لم تكن هذه هي المرة الأخيرة التي بهر بها الرئيس السادات الناس في أوروبا.. وأمريكا.. نعم.. وأمريكا.. فقد كنا في زيارة للولايات المتحدةالأمريكية في صيف 1981، وكانت أسئلة الناس تنهال علينا.. أنا وعائلتي.. حتي إننا كنا في نيوجيرسي مرة، ودخلت العائلة إلي الحمام للاغتسال، وهناك سألتهم خادمة الحمام.. من أين أنتم؟.. قالوا.. من مصر.. وأضافت هي: من بلد السادات؟.. هذا الرجل الذي أبهر الدنيا بما قام به.. هذا الرجل.. وهذا الرجل.. وكلمات كثيرة جدا من الحب والثناء والرغبة في رؤيته.. كلمات لم يتوقعها أحد.. وقالوا أيامها.. لو رشح السادات نفسه في الولاياتالمتحدةالأمريكية لفاز بمنصب الرئيس.. نعم هذا ما كان.. وشيء آخر.. عندما قرر السادات أن يزور برلمان أوروبا في لوكسمبورج.. واتصل بي أخي وصديقي هشام رضوان مستشار الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت.. وهو الرجل الذي قامت علي كتفيه سفارة الاتحاد الأوروبي في مصر.. قال لي: طارق.. أنت مدعو لزيارة الاتحاد الأوروبي في بروكسل عاصمة بلجيكا.. وسوف تبقي هناك مع الوفد الصحفي حتي يجيء السادات إلي لكسمبورج.. فتستمعون إلي خطابه هناك قبل عودتكم إلي القاهرة. وبالفعل.. وصلنا إلي بروكسل.. وفي صباح اليوم الثاني للزيارة.. قلت لنفسي: إنني أمثل آخر ساعة.. مجلة أسبوعية.. فما الذي أكتبه عندما يزور السادات لكسمبورج.. لا شك أنه سيكون حديثا قديما.. لأن هناك من يمثل الأخبار والأهرام والجمهورية. عند ذلك قررت الاتصال بالمكتب الإعلامي في الاتحاد الأوروبي.. وقلت لهم: هناك رسالة لابد أن أنقلها إلي السيدة سيمون ڤيي رئيسة البرلمان الأوروبي.. قالوا: ما هي.. قلت لهم أريد أن أبلغها لها بنفسي.. قالوا ولكنها في أمريكاالجنوبية وسوف تأتي إلي باريس مساء الغد.. قلت: إذن أذهب إليها في باريس.. قالوا: أهي بهذه الأهمية.. قلت نعم.. واتصلوا بها في جنوبأمريكا.. وقالت السيدة سيمون ڤيي.. قولوا له.. ليس باريس وإنما سآتي لألقاه في لكسمبورج صباح بعد الغد في مكتبي في البرلمان.. العاشرة صباحا.. وحسبت الوقت.. ووجدت أن الرئيس السادات يحضر لكسمبورج في صباح اليوم التالي.. لا بأس.. بدأت أحسب الساعات والثواني.. غدا آخر القطار إلي لكسمبورج.. أصل قبل العاشرة بقليل.. وأعود في قطار الثانية عشرة.. أصل إلي باريس قبل الساعة الثانية.. أطير إلي مطار بروكسل.. أصل القاهرة في السابعة.. تاكسي إلي أخبار اليوم وهي الحديث مع رئيس البرلمان.. ليلحق الطبعة الثانية قبل ركوب السادات الطائرة. وبالفعل كان.. وسألتني سيمون ڤيي.. ماذا تريد أن تعرف.. قلت: إنه الرئيس السادات يريد أن يعرف ما الذي يريد برلمانيو أوروبا أن يسألوه عنه؟.. وراحت تتكليم.. واتصل الحوار.. طرت به جريا إلي محطة القطار.. ثم إلي بروكسل.. حيث أعددت حقيبتي من الصباح الباكر.. أخذتها وركبت التاكسي إلي المطار.. كان الحوار جاهزا معي.. أعيد قراءته في القاهرة.. وعندما وصلت أخبار اليوم في الثانية مساء.. دققت باب موسي صبري.. الذي تلقاه ليضعه في الصفحة الخامسة من الأخبار.. وليأخذ نسخته الأولي إلي الرئيس السادات وهو في الطائرة ليقرأه ويعرف ماذا يريد برلمانيو أوروبا أن يسألوه؟!!