يعالي المواطن الأمرين عند الذهاب لمصلحة الشهر العقاري، نتيجة الإهمال الشديد الذي تعانيه المصالح الحكومية، والتي باتت في حاجة ملحة إلي التطوير علي مستوي الشكل والإدارة، لخدمة المواطنين بشكل أفضل والتخلص من الروتين والعمل في جو يلائم ما تجلبه مثل هذه المصالح من أموال للدولة. استغلال ومشاحنات.. مأساة متكررة يعاني منها المواطن خلال الطوابير اليومية، التي يواجهها عند التوجه لمصلحة الشهر العقاري، فليس هناك أماكن مهيئة لاستقبال المواطنين ولا للانتظار فيها، مما يضاعف العبء علي المواطن والعاملين بالمصلحة، نتيجة لعدم قدرتهم علي إنجاز أكبر قدر من العمل، حيث إنه لا وجود لوسائل التكنولوجيا الحديثة فالنظام الذي يتم التعامل به عقيم، لذلك قام بعض العاملين بمصلحة الشهر العقاري بعمل دراسة لتطوير الشهر العقاري وقاموا بتقديمها إلي وزارة العدل. "آخرساعة"، تجولت في عدد من مقار الشهر العقاري، واكتشفنا خلوها تماماَ من أي وسيلة للراحة سواء للعاملين بها أو للمترددين عليها، فمعظم المقار لا تصلح مكاناً للعمل، فالمكاتب عفي عليها الزمن ومتهالكة، ولا يجد الموظف سوي كراسي مكسورة للجلوس عليها ومواصلة عمله لسبع ساعات متواصلة في جو غير ملائم حيث تنتشر الشقوق بالحوائط والأسقف، ودورات المياه غير آدمية. بالإضافة إلي ذلك فقد احتوت بعض المقار، خاصة بالمحافظات علي مياه صرف صحي، وحشرات، تجمعت بالشقوق التي غاب عنها الترميم، غير أنه لا يوجد مكان مخصص لحفظ الملفات علي الرغم من أهميتها، واتخاذ دورات المياه القديمة مكاناً لحفظ الملفات. وعن الدراسة المقدمة لوزارة العدل، يقول رامي رجب، عضو مالي بالشهر العقاري، رئيس اتحاد العاملين بمصلحة الشهر العقاري تحت التأسيس، إن مقرات الشهر العقاري معظمها مستأجرة من الأهالي، فهناك مقار عبارة عن شقق داخل وحدات سكنية وفوق الأسطح، وهو ما يفسر الحالة المتهالكة التي عليها ،ولذلك قمنا بطرح دراسة علي وزارة العدل يأتي أهم مقترحاتها في تطوير المباني المتهالكة لمقارات الشهر العقاري ووضع حل لكونها مأجورة، مع وضع نظام ممنهج تسير به طريقة العمل بالشهر العقاري، علي أن يكون هناك ثلاثة أصول لكل توكيل لمنع اللغط والتزوير. يتابع، المشاكل بالشهر العقاري تنقسم إلي نوعين مادية ومعنوية، المشكلات المعنوية من أهمها سوء حالة المقار فهي لا تصلح سواء للعاملين بالشهر العقاري، أو المترددين عليه، ولا يوجد أماكن لحفظ الملفات، هذا بالإضافة إلي نقص العمالة فإجمالي العاملين بالشهر العقاري 9000 موظف، كما أنه ليس هناك تأمين للمقارات بخلاف ما كان يحدث قبل الثورة فكان لابد من تواجد أمن بكل مقر، علي عكس ما يحدث الآن ويزيد من حالات التعدي والتزوير. أما الجزء المالي فقد قدمنا لوزارة العدل مشروعات لزيادة موارد وإيرادات الشهر العقاري منها مشروع طابع الشهر العقاري، علي أن يباع للجمهور بجنيه واحد علي التوكيلات، وسيعمل المشروع علي زيادة دخل الدولة 300 مليون جنيه سنوياَ، إلا أنه لم يقبل حتي الآن، كما أننا من أقل القطاعات من بين الخبراء والطب الشرعي والنيابات والمحاكم أجراَ وحوافز وبدل إعاشة ولا يوجد مورد لصندوق العلاج. يقول عبدالعزيز عيسي، رئيس اتحاد العاملين بالشهر العقاري، إن مقارات الشهر العقاري بنظام الإيجار وتتبع أمنية المحاكم ومنها مقارات حرقت من وقت الثورة ومازالت كما هي لم يطولها أي تطوير كمقر الشهر العقاري بمطروح، لافتاَ إلي أن كل مصلحة حكومية يوجد بها إدارة لتدريب الموظفين، وهو غير موجود بمصلحة الشهر العقاري فأي موظف جديد يستلم العمل بدون تدريب رغم