لقاء الرئيس السيسى مع شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء قرر الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي إنشاء مؤسسة خاصة للإشراف علي أمور جمع أموال الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية، تحت مسمي "بيت الزكاة والصدقات المصري"، في استجابة سريعة لطلب من وفد الأزهر الشريف، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لتتحول المؤسسة الجديدة إلي هيئة متخصصة لجمع الزكاة وإنفاقها في استعادة لدور الدولة الغائب في جمع الزكاة منذ قرون عدة، وينظر إلي أموال الزكاة والتي تقدر في مصر بنحو 20 مليار جنيه باعتبارها الحل السحري للعديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وأكد مصدر بمكتب شيخ الأزهر ل"آخر ساعة" أن الإمام الأكبر سيضع التصور النهائي لمشروع بيت الزكاة، مع لجنة من الخبراء المتخصصين في أمور الشريعة والاقتصاد قبل بداية شهر رمضان الكريم، من أجل الانتهاء من دراسة المشروع من جميع جوانبه، وضمان تزويد الهيئة بآليات متكاملة تضمن من خلالها الدولة حسن إنفاق الأموال في المصارف الشرعية للزكاة، ووصول الصدقات لمستحقيها، قبل أن يتم رفع المشروع إلي الرئيس السيسي لإقراره وإعطاء إشارة البدء في عمل بيت الزكاة. وقال المصدر إن لجنة الخبراء المشكلة لإعداد مشروع بيت الزكاة والصدقات المصري تبحث أنظمة الزكاة الموجودة بالدول العربية، إلا أن الاختيار وقع علي بيت الزكاة الكويتي نموذجاً لما يتميز به من انضباط وقواعد علمية تجعله الأكفأ في مجاله، خاصة أن شيخ الأزهر وجه بضرورة اعتماد أعلي معايير الشفافية بحيث يستطيع كل مواطن أن يعرف كيف يتم التصرف في زكاته. قرار إنشاء "بيت الزكاة" لقي كل الترحيب من رجال الدين، حيث أكد الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن جمع أموال الزكاة هي مهمة الدولة في الأساس، ضارباً المثال بما فعله الخليفة الراشد أبوبكر الصديق، الذي حارب القبائل العربية التي رفضت دفع زكاتها إلي الدولة الناشئة، وهو أمر استقرت عليه الأمة الإسلامية منذ قرون، وأشار إلي أن الرجوع إلي الحق فضيلة، كما أن إشراف الدولة ممثلة في الأزهر الشريف علي أمور الزكاة يعطي مصداقية للأمر بعيداً عن أي محاولة لاستغلال أموال الزكاة فيما شرعه الله في محكم تنزيله. وشدد النجار في تصريحات ل"آخر ساعة" علي ضرورة منع الجمعيات غير المرخصة والتي لا يعرف أحد لمن تنتمي من العمل في مجال جمع الزكاة، لأن مثل هذه الجمعيات مجهولة الهوية التي لا تخضع لأي رقابة وتعمل في الأحياء الشعبية، هي التي تستغل فقر المواطنين من أجل توجيههم سياسياً من أجل جماعات دينية متشددة تسعي للسلطة من خلال "الزيت والسكر، ولدينا أكبر مثال علي ذلك ما كانت تفعله جماعة "الإخوان" الإرهابية التي استغلت أموال الزكاة والصدقات التي كانت تجمعها للترويج السياسي. وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية: أموال الزكاة تقدر بمليارات الجنيهات سنوياً، وإذا تم جمعها من الأغنياء بطرق شرعية وإنفاقها في مصارفها التي حددها ربنا سبحانه وتعالي في محكم تنزيله، فسيتم التخفيف من حدة الفقر في المجتمع بصورة كبيرة ودعم الاقتصاد المصري بفتح مصادر رزق جديدة للمعدمين، فالتصور السائد أن الزكاة هي أعطاء الأموال للمحتاجين فقط جزء من الحقيقة، فمن الممكن إنشاء مصنع في منطقة فقيرة لتشغيل جميع العاطلين في هذه المنطقة". من جهته، أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ل"آخر ساعة" أن فكرة إعادة إحياء بيت الزكاة والذي كان يعرف قديماً ب"بيت المال" فكرة جيدة في حد ذاتها، لأنها تعيد تنظيم أحد أركان الإسلام الخمسة، موضحاً أنه طالب بضرورة إنشاء بيت للزكاة منذ عدة سنوات علي أن يكون له أفرع في كل محافظة ويشرف عليه هيئة مشكلة من فقهاء الشريعة الإسلامية والمحاسبين الماليين وبعض القانونيين، إلا أنه أضاف: "مازلنا ننتظر اتضاح الرؤية والكشف عن تفاصيل مشروع تأسيس بيت الزكاة، وهو أمر ضروري لمعرفة آليات جمع الزكاة وكيفية إنفاقها بصورة تساعد علي حل مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية وتحجيم ظاهرة الفقر فيه". في السياق، قال عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقاً، إن فكرة مشروع بيت الزكاة قائمة علي تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء مشروط بإدارة أموال الزكاة بشكل جيد، لأن الغرض من ركن الزكاة هو تحجيم الفقر والقضاء عليه ويذكر لنا التاريخ الإسلامي سنوات مرت علي الأمة الإسلامية كانت تجمع فيها أموال الزكاة دون أن تجد من يستحقها لوجود اكتفاء ذاتي نتيجة عمل الزكاة في السنوات السابقة بشكل حقيقي، لذلك لابد أن يكون هدف تحصيل أموال الزكاة هو إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة لمساعدة الفقراء والمساكين علي قاعدة لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد، فتحويل الشخص من معيل إلي عائل هو هدف الزكاة الحقيقي. وعن تأثير بيت الزكاة علي الجمعيات الخيرية التي تمارس أنشطة جمع التبرعات والزكاة والصدقات، قال محمد صبحي، أحد العاملين بإحدي كبري الجمعيات الخيرية في مصر، إن فكرة بيت الزكاة ربما تؤثر بشكل كبير علي عمل الجمعيات الخيرية خاصة إذا ما صدر قرار يجبر المواطنين علي تقديم زكاتهم إلي تلك المؤسسة الجديدة، خاصة أن الجمعيات الخيرية لم تتجاوز بعد كبوة اتصالها ببعض الجماعات الإرهابية وهو ما أثر بالسلب علي حجم التبرعات المقدمة إلي الجمعيات الخيرية، ومن الممكن تعظيم خسائرها حال نجحت تجربة "بيت الزكاة" وحققت مصداقية لدي جموع الشعب.