جارسيا إيكرت حتي عامين مضيا، لم يكن «ميشل جي جارسيا»، يعلم أي شيء عن كرة القدم، ربما حتي شكلها، لم يكن يعرف خبايا وأسرار ذلك البيزنس الضخم، ورغم ذلك فإنه بات يملك بين يديه أحد أهم الملفات الكروية عبر تاريخ اللعبة، فالرجل أمريكي الجنسية، هو رئيس غرفة التحقيق في لجنة الأخلاقيات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). وهو نفسه، الذي قدم تقريرا مفصلاً، من 350 صفحة، عن منح قطر استضافة كأس العالم عام 2022 ويُعد ما كتبه مثيراً من عدة وجوه، نظراً لما تضمنه تقريره عن موت مئات العمال الآسيويين في مواقع المنشآت والاستادات القطرية نظراً لدرجة الحرارة العالية، التي تجعل من المستحيل إقامة أي نشاط رياضي، لاسيما أن جدول مباريات المونديال يتضمن علي الأقل مباراتين فيما بين الثانية عشرة والرابعة بعد منتصف الظهر، هذا فضلاً عن حديثه عن شبهات فساد شابت منح الإمارة الصغيرة حق استضافة المونديال. «مايكل جي جارسيا»، تولي مهام منصبه في يوليو 2012 ويتحصل منذ ذلك الحين علي راتب سنوي قدره 3 ملايين دولار، وكان ترشيحه للتحقيق في هذا الملف من قبل الإنتربول، ويُعد جهل جارسيا، الذي شغل أيضاً منصب النائب العام للحي الجنوبي بنيويورك، بعالم كرة القدم واستقلاليته بمثابة الكارت الرابح لمسئولي الفيفا الذين يرغبون في رفع الحرج عن أنفسهم في هذا الملف الشائك، ذلك لأنه منذ 2ديسمبر 2012 الذي شهد التصويت الشهير لمنح روسياوقطر حق تنظيم مونديالي 2018 و2022 علي الترتيب، استقال 5 أعضاء، من أصل 25ممن لهم حق التصويت باللجنة التنفيذية للفيفا، علماً بأن منهم من تم إيقافه عن العمل قبل إجباره علي الاستقالة نظراً للفضائح وشبهات الفساد. تقرير جارسيا الذي اعتمد علي 200 ألف صفحة من الأدلة، يتم حالياً دراسته بواسطة هانز يواكيم إيكرت، رئيس لجنة الانضباط بالفيفا، وبحسب تصريحات رسمية من المؤسسة الدولية فإن هذا الأخير من المفترض أن يعلن عقوبات أو يخلص لنتائج نهائية خلال عدة أشهر، وكان من المفترض أن يفصح إيكرت عما لديه في التاسع من يونيو الماضي، ثم تم تأجيل ذلك لأوائل سبتمبر الماضي، قبل أن يتم التأجيل لمرة ثانية دون مبرر واضح، وقال الفيفا في بيان رسمي معقباً: «التقرير يشرح الوقائع بالتفصيل، ويخلص إلي ما يجب فعله بحق بعض الأشخاص، ويحدد الأسئلة التي يجب إحالتها للمسئولين التنفيذيين بالفيفا، ويوصي بما يجب فعله فيما يخص الحكم علي ملفات الترشح لاستضافة الأحداث الكبري كالمونديال». وأرسل جارسيا أسئلة مكتوبة للألماني فرانز بيكنباور، كابتن منتخب ألمانيا الفائز بكأس عالم 1974 والعضو السابق باللجنة التنفيذية بالفيفا، وعلي إثر ذلك قامت لجنة الانضباط ، في يونيو الماضي، بإيقاف بيكنباور مؤقتاً عن ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة 90 يوماً، بسبب «عدم تعاونه». السويسري جوزيف سيب بلاتر الذي يترأس الفيفا منذ عام 1998 تم تبرئته من قبل لجنة الانضباط في بيان رسمي، جاء فيه: «سلوك الرئيس بلاتر لا يمكن توصيفه بالسيئ مقارنة بقواعد الانضباط المنصوص عليها في الاتحاد الدولي لكرة القدم». أما المحقق الأمريكي جارسيا فنفي من جانبه أي علاقة مباشرة مع بلاتر، مؤكداً أنه سيضع كل شيء علي الطاولة في الوقت المناسب في إطار تحقيقه عن «قطر جيت»، وجمع شهادات شهود سريين وبحسب مصدر مطلع في الفيفا فإن تحقيقه تكلف 5 ملايين يورو، ويؤكد الفرنسي جيروم شامباني السكرتير العام المساعد، سابقاً، لبلاتر والمنافس الوحيد علي مقعد رئاسة الفيفا في انتخابات يونيو 2015 أنه لا يعلم ما الذي سيفضي إليه تقرير جارسيا الذي لم يتم الإفصاح عن كل ما فيه حتي الآن، ويضيف جيروم «إن لم يأت شيء في تقرير جارسيا سنذهب لقطر دون مشاكل عام 2022 ولكن إذا ظهر شيء ما فإن كل الاحتمالات مفتوحة». دومنيكوسكالا رئيس لجنة الاستماع والتدقيق بالفيفا يوضح ما سيحدث إذا تأكد ثبوت فساد في منح قطر تنظيم مونديال 2022 بقوله لمجلة فرانس فوتبول الفرنسية: في هذه الحالة ستكون اللجنة التنفيذية بالفيفا حرة في تنظيم تصويت جديد بعد سحب الملف من قطر.. ولكن المصوُتين في المرة الثانية سيكونون أعضاء الجمعية العمومية بالفيفا (رؤساء ال229 اتحادا أهليا الأعضاء بالفيفا)، ويؤكد سكالا أن «تقرير جارسيا المؤلف من 350 صفحة لن يُنشر بكامله، ولكن فقط ما سيصدره القاضي يواكيم إيكرت تعقيباً علي تقرير جارسيا، وكلاهما (إيكرت وجارسيا) محترفان ومستقلان ولا هدف لهما إلا الحقيقة».