لم أُطلق عليه هذا اللقب.. ولكن الذي أطلقه هو المخرج الكبير محمد كريم أثناء تقديمه للطلبة في معهد السينما لمناقشة أحد أفلامه. إنه كمال الشيخ شيخ المخرجين الذي جاء من أسرة من الطبقة المتوسطة أثرت علي تكوينه ورؤيته الفكرية. في فيلمه الثاني »حياة أو موت« الذي أخرجه بعد عام 1953.. وهو الوحيد الذي كتب له القصة والسيناريو والذي استغرق فيه عاما كاملا استطاع فيه أن يرصد الشارع المصري، ويتناول قصة أب مريض مفصول من عمله يرسل ابنته الصغيرة لشراء دواء.. ويكتشف الصيدلاني أن الدواء الذي أعطاه للطفلة به سم قاتل، ويقوم رجال الشرطة بكل الجهود للعثور علي طفلة في ليلة عيد والمدينة مزدحمة بالناس.. ويستخدمون الراديو كوسيلة لتحذير الأب وطوال مشاهدتك للفيلم وحتي نهايته وأنت مشدود ومترقب.. ماذا سيحدث! ❊ ❊ ❊ بدأ كمال الشيخ العمل بالمونتاج الذي أفاده كثيرا حينما بدأ الاخراج.. والتقي بالمونتيرة »أميرة فايد« ونشأت بينهما علاقة حب ثم زواج.. كانت »أميرة« هي ابنة أخت المخرج أحمد جلال والد نادر جلال وكانت »أميرة« قد تعلمت المونتاج من ماري كويني زوجة أحمد جلال.. وأنجب منها أسامة الذي تخرج في كلية الهندسة، وليلي خريجة كلية الآداب، وأصبحت »أميرة« هي التي تقوم بعمل المونتاج لكل أفلام كمال الشيخ. ❊ ❊ ❊ ومن خلال جولاتي في الاستديوهات في السيتينات حيث كنت أقوم بكتابة باب بنفس الاسم تعرفت علي كمال الشيخ في الاستوديو خلال تصوير فيلم »بئر الحرمان« الذي قامت ببطولته سعاد حسني والذي تقوم فيه بدور مريضة بالشيزوفرينيا وذلك بعد أن أصبح كمال الشيخ أحد أهم رواد السينما.. وتعجبت للهدوء الذي يعم الاستوديو.. مخرج يتميز بشخصية محترمة هادئة الطباع دمث الأخلاق يستحق بحق لقب »أمير المخرجين« كما أطلق عليه المخرج الكبير محمد كريم يعرف كيف يوجه ممثليه دون إزعاج كما يفعل البعض كما دعتني سعاد أيضا لحضور تصوير فيلم »علي من نطلق الرصاص« واستطاع كمال الشيخ أن يجد ضالته في الأفلام المأخوذة عن قصص بوليسية أمريكية.. ثم التقيت به بعد ذلك مرات عديدة وأذكر أنني وجهت له سؤالا عما نسب إليه » هتشكوك الشرق«.. فأنكر كمال الشيخ مسألة إنه »هتشكوك«. ❊ ❊ ❊ كانت المرحلة الثانية في حياته بعد أفلام الجريمة هي مرحلة النضج الفني.. حين قدم أعمالا أدبية لكبار الكتاب نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وفتحي غانم.. وهي أفلام تتناول نقدا اجتماعيا سياسيا متخذا نفس أسلوب التشويق والإثارة والتوتر من خلال رؤيته الخاصة التي تعتبر تجربة جديدة وخطيرة تدل علي شجاعته فهي من الأفلام القليلة التي وجهت نقدا حادا للسلطة السياسية يتحدث الفيلم عن عدم وجود العدالة في الوقت الذي روجت فيه للمبادئ الاشتراكية وهو النظام الذي أفرز »سعيد مهران« في »اللص والكلاب« و»سرحان البحيري« في »ميرامار«. ❊ ❊ ❊ تعرفت علي كمال الشيخ علي المستوي الشخصي من خلال مهرجان القاهرة السينمائي الذي كانت تقيمه الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما وزاد إعجابي به.. فكنا نعمل معا.. فأضفت إلي صفاته أنه إنسان متواضع يتكلم بصوت منخفض مسموع.. آراؤه صائبة.. وأصبح رئيسا للمهرجان لدورة واحدة هي آخر دورة لكتاب ونقاد السينما.. وذلك في مرحلة الانتقال من الجمعية إلي سعد وهبة الذي أصبح رئيسا للمهرجان. وأذكر في هذه الدورة أن حقق المهرجان الكثير من النجاح رغم الضغوط والصراعات.. ويومها »قبلني الشيخ« علي جبيني لنجاح تلك الدورة. ❊ ❊ ❊ لم يكن كمال الشيخ يحب الفلوس.. كان حبه وعشقه للسينما.. بدليل أنه خلال عمله كمخرج منذ عام 1953 منذ فيلم »المنزل رقم 13« وحتي آخر فيلم »قاهر الزمن« عام 1987 مرورا بأهم الأفلام التي تعتبر الآن من أهم كلاسيكيات السينما مثل فيلم »حياة أو موت«.. و»سيدة القصر«.. و»ملاك وشيطان« و»اللص والكلاب«.. و»الليلة الأخيرة« ويعتبرمن أهم افلامه حين تصحو بطلة الفيلم »فاتن حمامة« بعد غيبوبة لتجد نفسها شخصية أخري.. و»بئر الحرمان« بطولة سعاد حسني و»ميرامار« بطولة شادية ومجموعة من أهم الممثلين يوسف وهبي وعماد حمدي ويوسف شعبان.. وسهير رمزي.. و »علي من نطلق الرصاص« أيضا لسعاد حسني ولا ننسي أول فيلم عن الجاسوسية الذي كان قد عرض علي سعاد حسني لتقوم ببطولته لكنها رفضت أن تقوم بدور جاسوسة لكي لايكرهها الناس.. فقامت مديحة كامل رحمها الله بالدور وحقق الفيلم نجاحا خرافيا.. ومن ينسي أشهر جملة في السينما المصرية التي قيلت علي لسان ضابط المخابرات »محمود ياسين« والذي عاد »بعبلة« وهو اسمها في الفيلم إلي القاهرة »هية دي مصر ياعبلة« وكانت نقلة كبيرة في حياة مديحة كامل. ❊ ❊ ❊ رحم الله كمال الشيخ »أمير المخرجين«.