الأسبوع حافل بالأحداث الفنية والسياسية، ولاتستطيع أن تتجاهل إحداها، فكل الأمور تصب في النهاية في رأسك، وروحك، وتحدد مزاجك، الشخصي، ورؤيتك للأمور، وأنا ممن يفضلون الكتابة في آخر وقت، حتي أتمكن من متابعة أحدث مايعرض ويستجد من أنشطة فنية، وأحيانا تتزاحم وتتشابك الأحداث والأنشطة، وتجد نفسك في حيرة لاتعرف من أين تبدأ، وكيف تنتهي، هل تستبعد كل مايحدث لتقوم بالتركيز علي فيلم ما شاهدته؟ في البداية كنت أنوي مشاهدة فيلم fury لبراد بيت، وهو أحد الأفلام التي تدور أحداثه حول الحرب العالمية الثانية، ولكن بداية فعاليات الدورة ال36 لمهرجان القاهرة السينمائي، جعلني أستبعد الفكرة مؤقتاً، لأشاهد بعض الأفلام المعروضة، رغم أني لم أتسلم الكارنيه الخاص بالنقاد والصحفيين، وترحمت علي أيام "كانت قريبة جدا" ماكانت إدارة المهرجان، تحرص علي أن نكون ضمن لجنة المشاهدة، ليتسني لنا متابعة أكبر عدد من الأفلام، لنكتب عنها قبل بداية المهرجان، وأثناء انعقاده، بدلا من أن نقضي أيامه نلهث بين دور العرض ويفوتنا الكثير من الأفلام الهامة، ولكن علينا أن نقر ونعترف أن لكل إدارة سياستها ومنطقها، ورجالها أيضا، والحمد لله أن الأفلام المهمة يمكن الحصول عليها بطرق مختلفة أهمها التحميل من علي مواقع الأفلام، وبحثت عن فيلم الافتتاح the cut للمخرج فاتح أكين، فلم أجد منه نسخة جيدة، ولكني عثرت علي الفيلم الألماني DIPLOMATIE لضيف المهرجان المخرج فولكر سكولوندروف، وهو عن معالجة سينمائية لمسرحية كتبها سيريل جيلي، تدور أحداثها في أغسطس من عام 1944، ومسرحها مدينة باريس التي سقطت تحت أيدي النازي، في هذا التاريخ كادت تحدث كارثة حضارية وإنسانية مرعبة، فبعد أن لاح شبح الهزيمة علي جيوش هتلر، وأعلنت أمريكا عن عزمها دخول الحرب، جاءت الأوامر للحاكم العسكري الألماني أن يدمر مدينة باريس تماما قبل انسحاب قوات النازي، وفعلا بدأ إعداد الخرائط، لتحديد الأماكن المطلوب هدمها، ومنها برج إيفيل، ومتحف اللوفر، كنيسة نوتردام، دار الأوبرا، قوس النصر، وتم تحديد الكمية المناسبة من الديناميت التي تكفي لتدمير كل من تلك الأماكن الحيوية، وفي انتظار إشارة التفجير، يصل إلي مقر الحاكم العسكري الألماني، القنصل السويدي، الذي انتوي أمراً، وهو محاولة أن يثني الجنرال الألماني عن عزمه، والفيلم تدور معظم أحداثه في مكتب الجنرال الألماني، ومن خلال حوار شديد الروعة والتشويق، يحاول القنصل السويدي أن يصور للرجل بشاعة ماهو مقدم عليه، وأن التاريخ لن يرحمه، فهل يمكن أن تتخيل باريس بدون برج إيفيل ومتحف اللوفر؟ إنه تراث إنساني، ملك سكان الكرة الأرضية جميعا ولا يخص الفرنسيين فقط، كيف يمكن أن تتصور شمس الغد ستظهر علي العالم فلا تجد كنيسة نوتردام الشهيرة التي كتب عنها فيكتور هوجو واحدة من روائعه، كيف يمكن أن تتحمل سخط العالم والأجيال القادمة إذا أنت ألحقت الأذي بمتحف اللوفر؟! ولكن الجنرال الألماني، لايهمه ولايعنيه سوي تنفيذ الأوامر فقط، ولتذهب باريس ومن عليها إلي الجحيم، ومع ذلك لم ييأس القنصل السويدي ويقضي الليلة في صراع مع الزمن، خشية أن ينفذ الجنرال