بينما تبحث الحكومة عن خطط جديدة لترشيد النفقات بجميع القطاعات لسد العجز بالموازنة العامة للدولة، حقق أكبر ناديين في مصر الأهلي والزمالك عجزاً بميزانيتهما وصل لنحو 62 مليون جنيه، ليس هذا فحسب بل تعاقد الناديان مع مدربين أجانب مقابل مبالغ ضخمة، حيث تعاقد الأهلي مع الهولندي مارتن يول، ب170 ألف دولار شهرياً، وتعاقد الزمالك مع الأسكتلندي إليكس ماكليش، براتب شهري 60 ألف دولار شهرياً، كما تعاقد نادي الاتحاد السكندري مع البرتغالي ليونيل بونيتش مقابل 60 ألف دولار شهرياً، وتعاقد وادي دجلة مع كارتيرون براتب شهري 100ألف دولار في السنة. رشاد عبده: تشكيل لجان لتعظيم موارد الأندية عمرو وهبي: أطالب الأندية بالبحث عن مصادر للتمويل بعيداً عن الدولة وحقق النادي الأهلي خسائر وصلت إلي6 ملايين جنيه، بعد أن حقق إيرادات وصلت إلي106 ملايين جنيه، بينما سجلت المصروفات 112 مليون جنيه، فيما سجلت خسائر النشاط الرياضي بشكل عام 33 مليون جنيه، حيث أنفق نحو 40 مليون جنيه، بينما سجلت الإيرادات 7 ملايين جنيه فقط، وبفضل موارد الإيرادات للنادي الأهلي تم تحقيق فائض في ميزانية الأهلي الأخيرة، وهي عبارة عن50 مليون جنيه من وكالة الأهرام للإعلان، و25 مليون جنيه من اتحاد الإذاعة والتليفزيون، و25 مليون جنيه من شركة الأهلي للإنتاج الإعلامي، و14 مليون جنيه من العضويات الجديدة، و35 مليون جنيه من العضويات السنوية، و400 ألف دولار من شركة سبورتا المنتجة لملابس النادي، و650 ألف دولار مكافأة الفوز ببطولة الكونفيدرالية، و5 ملايين جنيه قيمة مبيعات لاعبين بالفريق. أما الزمالك فحقق إيرادات واستثمارات بالعضوية وصلت إلي80 مليونا و500 ألف جنيه، إضافة لحصوله علي عقود رعاية وصلت إلي160 مليون جنيه، بما يعادل نحو40 مليون جنيه في الموسم الواحد، بينما سجل بند المصروفات 106 ملايين و974 ألف جنيه، بفائض بين الإيرادات والمصروفات 28 مليون و861 ألف جنيه، ووصلت المديونيات المستحقة للضرائب والتأمينات الاجتماعية إلي101 مليون و874 ألف جنيه، بعد أن كانت في الميزانية السابقة 74 مليوناً و617 ألف جنيه بزيادة 27 مليونا و257 ألف جنيه. واللافت أن النشاط الرياضي ككل في مصر سجل عجزاً بلغ نحو 56 مليونا و410 آلاف جنيه، حيث وصلت الإيرادات إلي47 مليونا و680 ألف جنيه، بينما بلغت المصروفات 105 ملايين و87 ألف جنيه، ووصلت إيرادات كرة القدم وحدها إلي45 مليونا و540 ألف جنيه، وشكل الفارق بين الإيرادات والمصروفات في الألعاب الرياضية الأخري أرقاماً مرتفعة في صالح المصروفات، حيث سجلت كرة السلة إيرادات وصلت إلي257 ألفا و400 جنيه، وبلغت المصروفات 4 ملابين و705 آلاف جنيه، وسجلت إيرادات كرة اليد 115 ألفا و450 جنيها، مقابل مصروفات 3 ملايين و350 ألف جنيه، وسجلت الكرة الطائرة إيرادات 37 ألفا و625 جنيها، مقابل مصروفات 13 مليونا و630 ألف جنيه، إضافة إلي مصروفات عمومية وإدارية كالصيانة، والأدوات المكتبية، وغيرها، ب33 مليونا و357 ألف جنيه، بزيادة تجاوزت أل20 مليون جنيه عن آخر ميزانية. الواقع يؤكد أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر تفرض علينا التوقف عن هدر الأموال التي تُنفق علي النشاط الرياضي والأندية الرياضية، وأن تتحول هذه الأندية لمصدر دخل كما يحدث في الأندية الرياضية علي مستوي العالم، ففي منتصف التسعينيات من القرن المنصرم قامت حكومات دول أوروبا وأمريكا والكثير من دول العالم برفع أياديها تماما عن الموازنات المالية للأندية، واعتمدت هذه الأندية علي مصادرها، وتحولت لمؤسسات تجارية تتحدث بلغة المليارات، وتدرج أسهمها في البورصات العالمية، وتدر أرباحا بالمليارات، بل ارتفعت عائداتها المالية بصورة خرافية عن طريق استثمارات مختلفة ومتعددة وتحولت هذه الأندية لشركات تجارية وصناعية ومالية تعمل وفق أسس ربحية، فالاستثمار الرياضي يُعدُّ من أقصر الطرق وصولاً للنجاحات الاقتصادية، كما أصبحت تجارة كرة