يا تاريخ واشهد يا زمان علي عظمة المصريين، فالعالم يتحدث الآن عن مصر المعجزة.. لم يصدق العالم أن مصر انتهت من مشروع شق قناة السويس الجديدة في 365 يوماً فقط بطول 72 كيلومتراً، لذلك ليس غريباً أن يتصدر خبر افتتاح القناة الجديدة مانشتيتات الصحف العالمية ووكالات الأنباء التي تري أن الذي حدث معجزة، خصوصاً بعد أن استعانت جميع تقاريرهم بشهادة مهندسين عالميين في التعليق علي الحدث بوصفه أسرع عملية شق لقناة في العالم. صحيفة أفريقية: القناة رمز للهيبة والفخر ومصدر لتحقيق الاستقرار الاقتصادي "التايمز" البريطانية تشيد بالمشروع وسرعة تنفيذه وتصفه ب"الإعجاز" فاينانشيل تايمز: مصر تتجه بقوة نحو المستقبل لوفيجارو: حضور صفحة جديدة في العلاقات بين القاهرة وباريس خلال تلك اللحظات التاريخية وقبل الاحتفال الذي ينطلق غداً الخميس 6 أغسطس، اهتمت وسائل الإعلام العالمية بذلك الإنجاز العظيم، حيث خصصت وسائل الإعلام الغربية ملفات كاملة حول هذا المجري الملاحي التجاري الجديد في العالم العربي، في الوقت الذي عاني فيه الاقتصاد القومي علي مدي السنوات الأربع الأخيرة من تدهور وركود، ليبدأ في مرحلة جديدة من الأمل بالتعافي عقب الزيادة المتوقعة لحركة مرور السفن عبر القناة الجديدة. تصدر مشروع قناة السويس الجديدة، صفحات صحيفة "التايمز" البريطانية التي أشادت به ووصفته ب"الإعجاز الاقتصادي"، فتحت عنوان "مصر الخارقة تُنشئ قناة سويس ثانية"، ذكرت الصحيفة أن ما يحدث في مصر الآن، من شأنه إنقاذ البلاد اقتصادياً، ويأتي في الوقت الذي أنهكت فيه البلاد من الإرهاب، الذي أجار عليها والصراعات الإقليمية المحيطة بها. وأشارت الصحيفة أنه ليس جديدا علي المصريين إنجاز عمل ضخم مثل حفر القناة، التي تعد "أحد عجائب الدنيا" خلال هذه الفترة الوجيزة التي وعد بها الرئيس السيسي شعبه عقب إعطاء إشارة البدء للمشروع مع مجموعة من الأطفال في مختلف الأعمار وعدد من الشباب والشابات. وأضافت الصحيفة أن القناة هي إحدي المشاريع الكبري التي تم الإعلان عنها وتنفيذها منذ وصول السيسي للحكم، فهي بمثابة اختبار لنجاح عامه الأول في السلطة، وأنها ستزيد من شعبيته مثلما حدث مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي فك أسر القناة من سيطرة فرنسا وبريطانيا وتأميمها عام 1956 أنهي الحكم البريطاني علي مصر، مما أطاح آنذاك برئيس الوزراء البريطاني "أنتوني إيدن". ولفتت الصحيفة إلي رغبة القيادة المصرية الحالية في أن تُحفر القناة الجديدة وتمول بأياد مصرية فقط، وأن العمالة التي استخدمتها هيئة قناة السويس ظلت تعمل ليلاً ونهاراً من أجل إنجاز المشروع في موعده المحدد. ومع تجربة مرور السفن بالقناة الجديدة، تابعة للخطوط البحرية الأمريكية والدنماركية والبحرينية، مع درجة التأمين العالية التي صاحبتها، سجل المصريون نصرا آخر يضاف إلي سجلهم الحافل بالانتصارات. وأشارت إلي أن الهدف من المشروع، الذي تكلف 5.51 مليار دولار لإنشاء ممر مائي بجانب الممر الحالي بطول 72 كيلو مترا، سيضاعف عدد السفن المارة بالقناة وتقليص وقت المرور إلي النصف ليصل إلي 11 ساعة بعد أن كانت تستغرق ما بين 18 و22 ساعة، الذي يعد تطورا هاما للغاية، حيث ستتمكن السفن من الإبحار في الاتجاهين لعبور واحد من أهم المجاري الملاحية في العالم. وأضافت أنه سيبدأ العمل في المرحلة الثانية من المشروع ببناء مراكز صناعية علي ضفة القناة، لتفتح المجال