هي ابنة جيل ذاق ألم الهزيمة ثم فرحة النصر في حرب أكتوبر 1973. كان والدها ضابط الجيش واحداً من أبطال الحرب، عندما جاء وقت التحاقها بالجامعة نصحها بدراسة اللغات الشرقية وتحديدا اللغة العبرية، لمعرفة كيف يفكر العدو وتنفيذاً للمقولة الشهيرة "اعرف عدوك"، ولا يمكن معرفته بدون دراسة لغته. كانت الدراسة بداية لاقتحام الحياة العملية التي بدأت بعمل آمال محمد في الإذاعة العبرية التي كانت تُبّث من الإذاعة المصرية، كواحدة من الإذاعات الموجهة التي لعبت دوراً وطنياً مهماً في مخاطبة الجانب الآخر والتصدي لتصحيح مفاهيم مغلوطة وشائعات كان يتم بثها لتغيير المفاهيم. لم يكن عملها في الإذاعة العبرية الموجهة مجرد وظيفة، بل كان مهمة وطنية تؤديها بشغف وتسعي دائماً للبحث والقراءة حتي أصبحت الآن تشغل منصب كبيرة المحررين والمترجمين داخل الإذاعة، سنوات طويلة من العمل أدت فيها مع زملائها الكثير من المهام الصعبة، فبعد انتصار أكتوبر الذي ضرب الغرور الإسرائيلي في مقتل لم يستطع القادة هناك الاعتراف بالهزيمة، فأشاعوا في مجتمعهم أنهم هم الذين حققوا النصر. تقول آمال: كانت مهمتنا التصدي لتلك المعلومات المغلوطة، فقدمنا آلاف الساعات الإذاعية للرد علي تلك المزاعم، استضفنا فيها الخبراء والمحلِّلين العسكريين والأبطال الذين شاركوا في تلك الملحمة العظيمة، فقد كنا نحارب من علي جبهة الإعلام، وكانت لنا ساعة علي قناة النيل تبّث باللغة العبرية، وأتذكر في ذلك الوقت أثير في إسرائيل قضية فساد "عامري شارون" نجل شارون، التي تابعناها في البرنامج ونشرت الصحف الإسرائيلية وقتذاك ما جاء في البرنامج المصري كأحد المصادر التي تحدثت علي قضية الفساد، وهو ما يدل علي مدي تواجدنا في الشارع الإسرائيلي، ولم ينته دورنا في فترة السلم، فقد عملنا كثيرا علي توضيح كثير من المفاهيم السياسية المغلوطة، ومن البرامج المهمة التي قدمتها وأعتز بها برنامج عن الأقليات المهمشة داخل إسرائيل من الدروز والشراكسة والفلاشا وعرب 48 وما يتعرضون له من تهميش وإقصاء داخل المجتمع الإسرائيلي، ما ينفي عنهم ما يدعونه من أنهم أصحاب واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط. وعلي الرغم من أن مصر هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لديها شبكات إذاعية موجهة، لعبت دوراً مهماً علي فترات تاريخية مختلفة إلا أننا فوجئنا بوقف بثنا علي "النايل سات"، التي كانت تحمل أصواتنا داخل إسرائيل ورفح، الآن أصبحت أصواتنا لا تغادر الاستوديوهات التي نعمل بها. سألتها وأنا لا أخفي تعجبي: إذا كان البث قد توقف فلمن توجهون رسائلكم؟ ضحكت وقالت: صوتنا لا يغادر الاستوديو! فسألتها مُجدداً: وهل مازلتم مستمرين في العمل؟ فأجابت بهزة رأس تعني "نعم"!