أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم الجمعة 21 يونيو    وزير المالية: ميكنة منظومة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديوناتهم لدى الحكومة    تراجع أسعار الدقيق والزيت اليوم الجمعة (موقع رسمي)    وزير الصحة: نستهدف زيادة معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلى 75%    نتنياهو يزعم: تعطيل إرسال واشنطن الأسلحة لإسرائيل يقرب الحرب الشاملة مع حزب الله    سول: جنود من كوريا الشمالية يعبرون الحدود للمرة الثالثة في يونيو    سيمبا التنزاني يفسخ عقد ميكيسوني    «أنا سلطان زماني».. رد ناري من شوبير على عدم انضمامه لقناة «mbc مصر»    إصابة 13 شخصًا في انقلاب ميكروباص على طريق الإسكندرية الصحراوي    العثور على جثة سائق تاكسي متغيب منذ 3 أيام بقنا    وزيرة الثقافة تشهد عرض "مش روميو وجوليت" على المسرح القومي (صور)    5 شهداء في قصف إسرائيلى قرب ملعب اليرموك وسط مدينة غزة    أمين الفتوى: ظلم المرأة في المواريث إثم كبير (فيديو)    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة - فيديو    لا تراجع ولا استسلام| الزمالك يحسم موقفه من خوض مباراة الأهلي    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    سكالونى ينتقد ملعب افتتاح كوبا أمريكا بين الأرجنتين وكندا    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    أسعار البيض اليوم 21 يونيو 2024    مدير منطقة أثار الكرنك يكشف تفاصيل تعامد الشمس على قدس الأقداس (فيديو)    أحمد سعد يكشف كواليس طلاقه لأول مرة: «مش هتجوز تاني وانفصلت لأني مش أناني»    حسام حبيب: هقدم بلاغ ودي جريمة... تفاصيل    رسميًا، ولاد رزق 3 الأعلى إيرادًا في تاريخ السينما المصرية    شاهد.. فرقة «أعز الناس» تشعل ستوديو منى الشاذلي بأغنية للعندليب    الجيش الإسرائيلي يقصف مناطق مختلفة في غزة    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    لجان من صحة الإسماعيلية لمتابعة تقديم الخدمات للمواطنين بالمنشآت الطبية    صباحك أوروبي.. اعتراف ووكر.. قرار فليك.. ومفاوضات إنتر مع إنزاجي    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    الإسكان: إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول أسوان وتطوير الكورنيش بالمدينة    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    هآرتس: الجيش الإسرائيلي يريد مغادرة غزة ونتنياهو يخالفه الرأي    سموحة يدخل معسكر مغلق استعدادًا لطلائع الجيش غداً.. وغيابات مؤثرة تضرب صفوف الفريق    طريقة عمل كيكة الشاي بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    الأوقاف تفتتح 5 مساجد.. اليوم الجمعة    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    منظمة الصحة العالمية تحذر من أدوية مغشوشة لمرض السكري    أميرة بهي الدين: تنبأت بعدم بقاء الإخوان بالسلطة الإ عام واحد فقط    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    ننشر نص خطبة اليوم الجمعة    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية من مصر
أسرار البنات في الحي الشعبي
نشر في آخر ساعة يوم 27 - 12 - 2010

حدث أن أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب رضي الله، وكان كعادته في السير ليلا لتفقد أمور الرعية، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت، فتسور جدار البيت، فإذا برجل وامرأة عندهما إناء من الخمر، فصرخ فيهما عمر قائلا : ياعدو الله أكنت تري أن الله يسترك وأنت علي معصية ؟
فقال الرجل يا أمير المؤمنين : أنا عصيت الله في واحدة ... وأنت في ثلاث. فالله يقول : "ولا تجسسوا" وأنت تجسست علينا، والله يقول : وأتو ا البيوت من أبوابها " وأنت صعدت من الجدار ونزلت منه والله يقول : " لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتي تستأنسوا وتسلموا علي أهلها " وأنت لم تفعل ذلك
فقال عمر : هل عندك من خير إن عفوت عنك ؟
قال الرجل نعم، والله لا أعود إلي الشراب
قال عمر : اذهب فقد عفوت عنك
