اندريه سوتريك مدير المهرجان والفنانة نيكول كالفن ما بين تبدل المشاعر.. وتغييرها وتحولها تصاب الكثير من العلاقات بالسكتة القلبية. لكن ما قد يبقيها مستمرة علي قيد الحياة هو الاحترام.. الحياة مع أي إنسان تبدو شديدة الجفاف بدون حب لكنها مستحيلة تماما إن خلت من الاحترام.. ومن يحترم نفسه، يحترم الآخرين وينأي بروحه عن الكثير من المواقف التي تحرجه والتي قد تحط من قدره وتكدره. علاقات خطرة في المكسيك العنف الأمريكي والحلم الكاذب وفي الفيلم المكسيكي (السباحون) للمخرج «ماكس زونينو» الذي ولد في «أورجواي» وأمضي بها سنوات طفولته وشبابه وبعد الانتهاء من دراسته قرر الانتقال للحياة في المكسيك، حيث عمل في مجال الأفلام الدعائية.. والمسلسلات التليفزيونية.. والأفلام القصيرة قبل أن يقدم فيلمه الروائي الأول (السباحون) وهو تعبير مجازي عمن يسبحون ضد التيار في الحياة.
«ماكس» رغم إنه ليس مكسيكيا لكنه استطاع أن يتأقلم جيدا في هذه المدينة التي اختارها وأصبح كابن لها وهذه الرؤية القادمة من الخارج سمحت له أن يهضم كل المتغيرات الاجتماعية التي حدثت في الفترة الأخيرة والإضرابات الكثيرة من قبل الطلبة والشباب علي أثر الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعرضت لها المكسيك في سنة 2008 خاصة أن الإجراءات التي اتخذها وزير الاقتصاد كان فيها كثير من العنف والظلم. «فلافيا» الطالبة تحاول الالتحاق بالجامعة، والتي تعيش لدي خالتها والتي تطلب منها أن تبحث عن مكان آخر لأنها سوف تؤجر الشقة.. لتجد نفسها وهي لا تملك مالا تبيت علي «السلالم» ليدعوها جار عجوز «مارتن» لتمضي الليلة بشقته. «مارتن» أجبرته الحكومة علي إغلاق محله مثله مثل كثيرين فبات لايعمل، لكن فلافيا في البداية تشعر أنها لا تحب أو تحترم أحدا مما يدفع مارتن إلي لجوئه للعنف اللفظي معها ويقوم بطردها.. لكن عندما ينقذها من يد أحد اللصوص الذي يهم بقتلها تتبدل العلاقة بينهما ويصبح لها بمثابة الأب الذي فقدته.. وله الابنة التي لم يرزق بها.. ومن خلال فلافيا تنشأ علاقة بينه وبين الشباب الذي يحتل الشارع حيث يسمح لهم باستخدام (حمامه الخاص) بأن يستحموا في نظير الطعام الذي تقايضهم عليه فلافيا.. ويبدأ العجوز في العودة من جديد للتلاحم مع الحياة من خلال هؤلاء الشباب.. كما تدرك جيدا فلافيا أن الاستخفاف بالبشر وعدم احترامهم لايجعل الحياة تدوم بينها وبين أي أحد آخر فالجوهر في العلاقات الاحترام قبل الحب.
كم من الجرائم ترتكب باسم الحب.. في حق أحب الناس إلينا.. لأننا نجعل من الحب رخصة لنمارس ديكتاتورية خاصة علي الأبناء أو الإخوة الصغار دون أدني احترام لإرادتهم أو مشاعرهم والحجة نبحث عن مصلحتهم حقيقة من هم أكبر سنا يرون أشياء بحكم الخبرة لا يلتفت إليها الصغار لكن ليس معني ذلك أن نلغي رغباتهم وندينهم دائما لأنهم لا يملكون خبرة الحياة.
وفي واحد من أجمل الأفلام التي عرضت بالمهرجان الفيلم الإيطالي «إذا أراد الله»، للمخرج «إدوارد فالكوني « بعد أن انتهي من دراسة الفنون اتجه إلي كتابة السيناريو للعديد من كبار المخرجين إلي أن قرر أن يقدم أولي تجاربه الإخراجية في هذا الفيلم الذي شارك في بطولته «ماركو جياليني».. و»أليسندرو جاسمان».. «ولورا مورانتي».
