طارق فهمى المشير محمد علي فهمي أول مهندس لحرب الصواريخ كما لقبه الخبراء والمحللون العسكريون قائد قوات الدفاع الجوي في حربي الاستنزاف وأكتوبر ورئيس الأركان.. "آخر ساعة" التقت نجله المحاسب طارق فهمي لمعرفة الكثير من تفاصيل حياته في بناء حائط الصواريخ عندما كلفه الرئيس عبدالناصر بوضع منظومة دفاعية قوية وحتي إسقاط طائرات الفانتوم وساعة صفر حرب أكتوبر. قال طارق نجل المشير محمد علي فهمي مؤسس قوات الدفاع الجوي إن الرئيس عبدالناصر كلفه بوضع تصور لمنظومة جديدة للدفاع الجوي عقب حرب يوينو 1967 وفي فبراير 1968 تم إنشاء القوة الرابعة وفي يونيو 1969 تولي قيادتها وقامت القيادة السياسية والعسكرية بتدبير كافة الاحتياجات التي طلبها من الاتحاد السوفيتي لبناء القوة الرابعة لتكون قوية وفاعلة، وتعد عملية بناء حائط الصواريخ في الجبهة والعمق خلال حرب الاستنزاف ملحمة بطولية خارقة ضربت فيها قوات الدفاع الجوي أعظم آيات الشجاعة والإصرار المتسم بالتحدي.. وقالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل تعقيبا علي كثرة مواقع الدفاع الجوي المصرية "إنها كعش الغراب المشئوم كلما دمرنا إحداها نبتت أخري بدلا منها" ومع ارتفاع مستوي الكفاءة القتالية بقوات الدفاع الجوي وزيادة قدرتها علي القوات الجوية الإسرائيلية بدأت القوات التحول لأسلوب جديد في القتال وهو "الكمائن" وكانت النتائج رائعة مبهرة وعلي جانب العدو موجعة مؤلمة. وأوضح طارق أنه كان تلميذا في 67 وكان يقرأ النشرة الصباحية بالمدرسة عندما كانت تقوم قوات الدفاع الجوي بإسقاط أي طائرة معادية وأسر الطيارين الإسرائيليين تقديرا لوالدي وكنا نري في عيون المواطنين الحب والاحترام والتقدير عندما يعرفون بأننا أبناء اللواء محمد علي فهمي. ونفي معرفة الأسرة بميعاد الحرب رغم حضور والده في شهر سبتمبر للمنزل بناء علي أوامر الرئيس السادات لكل القادة بزيارة أهاليهم، وظل يومين بعد أن تم الاتفاق بين القيادة المصرية والسورية علي ساعة الصفر، كنت برفقة إخوتي عند جدي لوالدتي بالعجوزة وحضر قبل الحرب بيومين وتناول الإفطار معنا قائلا: "إنه سوف يسافر إلي روسيا مع الفريق أول أحمد إسماعيل، واللواء حسني مبارك، ويرجع بعد خمسة أيام، وفي يوم 6 أكتوبر كانت والدتي في رحلة علاج بلندن فقامت زوجة الملحق العسكري بالاتصال بها قائلة: "يافندم الحمدلله عبرنا القناة.. فردت أمي وإزاي حصل، قالت لها افتحي التليفزيون علي الفور وكلمت الملحق طالبة النزول للقاهرة فرد عليها بأن اللواء فهمي قافل المجال الجوي. وبعد إصرار منها قال لازم أبلغ مصر بأنك ستقطعين رحلة العلاج، بعدها نزلت عن طريق ليبيا واستقبلها قائد القوات الجوية الليبية ورفضت طلب القذافي باستضافتها وعادت لمصر وكانت تطلق عليها رحلة 48 ساعة وحضر بعدها والدي يوم 20 أكتوبر للمنزل. وقال إن الأسرة كانت في قمة سعادتها عندما تم تكريم القادة في مجلس الشعب 24 فبراير وترقية والده لرتبة الفريق، ذهبوا منذ الصباح بحضور كل أسر القادة وكانوا بشرفة المجلس وعندما دخل القادة ضجت قاعة المجلس بالتصفيق الحار، عندما دخل والدي كنت في قمة الفخر والسعادة.. عندما قال أحد النواب "عاش بطل الدفاع الجوي" وعقب بدء الجلسة تحدث الرئيس السادات قائلا: "قوات الدفاع الجوي ضربت السيادة الإسرائيلية الجوية في الأيام الثلاثة الأولي للحرب إلي الحد الذي صدرت فيها الأوامر من القيادة الإسرائيلية للطيارين بعدم الاقتراب من القناة، والعدو خسر أكثر من ثلث سلاحه الجوي علي الجبهة"، ثم أعقبه الفريق أول