أيام الثورة .. حضور طاغٍ فى الشوارع والمؤتمرات بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات علي ثورة يناير 2011، تواجه الحركات السياسية تحديا كبيرا يتعلق بمدي قدرتها علي أن تظل محركا مؤثرا في العملية السياسية مستقبلا لاسيما أن العام الماضي حمل تباينا في تأثيرات تلك الحركات بين الصعود تارة مع الدور الذي لعبته حملة «تمرد» في التمهيد لثورة 30 يونيو، والخفوت تارة أخري، خاصة إثر سقوط حكم الإخوان واختفاء أغلب الحركات الثورية من الساحة باستثناء «6 أبريل» التي تم حظر أنشتطها بأمر القضاء مؤخرا. كانت بدايات القرن التاسع عشر هي بداية حالة من الزخم السياسي المصري وذلك بكثرة الحركات الوطنية التي اجتاحت مصر من خلال ثورة عرابي ومن بعدها نضال الزعيم مصطفي كامل الذي أسس حركة الجمعية الوطنية التي تحولت إلي الحزب الوطني ومن ثم توالت الحركات الثورية والشخصيات المصرية التي عملت علي إثراء الحياة السياسية المصرية من خلال ثورة 1919 بقيادة الزعيم سعد زغلول وتأسيس حزب «الوفد» وما وازاه من حركات أخري مثل جمعية «مصر الفتاة». وفيما تنامت الحركات الثورية بين الأحزاب الصغيرة والحركات السياسية الاجتماعية والنسائية في مصر ظهرت جماعة الإخوان المسلمين لتدشن نشاطا اجتماعيا داخل مصر للحد من التوغل الغربي في المجتمع وسرعان ما تحولت هذه الحركة الإصلاحية إلي حركة دموية تزعزع استقرار المجتمع . إلا أن هذه الحركات الثورية توهجت من خلال ثورة يوليو 1952 التي قادت مصر نحو التخلص من النظام الملكي الذي كان يحكم البلاد وقتذاك فضلا عن الأحزاب السياسية التي كانت تميل إلي الملك علي حساب الشعب وهو ما كان سببا في قرارات مجلس قيادة الثورة آنذاك بحل الأحزاب المصرية التي لم يبك عليها المجتمع بسبب الحالة الثورية التي كانت تعيشها البلاد. واستمرت هذه الحالة السياسية والحزبية في مصر حتي جاء الرئيس أنور السادات وقام بعمل المنابر الثلاثة ليبعث الحياة السياسية والحزبية في مصر مرة أخري إلا أن هذه الحياة الحزبية في مصر في عهد الرئيس حسني مبارك تحولت إلي أحزاب كارتونية لم يكن لها تأثير حقيقي علي أرض الواقع باستثناء الحزب الوطني الديمقراطي وهو الحزب الحاكم الذي عمل علي جذب القيادات الفكرية والسياسية في مصر والذي اعتبره المحللون البوابة الملكية للظهور للمجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر قبل أن يتم حله في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 بحكم قضائي. وخلال السنوات الأخيرة من حكم مبارك ظهرت حركة «كفاية» في الشارع السياسي عام 2004 ونجاحها في ضم العديد من الشخصيات السياسية المصرية ذات المصداقية في الشارع لتدق ناقوس الخطر لحكم مبارك فضلا عن الخطر الذي شكلته علي فكرة التوريث. وتزامن مع هذا الظهور القوي لحركة كفاية بزوغ حركة «6 أبريل» في عام 2008 التي اعتمدت نوعا جديدا من الاحتجاجات التي انتشرت في الشارع من خلال الصدام مع أجهزة الأمن المختلفة التي ظهرت أمام المجتمع وكأنها جسد تستطيع أن تنهشه في أي وقت بسبب الممارسات السيئة التي كانت تقوم بها أجهزة الأمن بينما وجدت «6 أبريل» في ثورة يناير متنفسا كبيرا لإخراج الكبت الذي مارسته الدولة البوليسية علي جميع أطياف الشعب. وما إن تبلورت ثورة يناير علي أرض الواقع حتي تكون العديد من الحركات الثورية في مصر فمنها ما كانت قبل ثورة يناير وقد استمرت بعدها مثل تنظيم «الإخوان» كأقدم تنظيم سياسي بجانب حركتي «كفاية و6 أبريل» إلا هذه الحركات لم تستطع أن تستوعب العديد من القيادات الشبابية الجديدة التي وجدت طريقها في الحياة السياسية المصرية من خلال تكوين العديد من التكتلات الشبابية التي برز منها ائتلاف شباب الثورة والجمعية الوطنية للتغيير وصفحة «كلنا خالد سعيد» أيقونة ثورة يناير. فضلا عن «التيار الشعبي» الذي أسسه القطب الناصري حمدين صباحي عقب إخفاقه في الانتخابات الرئاسية 2012 التي أفرزت الدكتور محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب وأخيراً حملة «تمرد» التي عملت في ظروف شديدة الدقة وكانت الشرارة التي قادت ثورة التصحيح في 30 يونيو 2013 التي أطاحت بحكم الإخوان. ولكن السؤال الأهم: ما هو مستقبل الحركات الثورية والشبابية في مصر بعد تجاوز الخطوة الأولي من استحقاقات خارطة الطريق بإعلان الدستور الجديد منتصف يناير الماضي والمضي قدما من أجل الوصول إلي الانتخابات الرئاسية المقرر لها 26 و27 مايو الجاري، مايليها من انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الجاري حتي تعود مؤسسات الدولة إلي طبيعة تواجدها في الدولة المصرية الحديثة؟ فمن جانبه أكد خالد عبد الحميد الناشط السياسي أن هناك من يري أن استمرار الحركات الشبابية الحزبية يرتبط بالدور الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء الشباب داخل أحزابهم التقليدية التي ينتمون إليها بعد الثورة التي كانت تصنف إما أنها تابعة للنظام أو غير متحمسة للعمل الشبابي و بالتالي فإن هؤلاء الشباب يفكرون في البحث عن أطر حزبية أخري. الدكتور هيثم الخطيب المتحدث الرسمي باسم اتحاد شباب الثورة أكد أن مستقبل الحركات السياسية في مصر مرتبط بحركة الشارع وجميع الحركات الموجودة علي الأرض حاليا لا تستطيع التحرك بدون الاعتماد علي الشارع فإذا كان الشارع راضيا عن الحكومة وراضيا عن مستوي الخدمات المقدمة له وراضيا عن الظروف الحياتية التي يعيشها فهذا يعني انتهاء دور الحركات السياسية وذلك بغض النظر عن أي أحكام للقضاء لحظر أنشطة حركة ما.