القدم مصدر دخل علي مستوي العالم، وهناك شركات تهتم بهذا الأمر بشكل كبير، وتنتج التذاكر والقمصان والهدايا التذكارية علي شكل الفريق، وبطبيعة الحال تؤدي هذه التجارة لزيادة شعبية الأندية مما يدر علي هذه الأندية أو الشركات الرياضية دخلاً مرتفعاً. عمرو وهبي المدير التنفيذي لشركة بريزنتيشن للإعلان الراعية للدوري المصري للموسم الحالي، مدير إدارة التسويق باتحاد الكرة سابقاً، أكد أن هناك حرية لكل الأندية للتصرف في مصادر تمويل أنشطتها، التي منها رواتب الجهاز الفني، وتدريب الفرق خاصة الفريق الأول لكرة القدم للأندية المتنافسة علي بطولة الدوري العام والبطولات الأخري، وهذا ينطبق علي جميع الألعاب، لافتاً إلي أن كل نادٍ من الأندية يسعي لتحقيق البطولات، وتحقيق المكاسب في كل الألعاب، وليس لعبة كرة القدم فقط، وبالتالي يحق لأي نادٍ جذب من يريد من اللاعبين أو المدربين الأجانب طالما هذه الأدوات مهمة للحصول علي البطولات. أضاف، أن النادي الذي يتعاقد مع لاعب أو مدرب أجنبي في مقابل مبلغ معيّن كراتب شهري أو سنوي لابد أن يمتلك الإمكانيات المالية، وتتوفر لديه الموارد التي تتيح له استقطاب أجانب، ولابد أن يكون ملتزما بما جاء في العقد تحاشيا للدخول في معارك مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، الذي يمتلك اللوائح لحفظ حقوق اللاعبين والمدربين، ويملك توقيع الجزاءات علي من يتلاعب في العقد، ومنها توقيع غرامات أو الإيقاف أو خصم النقاط، بل إن العقوبات قد تصل لهبوط النادي المقصِّر لمركز أدني في الدوري، مشيراً إلي أن الأندية لابد أن تبحث عن مصادر تمويل، ولابد أن تمتلك القدرة علي إدارة التسويق والتعاقدات وتدبير الموارد، وأن يكون لكل نادٍ الحرية في تحديد موارده، فالأندية لابد أن تكون كيانات اقتصادية تحقق أرباحاً. ويقول وهبي: «هناك أندية تعتمد علي رجال الأعمال، وأشير هنا لمدرب النادي الأهلي الأسبق مانويل جوزيه، حيث تكفّل أحد رجال الأعمال بكامل إقامته في مصر، ودفع مرتبه إضافة لوجود رجال أعمال يساهمون في تمويل بعض الأندية، لكنني أدعو جميع الأندية للبحث عن مصادر تمويل بعيداً عن الدولة». عصام سراج مدير إدارة التسويق والاستثمار، مسئول التعاقدات بالنادي الأهلي، يري أن الأهلي يمتلك الإمكانيات التي تجعله يتعاقد مع أفضل اللاعبين والمدربين الأجانب علي مستوي العالم، لافتا إلي أن خزينة النادي لم تتحمل مبلغ المدرب الجديد بشكل منفرد، وأشار إلي أن الأندية في بعض الدول تحولت لمؤسسات تجارية تتحدث بلغة المليارات، وتمتلك أسهما في البورصات العالمية، وتدر أرباحا طائلة، وأصبحنا نسمع عن أرقام تعتبر خرافية سواء في تسجيلات اللاعبين أو دخول المباريات وغيرها من المصادر، ونتمني للأندية المصرية أن تبحث عن مصادر تمويل ذاتية. من جانبه يري الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، أن الرياضة في العالم أصبحت مشروعا اقتصاديا، وباتت تدار الانشطة الرياضية علي كل المستويات كصناعة، مضيفاً أن صناعة البطل مكلفة مادياً لكن البطولات تدر مئات الملايين من الدولارات، ولا يمكن تحقيق الأرباح المادية بلا بطولات. ولفت إلي أن الإدارة الرياضية الناجحة هي التي تقلِّل من الدعم الحكومي لها، مشيراً إلي أن الرياضة والأندية أصبحت مشروعات اقتصادية تخضع لقاعدة الربح والخسارة، والعرض والطلب، مضيفاً أنه يجب الاطلاع علي تجارب الدول الأخري في مجال الرياضة والأندية لمعرفة كيف نهضت هذه الأندية وأصبحت كيانات وشركات تجارية تحقق أرباحاً بالمليارات، ومن بين هذه الأندية ريال مدريد وبرشلونة أكبر الأندية علي مستوي العالم، مشيراً إلي أن الرياضة تدخل في إطار الدورة الاقتصادية، فالاستثمار الرياضي حول العالم أصبح يقدر بالمليارات. وطالب رشاد عبده، بتشكيل لجان في كل نادٍ لتعظيم الموارد المالية والاقتصادية، وهذه اللجان تضم متطوعين من أبناء النادي يمتلكون خبرات، ويضعون أفكاراً وخططا معينة.