خاطر: حكم تهديدي.. لن يتكرر كثيرا جاء قرار محكمة جنايات المنيا بإحالة أوراق 529 متهما لفضيلة المفتي بأعمال الشغب وقتل نائب مأمور مركز شرطة «مطاي» بمحافظة المنيا عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في القاهرة، 14 أغسطس العام الماضي ليثير الجدل حول القضاء المصري الذي تعرض للانتقاد من الجميع في الداخل والخارج كما أن البعض اعتبر أن هذا الحكم بداية لتصفية المعارضين في الفترة المقبلة. وعلي الرغم من الانتقادات التي وجهت إلي الحكم إلا أن البعض اعتبره عقابا للمتهمين لمشاركتهم في حوادث قتل. في البداية أكد الناشط الحقوقي ومدير المجموعة الحقوقية للمساعدة القانونية طارق خاطر أن الحكم قياسي من حيث عدد الحالات التي تم الحكم عليها بالإعدام ليس في تاريخ القضاء المصري فحسب بل في تاريخ القضاء الدولي كله. حيث إن العالم كله يشهد انحسار أحكام الإعدام وهناك دول قامت بإلغائها بالفعل لكن في مصر فإن الوضع مختلف. وأشار إلي أن هناك مبدأ قانونيا مستقرا وهو شيوع الجريمة وذلك المبدأ سبق أن استخدمته المحاكم المختلفة لتبرئة ساحة الضباط المتهمين في جرائم قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير 2011 حيث لا يمكن التيقن ممن أطلق الرصاص فعلا وقام بقتل المتظاهرين. وأوضح أن الشك دائما يفسر لصالح المتهم ولذلك جاءت أحكام البراءة وهي منسجمة مع المبادئ القانونية لكن الحكم الأخير لمحكمة المنيا يثير علامات استفهام عديدة خاصة أن الاعتداء علي ضباط شرطة مطاي كان يتوافر فيه حالة الشيوع ولا يمكن بأي حال الاطمئنان إلي أن ال529 متهما شاركوا في جريمة الاعتداء. والحكم أولي والنيابة العامة ستطعن عليه بنفسها كما في كل حالات الإعدام، ولن تنتظر طعن المتهمين وإمكانية مراجعته مفتوحة وأغلب الظن أنه لن يطبق في صورته الحالية. وأكد أن المحاكمة شهدت الحكم علي 147 متهما حضوريا فحسب بينما تم الحكم علي باقي المتهمين غيابيا ومن المنتظر أن تعاد إجراءات محاكمتهم بمجرد القبض عليهم أو تسليمهم لأنفسهم وهو ما يفتح الباب واسعا أمام تخفيض عدد حالات الإعدام لأن المحكمة تميل إلي التشدد عادة في الأحكام الغيابية. وأضاف: فيما يتعلق بال147 متهما الآخرين فإن الحكم درجة أولي بالنسبة لهم وباب النقض مفتوح لهم جميعا وفي أغلب الأحوال إذا كانت جرائمهم مرتبطة بجريمة واحدة فإنه سيتم قبول الطعن وتخفيف الحكم مشيرا إلي أن الحكم في مجمله يعتبر نوعا من التهديد لترهيب كل من تسول له نفسه بالقيام بعمليات تخريبية. أما إذا كان الحكم بوابة للعديد من أحكام الإعدام خلال الفترة المقبلة فأكد خاطر أن السخط الداخلي والخارجي ضد أحكام الإعدام بصفة عامة يصعب من تكرار تلك الأحكام والتي تكون شاذة ولكن بالتأكيد أن من حق القاضي الحكم بالإعدام علي كل من يثبت أنه قتل متعمدا دون تعمد لفصيل سياسي معين. ومن جانبه قال المحامي والناشط الحقوقي سعيد عبد الحافظ إن قرار المحكمة بإعدام 529 متهما معارضا يثبت الوضع المأساوي الذي وصل القضاء إليه مضيفًا أن ضمانات المحاكمة العادلة لم يتعامل بها متهمو المنيا. وأضاف أن الحكم الجماعي الذي أصدرته محكمة المنيا هو أقسي حكم في التاريخ المصري شهدته المحاكمة مشيرا الي أن قضية متهمي المنيا يجب ألا يقل تداولها داخل قاعة المحكمة أقل من 3 سنوات فالقاضي يجب أن يستمع لجميع المتهمين ال529 ويستمع لهيئة دفاعهم ويلقي عليهم الاتهامات ويناقشها ثم يخرج بحكم، وهو ما لم يحدث في تلك القضية، وبالتالي فالمحكمة لم تضمن المحاكمة العادلة للمتهمين. وأكد أن الحكم ليس حكمًا نهائيًا قائلاً إن الطعن عليه وجوبي من دفاع المتهمين مضيفا أن من حكم عليهم بالإعدام تعاملوا بمواد قانون الإرهاب وليس القانون العادي موضحًا أن المادة 186 من قانون العقوبات تنص علي معاقبة المحرض علي القتل بنفس عقوبة القتل العمد. والأحكام الجماعية ليست جديدة علينا فقد حدثت من قبل في عام 1981 في نهاية عهد السادات في قضية التنظيم الجهادي وحكم علي 676 بأحكام مشددة بينهم 5 إعدام. وأشار الي أن هذا الحكم قد يتكرر مستقبلا في حالة حدوث حالات انفلات أمني مثل التي حدثت عند فض اعتصامي رابعة والنهضة مشيرا الي أن الأحكام في تلك الحالة تكون استثنائية لمواجهة العنف. ومن ضمن الشكاوي التي أحدثها حكم إعدام المنيا تلقي النائب العام المستشار هشام بركات بلاغاً من الائتلاف المصري لحقوق الطفل، لوقف تنفيذ حكم جنايات المنيا الصادر بإحالة أوراق المتهمين في أحداث في قضية اقتحام مركز شرطة مطاي، وقتل العقيد مصطفي رجب، نائب مأمور المركز، إلي مفتي الجمهورية. وأوضح البلاغ الذي حمل رقم 8686 لسنة 2014 عرائض النائب العام أن محكمة الجنايات أصدرت حكماً بإحالة 529 متهماً للمفتي، غير أن هذا الحكم شمل (طفلين) وهما حاتم أحمد زغلول، وعبد الله عمر أحمد، ضمن المتهمين الذين وجهت إليهم النيابة العامة تهم القتل العمد والشروع في القتل، والتحريض علي العنف وتكدير الأمن العام والسلم الاجتماعي. وذكر الائتلاف أن حكم إحالة طفلين إلي المفتي مخالف للقانون ونص المادة 111 من قانون الطفل التي تنص علي: «لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المشدد علي المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة». وأشار إلي أن القانون نص علي أنه إذا ارتكب الطفل الذي تجاوز سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لاتقل عن ثلاثة أشهر ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم عليه بالتدابير المنصوص عليها في البند (8) من المادة 101 من هذا القانون. وطالب الائتلاف النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية نحو وقف تنفيذ قرار المحكمة بخصوص الطفلين، وإصدار قرار بإخلاء سبيل جميع الأطفال في هذه القضية لانتفاء مبررات الحبس الاحتياطي ونسخ الأوراق وإحالتها إلي محكمة جنايات الطفل بالمنيا لمحاكمتهم وفق القانون أمام محكمة الطفل