عندما نجد المعطيات لا تتفق مع البراهين ورغم ذلك تثبت البراهين فاعلم ان الخلل كبير وان سلم الاولويات يسير بظهره متخبطا مترنحا يعكس كل ذلك على السياسات العامة لاقتصاد الدولة.. ففى بلد يعانى من تفاقم ازمة انخفاض الجنيه وشح توفير الدولار والعملات الاجنبية نظرا للاحداث المتلاحقة التى تمر بها البلاد من مشاكل بقطاعات السياحة والصناعة والاستثمار بكل صوره ربما لذلك من تداعيات خطيرة على الاسواق المصرية.. نقول فى ظل ذلك كله نجد ان اكبر ناديين فى مصر يتعاقدان مع مدربين أجنبيين احدهما قبل التدريب مقابل 60 الف دولار شهريا مع جهازه المعاون وقس على ذلك الثانى الذى رصد 200 الف يورو للمدير الفنى الجديد وجهازه الفني. وبتسليط الضوء اكثر على اوضاع النوادى فى مصر التى لا يمكن مقارنتها بالنوادى العالمية الكبرى التى تتعامل وفق آليات دمجت فيها اللعبة الاقتصادية مع كرة القدم واصبح النادى هناك مشروعا استثماريا كبيرا يحقق عوائد ضخمة يستطيعون بها التعاقد وتلبية الانفاقات العملاقة التى نسمع عنها.. وهو منطق لا يتفق مع سياسة الاندية فى مصر التى لا تعتمد الا على تبرعات رجال الاعمال الذين يتفقون مع هذه الاندية من باب الوجاهة والمكاسب الاجتماعية ليس إلا.. ومن هنا كان السؤال الذى نطرحه واجبا فى ظل هذه الظروف التى يعيشها سوق العملة خصوصا والاقتصاد عموما.. متى تشعر هذه الاندية انها جزء لا يتجزأ من اقتصاد المرحلة؟ وتعمل وفق امكانات الاقتصاد العام للدولة بلا اجراءات استفزازية على السلعة الرياضية المستنزفة لموارد النوادى التى لا تحقق عوائد اقتصادية كما يحدث فى دول العالم المتقدم. هذا الامر يحتاج الى اجراءات تنظيمية تحدد خطوات تعامل تلك الاندية خاصة فيما يتعلق بما يمس الاقتصاد المصرى خاصة مع المطالبات الكثيرة بضرورة ترشيد الانفاقات وسياسات تقشفية قد تطول الدعم فى اسعار المياه والكهرباء ومرافق الدولة بالاضافة الى سياسات عامة للدولة تقلص فاتورة الاستيراد مع ما يمثله ذلك الامر من تضرر بعض القطاعات الصناعية وبعض فئات المجتمع التجارى بالدولة؟ ام ان الأمر متروك لرؤيتهم الوطنية فى ظل تلك الازمات. اسئلة عديدة تقرأ إجاباتها خلال السطور التالية: بالنظر الى احدث ميزانية سنوية لاكبر الأندية المصرية - تاريخا وجماهيرية - وهما ناديا الاهلى والزمالك على سبيل المثال نجد ان نادى الزمالك قد حقق ايرادات بالاضافة الى استمارات العضوية تقدر بنحو 80 مليونا و500 الف جنيه وانه حصل لأول مرة فى تاريخ النادى على عقود رعاية خلال العام الماضى تقدر ب 160مليون جنيه بما يعادل نحو 40 مليون جنيه فى الموسم الواحد عن العام الماضي. وبقراءة الميزانية نجد ان بند المصروفات سجل 106 ملايين و974 الف جنيه مسجلا فائضا بين الإيرادات والمصروفات بقيمة 28 مليونا و861 الف جنيه فيما وصلت مديونيات الضرائب والتأمينات الاجتماعية الى 101مليون و874 الف جنيه بعد ان كانت قد سجلت فى الميزانية السابقة عليها 74 مليونا و617 مليون جنيه اى زادت بقيمة 27مليونا و257 الف جنيه. وبالنظر الى النشاط الرياضى بشكل خاص فقد سجل عجزا وصل الى 56 مليونا و407 آلاف جنيه حيث وصلت إيراداته الى 47 مليونا و680 الف جنيه فيما سجلت المصروفات 104ملايين و87 الف جنيه وصلت ايرادات كرة القدم وحدها الى 45 مليونا و538 الف جنيه فى الوقت الذى شكل الفارق بين الإيرادات والمصروفات فى الألعاب الاخرى