أكدت الدكتورة راقية رفاعي أستاذة الصناعات النسيجية بالمركز القومي للبحوث، أن مصانع الغزل والنسيج تواجه أوضاعًا سيئة أدت إلي تدهورها بشكلٍ كبير. كاشفة في حوارها ل"آخر ساعة" أن الفريق البحثي الذي تنتمي إليه، توصّل إلي إنتاج أقمشة طاردة للحشرات وأُخري مضادة للبكتيريا، يُمكن أن تخلق ميزة تنافسية للمنسوجات المحلية، غير الطفرة التي يُمكن أن تُحدثها في نُظم مكافحة انتقال العدوي داخل المستشفيات، مؤكدة أن هناك فجوة كبيرة بين البحث العلمي ونتائج الأبحاث وبين المؤسسات الصناعية.. وإلي نص الحوار. استخدامها يُحدث طفرة في مكافحة العدوي داخل المستشفيات يمكن أن تعيد المصانع الحكومية إلي المُنافسة ما تقييمك لأوضاع صناعة الغزل والنسيج لدينا؟ بالطبع تُعاني مصانع الغزل والنسيج خاصة الحكومية منها أوضاعًا سيئة، أدت إلي تدهورها بشكلٍ كبير خلال السنوات الأخيرة بعد أن كانت الصناعة الأقوي والأهم لدينا. وهناك عوامل عدّة تسببت في تفاقم أزمات هذه الصناعة، علي رأسها تهالك الماكينات وقِدَم التكنولوجيا التي تعمل بها المصانع، والخلل الذي تُعانيه الهياكل التنظيمية والإدارية لها. فضلاً عن ارتفاع تكاليف الإنتاج مُقابل إغراق الأسواق بالملابس والمنسوجات المستوردة والمُهرّبة في كثير من الأحيان. لذا نعمل علي تطوير الصناعة من خلال العديد من الدراسات التي ستؤثر إيجابًا علي جودة المُنتج المحلي حال تطبيقها في المصانع. غير أننا توصلنا عبر أبحاث جديدة إلي خلق ميزة تنافسية وقيمة مُضافة للمنسوجات المحلية بما يتواكب مع احتياجات المُجتمع، ما يمكن أن يخلق رواجًا لها بعد الركود الذي تُعاني منه. حدثينا عن آخر ما توصلتم إليه من خلال هذه الأبحاث؟ توصّلنا مؤخرًا إلي إنتاج أقمشة مُبتكرة تعمل علي طرد الحشرات، وقد عكفنا علي دراسة ذلك خلال عدّة سنوات عبر الفريق البحثي الذي يرأسه الدكتور محمد هاشم نائب رئيس المركز القومي للبحوث للشؤون البحثية. ومن خلال تعاوننا مع قسم بحوث الحشرات توصلنا بعد عدّة تجارب، إلي إمكانية إضافة مادة "السايكلودكسترين" -وهي مادة طبيعية مُستخلصة من النشا- إلي الأقمشة، لتُمكننا من خلال حلقة فراغية موجودة بداخلها من إضافة المواد الطاردة للحشرات وعلي رأسها بعض أنواع الزيوت العطرية، بحيث تتفاعل مع عوامل الرطوبة بعد إضافتها للأقمشة لتقوم بإطلاق هذه المواد. وبالطبع تكمن أهمية ما توصلنا إليه في إمكانية حماية الأفراد من الحشرات الناقلة للأمراض والمُسببة للحساسية الجلدية، خاصة مع انتشار فيروساتٍ عدة منها فيروس زيكا وحُمي الضنك والحمي الصفراء وغيرها، من خلال أقمشة صالحة لجميع أنواع المنسوجات. ما أهم الزيوت الطاردة للحشرات، وكيف يتم إضافتها إلي الأقمشة؟ هناك العديد من الزيوت العطرية التي أثبتنا فاعليتها في طرد الحشرات الطائرة، منها الزيوت المُستخلصة من الليمون والنباتات العطرية مثل الريحان والكافور، غير زيت الصبّار والشاي الأخضر ومادة "السيتروميلا" المستخلصة من نبات الأكتوباس. ويتم استخلاص هذه الزيوت بطريقتين إما بتجفيف النبات وطحنه وتعريضه لدرجات حرارة مرتفعة أو بطريقة التقطير. ونقوم بإضافتها بعد أن نُذيبها في مادة كحولية إلي القماش الخام المُعالج بمادة "السايكلودسترين"، بحيث تغمره لمدة ساعات قبل أن نقوم أخيرًا بتجفيف القماش ليُصبح صالحًا للاستخدام والتشكيل. وقُمنا بالفعل بإثبات فاعلية ذلك مع أنواع عدة من الأقمشة القطنية الخالصة، والأقمشة المخلوطة مع البوليستر وخامات الكتان. ما التطبيقات الأخري لهذه التقنية؟ أنتجنا من خلال هذه التقنية أقمشة مُضادة للبكتيريا والميكروبات، وذلك عن طريق إضافة بعض المواد التي تتفاعل مع الميكروبات وتمنع انتشارها مثل مادة "التريكلوسان" ومادة "الكيتوزان" المُستخلصة من قشور الجمبري. هذه الأقمشة يُمكن أن تُحدث طفرة في نُظم مُكافحة انتقال العدوي والميكروبات في المجال الصحي والمستشفيات وغُرف الرعاية المركزة. ما سبب هذه الفجوة وكيف يُمكن معالجتها؟ السبب الرئيسي يكمن في عدم وجود حلقة وصل بيننا وبين الصناعة. غير أن كثيراً من مصانع الغزل والنسيج خاصة الحكومية منها تُعاني من أزمات مالية ضخمة، وبالتالي يصعب عليها الدخول في أي تجربة إنتاجية جديدة. رغم أن الجدوي الاقتصادية لإنتاج هذه الأقمشة هائلة لأنه ليس لها بديل مستورد. وبالتالي يُمكن أن تُعيد المصانع الحكومية إلي المُنافسة، وهذا يتطلب بالطبع وضع خطة تمويلية من جانب الدولة لتبني هذه الأبحاث، ولحل المشكلات والعوائق التمويلية التي تواجه مصانع الغزل والنسيج.