خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    الشيوخ يحيل عددا من تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة لتنفيذ ما ورد بها من توصيات    ارتفاع صادرات مصر الزراعية إلى 5.2 مليون طن خلال 6 أشهر    أمان القابضة تغلق الإصدار الثالث من سندات التوريق بقيمة 665.5 مليون جنيه    وزيرة التضامن تشهد تدشين مبادرة "سكن كريم من أجل حياة كريمة"    أستاذ عمارة: مشروع منخفض القطارة الأخضر سيعتمد على مدن ذكية من الجيل الخامس    تداول 12 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و635 شاحنة بموانيء البحر الأحمر    كامل الوزير: تطبيق حلول جذرية لكافة المشكلات والتحديات المتعلقة بالترفيق    طهران: مقتل وإصابة 6 من عناصر الحرس الثوري في هجوم صاروخي إسرائيلي استهدف شمال مدينة قم    الكونجرس يتهم ترامب «بخرق الدستور» بعد هجومه على إيران    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    أوبزرفر: خيارات إيران للرد على الضربات الأمريكية محدودة ومحفوفة بالمخاطر    طبيب المنتخب يشرف على إصابة محمد عبد المنعم    تقارير: مدافع ليفربول يخضع للفحص الطبي في باير ليفركوزن    ستونز: مررت ببعض اللحظات الصعبة بالموسم الماضي.. وأريد البقاء في مانشستر سيتي    شوبير يدافع عن لاعبي الأهلي بعد انتقادات التسوق في أمريكا    اتحاد الكرة يعلن.. اخطار كاف بالأندية الأربعة المشاركة في دوري الأبطال والكونفدرالية    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في شمال سيناء برقم الجلوس بعد قليل    وصول المتهمين الثلاثة بإنهاء حياة أدهم طالب كفر الشيخ للمحكمة استعدادًا لبدء جلسة محاكمتهم    إصابة عامل إثر انهيار عقار قديم في السيالة بالإسكندرية (صور)    طقس حار في مطروح اليوم الأحد 22 يونيو 2025.. وسيوة تسجل أعلى درجات الحرارة    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    ضبط 98 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم.. صور    ضبط 3 طلاب تسلقوا طائرة هيكلية بالشرقية    وزير الثقافة يستقبل السير مجدي يعقوب قبيل احتفالية تكريمه والإعلان عن تفاصيل تمثال "طبيب القلوب"    الليلة.. نانسي عجرم تغنى في موازين بعد غياب 7 سنوات    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    في ذكرى ميلاده.. عمرو الليثي يعرض أخر لقاء تلفزيوني أجراه أشرف عبدالغفور    فيلم المشروع x يحصد مليونًا و250 ألف جنيه ليلة السبت فى السينمات    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية جراحية للقلب المفتوح من خارج غرفة العمليات    مياه الشرب بالقليوبية: انقطاع المياه 9 ساعات عن 4 قرى لإجراء أعمال ربط خطوط الصرف الصحي بمحطة عرب شركس    عبد الحفيظ: الأهلي كان ممكن يرجع ب13 مليون دولار.. لا يليق أن نودع مونديال الأندية في المركز 27    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    بدون تكييف.. حيل ذكية لاستخدام المروحة لتبريد منزلك بكفاءة في الصيف    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    تداول حل امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025 في جروبات الغش.. والتعليم تحقق    هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    شوبير يكشف موقف الأهلي من عودة محمد شريف    وزير الإسكان: تخصيص قطع أراضي لمن تم توفيق أوضاعهم بقرعتين بالعبور الجديدة    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    منهم أحمد عز.. 5 نجوم في بلاتوهات التصوير    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    أبرزهم زيزو.. محسن صالح منتقدًا ثلاثي الأهلي: «ليس لهم عنوان في القلعة الحمراء»    ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية من مصر
أسرار البنات في الحي الشعبي
نشر في آخر ساعة يوم 27 - 12 - 2010

حدث أن أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب رضي الله، وكان كعادته في السير ليلا لتفقد أمور الرعية، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت، فتسور جدار البيت، فإذا برجل وامرأة عندهما إناء من الخمر، فصرخ فيهما عمر قائلا : ياعدو الله أكنت تري أن الله يسترك وأنت علي معصية ؟
فقال الرجل يا أمير المؤمنين : أنا عصيت الله في واحدة ... وأنت في ثلاث. فالله يقول : "ولا تجسسوا" وأنت تجسست علينا، والله يقول : وأتو ا البيوت من أبوابها " وأنت صعدت من الجدار ونزلت منه والله يقول : " لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتي تستأنسوا وتسلموا علي أهلها " وأنت لم تفعل ذلك
فقال عمر : هل عندك من خير إن عفوت عنك ؟
قال الرجل نعم، والله لا أعود إلي الشراب
