ظهرت عقب ثورة 25 يناير، التي أطاحت برموز فساد مبارك، آلاف القضايا الجنائية والسياسية التي انهال عليها عدد كبير من المحامين علي اختلاف تخصصاتهم، بحثاً عن الشهرة الواسعة، خاصة أن أغلب تلك القضايا تشغل قطاعات كبيرة من الرأي العام، لتعلقها بشخصيات عامة سواء سياسيين أو فنانين. أغلب هؤلاء المحامين أصبحوا رموزاً لامعة تتلقفها وسائل الإعلام، وتبحث عن برامج التوك شو، وحققوا من وراء تلك القضايا مكاسب لا تعد ولا تحصي. «آخرساعة»، تحدثت مع عدد من المحامين أصحاب قضايا المشاهير، لمعرفة إلي أي مدي تضيف تلك القضايا لهم، وهل كفاءتهم فقط هي التي تجذب المشاهير لهم لضمان الحصول علي حقوقهم كاملة؟، وهل هناك محامون يبحثون عن الشهرة من خلال قضايا الفنانين؟، وهل من حق المحامي البحث عن الشهرة أم عليه العمل فقط بعيداً عن الأضواء والصخب؟، وغيرها من الأسئلة التي يجيب عليها هؤلاء المحامون في السطور التالية.. المحامي نبيه الوحش، يُلقب ب«المحامي بتاع كله» في إشارة إلي طرافة الدعاوي التي يرفعها والبلاغات التي يقدمها للنائب العام، حيث رفع العديد من القضايا علي الفنانين، ومن أشهر قضاياه قضيتان ضد الفنان تامر حسني، هما التهرب من أداء الخدمة العسكرية، كما رفع عليه دعوي بسبب أفيش فيلم «عمر وسلمي»، وأيضا المخرجة إيناس الدغيدي لأنها أظهرت الفتاة المصرية من وجهة نظره بصورة غير لائقة في فيلم «مذكرات مراهقة»، وكذلك الفنانة عبير صبري لأنها خلعت الحجاب، كما ترافع في دعوي لمصادرة الأعمال الفنية، ومعاقبة أصحابها بعد أيام قليلة من عرض فيلم «دكان شحاتة»، كما رفع دعوي ضد الراقصة دينا لأنها رقصت في حفلة نهاية السنة بمدرسة ثانوية، واشتهر بلقب «بعبع الفنانين». ويرد الوحش قائلاً: «لا يوجد ما يسمي قضايا شهرة ولكن هناك ما يسمي محامٍ ملتزم برسالته سواء في الأمانة أو في الإخلاص ولم تضف قضايا الشهرة إلي المحامي إطلاقاً لأن هناك قضايا تعتبر تافهة ويسلط عليها الإعلام الأضواء، لذا فلا يوجد ما يسمي بقضايا شهيرة تصنع محامياً شهيراً، فقد تكون حققت له شو إعلامياً، وهو في مجال عمله ضعيف، ويمكنها فقط أن تخلق فرقعة إعلامية، وهي تختلف عن الشهرة التي تأتي من تناول القضايا الماسة بالمصالح العليا للبلاد، والثوابت الأخلاقية والدينية والوطنية، أما الفرقعة الإعلامية التي تحدثها بعض القضايا فقد تسيء إلي المحامي الذي تحتم عليه مهنته ألا يبحث عن الأضواء، فاذا أتت الشهرة عن طريق التصدي للفساد فمرحباً بها، لكن لا يفعلها المحامي لكي يشتهر أبداً». الوحش، أضاف: «لا أري أي علاقة بين أتعاب المحامي وبين شهرته لأن هناك محامين مصريين دوليين وغير مشهورين، وأصحاب أعلي أتعاب تقدر بالدولار، كما لا توجد علاقة بين نجاح المحامي وأتعابه، لأنه لا يكسب كل القضايا الموكلة إليه رغم تقاضيه الملايين عنها». واختتم» «أرد علي من يصفني بأنني «بتاع كله» أنهم عاجزون عن فعل ما أفعله لأنني تناولت قضايا أثناء حكم مبارك كادت تكلفني حياتي