عشوائيات تل العقارب بالطوب استقبلت الأسر المتبقية من سكان «تل العقارب»، حسام رأفت رئيس حي السيدة زينب، الذي ذهب إليهم في محاولة لإقناعهم بمغادرة منازلهم، والإقامة في صحراء علي طريق الواحات بمدينة السادس من أكتوبر، وهدد أصحاب المحلات في شارع السد البراني بالتل بإلقاء أنفسهم أمام الجرافات إذا أصر رئيس الحي علي هدم بيوتهم ومحلاتهم التي تعتبر مصادر أرزاقهم الوحيدة. حكي الأهالي ل«آخرساعة» ما يكابدونه من فقر وقلة حيلة وهوان علي المسئولين، واستغاث المسنون بالرئيس السيسي لرفع الظلم عنهم، بينما قال حسام رأفت رئيس الحي، إن لديه من الأساليب والطرق ما يؤكد نجاحه في مهمته لإخراج من تبقي من السكان، في حين اتهمت جيهان عبد الرحمن، نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية، مواطنين في التل بأنهم يحاولون خداع الدولة والحصول علي أكثر من حقوقهم، وتضاربت تصريحات رأفت وعبدالرحمن حول تحصيل مبالغ من الأهالي مقابل الإقامة المؤقتة في وحدات سكنية بأكتوبر. وبحسب رواية الأهالي فإن «تل العقارب» كان يطلق عليها في الماضي «تل الورد» إلا أن الفتوات الذين استوطنوا فيها ذاق الناس سمومهم فتغير الاسم، وحتي وقت قريب كان يعيش في المكان 530 أسرة تضم نحو 4000 مواطن يقيمون في 230 منزلاً، أما الآن فلم يتبق إلا عدد قليل من الأسر التي تأبي مغادرة المكان. ويقول أحمد محمد، إن الظلم وقع عليهم فمن له الحق لا يحصل عليه، ومن لا يملكه حصل علي أكثر منه، فالموظفون يديرون المسأله طبقا لأهوائهم، لأن أوراقنا كاملة تماماً وفي نفس الوقت الموظف المنوط بالمسألة لا يرغب في تخليص الأمور بسبب شجار قديم بينه وبين أحد أقاربي، وكل مرة يخترع حجة مختلفة، ووفقاً لحديث الوزير الحق مكفول للجميع في الحصول علي شقق إلا أن هذا لا يحدث مطلقاً علي الأرض. وتوضح سمر منير، التي تعيش مع زوجها وأطفالها وجدتها ذات الثمانين عاماً- لا تتحرك من الفراش أن أوراقها مكتملة وتقول: معي عقد ملكية ب72 عاماً، ويرفضون منحنا شقة نعيش بها بحجة أن والدي حصل علي شقة، فهل من المفترض أن أذهب وأعيش معه في شقة واحدة ومعي ثلاثة أطفال وزوجي وجدتي؟. وتضيف: والحجة الأخري أن محل الإقامة في بطاقة زوجي علي عنوان مختلف عن المنطقة وتتساءل من جديد: هل من المفترض أن يكون زوجي مسجلاً علي نفس عنواني في بطاقته؟. تبكي: سيهدمون المنزل غدا، أين أذهب ومعي عائلتي، ورئيس الحي يرفض التفاهم معنا، فقد ذهبت إليه اليوم بالأوراق فرفض مقابلتي، وكل ما يقال لنا إذا استطعتم مقاومة البلدوزر ابقوا مكانكم! وتقول سيدة مسنة: أين الرئيس الذي انتخبناه لماذا لا يقف بجانبنا ولا يعطينا حقوقنا، فشعبه مهان والحي يظلمنا بكل قوته وكما انتخبناه يجب عليه مساندتنا، فبأي منطق من لا يمتلك أوراقا يحصل علي شقة ومن يمتلك أوراقاً كاملة لا يأخذ شيئاً إذن فالمسألة فيها رشاوي و«لعب من تحت الترابيزات»، ونحن أكثر من 20 فرداً في شقة واحدة ولا نملك إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل. وتروي أم جعفر قصتها بأنها مالكة لأحد العقارات التي كانت مكونة من 9 أسر، ورغم أنها وأسرة أخري حصلوا علي شقتين بالسادس من أكتوبر إلا أن هناك 7 أسر تم إلقاؤهم في الشارع ليس لهم أي مكان وتقول: الأرملة والأعزب والمطلقة ليس لهم الحق في مأوي يحميهم من النوم علي الأرصفة، وتسرد قصة سيدة لم تتحمل صدمة أنها أصبحت بلا مأوي فتوفيت في الحال. وتقول فتحية