضية. قضائياً بات موقف الحزب متأزماً بعد التقرير الذي أصدرته هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة بالحكم بحل الحزب الوطني وتصفية جميع أمواله وأيلولتها للدولة، وهو التقرير الذي أعدته الهيئة في الدعوي التي أقامها مصطفي بكري عضو مجلس الشعب السابق وآخرون، وطالبوا فيها بحل الحزب الوطني، وهو التقرير الذي وضع الحزب في موقف حرج أثناء النظر في الدعاوي القضائية المطالبة بحله، والتي كان من بينها ثلاث دعاوي قضائية تطالب بحل الحزب، وتصفية أمواله وإعادة مقراته إلي الدولة، وصدر في أولي جلساتها قرار من دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدي العجاتي النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، بتأجيل النظر فيها لجلسة16 أبريل المقبل للاطلاع والتعقيب علي تقرير هيئة مفوضي الدولة بعد أن أكد المحامون الحاضرون عن الحزب الوطني عدم إعلانهم أو إطلاعهم علي التقرير، وقام محامي الحزب سعيد الفار خلال الجلسة بطلب تأجيل نظر الدعاوي للاطلاع علي تقرير مفوضي الدولة. كما أرجأت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار كمال اللمعي نظر 13 دعوي قضائية أخري طالبت بحل الحزب الوطني ونقل ملكية مقاره للدولة وطالب بعضها بمنع أعضاء الحزب من ممارسة العمل السياسي حتي 17 مايو المقبل لتقديم الأوراق والمستندات، وهي الدعاوي التي تقدم بها أحمد فرغلي وعصام الاسلامبولي وأحمد حسين ناصر وعادل محمد صالح و10 أشخاص آخرين. حصانة الوطني مصطفي بكري عضو مجلس الشعب السابق وصاحب أول دعوي قضائية مطالبة بحل الحزب الوطني متضامناً مع أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي ومنضماً إليهما مرتضي منصور ونبيه الوحش المحاميان، أكد أنه لم يكن غريباً أن يتقدم برفع دعوي لحل الحزب الوطني، نظراً لما تسبب فيه من تعريض النظام السياسي والقوي السياسية للقهر والبطش، ومفسداً الحياة السياسية، وأشار إلي أن المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة1977 الخاص بتنظيم الأحزاب السياسية منحت رئيس لجنة شئون الأحزاب الحق في أن يتقدم بطلب لرئيس المحكمة الإدارية العليا، لحل الحزب بعد موافقة اللجنة، ولكن رئيس تلك اللجنة كان في ذات الوقت الأمين العام للحزب الوطني. وطالب بكري بحل الحزب الوطني بعيداً عن الإجراءات المحددة في القانون، لأننا نعيش الآن بمنطق إعلان دستوري صادر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة القائم بشئون البلاد. فاقد للشرعية وعن الأسانيد القانونية التي تدعم قرار حل الحزب الوطني وحل تمتع الحزب بشرعية تؤيد وجوده في الشارع السياسي المصري، تحدثت الدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، قائلة: إن الحزب موجود بالفعل وكان يجب حله بسبب قضايا الفساد التي انخرط فيها قياداته، كما أن الأساليب القانونية كلها متوافرة متمثلة في تزوير الانتخابات وكل قضايا الفساد الاتي حدثت خلال ال 30 عاماً والمسئول عنها الحزب الوطني وكلها أسباب كافية لحل هذا الحزب، ويجب التحقيق في شرعية امتلاك الحزب لهذا الكم الهائل من المقرات وإذا ثبت أنها غير مملوكة له أو يسود العقود شبه فساد فيتم سحبها فوراً. بينما أكد خبير النظم السياسية والأحزاب السياسية بمركز الأهرام الاستراتيجي الدكتور عمرو هاشم ربيع أن هناك مطالبات بسلب المقرات من الحزب لأن المقرات تشكل عنصر الفساد في الحزب وتربحه