حساسية التعاملات المالية بها. يري مؤمن عطا الله، موثق بالشهر العقاري، أن تطوير المصلحة يتطلب استحداث برامج وأنظمة يكون من شأنها تبسيط إجراءات الشهر العقاري والتوثيق، وذلك حتي يستطيع الموثق إنجاز أكبر قدر من المحررات في وقت قياسي، وهذا التغيير يستدعي تغيراً شاملاً في التعليمات المنظمة لإجراءات الشهر العقاري والتوثيق، فنحن لسنا أقل من الدول التي قامت بتطوير المؤسسات القائمة علي أعمال الشهر العقاري، وهذا يصب في مصلحة الاقتصاد المصري والنهوض به ، فالشهر العقاري هو المنظم للاقتصاد المصري والمحرك الرئيسي له ، وكما يمكن تخصيص جزء من عائد الشهر العقاري للتطوير وإعداد دورات للعاملين. وأشار إلي أن العمل اليدوي بالشهر العقاري يكلف الدولة مليارات الجنيهات، فتكاليف الدفاتر وطباعة الأوراق مرتفعة للغاية، وكذلك إعداد أماكن لحفظ هذا الكم الهائل من المحررات التي تم توثيقها، مما يعرض هذه المحررات للخطر إما بسبب الاعتداء علي مكاتب الشهر العقاري أو عدم توافر وسائل الأمان. من جانبه، أكد عاطر حنورة، رئيس الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، أن هناك مشروعا تم تحضيره بين وزارة العدل ووزارة الاتصالات لإعادة هيكلة وميكنة مكاتب الشهر العقاري وربطها ببعض داخل المحافظة الواحدة وبمختلف المحافظات بتكلفة استثمارية 650 مليون جنيه ، للقضاء علي الزحام وتقديم خدمة جيدة للمواطن علي أن يتم تنفيذه في البداية من المنطقة التكنولوجية بالمعادي ب27 مبني. أضاف، أنه تم الانتهاء من المشروع وفي صورته الاخيرة وسيتم طرحه خلال الشهر الجاري، حيث إنه من المفترض أن المشروع سيقام علي 3 مراحل الأولي سيتم تجهيز 10 مبان بتكلفة استثمارية 600 مليون جنيه والثانية 8 مبان والمرحلة الثالثة تطوير 9 مبان. كما أكدت إيمان محمد، بادارة التوثيق بوزارة العدل، نائب رئيس اتحاد العاملين بالشهر العقاري تحت التأسيس، أن الدراسة التي طرحت علي الوزارة لتطوير مصلحة الشهر العقاري سيتم مناقشتها خلال الشهر المقبل، موضحة ان التطوير سيبدأ من خلال إنشاء وتجهيز 11 مبني بالقاهرة، ومن المقرر العمل علي تزويد العاصمة بالمحافظات بشبكة رئيسية لتسهيل التعامل بين العاملين والجمهور. أوضحت أن إجمالي مكاتب الشهر العقاري 395 مكتبا علي مستوي المحافظات، تم حتي الآن ميكنة 100 مكتب معظمهم بالقاهرة ، علي أن يستكمل الباقي منهم خلال الفترة المقبلة. وعن أهمية التطوير لدعم العاملين وزيادة الإنتاج، يقول حسام فرحات، أستاذ الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية، أن الإنسان لكي يعمل وينتج لابد من أن يوفر لكل موظف مكان وبيئة آمنة يعمل خلالها، فالضغط علي الموظفين والبيوقراطية التي يعامل بها المواطن تؤثر بالسلبية عليهم، كما إنها تؤثر علي الإنتاج وتعطي فرصة لذوي النفوس الضعيفة للتكسب من وراء ذلك، وهو ما يفسر ما يقوم به سماسرة الشهر العقاري والسجل المدني الذين يستغلون الزحام وعدم التنظيم وطول الوقت الذي يهدر للتكسب من المواطنين مقابل إنجاز مصالحهم. ولفت إلي أن معظم البلاد العربية أصبحت جميع تعاملاتها تتم عن طريق الإنترنت، فهو السبيل لعمل الهويات والتوكيلات، وكذلك لدينا مكاتب التأمينات الاجتماعية أصبحت جميعها تعمل اتوماتيكياً، فكيف حتي الآن لم يتم تطوير الشهر العقاري والسجل المدني علي الرغم من أنهما يدخلان ملايين الجنيهات للدولة؟، مشيراً إلي أنه يمكن ربط حوافز الموظفين بالإنتاجية، لزيادة الإنتاج والعمل علي خدمة المواطن كحل مؤقت لحين تطوير الشهر العقاري، بأساليب تكنولوجية حديثة.