أمام خلق مليون فرصة عمل. فيما رأت "فاينانشيال تايمز" البريطانية، من خلال تحقيق أجرته محررتها، أن مصر تتجه نحو المستقبل بكامل قوتها، بحفر هذه القناة الجديدة التي وصفتها بأنها مصدر فخر قومي للمصريين وتحمل أملاً اقتصادياً طال انتظاره، بعد أن تم تمويله كاملاً بالاكتتاب الشعبي. وأضافت إلي أن السيسي نجح في تقليص مدة العمل بالمشروع من ثلاثة أعوام إلي عام واحد، في تأكيد عزمه وإصراره علي تحدي الصعوبات وحالة عدم الاستقرار التي تعاني منها مصر في الوقت الراهن، كما أنه وسيلة لمواجهة التباطؤ الاقتصادي والبطالة التي تعاني منها البلاد حالياً، خاصة أنه من المتوقع أن يضاعف المجري الملاحي الجديد من العائدات السنوية لقناة السويس من خمسة مليارات دولار إلي ما لا يقل عن 13 مليار دولار بحلول عام 2023. وهذا ما يؤكده "نيل ديفيدسون" الباحث في أحد المراكز الاستشارية البريطانية المعنية بأبحاث الملاحة البحرية، الذي يري أن توسيع القناة سيقلص المدة الزمنية لعبورها وسيجذب المزيد من السفن نظراً لموقعها الرابط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، أي بين الشرق والغرب، ووفقاً لتوقعات صندوق النقد العالمي فإن نسبة النمو في الاقتصاد العالمي ستتراوح بين 4% و5% خلال الأعوام المقبلة. وفي اهتمام آخر من الصحيفة، ذكرت أن معيار نجاح المشروع ليس اكتمال الحفر وانتهاء العمل بالقناة وإنما بمدي قدرته علي اجتذاب استثمارات في مجموعة من القطاعات المختلفة أبرزها الصناعات الثقيلة بالإضافة إلي خدمات مثل تموين وشحن السفن، وبناء السفن وإصلاحها، التي ستصب في صالح الاقتصاد المصري. وبالرغم من أن أهمية قناة السويس بالنسبة لحاملات النفط من الخليج العربي إلي القارة العجوز والربط بينها وبين جنوب شرق آسيا، وشرق أفريقيا والدول العربية، فإنها ستواجه، بحسب الصحيفة البريطانية، منافسة مع "قناة بنما" التي من المقرر الانتهاء من تطويرها العام المقبل، لاسيما في نقل البضائع بين آسيا وأمريكا الشمالية خاصة ولايات الساحل الشرقي. واعتبرت الصحيفة أن مشروع القناة الجديدة من شأنه تسريع وتيرة تعافي اقتصاد البلاد وخلق عدد هائل من الوظائف لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الشباب. ولم تغفل الصحف الأفريقية والآسيوية اهتمامها بالقناة الملاحية الجديدة، حيث تناولت صحيفة "ميل آند جارديان"، الجنوب أفريقية، مشروع قناة السويس الجديدة الذي يستهدف تسريع الحركة الملاحية علي طول الممر المائي، الذي سيعود بالنفع ليس علي مصر وحدها بل العالم أجمع، حيث سيزيد من مساحة خريطة الاستثمار الدولي، بالإضافة إلي حجم الإيرادات التي ستتدفق علي الخزانة المصرية. وتري الصحيفة قناة السويس كرمز للهيبة والفخر الوطني لمصر، بالإضافة إلي كونها مصدرا حيويا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لما توفره من عملة أجنبية للبلاد. فيما أشارت صحيفة "بانكوك بوست" التايلاندية إلي أنالمشروع جزء من خطة طموحة لتطوير المنطقة المحيطة بالقناة وإنشاء مركز صناعي وتجاري يشمل بناء الموانئ وتوفير خدمات النقل البحري. وهذا مطابق لما نشرته وكالة رويترز الإخبارية والوكالة الفرنسية علي أن المشروع جزء من خطة اقتصادية طموحة لتطوير منطقة قناة السويس لتجعل منها مركزاً لوجيستياً وصناعياً وتجارياً من خلال بناء عدة موانئ تقدم خدمات للأساطيل التجارية التي تعبر القناة، وتعتبره الحكومة "مشروعا