توماسو جراح شهير وماهر لا مكان للعواطف في العمل لديه.. جاف مع فريق العمل الذي يتعاون معه.. لا علاقة إنسانية تربطه بمريض.. يعتقد أن المصارحة بالحالة المرضية بوضوح كامل ودون مراعاة لحالة مريض أو أسرته هي أفضل شيء.. عائلته تسير علي نظام دقيق فزوجته «كارلا» التي كانت طالبه ذات نشاط سياسي أبعدها عن كل شيء وتحولت إلي ربة منرل.. ابنته الكبري تزوجت وجعلها تقيم في شقة أمامه.. أما ابنه «أندريا» فهو يضع فيه كل آماله لكي يصبح طبيبا مثله ولذا أجبره علي دراسة الطب لكن الابن يفاجئ الأسرة بأنه يريد أن يصبح راهبا ويترك الدراسة ويتفرغ للعبادة، مما يدفع بالأب للجنون لكنه يقرر أن يعالج الموضوع بحكمة.. ويبحث عمن أثَّر علي ابنه في ذلك وبالفعل يبحث في ذلك الموضوع حتي يكتشف أن ابنه يستمع إلي خطب أحد القساوسة فيقرر أن يبحث وراء هذا القس ربما يجد في ماضيه ما يشينه.. وبالفعل يلتقيان حيث يوهم الطبيب القس بأن لديه مشكلة كبري وإنه يحتاج لمساعدته ليتقرب إليه.. ويعرض عليه القس بعض الأعمال إلي أن يأتي اليوم الذي يلقي فيه (توماسو) «بدون بترو» في منزله مع ابنه. ويطلب الأب من القس ألا يفشي سره لابنه فيوافق الأخير بشرط أن يعمل معه لمدة شهر في تشطيب كنيسة صغيرة يقيمها من أجل والدته.. وأثناء عملهما معا تتبدل الكثير من الأشياء وتتغير ليعلم أن الابن قرر أن يغير رأيه وأن القس نصحه بألا يتجه إلي هذا المجال لأنه لم يخلق له. الفيلم نجح مخرجه في غزل العديد من التفاصيل الدقيقة في العلاقات الإنسانية كما أعطي صورة صادقة لكواليس الحياة اليومية من خلال عدة طبقات اجتماعية متغيرة.. وذلك في إطار كوميدي ساخر.. وأداء رائع للممثلين الذين أجاد كل منهم في دوره.
في أكثر المجتمعات «رقيا» و«تمدنا» هناك آلاف إن لم يكن ملايين من البشر يعيشون مهمشين منغمسين في الضياع من جراء الفقر الشديد، أتحدث عن أمريكا «الحلم» الذي يسعي إليه الجميع من أنحاء العالم خاصة من الدول الفقيرة.. في الفيلم الأول للمنتج الأمريكي «هانك بدفورد» الذي أنتج العديد من الأفلام السينمائية الأمريكية فإنه قرر أن يخوض تجربته الأولي في الإخراج بفيلم «الأرض البائسة» في أقرب ترجمة لها قريبة من الفيلم.. «كرميت» يخرج من السجن بعد أن أمضي وقتا لا بأس به ويقرر أن يبتعد عن كل ما يسبب له المشاكل، لكنه يلتقي «براشيل» التي يقع في حبها من النظرة الأولي.. هم يقيمون في «ديكسي لاند» حيث يعيشون في سيارات يجعلون منها منازل.. راشيل والدتها مريضة لا تجد تكاليف علاجها.. قرر كرميت أن يساعدها ولذلك يورط نفسه في تهريب المخدرات.. لكن عندما يتم توقيفه ينتحر بإطلاق الرصاص علي نفسه لتنتهي حياة بائسة لمن يعتقدون أنهم يعيشون في أرض الأحلام «أمريكا».. بينما هم يعيشون في مجتمع غارق في القسوة ممتلئ بالعورات. إن فيلم (ديكسي لاند) لمخرجه «هانك بدفورد».. وبطولة «كريس ريلخا».. و«ريللي كوف» هو نموذج للعنف الأمريكي في أبشع صوره.