الايام دول! المقولة تصدق علي القارة العجوز "أوروبا" التي تسن القوانين وتختلق المبررات الآن لمنع تدفق ملايين اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب إلي أراضيها، وهي في ذلك تنسي أو تتناسي أن مثل هؤلاء وأضعافهم كانوا يفرون في كل لحظة من أوروبا في اتجاه الشاطئ الأفريقي والعربي المواجه للقارة العجوز هربا من أهوال الحرب العالمية الثانية واضطهاد النازيين في ألمانيا أو الدوتشي موسوليني في إيطاليا.. لكن يبدو أن الأوروبيين وبخاصة الألمان منهم نسوا أن التاريخ قد لا يعيد نفسه، لكنه قد يتكرر بصورة مختلفة وإن طال الزمن! وللمفارقة.. عرض موقع أمازون الأمريكي الشهير للكتب مجموعة من الصور النادرة، لمهاجرين أوروبيين خلال الحرب العالمية الثانية.. وهم يفرون في السفن عبر المتوسط للحاق بالساحل الأفريقي، أو العربي. وكان منها صور لمهاجرين يونانيين هاربين من بلادهم وليس العكس كما يحدث الآن، ولشدة المفارقة فقد استقر هؤلاء في نهاية المطاف.. في مدينة حلب السورية عام 3491 حينما اشتدت عليهم الحرب.. واشتد خناق الألمان علي بلادهم وبلدان البلقان المجاورة، وبلغ عددهم في ذلك الوقت أكثر من 21 ألف مهاجر ولاجئ! والصورة التي مضي عليها نحو 27 عاما، لم تكن الوحيدة في تلك الفترة.. فهناك ملايين الصور غيرها، تم التقاطها، واحتفظت بها ذاكرة الزمن، لتسجل فرار الأوروبيين من بلدان مثل: ألمانيا هربا من النازيين، ومن بعض دول غرب أوروبا مثل: فرنسا التي لجأ معظم الفارين منها في ذلك الوقت لدول الشمال العربي الأفريقي: تونس والجزائر والمغرب، بالإضافة لمعظم بلدان البلقان وأبرزهم من جاءوا من ألبانيا ومقدونيا.. وبعضهم من النمسا والسويد وتركيا. ورغم أن الحديث هذه الأيام يدور حول أكبر حركة هجرة عرفها التاريخ لسوريين نزحوا للقارة العجوز.. وتمثل حتي الآن، نحو أكثر من نصف مليون وصلوا إليها، بالإضافة لنفس العدد، جاءوا لبلدان مجاورة، لسوريا ومنها: الأردن التي تستقبل وحدها أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري، ولبنان نحو أكثر من مليون لاجئ ومصر نحو نصف مليون ودول أخري في الخليج والعراق وبعض مناطق الشمال العربي الأفريقي. وللمفارقة أيضا.. أن أوروبا سارعت وعبر وسائل إعلامها.. ومن خلال الاجتماعات المستمرة للاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، ومنظمة الهجرة الدولية، إلي التأكيد علي أن المهاجرين إلي أراضيها، سيضيفون أعباء جديدة، علي أعباء أوروبا الثقيلة الآن فهناك الخوف من أن يحدث المهاجرون انشقاقا في الوحدة الأوروبية خاصة أن هناك بلدانا ترفض استقبالهم بصورة دائمة فوق أراضيها، وبلدانا أخري ترحب بهم ولكن بشروط، وهناك الخوف من تدفق المهاجرين المسلمين للقارة العجوز وهو ماقد يساعد علي أسلمة أوروبا مستقبلا، وهناك الخوف من المهاجرين الذين يتخفون وسط الأبرياء، وهؤلاء منهم معتادو الإجرام، وتجار المخدرات وغيرها من الممنوعات والأخطر من الإرهابيين الذين اندسوا وسط المهاجرين!، وهناك الخوف من زيادة أعباء البطالة، وزيادة مصروفات استيعاب مثل هذا العدد الضخم من المهاجرين، وتخصيص أماكن للإقامة، وتوفير فرص للعمل، أو إعانات سنوية للبطالة، وإيجاد أماكن للتعليم لأولادهم. ثم هناك الأخطر، وهو طلبات الهجرة الدائمة والمتزايدة لأوروبا، مما قد يخل مستقبلا بتركيبتها السكانية، التي حافظت عليها لعدة قرون. ولكن ذلك كله، لايبرر كما تقول اتفاقيات الأممالمتحدة للاجئين.. تخلي القارة العجوز عن مسئولياتها في استقبال هؤلاء «ورد الجميل» لما قامت به بعض هذه البلدان، علي الضفة الأخري من المتوسط.. ومنها سوريا حينما استقبلت نحو عشرة ملايين لاجئ أوروبي، في قول وأكثر من عشرين مليون لاجئ، في أقوال أخري حسب منظمة الهجرة الدولية.. واستضافتهم خلال سنوات الحرب العالمية الثانية ومن بعدها بعقود، حيث اختار عددكبير من المهاجرين الأوروبيين، البقاء في الشرق الأوسط، ولم يعودوا لبلدانهم الأصلية لعقود، ووفرت لهم كافة سبل الحياة، بل كان منهم: التجار ورجال الأعمال والسياسة أحيانا في تلك الدول.