قومياً" للنهوض بالاقتصاد. تفاعلت شبكة CNN مع الحدث العالمي المهم، بعرضها مجموعة من الصور لقناة السويس القديمة أثناء حفرها وافتتاحها بحضور إمبراطورة فرنسا، وبعض اللقطات لحفر القناة الجديدة. وأشارت الشبكة الإخبارية الأمريكية، في تقريرها إلي أن قناة السويس تعد أقصر الطرق بين الشرق والغرب والممر المائي الاستراتيجي الأهم في العالم. وقالت إن الحكومة المصرية تأمل أن يدر المشروع الصناعي الطموح إيرادات تقدر بحوالي 100 مليار دولار، فضلا عن خلق مليون فرصة عمل، مضيفة: "منذ بدء العمل في المشروع، في أغسطس 2014 عمل فيه نحو 41 ألف شخص، حيث تم رفع حوالي نصف تريليون متر مكعب من الرمال أي ما يعادل حجم الهرم الأكبر 200 مرة". ونشرت شبكة هويستري الأمريكية تقريراً موسعاً مدعوماً بصور للقناة القديمة والحديثة عرضت فيه مجموعة من الحقائق التي وصفتها ب"المدهشة" بشأن القناة القديمة: راديوا كندا في كلمته الأولي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الرابع والعشرين من سبتمبر 2014، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما نصه: إن أولوياتنا هي التنمية من أجل الإزدهار ومكافحة الإرهاب" وأضاف أيضا: إن مشروع قناة السويس الجديدة هو هدية من مصر للعالم أجمع".. مشروع يلبي الاحتياجات الوطنية ويساهم في صنع مصر الجديدة التي يجسدها الرجل".. الكلمات السابقة هي مقدمة لتقرير لإذاعة راديو كندا الناطقة بالفرنسية، مطلع الأسبوع الجاري، وأضافت الإذاعة الكندية: يفكر المصريون بمنطقية فكلما ازدادت حركة التنمية كلما كان ذلك مضيقا للخناق علي الجماعات الإرهابية، لا سيما تلك التي تعيث في سيناء فسادا، ولمن لا يعلم فإن 48% من مدينة الإسماعيلية، الجانب الشرقي للقناة، يقع في شبه جزيرة سيناء. ويوضح التقرير أن مكسب المصريين من المشروع الجديد يتمثل أولا في البرهان علي امتلاك عزيمة ليس لها مثيل وهو ما تمثل في إنجاز هندسي عظيم هو حفر ممر مائي بطول 37 كم وبعمق 24 متراً، ويسمح بمرور سفن وحاويات عملاقة في الاتجاهين (من الشمال للجنوب) مما يوفر مدة قدرها 8 ساعات كانت السفن مجبرة علي انتظارها في السابق، فضلا عن ذلك فإن بناء منطقة لوجيستية متخصصة في صيانة السفن علي ضفتي أحد أهم الممرات الملاحية علي مستوي العالم سيجعل مدينة الإسماعيلية تنافس موانئ دبي وسنغافورة وهونج كونج، ويوضح تقرير راديو كندا أن حفر الممر الملاحي الجديد وبناء المنطقة اللوجيستية ليس سوي خطوة أولي فالخطوة التالية هي حفر 6 أنفاق (4 للسيارات و2 للقطار الرابط بين القاهرة ومدينة العريش)، ثم إنشاء منطقة "هاي تكنولوجيا" صديقة للبيئة علي مساحة 16 ألف فدان ونصف غرب منطقة القناة، علي غرار وادي السيلكون بالولايات المتحدةالأمريكية، ومن المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية لتلك المشاريع ل100 مليار دولار، ومع الخدمات المتعددة التي سيتم تقديمها في المنطقة اللوجستية علي صعيد الشحن والتفريغ فإنه بحلول عام 2020 ستتضاعف حركة الملاحة في قناة السويس مما يرفع أرباح مصر جراء حق المرور من 5 مليارات دولار سنويا إلي 13 ملياراً بفعل تضاعف حجم مرور السفن من 49 سفينة سنويا إلي 97. الإذاعة الكندية تري في المشروع أيضاً، من وجهة نظر تاريخية، تجسيدا لمصر المستقلة نظراً لكونه في مدينة الإسماعيلية التي ارتبط اسمها كثيرا بالاحتلال البريطاني وبأنها منشأ جماعة الإخوان الإرهابية التي أسقطها