ربة منزل إن المستأجرين ليس لهم الحق في شقة بالسادس من أكتوبر علي الرغم من أن بطاقاتهم علي نفس العنوان، ولكنهم يفرضون أن تكون شهادات ميلاد الأبناء كلها مستخرجة من المنطقة فكيف يحدث هذا إذا كنت أنجبت أبنائي في منطقة أخري، وهناك سيدة وأبناؤها وتسكن معها جدتها صاحبة الثمانين عاما تم طردها وتعيش الآن تحت سور مسجد أبو الريش. سيدة أخري لم تذكر اسمها تحدثت عما وصفتهم بالبلطجية والمسجلين خطر قالت إن قسم السيدة أطلقهم بيننا ليعترضوا طريقنا طوال الوقت ولا نسمع منهم سوي السباب بألفاظ غير لائقة لإجبارنا علي مغادرة المكان. يرفض عاطف علي- نجار مغادرة المنطقة، ويقول: لا أستطيع تركها لأعيش بصحراء في أكتوبر. نريد أن نبقي هنا، علي تلك الحالة بدون تطوير، ويتساءل: من يضمن لنا العودة من جديد إذا خرجنا من بيوتنا؟ ويضيف: المسافة طويلة جداً بين الإقامة في طريق الواحات وعملنا في السيدة زينب وهو ما سيرهقنا جسدياً ومادياً.. يصمت ويقول: نفوض أمرنا لأحكم الحاكمين. ويشرح عاطف شعلان صاحب محل «موبايلات» أنه متضرر من مشروع التطوير وسيخسر كل ما يملك إذا هدم محله، وقال إن الحي يسعي لنقلهم إلي مول تجاري تحت الأرض وهدد بإلقاء نفسه تحت البلدوزر إذا أصر الحي علي هدم محله شقي عمره الذي صنعته من دمه. ويشكو محمد زهرانذ 64 عاماًذ بالمعاش أنه باع المحل الخاص به لرجل منذ ثلاث سنوات، وبعد قرار التطوير أرسل له المالك الجديد يطالبه بتعويض عن كل المبالغ التي أنفقها علي المكان. ويقول محمد ميزو ميكانيكي قصته بأنه يمتلك محلين الواحد منهما 40 متراً ثمن المتر الواحد يتخطي 25 ألف جنيه، ويرغمونه علي الانتقال إلي مكان مهجور يخصصون له فيه مترين فقط، مع عدم منحهم عقودا تثبت ملكيتهم، بينما ما نحصل عليه هو عقد استضافة، والمشكلة أننا إذا تجمهرنا سيتم وصفنا بالإرهابيين والبلطجية ونسجن ويشرد أطفالنا، ويؤكد أصحاب المحلات أن هذا المشروع يصب في مصلحة رجال الأعمال والمستثمرين. ويشير طلعت محمد مصطفي المحامي بالنقض، إلي أن رئيس حي السيدة زينب يزعم أن هناك قراراً صادراً من المحافظ بتطوير المنطقة العشوائية جبل عز وتل العقارب، بينما تكمن المشكلة في 119 شارع السد البراني لأنه يحتوي علي محلات كثيرة وهو ما يجعله بعيداً عن منطقة التطوير ويفصل بينه وبين جبل عز شارع صغير لا يقل عن 8 أمتار، ويتعجب من رئيس الحي الذي يحاول الحصول علي كل هذه المحلات علي الرغم من أنها سليمة مائة بالمائة ولم يصدر لها أي قرارات إزالة ولا يوجد فوقها مبانٍ فهي محلات فقط. ويوضح: إنهم بدأوا في الهدم وتهجير السكان، ولا ننكر أن هناك بعض المستفيدين مما يحدث وسيحصلون علي شقق، ولكن الضرر الأساسي يقع علي أصحاب العقارات ومستأجريها. ويضيف: اعترضنا رسمياً علي هذا القرار وقمت بعمل محضر لرئيس الحي الذي كان يهدد المواطنين بقطع الكهرباء والمياه، في حين رفض مأمور قسم السيدة زينب في البداية تنفيذ المحضر، لكني ذهبت للنيابة العامة لأحضر قراراً بالموافقة وأحمل رئيس الحي المسئولية، فقد هددنا باستخدام القوة الجبرية، قائلاً: سأهدم بالقوة. وبدأ في اصطياد الأشخاص واحداً تلو الآخر حتي يخلي المنطقة كلها في النهاية، ونحن نحمله المسئولية الجنائية والمدنية لما قد يحدث للأرواح أو الممتلكات، لأن التطوير خارج نطاق 119 شارع السد البراني الذي يعتبر شوكة في حلق الحي والمحافظة. ويلفت إلي أنه اقترح علي المحافظ وضع التطوير الذي يريده ونحن سننفذه علي نفقتنا وتحت إشراف مهندسي الحي، وقوبل العرض بالرفض التام، بالإضافة لأنهم رفضوا إطلاعنا علي تفاصيل مشروع التطوير. تعترف د.