كان " سمير " يغالب النعاس وهو يستمع إلي صوت الإمام في صلاة الجمعة منهيا خطبته عن "عمر بن الخطاب " التي لم يصل إليه منها سوي كلمات متناثرة لم يفهم منها الكثير فقد كان كل همه أن تنتهي صلاة الجمعة فذهنه مشغول بالسيارة التي يجب أن ينتهي من العمل فيها حتي يقوم بتسليمها إلي صاحبها حتي يحصل علي أجر الأسبوع، خرج مسرعا من المسجد القريب من الورشة ليستقبله ضجيج الشارع الشعبي الذي يعيش ويعمل فيه، اخترق صفوف الباعة الذين نشروا بضائعهم بين أقدام المارة، ليسرع هو بقفزات محسوبة ليصل إلي باب الورشة، وينهمك في عمله الذي لم يستطع أن يفرغ منه إلا في نهاية يوم السبت، ليسرع إلي منزله وهو يحمل معه "جيركن " من الكيروسين لزوم إزالة الشحم والزيوت من جسده، حتي يبدو في أبهي صورة فالسهرة صباحي وأجرة الأسبوع ستكفي تكاليف الطعام والشراب في الكازينو، انتهت الليلة وتساند سمير وأصحابه حتي عادوا إلي شارعهم، نام بعمق شديد ولم يستيقظ إلا الساعة الخامسة بعد العصر وهو يشعر بصداع شديد من تأثير الليلة الصاخبة التي قضاها، وكعادته طلب من شقيقته كوب شاي ثقيل وجلس في البلكونة التي تطل علي الشارع وتكاد تلتصق بالمنزل المقابل له فالبيوت كلها متلاصقة ولا فرق ما بين داخلها وخارجها فالكل يعلم ما وراء الجدران، أمسك بالراديو محاولا ضبط المؤشر علي محطة أم كلثوم، مسترجعا ذكريات الليلة الماضية، ولم ينتبه في بداية الأمر إلي الأصوات المختلطة التي تأتي من الراديو، سمع كلمات متداخلة أعتقد أنها من برنامج »مع«، حاول مجددا ضبط المحطة، ومع كل محاولة كان الصوت يزداد وضوحا، واكتشف أنه يستمع إلي مكالمة تليفون، تنبهت كل حواسه، استمع إلي النهاية وماهي إلا ثوان وجاءه صوت فتاة تحدث صديقتها، وأخري تتكلم مع أمها، وأدرك أن الراديو يلتقط مكالمات التليفون في المنطقة، وغرق في حكايات الجيران، وأصبحت هوايته اليومية ما أن ينتهي من عمله حتي يسارع بالجلوس في بلكونته الضيقة بعد أن اكتشف أن هناك الكثير من الأسرار التي لا يعلمها عن أهل الشارع، ومارس هوايته الجديدة وبدأت المكالمات وجاءه صوت امرأة تهمس لرجل وتحدد معه موعدا للقائه في شقته، هب واقفا وكاد أن يقفز من البلكونة باحثا ببصره عن مصدر الصوت من حوله، واستمرت المكالمات التي شارك فيها أصدقاؤه بعد أن دعاهم ليستمعوا معه، وأصبحوا يتبارون في تحديد شخصيات من يتحدثن، واقترح سمير بعد اكتشافه لصاحبات المكالمات التليفونية أن يقوم بتسجيلها بعد أن شعر بالغضب الشديد علي حد قوله لي، وعندما سألته عن سر غضبه، " قال لي عيب اللي حصل الستات والبنات اللي سمعناهم كنا بنحترمهم قوي وهما كانوا بيرسموا الشرف وبيضحكوا علينا"
ولم تنته القصة عند هذا الحد، فبعد أن نجح في تسجيل العديد من شرائط الكاسيت للمكالمات التليفونية، شعر بقوة شديدة أراد أن يستثمرها حتي النهاية، واتفق مع أصدقائه علي ضرورة الثأر لشرفهم المهدور وعلي ضرورة أن تدفع النساء والفتيات اللاتي كشفن سترهن ثمن أخطائهن وتحول هو وأصدقاؤه إلي قضاة وجلادين، طاردوهن، أهانوهن، في كل خطواتهن التي كانوا يعرفونها قبل أن يخرجن من منازلهن، ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا منهن أن يرحلن عن الشارع، وكانوا كل مرة ينهون تهديداتهم بكلمة وإلا، لم تستجب الضحايا لهم، قاومن، هددوهن بالإبلاغ عنهن والتحرش بهن، ازداد غيظ سمير وأصدقائه واجتمعوا ليالي طويلة للانتقام منهن، لم يتوصلوا لوسيلة تشفي غليلهم، احتدت مناقشاتهم وعلت أصواتهم، وصمتوا فجاة بعد أن سمعوا أصوات زغاريد، " انطلقت من الشارع وتذكروا أن فرح "شريهان " جارتهم قرب والاحتفال من أجل التنجيد، وصل " "الأسطي حمدي المنجد " بصبيانه وجهاز التسجيل العملاق " الذي يملكه ويجعله المفضل لدي أهل المنطقة، امتلأ المكان بالمرح ورتبت "شريهان" وصديقاتها مفروشاتها لعرضها علي الأهل والأصدقاء وإغاظة حماتها، وزين المكان " بالدباديب والعرائس " وبدأ المنجد عمله وانطلقت الفتيات في وصلات من الرقص وانهال النقوط علي المنجد، ووجد "سمير " الحل وجمع أشرطة الكاسيت واقتحم حلقة المنجد وعمل الواجب " نقط " ورقص، وطلب من المنجد تغيير شريط الكاسيت، ووضع أول شريط وكان مليئا بالعبارت الجنسية الواضحة، وفجأة ساد المكان صمت ثقيل وتوقف المنجد عن العمل، وتوقف المارة ليستمعوا، وتبرع سمير بالشرح لمن يسأل عن الشريط وتعريفهم بصاحبة الصوت، وانتهي الأول ليضع الثاني، وهو مستمر بالشرح، وأعاد الأشرطة عدة مرات لمدة أربع ساعات، عاد أثناءها المنجد للعمل ولكن في هدوء لم يتبق سوي صمت الفضيحة، وشماتة سمير وأصدقائه، ومبرراتهم التي تبرعوا بذكرها فهم المدافعون عن الشرف والفضيلة، وتعمدوا ذكر ذلك أثناء عودة أزواج وأشقاء الضحايا من العمل.