المصريون من الحكم في الثلاثين من يونيو 2013، وتضيف إذاعة راديو كندا : تبدو فكرة الاستقلال هي الشغل الشاغل للرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي الكلمة المهيمنة علي خطاباته، وهو ما تجسد في إصراره علي أن تكون القناة الجديدة، ومعها الأنفاق الستة، مملوكة حصرا لمصريين من خلال بيع شهادات استثمار بالبنك المركزي بعائد سنوي استثنائي يصل ل 12%.. وتقول إذاعة راديو كندا إن اللغة الأبوية التي يتحدث بها السيسي في خطابه وإشراكه شعبه معه في التحديات الوطنية، كان له أثر في أن يشعر كل المصريين بالمسؤولية وهو ما تجلي في الطوابير التي انتشرت أمام البنوك ومكاتب البريد لشراء شهادات الاستثمار في القناة الجديدة، وكذلك في استخدام المصريين لثلثي حفارات العالم والعمل 24 ساعة بمواصلة الليل بالنهار وعلي مدار طوال أيام الأسبوع دون إجازات من أجل إنجاز المشروع في سنة واحدة بدلا من ثلاثة.. لقد راهن السيسي علي استفزاز المشاعر الوطنية لدي شعبه وربح رهانه، ومن المتوقع أن يكون المشروع رمزا لإعادة بناء مصر الحديثة بشكل عام. أما صحيفة لو جورنال دي ديمانش الفرنسية الأسبوعية فقد أرسلت كبيرة مراسليها كارين لاجون في جولة ما بين القاهرةوالإسماعيلية، وبدأت الصحيفة تقريرها المنشور يوم الأحد الماضي بعبارة: "مجنون من يعتقد أن مشروعاً مثل هذا قد يخسر.. ستصبح الإسماعيلية عاصمة مصر الاقتصادية في يوم من الأيام، فهو مقام في موقع استراتيجي سيجعل من تلك المدينة التي أسسها فرديناند ديليسبس مركزا تجاريا للعالم أجمع.. وسيلقي بحجر كبير في مياه الاقتصاد المصري الراكدة منذ 4 سنوات"، وأضافت: المحور الجديد لقناة السويس هو تاريخ جديد يكتبه المصريون. الصحيفة الفرنسية كانت حريصة علي لقاء شخصيات عاصرت قناة السويس وقت التأميم وفي أوقات الحروب، فكان لقاؤها مع اللواء المتقاعد محمد مختار قنديل، الذي كان مسئولا عن الكباري العائمة في حرب أكتوبر عام 1973، والذي أوضح أن أول افتتاح للقناة كان بعرض 80 متراً وعمق 8 أمتار، وإبان حرب أكتوبر كان العرض 200 متر مع عمق 14 مترا أما اليوم فإن عرض القناة 400 متر وأصبح عمقها 24 مترا، وعن ذكرياته مع القناة قال اللواء قنديل إنها لا تحصي، وذكر منها علي سبيل المثال قبل العبور، أن الجنود الإسرائيليين كانوا يتعمدون إغاظة الجنود المصريين بإلقاء بقايا الطعام في مجري القناة لأنهم يعرفون كم هي غالية عند المصريين الذين حفروها بسواعدهم، وللرد علي ذلك قام الجنود المصريون بإحضار كلب وألبسوه عصابة علي عينيه كتلك التي كان يرتديها وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان وقت الحرب، ثم أمروا الكلب بالعوم حتي الضفة الثانية مما أصاب جنود الدولة العبرية بالجنون. أما صحيفة لوفيجارو الفرنسية اليومية فرأت في الإعلان عن حضور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لحفل الافتتاح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين القاهرة وباريس، ووعي من أولاند بقيمة وأهمية قناة السويس تاريخيا واستراتيجيا لا سيما أن إنشاء القناة الأصلية كانت فكرة مطروحة منذ حملة نابوليون بونابرت علي مصر.. وإذا كان هذا الأخير قد دخل قاهرة المعز وبصحبته علماء في كل المجالات لأنه يعرف قيمة مصر جغرافيا واقتصاديا، فإن الرئيس الفرنسي أولاند كان سباقا قبل كل القادة الأوروبيين في الإعلان عن الحضور لأنه يدرك ما يدركه نابليون.