كلية الفنون الجميلة أنشئت قبل مائة عام وساهمت في رسم صورة مصر كرائدة للتنوير والمدنية ، لكن للفنون حكاية أقدم بضعة آلاف من السنين رسمت خلالها سيرة أسطورية مجيدة لرائدة الحضارة في العالم. وإذا كان اسم مصر يعني شيئا بالنسبة لشاب يعيش في أقصي شمال العالم أو طفل أو كهل في شرق العالم أو غربه فإن ذلك يجسده في الحقيقة إبداعات رسامين ونحاتين ومعماريين رسموا صورة مصر المتفردة عبر كل العصور . وإذا كنا عندما نشاهد جداريات المقابر والتماثيل العملاقة وروائع العمارة الفرعونية نتعرف علي تاريخ مصر القديمة فإننا في المقابل ونحن نشاهد أعمال خريجي كلية الفنون الجميلة في مائة عام نشاهد بفخر تاريخ مصر المعاصر الذي جسدته وساهمت في رسم ملامحه أعمال مصرية هي موضوع الكتاب التذكاري الذي أصدرته الكلية مؤخرا بمناسبة مئويتها والذي نعرض لبعض ما جاء فيه. في العقد الأول من القرن العشرين وعندما كانت مصر تموج بحركات التحرر الوطني علي يد مصطفي كامل ورموز الاستقلال ، وعندما كانت هناك سجالات فكرية تجتاح المجتمع مرهصة ببعث جديد ، كان التفكير علي أشده في قضية التعليم . وكان 1908 عاما فارقا ، ففيه أنشئت الجامعة الأهلية (جامعة القاهرة الآن ) وفيه أنشئت مدرسة الفنون الجميلة (كلية الفنون الجميلة حاليا ) . إنها سنوات التنوير التي سبقت ثورة 1919. ولا عجب أن يكون تحرير العقول والارتقاء بالوجدان علي رأس اهتمامات النخبة في ذلك الوقت.