تلك الشركات عمرها في مصر أكثر من عام ونصف لكنها تجلت مؤخراً لتصبح حديث الساعة، «إنت جربت أوبر وكريم؟!»، انبهار المصريين بما يسمعونه عن الخدمات المقدمة من تلك التطبيقات التي يتم تحميلها علي الهواتف المحمولة لم يأتِ من فراغ، وكان نتاجاً طبيعياً لما عاناه أغلب المداومين علي استقلال التاكسي الأبيض. لن نكون منصفين بالتأكيد حال وضع كل سائقي التاكسي في خانة المتهم، فالتعميم مرفوض في أي شيء ولكن الأغلبية العظمي من المصريين لهم العديد من الروايات والطرائف التي حدثت لهم مع التاكسي ، لذلك نقموا عليه حينما أتيحت لهم الفرصة. الانتهاكات التي تتعرض لها الفتيات جرّاء استخدامهن التاكسي كثيرة، وتعرضهن للتحرش اللفظي أو الجسدي أو حتي النظر إليها في مرآة التاكسي، فضلاً عن عدم الأمان الذي قد تتعرض له بسبب استقلالها سيارة مع رجل غريب عنها، كلها أسباب جعلت 70% من ركاب سيارات الشركات الخاصة من الفتيات والسيدات، فالأمر هنا مختلف تماماً عما كان يحدث من قبل، يصل للسيدة علي تطبيقها بيان باسم السائق وصورته ورقم هاتفه وهنا تتمتع بقدرٍ كافٍ جداً من الأمان لأن ذويها يكونون علي دراية كاملة ببيانات السائق، والنقطة الأهم هي عدم تعرضها لانتهاك من أي نوع لأنها علي الفور تتقدم ببلاغ للشركة عن طريق التطبيق ويحذر استخدام السائق لسيارته مجدداً في ال«أوبر»، أنت أيضا تتمتع بأمان علي ممتلكاتك الخاصة سواء حقائب أو مجوهرات أو أشياء لا قيمة لها ، فبمجرد نسيانك لشيء تتصل بالسائق ويردها لك وإن لم يحدث ذلك تقوم الشركة بتعويضك عما فقدته . من يطّلع علي تلك الخدمات الطبيعية التي حرمنا منها لسنوات طويلة يعتقد أن التكلفة ستكون أعلي من التاكسي الأبيض والحقيقة أنها أقل بكثير مقارنة بالخدمات، فضلاً عن أن الشركة ترسل إليك بياناً تفصيلياً بالفاتورة وكيف تمت محاسبتك، ومن حق الراكب تقييم السائق في نهاية كل رحلة وله حق الاعتراض علي سائق بعينه. للحظات يستوقفك العاملون بالشركة أمريكية الأصل، التي يتم التعامل مع السائقين بها عن طريق مكاتب وكيلة لكل منطقة ، ويندرج تحت تلك عدد هائل من السيارات ما يقرب من ال 30 ألف سيارة حتي الآن ، تلك السيارات لا يمكن لك أن تميزها عن غيرها فهناك شروط محددة لابد أن تتوافر بصاحب السيارة الذي يرغب في العمل وكذلك سيارته. شروط بسيطة عليها أن تتوافر بك كي تتمكن من العمل ب«أوبر» وهي ألا يقل سن المتقدم عن 21 عاماً، وأن يكون حاصلاً علي مؤهلٍ عالٍ ، وأن يكون حاصلاً علي رخصة مهنية أو خاصة سارية، وأن تكون صحيفته الجنائية خالية من أي أحكام سابقة وألا يكون مطلوباً علي ذمة قضايا أخري، وأن تكون سيارته ذات الخمس مقاعد والأربعة أبواب وألا يقل الموديل عن 2011. كان من الطبيعي في ظل سوء الخدمة المقدمة من سائقي التاكسي التي يرجع بعضها لضغوط المعيشة وقسط سيارته وارتفاع مصاريف الصيانة، وضغوط أفراد الأجهزة الأمنية من جهة ولعدم وجود قانون قادر علي ضبط العلاقة بين السائق والزبون من جهة أخري، أن يتفاعل المواطنون بشكل تلقائي مع مزودي الخدمة الإلكترونية الجدد للتخلص من مساوئ التاكسي الأبيض التي تجاوزت الحدود. الهاشتاجات بدأت تتعالي علي صفحات التواصل الاجتماعي بعد أن انتشرت تلك التطبيقات، «فكرهم ونكد عليهم»، «مشكلاتكم مع الصرصار الأبيض» وغيرها من التي تهاجم السائقين وتحرص علي عدم التعامل معهم . لن نستطرد كثيراَ في مشكلات المصريين مع سائقي التاكسي ويكفينا أن نعرض ما قالته سلمي الشريف مدونة عما تعرضت له خلال رحتلها مع سائقي التاكسي لأكثر من 7 سنوات. « الحكاية بدأت في الجامعة لما قررت مركبش مترو عشان زحمة وكان لازم اتحمل العواقب اللي أنا مكنتش طبعاً عارفاها ، أولهم لقيتوا قفل اللوك بتاع الباب وراح منطقة مش منطقتنا أصلاً ولما صرخت قرر ينزلني .. كان فاكرني