قال عمر : اذهب فقد عفوت عنك
كان " سمير " يغالب النعاس وهو يستمع إلي صوت الإمام في صلاة الجمعة منهيا خطبته عن "عمر بن الخطاب " التي لم يصل إليه منها سوي كلمات متناثرة لم يفهم منها الكثير فقد كان كل همه أن تنتهي صلاة الجمعة فذهنه مشغول بالسيارة التي يجب أن ينتهي من العمل فيها حتي يقوم بتسليمها إلي صاحبها حتي يحصل علي أجر الأسبوع، خرج مسرعا من المسجد القريب من الورشة ليستقبله ضجيج الشارع الشعبي الذي يعيش ويعمل فيه، اخترق صفوف الباعة الذين نشروا بضائعهم بين أقدام المارة، ليسرع هو بقفزات محسوبة ليصل إلي باب الورشة، وينهمك في عمله الذي لم يستطع أن يفرغ منه إلا في نهاية يوم السبت، ليسرع إلي منزله وهو يحمل معه "جيركن " من الكيروسين لزوم إزالة الشحم والزيوت من جسده، حتي يبدو في أبهي صورة فالسهرة صباحي وأجرة الأسبوع ستكفي تكاليف الطعام والشراب في الكازينو، انتهت الليلة وتساند سمير وأصحابه حتي عادوا إلي شارعهم، نام بعمق شديد ولم يستيقظ إلا الساعة الخامسة بعد العصر وهو يشعر بصداع شديد من تأثير الليلة الصاخبة التي قضاها، وكعادته طلب من شقيقته كوب شاي ثقيل وجلس في البلكونة التي تطل علي الشارع وتكاد تلتصق بالمنزل المقابل له فالبيوت كلها متلاصقة ولا فرق ما بين داخلها وخارجها فالكل يعلم ما وراء الجدران، أمسك بالراديو محاولا ضبط المؤشر علي محطة أم كلثوم، مسترجعا ذكريات الليلة الماضية، ولم ينتبه في بداية الأمر إلي الأصوات المختلطة التي تأتي من الراديو، سمع كلمات متداخلة أعتقد أنها من برنامج »مع«، حاول مجددا ضبط المحطة، ومع كل محاولة كان الصوت يزداد وضوحا، واكتشف أنه يستمع إلي مكالمة تليفون، تنبهت كل حواسه، استمع إلي النهاية وماهي إلا ثوان وجاءه صوت فتاة تحدث صديقتها، وأخري تتكلم مع أمها، وأدرك أن الراديو يلتقط مكالمات التليفون في المنطقة، وغرق في حكايات الجيران، وأصبحت هوايته اليومية ما أن ينتهي من عمله حتي يسارع بالجلوس في بلكونته الضيقة بعد أن اكتشف أن هناك الكثير من الأسرار التي لا يعلمها عن أهل الشارع، ومارس هوايته الجديدة وبدأت المكالمات وجاءه صوت امرأة تهمس لرجل وتحدد معه موعدا للقائه في شقته، هب واقفا وكاد أن يقفز من البلكونة باحثا ببصره عن مصدر الصوت من حوله، واستمرت المكالمات التي شارك فيها أصدقاؤه بعد أن دعاهم ليستمعوا معه، وأصبحوا يتبارون في تحديد شخصيات من يتحدثن، واقترح سمير بعد اكتشافه لصاحبات المكالمات التليفونية أن يقوم بتسجيلها بعد أن شعر بالغضب الشديد علي حد قوله لي، وعندما سألته عن سر غضبه، " قال لي عيب اللي حصل الستات والبنات اللي سمعناهم كنا بنحترمهم قوي وهما كانوا بيرسموا الشرف وبيضحكوا علينا"
ولم تنته القصة عند هذا الحد، فبعد أن نجح في تسجيل العديد من شرائط الكاسيت للمكالمات التليفونية، شعر بقوة شديدة أراد أن يستثمرها حتي النهاية، واتفق مع أصدقائه علي ضرورة الثأر لشرفهم المهدور وعلي ضرورة أن تدفع النساء والفتيات اللاتي كشفن سترهن ثمن أخطائهن وتحول هو وأصدقاؤه إلي قضاة وجلادين، طاردوهن، أهانوهن، في كل خطواتهن التي كانوا يعرفونها قبل أن يخرجن من منازلهن، ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا منهن أن يرحلن عن الشارع، وكانوا كل مرة ينهون تهديداتهم بكلمة وإلا، لم تستجب الضحايا لهم، قاومن، هددوهن بالإبلاغ عنهن والتحرش بهن، ازداد غيظ سمير وأصدقائه واجتمعوا ليالي طويلة للانتقام منهن، لم يتوصلوا لوسيلة تشفي غليلهم، احتدت مناقشاتهم وعلت أصواتهم، وصمتوا فجاة بعد أن سمعوا أصوات زغاريد، " انطلقت من الشارع وتذكروا أن فرح "شريهان " جارتهم قرب والاحتفال من أجل التنجيد، وصل " "الأسطي حمدي المنجد " بصبيانه وجهاز التسجيل العملاق " الذي يملكه ويجعله المفضل لدي أهل المنطقة، امتلأ المكان بالمرح ورتبت "شريهان" وصديقاتها مفروشاتها لعرضها علي الأهل والأصدقاء وإغاظة حماتها، وزين المكان " بالدباديب والعرائس " وبدأ المنجد عمله وانطلقت الفتيات في وصلات من الرقص وانهال النقوط علي المنجد، ووجد "سمير " الحل وجمع أشرطة الكاسيت واقتحم حلقة المنجد وعمل الواجب " نقط " ورقص، وطلب من المنجد تغيير شريط الكاسيت، ووضع أول شريط وكان مليئا بالعبارت الجنسية الواضحة، وفجأة ساد المكان صمت ثقيل وتوقف المنجد عن العمل، وتوقف المارة ليستمعوا، وتبرع سمير بالشرح لمن يسأل عن الشريط وتعريفهم بصاحبة الصوت، وانتهي الأول ليضع الثاني، وهو مستمر بالشرح، وأعاد الأشرطة عدة مرات لمدة أربع ساعات، عاد أثناءها المنجد للعمل ولكن في هدوء لم يتبق سوي صمت الفضيحة، وشماتة سمير وأصدقائه، ومبرراتهم التي تبرعوا بذكرها فهم المدافعون عن الشرف والفضيلة، وتعمدوا ذكر ذلك أثناء عودة أزواج وأشقاء الضحايا من العمل.