كلها». أما المحامي سمير الششتاوي، فقد ذكر أنه سيترافع في قضية هشام طلعت مصطفي الشهيرة، وبعد أن كان محامي عبدالستار تميم، والد سوزان تميم، فجأة أعلن تخليه عن موكله وانضم لهيئة دفاع خصمه لإيمانه ببراءته، والغريب أن هشام تنصل منه مؤكداً أنه ليس في هيئة دفاعه، وهو نفس ما فعلته أسرة الرئيس السابق مبارك فقد أعلن أنه سيتولي الدفاع عنهم لكنهم أيضاً تنصلوا منه. بلاغات الششتاوي، ضد الكاتب الصحفي، إبراهيم عيسي، في قضيته الشهيرة المعروفة إعلامياً ب«شائعات صحة الرئيس»، جعلته من أشهر المحامين، وعن ذلك يقول الششتاوي: «بعض المحامين لا يملكون أدواتهم القانونية واللغوية؛ رغم أن لديهم شهرة إعلامية وتقصدهم الناس بناء علي ذلك، وهؤلاء لا يستمرون طويلاً لأنهم مفلسون». يضيف: «للأسف الشديد صنع الإعلام في الآونة الأخيرة بعض المحامين وجعلهم من أعلام المحامين وهم دون المستوي، وفي بعض الأحيان يدفعون للبرامج التليفزيونية لكي يظهروا علي الساحة»، متابعاً: «المحامي القدير لا يتناوله الإعلام للأسف، وإذا ظهر نجده يتحدث حديث القانون، وليس حديث الفهلوة التي يتحدث بها محامي الشهرة». وقال الششتاوي: «أحيانا قضايا المشاهير تضيف إلي المحامي سواءً كان قديراً أو دون المستوي»، مشيراً إلي أن الظهور الكثير للمحامي في الإعلام يرفع من أتعابه التي قد تتراوح بين 10 إلي 100 ألف جنيه، والموكلون يعرفون ذلك لأنه محامٍ مشهور. أضاف: «لذا أري أن الشهرة المرتبطة بالمحامين أصحاب القضايا المثيرة هي معظمها شهرة مصطنعة لأن قرب وسائل الإعلام من المحامي تصنع هالة حوله تخدع الناس وتضللهم، لكن النجاح مرتبط بإمكانيات المحامي وليس اللجوء إلي الإعلام فقد يكون لدي المحامي إمكانيات كبيرة لكنه غير مشهور». واختتم قائلاً: «أنا لست باحثاً عن الشهرة لأن لديَّ 60 مؤلفاً في القانون فلا أحتاج إلي الشهرة؛ لأنني لست مجهولاً أو غير معروف، ولا يوجد دليل علي أنني أفرض نفسي علي الساحة الإعلامية». أما المحامي حسن أبوالعينين، فقد استمد شهرته من خلال القضايا السياسية وقضايا المشاهير من الفنانين، حيث كان وكيلاً قانونياً للمدعين بالحق المدني لبعض شباب الثورة في قضية التحريض علي أحداث موقعة الجمل، ووكيل للمدعين بالحق المدني لأسر شهداء ثورة 25 يناير في قضية «قتل المتظاهرين»، ووكيلاً للدفاع عن المتهمين من أسر الشهداء في قضية أحداث محكمة التجمع الخامس، وتبرئتهم من الاتهام الموجه لهم حتي لقب ب«محامي الشهداء»، كما كان المدعي بالحق المدني عن ليلي غفران في قضية مقتل ابنتها هبة العقاد وصديقتها، والوكيل القانوني للفنانة ماجدة الصباحي وابنتها غادة نافع، في قضيتهما الأخيرة، حتي لقب ب«محامي المشاهير». ويرد أبوالعينين علي ذلك قائلاً: «أغلب قضايا المشاهير تكون إلي حد ما صعبة، والشخصية العامة تخاف علي نفسها ومستقبلها وسمعتها فتضطر للجوء إلي محامٍ فاهم ذي خبرة ومعروف أنه ناجح، وكذلك المحامي يستفيد لأن اختيار الشخصية العامة لمحامٍ معين