من اندماجه في الدولة وهذه أكبر صور الفساد لأن مقرات الحزب تقدر بالمليارات، وأرجع ربيع فساد رموز الحزب الوطني في الأساس إلي الطريقة التي يصعدون بها إلي المواقع القيادية والدخول إلي مجلس الشعب والتي تأتي في الأغلب من خلال التزوير الانتخابي أو من خلال تهميش القوي الأخري الفاعلة في المجتمع، وبالتالي من جاء بالطريقة الخطأ لا يراعي مصالح الآخرين ولابد أن يخطئ. من جانبه أكد الدكتور جمال زهران أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن الحكومة والحزب الوطني كانوا يحمون المفسدين، مشيراً إلي أنه تقدم وبعض النواب بمشروع قانون الحقوق السياسية لكي يكون هناك نوع من المشاركة السياسية، ولكن الأغلبية الممثلة للوطني كانت تجهض أي قانون تتقدم به المعارضة خصوصاً في ظل الضعف العام والتشرذم الذي تعانيه. أضاف: أن الحزب أثبت فشله في قيادة البلد خلال أكثر من ثلاثين عاما، شهد خلالها الكثير من الإضرابات والاعتصامات، وتدمير الحياة السياسية والاقتصادية بل والاجتماعية، مؤكداً أن الحكومة كانت ترتكب أخطاء سياسية من خلال الفساد والمفسدين وتأتي بالمستقلين لتضمهم إلي الحزب الحاكم بعد تهديد وترهيب وتلويح بمصالح متبادلة يضعف أمامها البعض ويصمد البعض الآخر. تحركات قانونية الدعاوي القضائية المطالبة بحل الحزب الوطني واجهتها خطة تحرك قانونية بدأها الحزب الوطني وأعلن عنها الأمين العام للحزب الدكتور محمد رجب مؤكداً أنه شكل فريقاً قانونياً يضم ما يقرب من 55 محامياً للدفاع عن الحزب الوطني في الدعاوي القضائية الموجهة ضده، وعن موقف الحزب من تقرير هيئة مفوضي الدولة، والذي يوصي بحل الحزب، أكد رجب أنه مجرد توصية والمحكمة لم تحدد ذلك حتي الآن. شملت تحركات الحزب كذلك اتجاهاً لمواجهة الاتهامات ضده في أحداث موقعة الجمل حيث تقدم الحزب الوطني ببلاغ للمستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام، ضد محمد فايق رئيس لجنة تقصي الحقائق بمجلس حقوق الإنسان، لما أوردوه في تقريرهم عن تورط الحزب الوطني في الأحداث التي صاحبت ثورة يناير، وكذلك تشكيل الحزب لتنظيم سري شارك في هذه الأحداث. وجيه حسن المستشار القانوني للحزب الوطني أكد أن الحزب نفي في بلاغه كل ما ورد بالتقرير من اتهامه بإنشاء تنظيمات عسكرية أو شبكة من البلطجية، مؤكداً أن الحزب لم يستخدم أمواله ومقراته في هذا الشأن، وطالب الحزب في بلاغه للنائب العام بالتحقيق في أقوال الشهود، ومقدمي المعلومات التي وردت في تقرير اللجنة المذكورة، والمعلومات المجهولة الواردة بالتقرير حول وجود أسلحة أو أفراد دون تحديد من هم، ونفي الحزب صلته بأي نشاط خارج عن نظامه الأساسي ومخالفة قانون الأحزاب المصرية. ويواكب التحركات القضائية للحزب الوطني حملة تطهير داخلية لاقتلاع كافة الأعضاء المتورطين في أي قضايا فساد خلال الفترات السابقة، وبدأت الحملة بالقضاء علي وجود رئيس الحزب نفسه الرئيس السابق حسني مبارك، حيث أكد الدكتور محمد رجب الأمين العام أن الحزب ليس له أي علاقة بالرئيس السابق، وأنه لم تتم أية اتصالات بين الحزب وأي من أفراد أسرة مبارك منذ تنحيه عن رئاسة الجمهورية في فبراير الماضي. وأوضح رجب أنه تقدم ببلاغ للنائب العام ضد إحدي الصحف لما نشرته من معلومات كاذبة حول علاقة الرئيس السابق بالحزب، مؤكداً أن الحزب أعلن خلو منصب رئيس الحزب وبدأ في ترتيبات الإعداد لاختيار بديل له واختيار رئيس جديد.