مخطئ من يقول لك: ماذا يحدث بالضبط في العراق؟ بعضهم سيقول لك: إنه غزو لتنظيم دولة العراق والشام المسمي اختصارا ب«داعش».. للعراق كله.. لتحريره من ظلم الشيعة.. وإقامة الدولة السنية «سناستان» في المنطقة كلها.. وبعضهم سيؤكد لك: أنه تلبية لنداء القائد من قبره صدام حسين في تسجيله الصوتي الأخير: لتحرير العراق من الصليبيين والخونة، أما العراقيون أنفسهم.. فسيصرخون في وجهك: إنها حلقة من سلسلة طويلة.. لتقسيم العراق.. ومن بعدها: المنطقة بأسرها؟! في 4 أيام فقط.. طغت أخبار الملف العراقي.. علي الملف السوري المشتعل بلا حل نهائي منذ أكثر من 3سنوات.. والسبب هذه المرة هو الأخبار التي خرجت من العراق عن غزو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» للشمال العراقي كله.. وبخاصة الموصل والمناطق الغنية بالطاقة والنفط وبخاصة بالمنطقة الحدودية مع تركيا. والمثير هذه المرة.. أنه غزو سني مائة في المائة للمناطق الكردية.. التي يسيطر عليها شيعة العراق أيضا.. مع التحضير العقلي وربما للمرة الأولي منذ الغزو الأمريكي للعراق.. للزحف الكبير علي الجائزة الكبري وهي «بغداد العاصمة».. ولا يتوقف طموح داعش.. كما تروج له أجهزة إعلام عربية وإقليمية وأمريكية علي وجه الخصوص عند ذلك، بل يتعداه للوصول لغزو مناطق سورية وضمها للعراق المحرر.. ثم الزحف للأردن.. ومنه بالنهاية لمصر.. عبر سيناء.. حسب الخريطة التي نشرتها «داعش» لدولتها المرتقبة للسنة بالمنطقة تحت اسم «سناستان» والتي تمتد من العراق مرورا بسوريا وبعض بلدان الخليج خاصة الكويت.. وجبال زاجروس في إيران.. وحتي البحر المتوسط. وزاد من تفاقم الأوضاع.. وحدتها.. أن قوات داعش.. بعضها صار يحارب في بعض ضواحي بغداد.. وبعضها الآخر وصل بالفعل لمسافة لا تبعد عن مائة كيلومتر فقط.. من العاصمة.. مع تراجع واضح لقوات الجيش النظامي التي اختارت أن تترك مواقعها في الشمال لقوات «البشمركة الكردية» معلنة اعترافها ضمنيا بالسيادة الكردية علي تلك المناطق.. ولو مرحليا. والمثير كذلك.. أن قوات داعش التي لا تتعدي ال12 ألف مقاتل.. من أجناس عديدة: عربية وأفريقية وأوربية وأمريكية.. والتي يجمعها عقيدة الخلافة.. وتعاليم قاعدة بن لادن.. استطاعت هزيمة جيش نظامي يقوم الأمريكيون بتدريبه ويبلغ قوامه حسب الإحصائيات الرسمية أكثر من مليون جندي؟!.. وانهزم واكتفي قواده بالإعلان عن تشكيل قوات متطوعين للدفاع عن بغداد.. وتنفيذ خطة أمنية محكمة لحمايتها من المتطرفين؟! ٭ ماذا يحدث أيضا؟ الأخبار تؤكد أن: داعش التي دخلت للعديد من المدن مثل: نينوي والموصل، وبعض مدن محافظة صلاح الدين.. وتكريت مسقط رأس صدام حسين.. بدأت في فرض نفوذها بالكامل إداريا وعسكريا.. علي سكان تلك المناطق.. بل ومنعوا الخمور.. والسفور عند النساء.. وفرضوا عليهن النقاب.. بل وقاموا بالعديد من عمليات الإعدام للخونة علي حد قولهم.. وقطع الأيدي، وبتر الأطراف.. تنفيذا للحدود؟! ٭ أما النازحون.. فبلغوا أكثر من مليون عراقي.. فروا لبغداد.. ولبعض البلدان المجاورة خاصة: تركياوإيران. والغريب كذلك.. أن يبعث صدام حسين من قبره مرة أخري.. ليعلن في تسجيل صوتي له.. أنه يدعو العراقيين لتحرير بلدهم.. وهزيمة الصليبيين ودحر الشيعة الخونة.. وزاد الأمر تعقيدا.. ظهور مفاجئ لعزة إبراهيم نائب الرئيس العراقي الأسبق.. والذي أعلن أنه وقواته من الجيش العراقي الذي لم يهزم أبدا.. يقومون حاليا بعمليات عسكرية لتحرير العراقيين من الخونة واستعادته من الشيعة؟! وفي المقابل.. انتفض شيعة العراق. من رئيس الوزراء نوري المالكي.. الذي أعلن حالة الطوارئ.. رغم فشل البرلمان العراقي.. في إصدار قرار قاطع بذلك.. ودعا لخطة أمنية.. وكتائب متطوعين موالين له من الشيعة.. للدفاع عن بغداد. ودعا الزعيم الشيعي «السيستاني».. لنفير الجهاد.. وحمل السلاح أمام قوات داعش الزاحفة نحو العاصمة.. وحماية المزارات الشيعية التي هددت داعش.. بهدمها.. في المناطق التي استولت عليها؟! ٭ هل هي حرب عراقية.. عراقية.. طائفية.. إذن؟! الطائفية موجودة بالفعل بالعراق.. أما الجديد.. فهو تنفيذ فعلي للمخطط الطائفي.. بالقوة هذه المرة.. وبالأمر الواقع أيضا.. عن طريق: انتفاضة سنية ضد الشيعة.. ومناطق خاصة فقط للشيعة ولمواليهم.. ومنطقة كردية مستقلة.. بسياسة الأمر الواقع.. في الشمال الغني بالنفط؟!