شمال، الموضوع ده خلاني أكثر جرأة ومبقتش بخاف زي الأول ، ألاقي واحد بيبص عليا ف مراية العربية ويعدلها، ألاقي واحد يتعمد يخبط عربيته وياخد مطب عالي عشان برضه يبص علي جسمي، والرغاي طبعاً اللي بيقعد يقوللي إيه ده هو الجو حر واحنا ف أغسطس مثلاً، وغيره اللي بيعمل نفسه بيكلم حد في التليفون ويقول كلام مش محترم، والفضولي اللي بيتدخل حتي ف لبسي ومكالماتي مع أهلي، أنا ليه أبقي علي دول وليه أديهم فرصة يتكاثروا أكثر كفاية ذل بقي»، واختتمت «حافظي علي كرامتك ومتركبيش تاكسي.» المحاضر النفسي والمتخصص في علم النفس كريم إسماعيل، رفض تلك الدعوات التي تم نشرها بخصوص عدم التعامل مع التاكسي الأبيض وقال: «التعميم مرفوض، أنا أعرف سواقين تاكسي محترمين ليه نأذيهم ف أكل عيشهم، أعرف واحد بعد الثورة كان عنده 3 شركات سياحة وخاف يفلس باعهم وجاب 2 تاكي واحد ليه والتاني لابنه، ده ليه نظلمه وليه نمنعه من أنه ياكل لقمة حلال؟». وأشار إسماعيل إلي أن تلك الشركات تستغل الحملات المضادة في صالحها، مشيراً إلي أنهم يقومون برفع سعر الأجرة للضعف وأحياناً للثلاثة أضعاف بحجة أنه وقت الذروة والعربات غير كافية، الأمر الذي سيجعل البعض مجبراً علي تلك التعريفة الظالمة. الحكومة المصرية لم تعاقب التاكسي وكذلك أوبر وكريم، ولم تضع حداً لممارسات كلٍ منهما سواء حينما احتج صاحبو التاكسي الأبيض ونظموا مظاهرات واستدرجوا سائقي «أوبر» لضربهم وتسليمهم للشرطة ، وكذلك حينما استغلت «أوبر» الدعاية السلبية والنفسية. من المتوقع أن تتدخل الحكومة في هذا الأمر لوضع قانون ينظم تعامل هؤلاء مع بعضهم لبعض، وبالفعل تم تأسيس شركات أخري محلية تمارس النشاط نفسه أبرزها «OUSTA» و«Private». المهندس محمد إبراهيم، مدير عام شركة OUSTA، أكد أنها ستطلق تطبيق أسطي تكنولوجيز، في الثالث من مارس المقبل، كوسيلة مواصلات آمنة وسريعة وموفرة للجميع مشيراً إلي أنها شركة مساهمة مصرية عبارة عن شبكة تربط مجموعة من شركات استئجار وتشغيل السيارات الملاكي والليموزين، بأشخاص يحتاجون إلي توصيلة آمنة منضبطة غير مكلفة يمكن الوثوق بها. وأشار إلي أن هذا التطبيق سيكون مشابهًا لخدمات أوبر كريم، لكن ما يميز تطبيقه أنه منتج محلي 100٪ . وأوضح إبراهيم أن الشركة تدرس حالياً الأماكن التي ستتواجد بها كنقطة بداية، وعدد الوحدات التي سيتم البدء بها، مشيراً إلي أنهم الآن في مرحلة جمع السيارات من خلال التعاقد مع شركات وأفراد لتأجير طرازات خاصة.. وبدأت الشركة التعاقد مع شركات تأجير السيارات والليموزين في القاهرة الكبري حالياً، لتزويدها بسيارات حديثة مكيفة بسائقين، لدعم الخدمة عبر تطبيق «أسطي» للهواتف الذكية. الدكتور أسامة عقيل خبير النقل، يؤكد أن تدخل شركات حكومية في هذا البرنامج المتميز سيفسد الأمر، مشيراً إلي أن الخدمة ستكون أقل بكثير من تلك المقدمة في أوبر ، فضلا عن أن التدريبات والتأهيل للسائقين ستكون معدومة. ولفت عقيل إلي أن «أوبر» تقدم للعاملين بها كورسات مخفضة جداً بالجامعة الأمريكية كي يتمكنوا من التحدث بطلاقة مع السياح، وكذلك وفرت لهم هواتف حديثة بأسعار رمزية وتسهيلات في السداد . ولفت عقيل إلي أن جودة السيارات ستختلف فتلك الشركات المصرية تفتح الباب لدخول سيارات بداية من موديل 2008، الأمر الذي سيزعج الركاب ويجعلهم يرفضون المشروع. من جانبه أكد المهندس سامح السروجي خبير الطرق، أن ما تعرض له سائقو التاكسي من حملات تشويه أمر طبيعي لما فعلوه بالمصريين، وعليهم مراجعة أنفسهم حتي يحسنوا مظهرهم من جديد. وأشار السروجي إلي أن الحكومة عليها تنمية تلك المشروعات وليس هدمها بطرح شركات منافسة علي درجة أقل من الجودة بهدف جمع المال، ولابد من النظر في أمر سائقي التاكسي ووضع حل لهم كما تم توريطهم منذ عدة سنوات في المشروع ذاته.