أرقاما ضخمة لمصلحة المصروفات فكرة السلة سجلت ايرادات بقيمة 257 الفا و400 جنيه فى حين سجلت المصروفات 4 ملايين و702 الف جنيه ونشاط كرة اليد سجل ايرادات بقيمة 115 الفا و450 جنيه فى مقابل مصروفات وصلت الى 3 ملايين و350 الف جنيه اما نشاط الكرة الطائرة فسجل ايرادات بقيمة 37 الفا و625 جنيها فى مقابل مصروفات بقيمة 13 مليونا و630 الف جنيه. واللافت للنظر ان المصروفات العمومية والإدارية التى تنصب بشكل كبير على الصيانة والأدوات الكتابية وما شابهها بلغت 33 مليونا و357 الف جنيه بزيادة تجاوز 20 مليون جنيه عن الميزانية السابقة عليها التى سجلت مصروفات بقيمة 13 مليونا و630 الف جنيه. اما ميزانية النادى الاهلى عن الفترة نفسها فتختلف اختلافا كبيرا، فبقراءة الميزانية نجد ان النادى حقق فائضا قدر ب 15 مليون جنيه الا ان قطاع الكرة حقق خسارة تقدر ب6 ملايين جنيه حيث حقق ايرادات بقيمة 106 ملايين جنيه فى حين سجلت المصروفات 112مليون جنيه فيما سجلت خسائر النشاط الرياضى بشكل عام 33 مليون جنيه حيث أنفق 40 مليون جنيه فى حين لم يحقق سوى 7 ملايين جنيه ايرادات من الأنشطة الرياضية المختلفة. ووفقا للميزانية فقد ساعدت موارد الإيرادات للنادى الاهلى فى تحقيق فائض فى ميزانيته الاخيرة حيث حصل على 50 مليون جنيه من وكالة الاهرام للإعلان و25 مليون جنيه من اتحاد الإذاعة والتليفزيون و25 مليون جنيه من شركة الاهلى للإنتاج الإعلامى وسجل ايرادات من العضويات الجديدة بقيمة 14 مليون جنيه والعضويات السنوية 35 مليون جنيه كما حصل على 400 الف دولار من شركة سبورتا الشركة المنتجة لملابس النادى و650 الف دولار من الملف لفوز النادى ببطولة الكونفدرالية وباع لاعبين بقيمة 5 ملايين جنيه. وقد خاض الناديان مؤخرا رحلة بحث عن مدرب اجنبى لكل منهما لتدريب الفريق الاول لكرة القدم بدلا من الاعتماد على مدربين مصريين. فالنادى الاهلى اعلن انه رصد مبلغا قدره 150 الف دولار كراتب للمدير الفنى الجديد حال الاستقرار على اسمه معتمدا فى تمويل راتب الجهاز الفنى على مساهمة من الشركة الراعية للنادى وتمويل من عدد من رجال الاعمال المحبين للنادى الا ان المفاوضات مع «مارتن يول» -المدرب الذى وقع عليه الاختيار- انتهت بموافقة النادى على دفع مبلغ 200 الف يورو أى ما يعادل مليونا و700 الف جنيه شهريا للجهاز الفنى الجديد متضمنة راتبه الذى يصل الى 180 الف يورو راتبا شهريا و20 الف يورو للمدرب العام ومدرب الأحمال ما يعنى ان ميزانية النادى سوف تتحمل 2 مليون و400 الف يورو سنويا اى ما يعادل 20 مليونا و400 الف جنيه وهذا يمثل أضعاف راتب المدير الفنى الأسبق جوزيه بيسيرو الذى كان يتقاضى شهريا 60 الف دولار اى ما يجاوز نصف مليون جنيه بميزانية سنوية تقدر بما يقرب من 6 ملايين جنيه سنويا، فى حين ان المدرب الحالى للاهلى الكابتن عبد العزيز عبد الشافى يتقاضى 150 الف جنيه شهريا وهو أغلى راتب مدرب مصرى على مستوى الأندية المصرية. اما نادى الزمالك فقد قاد عدد من المفاوضات مع عدد من المدربين الأجانب التى انتهت الى عدم قدرة تحمل ميزانية النادى للرواتب المطلوبة من هؤلاء المدربين، الا انه توصل مؤخرا الى اتفاق مع المدرب الأسكتلندى «ماكليش» بحصوله على راتب شهرى يقدر ب60 الف دولار - اى ما يعادل نحو500 الف جنيه- شاملا رواتب المساعدين له فى الجهاز الفنى اى ان الجهاز الجديد يتقاضى سنويا 900 الف