أحمد إسماعيل علي وزير الحربية قائلا: "في تعاون رائع مع القوات الجوية قامت قوات الدفاع الجوي بقيادة اللواء محمد علي فهمي وحققنا النصر" فقام والدي بأداء التحية العسكرية للرئيس السادات وإسماعيل علي وشعرت بحلاوة وطعم النصر والسعادة بالعزة، وتم منحه وسام نجمة الشرف العسكرية تقديرا لدوره البطولي والوطني في صنع ملحمة أكتوبر المجيدة وترقيته إلي رتبة الفريق، ولكن انتهي اليوم بمأساة عقب عودتنا عند نزول والدتي من السيارة انزلقت قدماها فأصيبت بالغضروف، وعند عودة والدي تم نقلها إلي المستشفي الجوي وظلت 3 شهور لا تتحرك وكانت دائما تقول "أنا أفدي أسرتي دائما". وعن أهم الأوسمة والأنواط العسكرية التي حصل عليها والده قال طارق: حصل علي العديد من شهادات التقدير من رؤساء وملوك الدول العربية والأجنبية، فضلا عن تكريمه من الرؤساء الثلاثة السابقين عبدالناصر عيّنه أول قائد لقوات الدفاع الجوي وحصل علي نجمة الشرف 1971م عندما نجحت القوات في إسقاط طائرة الاستطلاع "السرات كروزر" وخسائرها كانت فادحة للعدو بوفاة 11 طيارا، السادات منحه وشاح النيل، وهو وسام يمنح لرؤساء الوزراء عام 1981م، مبارك قام بترقيته لرتبة مشير بعد 20 عاما من حرب أكتوبر فضلا عن الأوسمة العربية والأجنبية: وسام فارس من سوريا، وسام الملك عبدالعزيز آل سعود من الدرجة الممتازة أعلي درجة منحها الملك فيصل لقادة الحرب للمشير الجمسي، المشير أحمد إسماعيل، فؤاد ذكري، نجمة الشرف لفلسطين، ونجمة الشرف من القذافي، رومانيا، وزائير، وكل نيشان له قصة نجاح وراءه فضلا عن درع من الكلية الحربية للدفعة 11 وكان سعيدا لأنه خريج الدفعة 11 حربية وأفتخر بكل هذه الأوسمة وهي أوسمة علي صدورنا وأحفاده ونفخر بأنه ترك لنا ميراثا ويكفي أنه قد عاش بطلا في الحرب ومواطنا صالحا في السلام. وعن أفضل مراحل حياته العسكرية يري طارق أثناء ترقيته لرئيس الأركان في أكتوبر 1975م وهي مسئولية كبيرة وتعتز بها الأسرة للمساهمة في بناء وتطوير القوات المسلحة استنادا علي حرب أكتوبر والدروس المستفادة منها، فضلا عن اختياره مستشارا عسكريا للرئيس السادات في أكتوبر 1978م ثم ترقيته إلي فريق أول ثم رئيس مجلس إدارة شركة الملاحة الوطنية للنقل الاستراتيجي عام 1981 بعد تقاعده. وعن الهواية المحببة للمشير فهمي أوضح إنه كان يعشق لعب التنس منذ تخرجه في كلية الحربية، لا يعرف البعض أنه لعب التنس صباح 6 أكتوبر للتموية والخداع العسكري.. وكان يوجد ملعب بكل وحدة لأنه لا يستطيع الذهاب للنادي لضيق الوقت لديه. وحول أمنياته قال كان يريد حسن الخاتمة، كان شديد الصرامة معنا، علي الجانب الآخر كان حنونا علينا، وبعد تركه للخدمة كنت أسعد حظا من إخوتي لأنني كنت مجاورا له، ونفي نجله بأنه كتب مذكراته، وإنما ألف كتابا عن القوة الرابعة صدر عام 1977م عندما طلب الرئيس السادات من قادة الأفرع الرئيسية بأن يكتب كل قائد عن سلاحه. وعن وفاته فقد كنت خارج مصر مرافقا لأم زوجتي أثناء قيامها بزرع كبد بأمريكا، كنت دائم الاتصال للاطمئنان علي الأسرة فوجدت في نبرة والدتي حزنا فأعطت سماعة التليفون لشقيقتي مني فقالت: "يا طارق بابا تعبان شوية وقع والمفصل به كسر ونحن الآن بمستشفي مصطفي كامل بالإسكندرية، والرئيس مبارك زاره وصدق علي سفره للعلاج في لندن، ومن المنتظر أن نسافر غدا الخميس" فأسرعت بالنزول إلي لندن، وتوفي يوم السبت 11 ستمبر 1999 وعاد ملفوما في علم مصر الذي أحبه طوال حياته في جنازة عسكرية شارك فيها الرئيس السابق مبارك وكبار رجال الدولة والقوات المسلحة.