قلت له : هل طلب منك أحد أن توقف هذه الكارثة ؟
رد وهو متعجب لا، ولكن في آخر النهار جاءتني واحدة من الجيران وقالت كفاية.
والعروسة ؟ قال : كانت مبسوطة، كل الشارع حضر ونقط علشان يسمع
أصابني الهدوء الذي يتحدث به بحالة من الذهول، وتذكرت كل الأبحاث والدراسات التي تتحدث عن التغيير الذي أصاب الشخصية المصرية وجعلها تميل إلي الحدة والعنف وسيطرت عليها الأنانية، رغم التزايد الواضح لكل المظاهر الدينية، وزيادة عدد شيوخ الفضائيات وأعداد الزوايا والمساجد والدعوات المستمرة لبناء الكنائس .
نقلت قصتي وحيرتي إلي فضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد، لم يخف الرجل تعجبه وقال : الإسلام دين يدعو إلي الفضيلة وينهي عن التجسس ومتابعة الغير والتلصص ومن يقوم بذلك فهو كمن يأكل جثة إنسان ميت، ولنتذكر موقف النبي ([): عندما ذهب إليه رجل وقال له رأيت رجلا مع امرأة، فقال له لو كنت سترتهما بطرف ثيابك كان خيرا لك . فالرسول لم يسمع من الرجل بل نبهه إلي فضيلة الستر لأن الجريمة وقعت ومن يفضح العاصي، يفضحه الله هو الآخر علي رؤوس الناس، وصاحب القصة التي نتحدث عنها رغم إدعائه الكاذب بأنه صاحب فضيلة إلا أنه قد يكون قد قام بفعلته من أجل استغلال الموقف وعندما تلقي الرفض قام بما قام به، والشرف والفضيلة براء منه فهو في غفلة شديدة ما فعله يقع تحت طائلة القانون للتسجيل بدون إذن، والتشهير وله عقوبات في الدنيا والآخرة، فالإسلام يصون الأعراض، والمسلم مطالب بأن يستر علي إخوانه ولابد أن يتوب هذا الرجل إلي الله، لأنه إذا لم يكن يعلم الأحكام الشرعية فهو قصور منه لأن المسلم مطالب بأن يتعرف علي دينه وأحكامه من خلال أئمة المساجد وما أكثرها، وعلي علماءالدين أن يتداركوا هذا وينبهوا الناس إلي تعاليم وأحكام الدين .
إذا كان الجهل بأحكام الدين أحد العوامل، فمن أين جاءت كل هذه القسوة والرغبة في التدمير ؟
أجابني الدكتور إبراهيم عيسي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس : في رأيي أن " مجتمع الزحام " الذي نعيش فيه خلق حاله هائلة من الضغوط جعلت كل شخص لايكترث بغيره وتجعله مكترثا بذاته ورغباته فقط والتي لايستطيع في معظم الوقت توفيرها، فالكثافة في مجتمعنا تدفع الناس إلي العدوان مع غياب منظومة القيم التي تاهت في الزحام، ولابد من عودة منظومة القيم إلي وضعها الطبيعي، وإظهار نماذج ناجحة وتسليط الأضواء عليهم ليتحولوا إلي قدوة ينظر إليهم الناس باحترام حتي تختفي مظاهر العدوان المفرطة التي يوجد مثال لها في هذه القصة وغيرها .
العجيب أن "سمير " خرج من الشارع ولكن في منطقه أخري والنساء اللاتي فضحهن " مازلن يقطن الشارع ، ولم ينقص الشارع شيئا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.