دولار اى ما يجاوز 8 ملايين جنيه سنويا وهو راتب من المرجح ان يزيد الى 100 ألف دولار فى حال موافقة الشركة الراعية للنادى على تحمل نسبة من التمويل. الاعتماد على مدربين اجانب غير وارد حاليا الا فى أربعة أندية هما الاهلى والزمالك اضافة الى نادى الاتحاد السكندرى الذى يتولى تدريب الفريق الاول لكرة القدم فيه البرتغالى ليونيل بونيتش وراتبه الشهرى لا يجاوز 60 الف دولار اى ما يعادل 500 الف جنيه شهريا اى نحو مليون ونصف المليون سنويا فضلا عن نادى وادى دجلة الذى يتولى تدريب فريقه الاول لكرة القدم «كاريتيرون» الذى يتقاضى راتبا بقيمة 100 الف دولار اى ما يعادل 800 الف جنيه. - حرية مطلقة يقول عمرو وهبى - مدير إدارة التسويق سابقا باتحاد الكرة والمدير التنفيذى لوكالة بريزنتيشن للإعلان الراعية للدورى المصرى 2015 - 2016 ان كل ناد له حرية التصرف فى مصادر تمويل رواتب الجهاز الفنى لأى لعبة من الألعاب الموجودة به وعلى رأسها مهمة تدريب الفريق الاول لكرة القدم خاصة للأندية التى تتنافس على الحصول على الدورى العام. ويضيف ان كل ناد يسعى الى تحقيق البطولات فى كل الألعاب لما فى ذلك من الصعود بمستواه محليا ودوليا وتحقيق مكاسب وبالتالى فان اى ناد من حقه الحصول على من يشاء سواء من لاعبين او مدربين اجانب مادامت انها وسائل للحصول على البطولات. ويؤكد وهبى انه مادام ابرم النادى اتفاقا مع مدير فنى او لاعب فى مقابل راتب شهرى او سنوى محدد فلابد ان يكون على تمام الثقة فى قدرته على توفير موارد ذلك حتى لا يدخل فى معركة مع الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» الذى يمتلك لوائح لحفظ حقوق اى لاعب او مدرب لانه فى حال عدم الوفاء بهذه الحقوق يصدر الفيفا عقوبات تتخذ عدة أشكال منها توقيع غرامات والإيقاف وخصم نقاط بل يمكن هبوط الناى المقصر الى الدرجة الأدنى فى الدورى. اما عن مدى إمكانية تحمل الأندية لهذه الميزانيات فيشر وهبى الى ان ذلك يرجع الى قدرة النادى وإدارة التسويق والتعاقدات به على الوفاء بهذه الالتزامات وتدبير الموارد وان لكل ناد حرية التصرف فى تحديد موارد الحصول على هذا التمويل ويكفى ان أشير الى ان مدرب الاهلى الأسبق مانويل جوزيه لم يتحمل النادى الاهلى تكاليف إقامته فى مصر بل كان يتحملها بالكامل رجل الاعمال المعروف ياسين منصور وهى معلومة لم تكن معلنة للكثيرين وهى تجربة من الوارد تكرارها فى الوقت الحالى حتى وان كانت فى شكل مساهمة وليست تحمل كل التكاليف. - المشاركة فيما يقول عصام سراج - مدير إدارة التسويق والاستثمار ومسئول التعاقدات بالنادى الأهلي- انه من الطبيعى أن يتعاقد الأهلى مع أعظم المدربين على مستوى العالم، وسوق المرتبات تغير بشكل كبير، مضيفا أنه عقب فسخ التعاقد مع البرتغالى جوزيه بيسيرو الذى رحل لتدريب أعظم الأندية فى بلاده بورتو تسلم النادى الاهلى اكثر من 70 سيرة ذاتية لمدربين من جنسيات مختلفة، وتحدثنا مع المئات من الوكلاء من أجل الاتفاق مع المدير الفنى الذى يناسب اسم الأهلى فنيا، وتسويقيا. وعن المبالغ المالية المرصودة من إدارة النادى لراتب المدير الفنى الجديد قال مسئول التسويق بالأهلى لم يتم الاتفاق بشكل رسمى أو توقيع العقود، والنادى اعتاد على عدم إعلان مثل هذه الأمور، ولكن كل الأرقام المذكورة هى بالفعل تتقارب مع راتب المدير الفنى الجديد، ولكن خزينة النادى لن تتحمل المبلغ بشكل منفرد.