في مأساة تكشف مدي غياب المشاعر الإنسانية تجاه الحيونات، حصلت "آخرساعة" علي مقطع فيديو يظهر فيه مدرس بيولوجي أثناء تشريحه لأرنب، بطريقة بشعة، ودون تخدير للحيوان الصغير الذي قام المدرس بتثبيته علي لوح خشبي من خلال دق مسامير في أطرافه، وسط صراخ بعض الطلاب وضحكات البعض الآخر، بينما تولي آخرون تصوير الواقعة ورددوا التكبيرات علي طريقة "داعش" أثناء ذبح المدرس للأرنب وفصل رأسه عن جسده. العملية تمت بدون تخدير.. والمدرس: "يوتيوب مليء بفيديوهات التشريح" لم تمض أيام علي واقعة قتل عشرات القطط في النادي الأهلي، التي أثارت ردود فعل غاضبة في الأوساط الدينية وفي أوساط النشطاء في مجال حقوق الحيوان، حتي داهمتنا هذه الواقعة الجديدة التي ربما تزيد في درجة بشاعتها كونها تطال الأجيال الناشئة في مدارسنا، وهي قيام مدرس لمادة الأحياء بتشريح أرنب صغير، من دون إخضاعه كما بدا في الفيديو لعملية تخدير كاملة، ووسط تهليل وصراخ الطلبة والطالبات، حيث استخدم "شاكوش" في دق مسامير بأطراف الأرنب لتثبيته علي لوح خشبي قبل شق بطنه وإخراج محتوياته، بينما كان الأرنب حياً ويصدر أصوات استغاثات، بل إنه قفز متألماً أثناء دق المسمار الأول في قدمه. رحلة البحث للوصول إلي المدرس الذي ظهر في الفيديو استغرقت بعض الوقت قبل أن ننجح في ذلك، من خلال المعلومات الشخصية التي وضعها اليفاز نظمي تادرس (50 عاماً) علي حسابه الشخصي علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث يعمل مدرساً في مدرسة جيل الحرية التجريبية لغات (سوزان مبارك سابقاً)، التابعة لإدارة السيدة زينب التعليمية. تتبعنا نشاطه الملحوظ علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ورصدنا حرصه علي إجراء تجارب معملية في حصص العملي مع شرح وافٍ لطلابه وطالباته في المدرسة وأحياناً تصوير هذه التجارب بالصوت والصورة داخل المعمل. وفي اتصال هاتفي أجرته معه المجلة، دافع اليفاز عن نفسه، وأكد أنه معلم لمادة البيولوجي، وأن فيديوهات التشريح منتشرة علي موقع "يوتيوب" ويمكن لأي شخص متابعتها، وأنه لم يأت بشيء جديد لما هو معروف ومتداول عالمياً. وبعد اتهام بعض متابعي صفحته له بتعذيب "الأرنب"، كتب اليفاز علي موقع "فيسبوك" مدافعاً عن نفسه: الدنيا قامت علي العبد لله علشان شرَّح أرنب.. وكل الناس ناسية إني مدرس ثانوي لمادة البيولوجي، والتشريح حاجة أساسية في مادة البيولوجي، وكنت أصور ما أقوم به مع طلابي الكبار المتفهمين لما أفعله لكي يفهم من لم يحضر الحصة والمدارس الأخري وتابع: ياريت الناس تشوف كم الفيديوهات الموجوة في اليوتيوب.. بس مجرد تكتب في البحث تشريح الأرنب.. ياريت بلاش نتجني علي الناس ونظلمهم لمجرد إن واحد مش عاجبه التشريح أو الفيديو.. ولمزيد من التوضيح قال اليفاز: لكل من أراد أن يعلم حقيقة ما حدث، فإن منهج الصف الثاني الثانوي علمي به أجهزة من جسم الإنسان كالجهاز الدوري والهضمي والتنفسي والإخراجي، ومن صميم المنهج أن نتعرف علي هذه الأجهزة كما هي في جسمنا، وأقرب حيوان متماثل في أجهزته معنا وصغير الحجم ومتداول هو الأرنب فمن السهل تشريحه للتعرف علي كل الأجهزة التي في جسمنا من خلاله. الفيديو الذي عرضناه علي عدد من نشطاء حقوق الحيوان، أصابهم بالصدمة، واعتبروا أن ما ظهر فيه جريمة يجب أن يحاكم بشأنها هذا المدرس، وأن مثل هذه التصرفات هي المسؤولة عن انتشار الأفكار المتطرفة والإرهابية، وتؤسس لأفعال كتلك التي يقوم بها تنظيم "داعش" الإرهابي. الناشطة في مجال حقوق الحيوان دينا أحمد، طالبت بضرورة وقف هذا المدرس عن العمل، وفتح تحقيق موسع معه، ومحاكمته بشكل عاجل، مضيفة في تصريحات ل"آخرساعة": حدوث اعتداءات علي الحيونات أصبحت موضة غريبة نسمع عنها بشكل يومي تقريباً، دون أن يكون هناك رادع لمن يرتكب هذه الجرائم بحق كائنات لا حول لها ولا قوة، معتبرة أن الكارثة تكون أكبر حين يقوم بهذا الفعل الفظيع مدرس يفترض أنه معلم أجيال، والحقيقة أن هذه المشاهد التي يراها