الألماني قراره، ويعطي إشارة الهدم لرجاله! ورغم أنك تعلم أن متحف اللوفر لايزال في مكانه وكذلك برج إيفيل، إلا أن مجرد أن يجول بخاطرك فكرة أن يوما ما، كان هناك قرارا أو احتمالا بنسفها لابد أن يلقي في نفسك الذعر! فعلا تلك المعالم لايمتلكها أهل فرنسا لوحدهم ولكنها ملكنا جميعا! من الأشياء المضحكة، غير المفهومة، ولم يجد أي منا إجابة أو تفسيرا لها، السبب الذي دعا إدارة مهرجان القاهرة، لعرض فيلم حائط البطولات، هذا الفيلم الذي تم إنتاجه في ظروف غامضة منذ أكثر من خمسة عشرعاما، أيام أن كان ممدوح الليثي "رحمه الله" رئيسا لقطاع الإنتاج، وخصص ميزانية رهيبة لإنتاج فيلم عن حرب أكتوبر من إخراج محمد راضي، ولكن الفيلم كما يبدو كان سيئ المستوي الأمر الذي أدي إلي منع عرضه، وقيل وقتها إن حسني مبارك كان وراء قرار عدم ظهور الفيلم، وأشك كثيرا أنه شاهده، أو أن أحدا في قطاع الإنتاج جرؤ علي عرضه علي مبارك، وظل الفيلم حبيس العلب، إلي أن قررت إدارة مهرجان القاهرة عرضه، فكانت الطامة الكبري، التي لم يتوقعها أحد، فمستوي الفيلم كان أكثر سوءا مما توقع أي أحد! ونظرا لصعوبة ملاحقة أفلام المهرجان مع عدم حصولي علي كارنيه، فقد عدت لقاعات السينما أبحث عن فيلم براد بيت، فاكتشفت أنه تم رفعه، من معظم دور العرض، فقررت أن ألحق أحدث أفلام المخرج الأمريكي كريستوفر نولان، وهو الفيلم الذي ينتظره عشاق السينما ونقادها في جميع أنحاء العالم، INTERSTALLER ليس مجرد فيلم آخر عن رحلة الإنسان إلي الفضاء، ولكنه ملحمة سينمائية عن علاقة الزمان والمكان بالإنسان، وعن رغبته الدائمة في اكتشاف المجهول، والبحث عن كواكب أخري قد تكون فيها ملامح للحياة، بعد أن ضاقت السبل ولم تعد الأرض مكانا آمنا، للإنسان، الفيلم كتب له السيناريو كريستوفر نولان بالتعاون مع شقيقه جوناثان، ولعب بطولته ماثيو ماكونهاي، وآن هاثواي، جيسيكا جاستين، ومايكل كين، ماكينزي فوي، يلحظ المزارعون أن الأرض الزراعية ماعادت تجود بخيرها، مما يهدد الإنسان وبقية الكائنات بالفناء، مع تزايد العواصف والأعاصير وعلامات غضب الطبيعة التي حولت الكرة الأرضية إلي مكان لايصلح للعيش عليه، وينشط العلماء في وكالة ناسا، في البحث عن كوكب بديل، لحماية الجنس البشري من الفناء، ويتم اختيار "كوبر"ماثيو ماكونهاي وزميلته براند «آن هاثواي» للقيام بهذه الرحلة مع مجموعة من رواد الفضاء وروبوت عملاق ، للقيام برحلة استكشافية، سوف تستمر سنوات، تفصل الزمن داخل السفينة عن الزمن الفعلي علي الأرض، ويستعد كوبر لوداع ابنته التي يعتبرها توأم روحه، ويوصي بها شقيقها الأكبر وجدهما، ويذهب في رحلة لايعرف متي يعود منها، ولكنه يعدها بالعودة علي أي حال، وتصدقه، الفيلم يقترب زمن عرضه من ثلاث ساعات، استخدم فيها "نولان "كل وسائل الجذب والإبهار البصري، بالإضافة للانقلابات الدرامية، وزخم من المشاعر، والأهم من كل ذلك، موسيقي «هانز زيمر» التي تعتبر العنصر الأكثر تأثيرا في الفيلم، واعتقد أنها سوف تنال ترشيحا مستحقا للأوسكار، بالإضافة للمونتاج، والتصوير وأداء ماثيو ماكونهاي الذي ربما يضمن له ترشيحا ثانيا للأوسكار!!