الفساد مثل السوس مازال ينخر في الجسد المصري مرتديا أوجها عديدة منها الرشوة والابتزاز ونهب المال العام، والسبب وراء انتشار الفساد هو عدم محاسبة الفاسدين، في ظل وجود قوانين تحمل الكثير من الثغرات، فالقوانين المطاطة صنعت الفاسدين، فهل هناك قصور تشريعي يجعل من الصعب القضاء علي الفساد؟ القانون ينطوي علي ثغرات فتحت الباب علي مصراعيه في جميع أجهزة الدولة أمام المتلاعبين للتربح بطرق ملتوية وتحقيق مكاسب ضخمة بداية من أصغر موظف وصولاً إلي كبار المسئولين هل من قام بنهب أموال الشعب كان حريصا علي حماية نفسه من خلال إضعاف دور القضاء؟.. وما قصة إطالة النظر في قضايا الفساد في المحاكم التي تستمر لسنوات طويلة.. وماذا قال قضاة مصر ومحاموها عن ثغرات القانون.. وكيف يتم مواجهة من يحاول الإفلات من العقاب؟ يقول المستشار عبد الستار إمام رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس نادي القضاة بالمنوفية مطلوب تطوير منظومة العدالة لتحقيق العدالة الناجزة، وهذا يتطلب أمرين الأول إجراءات بعض القوانين من قانون الإجراءات الجنائية حتي يمكن للمحكمة تحقيق الدعوي وتمحيص الأدلة وإصدار الأحكام بسرعة وسد الثغرات في القوانين التي تمكن تأجيل القضايا دون مبرر لأن تأجيل القضايا دون مبرر شيء خطير. ثانيا تعديل قانون إجراءات الطعن أمام محكمة النقض وتقوم محكمة النقض بطعن الحكم بنظر القضية موضوعيا دون إعادتها إلي محكمة الجنايات مرة أخري وتعديل قانون الإجراءات يمكن المحكمة من الحكم دون مبرر. ويضيف المستشار عبدالستار: أرسلت إلي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلي دراسة بعنوان تطوير منظومة العدالة في مصر علي ضوء دستور 2014 والهدف منها تحقيق العدالة الناجزة وتأخير مجيء العدالة ومن ضمن الدراسة مراجعة القوانين العقابية لسد الثغرات التي تمكن المجرم من الإفلات ومراجعة القوانين الجنائية لسد ثغرات يهرب من خلالها، ولابد علي الجهات الرقابية القيام بمزاولة التأهيل القانوني حتي لا تكون هناك ثغرات في العمل وحتي لايمكن الإفلات من خلالها، هناك قضايا تستمر عشر سنوات بعد الحكم يكون هناك نقض والنقض يحولها لدائرة أخري وترجع ثانيا من الأول وتظل القضية في المحاكم عشر سنوات وبعد هذه المدة كيف يحكم القاضي في هذه القضية؟ أما المحامي محمد عثمان نقيب المحامين بشمال القاهرة فيري أن هناك شقين مرتبطين بإطالة أمد التقاضي وتأخذ وقتا كبيرا جدا، جزء منها مرتبط بالجهات المعاونة مثل الخبراء والطب الشرعي وخبراء الأصوات ولابد أن نعترف بأن هناك قصورا في هذه النواحي وهذه القضايا تستغرق وقتا كبيرا، هذه الجهات المعاونة تحتاج إلي زيادة الأعداد العاملة بها ورفع كفاءتهم الفنية وإعادة النظر في حالتهم المادية حتي لا يرتشوا.. هذا ينتج عنه الآن تكديس القضايا لدي هذه الجهات. الأمر الثاني المسألة الإجرائية في قضايا الفساد فيها شق الدفاع فيها يركز علي الناحية الإجرائية لأن قانون الإجراءات الجنائية وضع ضوابط لعملية تسجيل مكالمات التليفون وحرمة الحياة الخاصة، فالدستور المصري يصون حرمة الحياة الخاصة ويمنع تسجيل المكالمات أو القبض علي أي إنسان إلا بضوابط يقرها القانون لذلك يجب علي جهات الضبط أن تراعي الضوابط التي أقرها القانون عند اتخاذ هذه الإجراءات، ويجب رفع الكفاءة المهنية للعاملين بهذه الجهات لأن الدفاع ينفذ إلي الثغرات أو أخطاء يقع فيها القائمون بالضبط ولكي نسد هذه الثغرات يجب علي جهات الضبط أن يكون لديهم الخبرة الكافية لعدم ارتكاب أخطاء قانونية يستفيد منها الدفاع وهذا سبيل المتهم للبراءة. فيما يقول المحامي محمد عثمان هناك أخطاء قانونية جسيمة ترتكبها جهات الضبط وهذا يتطلب رفع كفاءة هذه الجهات ودراسة الأحكام فهناك جانب من القائمين بهذه الأمور ثقافتهم القانونية محدودة مثلما حدث في قضية حمدي الفخراني عندما قالوا إنه حصل علي رشوة لكن المحامين الذين دخلوا علي القضية وجدوها ليست قضية رشوة لأنه ليس موظفا عاما وأيضا ليس هناك جمعية مشهرة اسمها جمعية محاربة الفساد أو حاصلة علي رقم تأسيس والقضية أن الأموال العامة وصفتها رشوة وهذا جهل وعدم إلمام بمواد القانون لابد لهم من دورة تدريب. ويعترف عثمان: لدينا قصور شديد في المنظومة التشريعية وكثير من المحاكم التي حكمت بالبراءة في بعض القضايا طلبت من المشرع أن يعيد النظر في بعض النصوص التشريعية وعلي سبيل المثال قضية مبارك محكمة الجنايات قضت بانقضاء الدعوي الجنائية بالنسبة لمبارك وذلك لمرور عشر سنوات علي شراء فيلات حسين سالم وطلبت من المشرع احتساب مدة انقضاء مدة العشر سنوات من تاريخ زوال الصفة الوظيفية وليس من تاريخ ارتكاب الجريمة لأنه اشتري الفيلات عام 97 وكان وقت استغلال النفوذ ولم يتحرك ضده بلاغ في ذلك الوقت.. لذلك المحكمة يدها مغلولة والقانون ينص علي عشر سنوات تنقضي الدعوي القضائية ومكافحة الفساد يحتاج إلي إعادة صياغة تشريعية وتقنية وفنية وتخصيص نيابات متخصصة وتكون هناك جهات قضائية مخصصة لمثل نوعية هذه القضايا. أما المستشار القانوني روماني أرمانيوس محام بالنقض والإدارية فيري أن الفساد يتركز في بعض النصوص القانونية والقرارات التي تصدرها الحكومة وتجد لها المبررات التي بها تصل إلي مغزاها وهو التربح وتوزيع ثروة الشعب علي بعض القيادات وأصحاب القرارات، مضيفاً أن التفويض والقرارات التي تصدر من الحكومة هي نفسها التي يستند إليها الفاسدون لتبرير أعمالهم محل الفساد بقرار وزاري رقم كذا.