جيهان عبد الرحمن نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية أن أهالي تل العقارب يعيشون حياة صعبة جداً، وتقول: ما نقوم به الآن هو تطوير منطقة هم بأنفسهم أقروا أنها بؤرة للفساد يختبئ داخلها هاربون من القانون، فضلاً عن أن الحياة فيها غير آدمية بالمرة. وتضيف: قامت المباحث بالتعاون مع رئيس الحي بعمل حصر للمقيمين في المكان، وخيرناهم بين أمرين: الذهاب للسادس من أكتوبر أو الحصول علي مبلغ شهري ليختار الإقامة في المكان الذي يناسبه وأحضرنا لهم العربات لنقل ما يرغبون في نقله وبالفعل استجاب كثيرون.. أما الاختيار الثالث فهو الذهاب لمدينة بدر والحصول علي شقة هناك وفي هذه الحالة لا يحق لهم العودة مرة أخري بل يستقرون هناك وهي مدينة بها خطوط أتوبيسات ومنافذ بيع ومكتب صحة وتموين وملاعب وغيرها. ولكن هناك بعض الأشخاص بدأوا في الشكوي بعد أن أحضروا أقاربهم ليصرخوا مطالبين بعدد أكبر من الوحدات السكنية للأبناء والجدات وغيرهم، لم أر هذا علي الطبيعة، ولكنهم من يشتكون بعضهم، ونحن نسير وفق خطة محددة والمنزل الذي يتم إخلاؤه يهدم علي الفور، لأننا نريد الإنجاز في الوقت لنبدأ عملية البناء، فقد نبه الرئيس علي خطر العشوائيات. عندما رأيت المنطقة طلبت من الله أن يسامحنا علي الحياة التي يعيشها هؤلاء، وبالرغم من هذه الحياة غير اللائقة إلا أنهم يعاندون وهناك من يحرضهم علي الاستمرار في العند، فهم لا يرغبون في التغيير للأفضل وكل ما يريدونه الشكوي من معاناتهم! وأكدت نائب الحافظ علي أن المنطقة ستزال بالكامل وقالت: سنبني مكانها عقارات جديدة، خلال الفترة التي يعيشها الأهالي في وحدات تابعة لوزارة الإسكان ولم نطلب منهم مقابلاً والدليل علي ذلك أننا قدمنا لهم «عقود استضافة» أي أنهم ضيوفنا طوال هذه المدة ولن نحصل منهم علي شيء، ثم يعودون مرة أخري بدون شروط، ورغم كل ما تبذله الحكومة في سبيل المواطنين لا نستمع حتي لكلمة شكر. وحول المتمسكين بوجودهم في نفس المكان تسخر منهم نائب المحافظ قائلة: «هنعمل إيه للفيلا التي سابهالهم بابا .. لقد عاني رئيس الحي منهم وهناك من يقنعهم بالوقوف ضد الحكومة». واتهمت البعض منهم بتلقي رشاوي في مقابل عدم الرحيل من المنطقة، محاولين إقناعهم بأن الحكومة لن تعيدهم مرة أخري، وتتساءل متي أخلفت الحكومة ميعادها مع أحد؟! وتضيف: عندما ذهب المحافظ لزيارة المنطقة بدأت سيدة في الصراخ بأن والدتها تعيش بمفردها وسيهدمون حجرتها ويلقونها في الشارع، سألها المحافظ أين تسكن قالت في مدينة نصر فرد عليها قائلاً «متاخديها تسكن معاكي بدل ما انت سايباها عايشة لوحدها وبتعملي كل ده»! وهناك سيدة أخري مطلقة ومعها أطفالها يقال إنها طلقت من زوجها ليحصل كل منهما علي شقة وهما يفضحان بعضهما، فهل علي الحكومة تلبية كل هذه الطلبات.. ارحموا الحكومة. وعن أصحاب محلات منطقة السد البراني تقول إن كل من تم نقلهم تم منحهم محلات بديلة بمنطقة زينهم، .. كنت متعاطفة معهم جدا ولكن بعد نزولي علي أرض الواقع أيقنت أنهم لا يريدون التطوير، والحكومة لا تظلم أحداً. ويتساءل حسام رأفت رئيس حي السيدة زينب: هل يتخيل أحد أن هناك شخصاً أوراقه مكتملة ونرفض إعطاءه شقة «هو احنا بنديله من جيبنا»، ولكن للأسف صوت من لا حق لهم عالٍ، فقد تهجم