لم يكترث ذلك الشاب الصعيدي لكل محاولات إفشال حلمه، المثابرة علي تحقيق هدفه كانت السمة الأساسية في شخصيته، حلمه الذي تمناه منذ الخامسة من عمره وكان يراوده طوال فترات دراسته أصبح حقيقة ملموسة يشاهدها الجميع، شهرته باتت تطارده، ورغم ذلك لم يقل شغفه تجاه ما تمناه حتي بعد أن تحقق بالفعل، وأصبح من مشاهير الفنانين في مجال جديد وهو "الرسم بالجاف". محمد جمال عبدالناصر، كان لحظه نصيب من اسمه، فدراسته للميكانيكا بهندسة جنوب الوادي لم تعرقل حلمه، ولم تقف عائقا أمام موهبته التي لمسها فيه والداه منذ أن بدأ يمسك بالقلم. بداية محمد، الذي يبلغ من العمر 22 عامًا، كانت مثل كثيرين مع القلم الرصاص كونه الأسهل، ثم بعد ذلك اتجه لإضفاء ألوان علي رسوماته، ولكن لم يكن الأمر سهلًا عليه فهو لا يعلم أي شيء عن أساسيات الرسم، ولم تشأ الظروف ليذهب إلي مراكز متخصصة في ذلك، فبدأ بتعليم نفسه بنفسه، ونمَّي موهبته عن طريق الإنترنت. حاول محمد التمرين كثيرًا علي ما يشاهده، وبات يُقلد كل الرسومات التي يراها علي الإنترنت بعد أن يحفظ خطواتها جيدًا، حتي وصل إلي مرحلة تمكنه من رسم أي شيء، وهنا قرر اتخاذ طريق مختلف عن المعتاد في مصر، واتجه للرسم بالقلم الجاف فقط. ويقول محمد: "الجاف بدايته معي كانت من سنة بالضبط حينما وجدت فنانين يرسمون به وأعجبتني التجربة، ومن عادتي أنني أحب تجريب خامات جديدة عليّ في الرسم فبدأت ببورتريه بالقلم الجاف الأحمر كان لبنت علي وجهها مياه، والحمد لله طلعت نتيجة كويسة جدًا مكنتش أتوقعها، ومن هنا بدأت أجرب رسومات مختلفة بالجاف". يتحدث جمال عن اللوحة الأصعب بالنسبة له في لوحاته، وهي بورتريه لسيدة عجوز تملأ وجهها وجبهتها التجاعيد والتفاصيل، واستغرقت أيامًا منه حتي وصل للنتيجة المرجوة. ويوجه محمد حديثه للراغبين في سلك المسار ذاته قائلًا: "طبعًا مفيش مجال للخطأ في الرسم بالجاف علشان كده أنا كملت فيه لأنه بشكل كبير بيعتمد علي مهارة الشخص اللي بيرسم في تجنب الأخطاء لأنها ممكن تكلفه إعادة الرسمة مرة أخري، ودي النصيحة اللي لازم أي حد يأخذها في الاعتبار طالما قرر الرسم بالجاف". حلم الالتحاق بكلية "فنون جميلة" لا يزال يراود جمال ويتمني أن يصقل موهبته بالدراسة بعد إنهاء دراسته في كلية الهندسة.