الطلاب ستجعلهم يعتادون علي فكرة الدم، وبالتالي سنخلق أجيالاً تعشق سفك الدماء وإزهاق أرواح الحيوانات والبشر علي حد سواء. وأضافت دينا: سأولي الموضوع اهتماماً بالتنسيق مع الجمعيات المختصة في رعاية حقوق الحيوان، لنتخذ الإجراءات القانونية حيال هذا المدرس الذي ارتكب هذه الواقعة، إذ لا يعقل أن يتم تعذيب حيوان بهذا الشكل وإزهاق روحه حياً بحجة تشريحه في حصة بيولوجي، متابعة: "يجب أن يكون هناك بدائل للشرح عليها بدلاً من التعامل بهذا الأسلوب مع روح حيوان لا ذنب له حتي يتعرض لهذا الألم والتعذيب الشديد حتي يفارق الحياة وسط ضحكات وسخرية البعض وتهليل البعض الآخر علي طريقة التنظيمات الإرهابية التي تردد (الله أكبر) لحظة قطع الرؤوس". في حين قالت إيزيس بهجت وهي مرشدة سياحية ومهتمة بمجال حقوق الحيوان ل"آخرساعة": هذا الأمر البشع يتنافي مع كل الأعراف الإنسانية وما نصت عليه الشرائع السماوية من احترام ورعاية ورفق بالحيوان، وما قام به هذا المدرس من دق مسامير في جسم الأرنب لتثبيته من أجل تشريحه، أمر فظيع، خصوصاً أن هذا الفعل تم علي مرأي ومسمع من عشرات الطلاب، وهو ما يجعلهم يتحولون إلي شخصيات غير مبالية وفاترة المشاعر، بل إن مثل هذه المشاهد هي التي تخلق أجيالاً من منعدمي الضمير والإرهابيين، الذين يعتادون القتل ومناظر التعذيب والدماء. وأشارت إيزيس إلي أن الكثير من السائحين الأجانب خلال زيارتهم لمصر عبروا عن استيائهم مما شاهدوه من عمليات تعذيب وإهانة للحيوانات، ومنها الأوضاع المزرية للجياد التي تتعرض للتعذيب والتجويع ما يصيبها بحالة من الضعف والهزال، وكذلك ما يقوم به البعض في أسوان من وضع التماسيح في أحواض وضربها بالعصي، كنوع من الفقرات الاستعراضية. من جانبه، عبّر الطبيب البيطري المعروف الدكتور فاروق بهجت، عن دهشته من قيام المدرس بتشريح الأرنب من دون تخديره بشكل كامل، حيث يظهر في الفيديو وهو يتحرك ويصرخ ويحاول الإفلات من قبضة المدرس الذي يدق المسامير بوحشية في أطرافه، وقال بهجت ل"آخرساعة": هذا الفعل غير إنساني بالمرة، وغير مبرر إطلاقاً، ولا يجب أن يتذرع المدرس بأنه يقوم بمهته في تعليم التلاميذ عملياً من خلال تشريح حيوان في وعيه، إذ كان عليه أولاً أن يذبحه، أو يخدره بشكل كامل حتي لا يشعر بالألم. وتابع: حتي الحيوان حين نذبحه لغرض الأكل فإن هناك قواعد وأصول حددتها الشريعة لذبحه، فمبا بالنا بالعملية القاسية التي تعرض لها أثناء عملية التشريح تلك من الإجهاز عليه ودق المسامير في أطرافه بهذه الصورة، بالتأكيد هذا الفعل حرام من الناحية الدينية، ومن الناحية العلمية ليس هناك ضرورة لشرح أجهزة الحيوان الداخلية من خلال تجربة عملية بهذا الشكل، وكان علي المدرس الاكتفاء بالشرح من خلال صور توضيحية، في حالة عدم توافر "ماكيتات" أو نماذج للشرح عليها كتلك التي يعتمد عليها الأطباء البشريون في شرح التشريح.. ودعا الدكتور بهجت وزارة التربية والتعليم إلي توفير هذه النماذج البديلة للشرح عليها، واستخدامها في حصص العملي، بدلاً من إزهاق روح الحيوان بهذه الطريقة التي تزرع القسوة في قلوب الطلاب، وتجعلهم يعتادون علي مشاهدة الدم، وهو ما سوف ينعكس بكل تأكيد علي سلوكياتهم في محيطهم الاجتماعي. من الناحية القانونية، قال المحامي بالنقض وعضو اتحاد المحامين العرب إيهاب مكرم ل"آخرساعة" إن الاعتداء علي حيوان بهذا الشكل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وفقاً للمادة 357 من قانون العقوبات المصري، كما أن المادة 45 من الدستور تنص علي الرفق بالحيوان. وأضاف إيهاب الذي تولي الدفاع في قضية قتل الكلب "ماكس" الشهيرة، التي وقعت قبل نحو عام: المشكلة تكمن في أن العقوبة القانونية ضعيفة وغير رادعة وهي السجن لمدة 6 أشهر أو الغرامة، لذلك طالبت مراراً وتكراراً بضرورة تغليظ العقوبة علي مرتكبي جرائم التعذيب ضد الحيوانات، حتي لا نري مثل هذه الجرائم، التي بدأت تنتشر بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.