الأهالي علي الحي منذ عدة أيام وليس لهم حق في ذلك لأنهم يمتلكون شققاً في منطقة زينهم، وسيدة أخري طلقت من زوجها في شهر نوفمبر 2015 لأن اسميهما مدرجان في الكشوف بأنهما يمتلكان شقة في النهضة، وسيدة أخري تمتلك شقة في الأميرية، وشخص آخر تزوج ابنه وذهب لمنزله وتزوجت ابنته ورحلت مع زوجها هل يعقل أن يعطي كل منهم شقة، وسيدة أخري تبلغ من العمر 55 عاماً تزوجت شاباً عمره 23 عاماً لتثبت أنهم أسرة تستحق شقة، وتاريخ العقد يناير2016، فهناك من يتحايل علي القانون. ويقول: من يترك منزله سيعود إليه مرة أخري ومعه «تصريح» استضافة ليسكن شقة في السادس من أكتوبر حتي الانتهاء من تطوير منطقة تل العقارب وجبل عز، والتي تستغرق عاما من تاريخ بداية المشروع الذي من المقرر البدء فيه بعد إخلاء المنطقة. وعن الأهالي الذين يرفضون الرحيل يعلق رأفت أنه يتعامل مع 530 أسرة وافق منهم 500 فهل سيقف 30 أمام رغبة الخمسمائة؟ .. لافتاً إلي أن المكان غير آدمي، ويقول: نحن نتعامل مع المواطنين بأسلوب حضاري ولنا طرقنا وأساليبنا في إخراجهم. وحول مشكلة أصحاب محلات السد البراني قال إنهم عشرة أشخاص ضمن 70 آخرين من أصحاب هذه المحلات لا يمثلون رأياً، ونضمن لهم تصاريح الاستضافة وحق العودة مرة أخري لمحلاتهم.. وأوضح رئيس الحي إن الاستضافة لا تعني الإقامة بالمجان، قائلاً: سنأخذ منهم مقابلاً سواء للمحلات أو للوحدات السكنية التي سنوفرها لهم. وتعجب رئيس الحي من الأهالي الذين قال إنهم استقبلوه بالطوب ووصفهم بقوله: «دول مش ناس طبيعيين»، مستطردا: أخلينا بعض المنازل منذ أسبوع ومنهم من ذهب للسادس من أكتوبر، ومن يسكنون بعيدا عن المنطقة بعدة شوارع يقفون لمنعنا خوفاً من تأثر منازلهم بعمليات الهدم. واختتم بقوله: عملوا «فيلم هندي» لأخذ حقوق غيرهم رافعين شعار «يا تشيلنا كلنا يا تسيبنا كلنا»، في محاولة لتعجيز الحكومة وأمنياً سوف يتم التعامل معهم. وحذر خالد مصطفي المتحدث الإعلامي لمحافظ القاهرة من أن منطقة تل العقارب تعد من المناطق العشوائية غير الآمنة بخطورة من الدرجة الثانية، والتي تم حصر سكانها فعلياً ويقدر عددهم بحوالي 530 أسرة تضم حوالي 4000 مواطن يقيمون في 230 منزلاً تم إزالة 17 منزلاً منها حتي الآن، وإعادة تخطيطها بمعرفة مكتب استشاري علي أن يتم إعادة سكانها إليها مرة أخري خلال عام. ولفت إلي أنه خلال أكثر من لقاء للمحافظ تم التواصل مع سكان وأهالي المنطقة وأصحاب المحلات ممن استمع المحافظ إلي شكاواهم وطمأنهم أنه لن يضار أحد في الفترة الانتقالية لإتمام المشروع وخلال عملية الإخلاء والتسكين فالمحافظة ملتزمة بتوفير وحدة سكنية مقابل وحدة سكنية سيتم إخلاؤها مهما كان عدد أفراد الأسرة.. مشيراً إلي أن المحافظة وفرت ثلاثة خيارات أمام السكان والأهالي قبل إخلائهم.. مؤكداً مراعاة الحفاظ علي حق عودتهم الكامل إلي مواقعهم وأماكنهم بالمنطقة فور انتهاء أعمال التطوير وإعادة التخطيط، وتسليمهم ما يفيد ذلك بأوراق رسمية موثقة قبل عملية الإخلاء. ووعد المحافظ أصحاب الورش والمحلات بتذليل جميع العقبات وتنفيذ طلباتهم بشأن عدم قطع أرزاقهم وتوفير أماكن بديلة لمواصلة أنشطتهم وتخزين معداتهم خلال فترة تنفيذ المشروع، مؤكداً أن مخطط المنطقة عقب مشروع التطوير راعي وشمل إنشاء وحدات تجارية ومحلات وورش بالأدوار الأرضية، وسيتم إعادتها بنفس طبيعة نشاطهااالتجاري والحرفي بعد انتهاء أعمال إعادة تخطيط وتطوير المنطقة.