قلت له : هل طلب منك أحد أن توقف هذه الكارثة ؟
رد وهو متعجب لا، ولكن في آخر النهار جاءتني واحدة من الجيران وقالت كفاية.
والعروسة ؟ قال : كانت مبسوطة، كل الشارع حضر ونقط علشان يسمع
أصابني الهدوء الذي يتحدث به بحالة من الذهول، وتذكرت كل الأبحاث والدراسات التي تتحدث عن التغيير الذي أصاب الشخصية المصرية وجعلها تميل إلي الحدة والعنف وسيطرت عليها الأنانية، رغم التزايد الواضح لكل المظاهر الدينية، وزيادة عدد شيوخ الفضائيات وأعداد الزوايا والمساجد والدعوات المستمرة لبناء الكنائس .
نقلت قصتي وحيرتي إلي فضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد، لم يخف الرجل تعجبه وقال : الإسلام دين يدعو إلي الفضيلة وينهي عن التجسس ومتابعة الغير والتلصص ومن يقوم بذلك فهو كمن يأكل جثة إنسان ميت، ولنتذكر موقف النبي ([): عندما ذهب إليه رجل وقال له رأيت رجلا مع امرأة، فقال له لو كنت سترتهما بطرف ثيابك كان خيرا لك . فالرسول لم يسمع من الرجل بل نبهه إلي فضيلة الستر لأن الجريمة وقعت ومن يفضح العاصي، يفضحه الله هو الآخر علي رؤوس الناس، وصاحب القصة التي نتحدث عنها رغم إدعائه الكاذب بأنه صاحب فضيلة إلا أنه قد يكون قد قام بفعلته من أجل استغلال الموقف وعندما تلقي الرفض قام بما قام به، والشرف والفضيلة براء منه فهو في غفلة شديدة ما فعله يقع تحت طائلة القانون للتسجيل بدون إذن، والتشهير وله عقوبات في الدنيا والآخرة، فالإسلام يصون الأعراض، والمسلم مطالب بأن يستر علي إخوانه ولابد أن يتوب هذا الرجل إلي الله، لأنه إذا لم يكن يعلم الأحكام الشرعية فهو قصور منه لأن المسلم مطالب بأن يتعرف علي دينه وأحكامه من خلال أئمة المساجد وما أكثرها، وعلي علماءالدين أن يتداركوا هذا وينبهوا الناس إلي تعاليم وأحكام الدين .
إذا كان الجهل بأحكام الدين أحد العوامل، فمن أين جاءت كل هذه القسوة والرغبة في التدمير ؟
أجابني الدكتور إبراهيم عيسي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس : في رأيي أن " مجتمع الزحام " الذي نعيش فيه خلق حاله هائلة من الضغوط جعلت كل شخص لايكترث بغيره وتجعله مكترثا بذاته ورغباته فقط والتي لايستطيع في معظم الوقت توفيرها، فالكثافة في مجتمعنا تدفع الناس إلي العدوان مع غياب منظومة القيم التي تاهت في الزحام، ولابد من عودة منظومة القيم إلي وضعها الطبيعي، وإظهار نماذج ناجحة وتسليط الأضواء عليهم ليتحولوا إلي قدوة ينظر إليهم الناس باحترام حتي تختفي مظاهر العدوان المفرطة التي يوجد مثال لها في هذه القصة وغيرها .
العجيب أن "سمير " خرج من الشارع ولكن في منطقه أخري والنساء اللاتي فضحهن " مازلن يقطن الشارع ، ولم ينقص الشارع شيئا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.