يكون مؤشراً علي نجاح المحامي، فالطرفان يضيفان لبعضهما». وقال: «من واقع خبرتي بعد تناول عدة قضايا لفنانين أري أن المحامي لا يبحث عن الشهرة ولكن البرامج ووسائل الإعلام هي التي تبحث عنه لتأخذ رأيه لأنها تعتمد علي اسم موكل المحامي باعتباره شخصية مشهورة، فيأخذ المحامي جزءاً من هذه الشهرة، وهذا يؤثر بالتأكيد علي أتعابه في قضايا أخري، فالمحامي أثناء مرافعته قد يراه مائة شخص لكن عندما يبدي رأيه في قضية معينة في وسائل الإعلام يراه ملايين، وبالتالي يعرفه الناس، وتزداد أتعابه التي قد تصل إلي الملايين». وعن إطلاق لقب «محامي الفنانين» عليه، قال: «هذا الشيء لا أستاء منه بل أفتخر به؛ فالفنان شخصية عامة ومعروفة، وكونه يثق في عملي فهذا أمر جيد ويسعدني ويدعوني للفخر». أما المحامي سمير صبري، أحد أشهر مُقدمي البلاغات ضد الإخوان، فعادة ما تتحول قضاياه إلي قضايا رأي عام، فهو صاحب دعوي رفع اسم الرئيس الأسبق مبارك من الشوارع والميادين، وكذلك رفع دعوي ضد مجلس النواب المتورط في قضية العلاج علي نفقة الدولة، وهو أيضا صاحب دعوي تصنيف حركة حماس «إرهابية»، ومحامي أسر شهداء ثورة 25 يناير، كما أقام دعوي استبعاد سما المصري من الانتخابات البرلمانية، وصاحب الدعوي التي قضت بحبس الراقصتين شاكيرا وبرديس 6 أشهر مع الشغل بتهمة التحريض علي الفسق والفعل الفاضح، كما تقدم ببلاغ ضد مخرج كليب «سيب إيدي»، كما تقدم ببلاغ إلي النائب العام، ضد أحمد مالك، وشادي حسين في قضية إهانة الشرطة، كما أقام دعوي ضد النائب والمخرج خالد يوسف، تطالب بإسقاط عضويته بالبرلمان، لذا لقب ب«أفوكاتو المشاهير». سمير صبري يقول: «القضايا التي أرفعها ضد الفنانين هي واجب مهني وليس بحثاً عن أي أهداف أخري حيث تعتبر قضايا المشاهير في بعض المكاتب قضايا لشهرة مكتب المحامي دون النظر إلي طبيعة القضية وما تحتاجه من تجهيزات ومرافعات وهذه المكاتب تعتمد علي اسم الفنان لإعطاء المكتب صبغة أنه يعمل مع المشاهير وعندما ينكشف الأمر ويتضح عدم وجود أي مهنية أو كفاءة ينقلب الأمر عليه، ويدمر مستقبله». وقال، إن قضايا المشاهير أحياناً تؤثر سلباً علي عدد القضايا التي تأتي للمحامي مستقبلاً، لأن أصحاب القضايا يظنون أن المحامي المشهور من كثرة تناوله لقضايا المشاهير دائماً مشغول مع الإعلام وغير متفرغ للقضايا الأخري، مضيفاً: «المحامي الناجح هو الذي تلاحقه الشهرة والمحامي الفاشل هو الذي يبحث عن الشهرة حتي يظهر نفسه، والمكتب المشهور ذو الاسم والخبرة هو الذي يعطي شهرة للفنان، والفنان يفتخر بذلك، وليس العكس». واختتم: «المحامي مثل الفنان تماماً في تقاضي الاتعاب لأن الفنان المشهور لا يتقاضي مثل الفنان المغمور فالشهرة تؤثر جداً في الأتعاب، والشهرة لا تجلب القضايا البسيطة ولكن القضايا الكبيرة التي هي بالفعل أتعابها كبيرة، وهناك محامٍ تبدأ أتعابه ب3 ملايين جنيه بصرف النظر عن نوع القضية، وتصل قيمة الاستشارة القانونية لديه إلي 150 ألف جنيه».