عندي شكوك تغذيها وقائع ، بأن الميكروباصات الطايحة في شوارع القاهرة تنتمي بصلة قوية لمباحث أمن الدولة المنحلة .. أبرز أسبابها حالة امتلاك الميكروباصات لكل الشوارع طولا وعرضا ، وبجرأة وبلطجة مستفزة، وكأنهم في حماية الشرطة.. وأغلبنا يشعر أن رجال الشرطة يخافون التعرض لسائقي الميكروباص .. وكلنا نراهم يوميا وهم يغضون البصر ، أو ينسحبون إلي داخل الكشك الأمني في ميدان رمسيس كلما اختنق الميدان طويلا بوقوفهم العشوائي الجرئ للنداء براحتهم علي الزبائن .. أكثر من مرة في أكثر من موقع توقفت لأسأل أي ضابط كبير ، لماذا لا تسحب رخصهم!!.. فيتجاهلون سؤالي، حتي أجابني عقيد بنظرة معناها ياريت تفهمي ، وباختصار " ماقدرش" .. ومع إلحاحي لمعرفة السبب ، أجاب باختصار وهو يتمني أن أفهم أنه يكذب " لو سحبت رخصة واحد أو أخدته مخالفة ، الشارع هايولع وهاتجازي .. لأنه سيعود بعد لحظات ومعه مجموعة ميكروباصات ، يسدوا الشارع ويوقفوا المرور ، وممكن السواقين يتعدوا علينا أقلها بالمطاوي ، لأن أغلبهم إما سوابق، أو بدون رخصة !! " ونصحني بتجنبهم والابتعاد عن طريقهم حماية لنفسي ، ولسان حاله يقول " إنتي مش قدهم ".. وأصبح الشارع هو مملكة بلطجية الميكروباص بالدراع وفي حماية الشرطة.. وتمادت أتوبيسات النقل العام في منافستهم من باب واشمعني أنا إللي مؤدب! في نفس الوقت كلنا نكاد نعرف أن الميكروباص هو وسيلة أفراد المباحث في تنفيذ عمليات أمنية كثيرة لا يرغبون في كشفها .. رأينا وسمعنا مرارا كيف يمتثل السائقون لأمر فوري بتفريغ الركاب وتجنيد أي ميكروباص لعملية ما .. وعللنا ذلك كعادتنا في تمييع الحقائق لشراء دماغنا ، بأن السائق غلبان لايملك رفض أوامر المباحث .. لكن شهادة شهود العيان أمام النيابة في وقائع عمليات إثارة الفتنة الطائفية مؤخرا ، ومنها حادث العمرانية بالجيزة، وحادث الدويقة ومنشية ناصر أكدت هذه الشكوك .. أكد الشهود أن الأحداث بدأت بظهور ميكروباص أطلق أول شائعة ، ثم تجمهرت مجموعة ميكروباصات تسد الطريق وكأنها توقفت بالصدفة .. وبعدها وبسرعة انطلقت زجاجات المولوتوف الحارقة ، والأسلحة البيضاء من حيث لا يدري مصدرها أحد ، لتقتل بوحشية واحتراف ، وتنسحب قبل وصول الشرطة أو الجيش . وفي حادث الدويقة الأخير قال الأهالي من طرفي الصراع المفتعل ، إنهم قبضوا علي مجموعة من مشعلي الفتنة وسلموهم للجيش .. لكن لم نسمع عنهم شيئا بعد ذلك !.فهل مازالت التحقيقات جارية ، أم أُخلي سراحهم لضيق أقسام الشرطة بالمجرمين حاليا ، أم لأنهم موظفون في أمن الدولة المنحل؟ أو في خدمة الشرطة ! لهذا أطالب بسرعة فتح هذا الملف .. نريد معرفة حقيقة شائعة امتلاك أعضاء من مجلس الشعب وأمناء الشرطة لهذه السيارات عند بداية هذا المشروع ، الذي لم نر مثله في شوارع أي دولة تحترم القانون .. والذي ضرب الفوضي والبلطجة في الشارع المصري ، وحوله إلي سيرك وصراع وأداة تعذيب وإنهاك ، تجعل الخروج من البيت مغامرة تماثل دخول مستشفيات الحكومة . السيد وزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي ، قدم بالأمس ثلاثة مشروعات قوانين عاجلة .. أولها، وأهمها في رأيي هو تعديل بعض أحكام قانون العقوبات ، بإضافة باب جديد لترويع المواطنين. وتغليظ العقوبات لمن يمارس البلطجة، تصل إلي الإعدام إذا أدت إلي الوفاة ..أطالب بسرعة تفعيل هذا التعديل لإعادة الأمان للشارع المصري .. لأن أول من يروعنا في الشارع يوميا وطوال اليوم ، هو فوضي وبلطجة هذه الميكروباصات التي يخشاها ويستخدمها الأمن .. وفي نفس أهمية هذا المطلب ، أطالبه بإعلان خطة كاملة وجريئة ، وقابلة للتنفيذ الفوري ، لضمان سرعة الفصل في القضايا .. فهو يعلم أن أهم أسباب البطء ، ليس كثرة القضايا أو قلة عدد القضاه ، إنما هو التسلسل الروتيني في إجراءات التقاضي أولا .. هناك قضايا لا تحتمل الانتظار طول العمر للفصل فيها .. وأهمها الآن قضايا الفتنة الطائفية ، فإن بطء إعلان الأحكام فيها يعادل نفس فعل الجريمة في نتائجه .. ففي اعتصام ماسبيرو ضاعف من غضب المصريين المعتصمين ، أن عشرات من شهداء الفتنة المفتعلة لم يحاكم قاتليهم المعتقلين منذ سنوات .. وكلما اقترب حكم ينتظرونه لإستعادة إحساسهم بأنهم في حماية دولة القانون ، يتم تأجيله شهورا تحدث فيها جرائم أبشع وأوقح .. وآخر واقعة هذا الأسبوع ، هي تأجيل محاكمة مندوب شرطة بني مزار الذي أطلق الرصاص من مسدسه الميري علي ركاب قطار في سمالوط يوم 11 يناير الماضي .. مع أن القضية تنظر أمام محكمة أمن الدولة، وطوارئ !.. القضية أجلت لجلسة أول مايو لعدم حضور الجاني من محبسه بسجن المنيا العمومي!! ياسيادة وزير العدل تراكم التباطؤ يؤجج الغضب ، ويضعف الثقة في القضاء ، ويضاعف من عنف الجريمة، والوطن لا يحتمل المزيد الآن .. لذلك أطالبك بالاجتماع برؤساء المحاكم ، الذين يعرفون المشاكل والمعوقات وبؤر الفساد ومنافذ الرشوة .. وأيضا يعرفون الحلول .. والعاجز منهم عن دفع عجلة التقاضي فليرحل وفورا .. وكفانا سنوات القهر بالتباطؤ ، وبتدخل النظام في توجيه الأحكام بتوزيع القضايا علي هيئات محاكم بعينها. نحن جميعا في انتظار إعلان ملابسات ونتائج قضية أهم عمل إجرامي للعادلي حبيب السلطة عبد النظام ، وهي ترويع المواطنين ، وشبهة تخطيط وتنفيذ جرائم حرق الكنائس وإشعال الفتنة الطائفية لتثبيت نظام فاسد ..لن نقبل بأقل من محاكمات وأحكام سريعة وعلنية .. لأن كلنا أمل في مستقبل أكثر أمانا .. وقضاء أساسه العدل .. والبداية في ملعبك .. فلا تخذلنا .