عاشت القوي والأحزاب السياسية حالة من الانقسام علي إثر الإعلان عن تحصين قرارات اللجنة القضائية المشرفة علي انتخابات الرئاسة ، حيث عارض الكثير من القوي والأحزاب السياسية تحصين قرارات اللجنة لأن تحصين أي لجنة إدارية يخالف نصوص الدستور الجديد، بينما رأت قوي أخري أن التحصين يحمي الرئيس القادم من الطعن . عدد من مرشحي الرئاسة المحتملين مثل حمدين صباحي وخالد علي هاجموا القانون وبدأ عدد منهم في التهديد بالانسحاب .. الغريب أن المرشحين المحتملين وافقا علي قانون الانتخابات الرئاسية وترشحا للانتخابات حينما كانت اللجنة السابقة محصنة وكان من اللافت في هذا الوقت أن صباحي وعلي لم يعترفا بالنتيجة وجمعا أنصارهما في ميدان التحرير حيث رفضا النتيجة وطالبا بمجلس رئاسي مدني ورفضا الإعلان عن موقفهما السياسي في انتخابات الإعادة في موقف استهجنته القوي السياسية آنذاك . هذا الموقف عبر عنه بوضوح محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر الذي انتقد رفض عدد من المرشحين المحتملين للرئاسة تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في الوقت الذي خاضوا فيه انتخابات الرئاسة الماضية التي تم فيها تحصين قرارات اللجنة العليا وفقا للمادة 28 من القانون السابق. ويري العرابي أن التحصين يحمي مصر من استغلال فصيل سياسي عدم التحصين في الطعن علي قرارات اللجنة ويتقدم بالطعن لأكثر من مرة من أجل تأخير إعلان الرئيس القادم لمصر وإضاعة الوقت علي المصريين لافتا إلي أن المرشحين المحتملين للرئاسة لم يعيروا لتفسيرات المستشار علي عوض مستشار رئيس الجمهورية أي اهتمام بينما شاركوا في الانتخابات الماضية دون تعليق علي القانون السابق. خبراء القانون يرون أن تحصين قرارات اللجنة يتعارض مع فقه المحكمة الإدارية الذي استقر علي أنه لا تحصين من الطعن أمام القضاء سوي ما يتعلق بأعمال السيادة، حيث إن قرارات اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات الرئاسية ليست من أعمال السيادة وإنما هي قرارات إدارية حتي لو صدرت عن قامات قضائية كما أن الطعن أمام القضاء يفتح الباب أمام الطعن علي القانون وعلي أعمال اللجنة أمام المحكمة الدستورية»، حيث إن استطلاع رأي الدستورية في القانون لا يمنع من الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية. ويشير رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، إلي أن نص المادة 7 من قانون الانتخابات الرئاسية علي أن تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء. وهو ما يخالف نصوص دستور 2014 وكل الدساتير المصرية منذ دستور 1923حيث نص الدستور علي أن يحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، مما يجعل قانون الانتخابات الحالي وقولا واحدا-غير دستوري. من جانبها وصفت حملة حمدين صباحي القرار بالانتكاسة علي مسار ثورة 30 يونيو ووصفت أن ما حدث في انتخابات 2012 له ظروفه، ولا تحصين لقرارات العليا للانتخابات وهدد المتحدث باسم حملة صباحي، بمراجعة مواقف الحملة حال إقرار قانون الانتخابات بشكله الحالي، قائلا: سنراجع مواقفنا مع شركائنا حال إقرار قانون الانتخابات الرئاسية، ولا يشمل انتخابات الرئاسة فقط، ولكن مجمل ما بعد 30 يونيو. أما الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي المحتمل، خالد علي، فقالت إن تحصين قرارات العليا للانتخابات غير دستوري، لافتاً إلي أن اللجنة العليا للانتخابات لجنة إدارية ويجوز الطعن علي قراراتها لافتة إلي أنها ستعلن موقفها خلال الأسبوع المقبل، بعد التشاور مع عدد من القوي السياسية. باقي الكيانات المؤيدة مثل مكتب شباب حزب الكرامة، الداعم لحمدين صباحي، أعلنت رفضها القاطع لتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات، مشددة علي أنه مخالف لنصوص وروح مواد الدستور، ومناقض لتوصيات لجنة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة. وطالب شباب الكرامة بالسماح بالطعن علي قرارات اللجنة ونتائج الانتخابات خلال ثلاثة أيام من إعلانها، وتفريغ إحدي دوائر مجلس الدولة للبت في الطعون في موعد أقصاه أسبوع، علي ألا يتم تنصيب الرئيس إلا عقب مرور تلك المدة . وطرح أحمد جبيلي، رئيس حزب الشعب الديمقراطي رأياً آخر في الأزمة وهو أن المادة 93 من الدستور تكفل حق التقاضي وكذلك المادة 97 نصت علي عدم تحصين أي قرار إداري من الطعن عليه والمادتان 228 و230 من دستور 2014 اختلف عليهما البعض، فمنهم من تمسك بلجنة الانتخابات الرئاسية بتشكيلاتها السابقة، وفقا للمادة 228 ومنهم من تمسك باللجنة بتشكيلاتها الجديدة وفقا للمادة 230. مضيفا أن تأييد البعض لتحصين قرار لجنة الانتخابات الرئاسية هو توجه خاطئ، بزعم أن التحصين جاء لحماية الاستقرار والعملية الانتخابية، ولكنه في الحقيقة يفتح الباب للطعن عليه بعدم الدستورية، ويدخلنا في دائرة مفرغة، ويفتح الباب لتعطيل العملية الانتخابية بعض الشيء. وعلي الجانب الآخر رحّب حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، بقانون الانتخابات الرئاسية، الذي يتضمن تحصينًا لقرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، مشيرًا إلي أنه مناسب للمرحلة الانتقالية التي تتطلب الانتهاء من الاستحقاقات التي نص عليها الدستور الجديد، وأوجب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر. موضحا أنه يمكن الاستفادة ضمنيًا من الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد، حيث يتولي رئيس الجمهورية مباشرة السلطة بعد ظهور النتيجة، مشيرًا إلي أنه لا يمكن أن يحدث ذلك في حالة الطعن علي قرارات اللجنة العليا المنوطة بإصدار العديد من القرارات المتعلقة بالعملية الانتخابية التي تستغرق شهورًا عدة عند الطعن عليها. نفس الموقف اتخذه المستشار أحمد الفضالي المتحدث باسم تيار الاستقلال، قائلا إن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات سيحمي البلاد من التعرض للخطر وعدم الاستقرار، خصوصا أن كثرة الطعون ستؤدي إلي التشكيك في نزاهة الانتخابات الرئاسية. واستكمل حديثه بأن تحصين قرارات العليا للانتخابات، حتي إن شابه عدم الدستورية، فهذه الشبهة تزول باعتبار أن اللجنة العليا للانتخابات، لها صفة العمل القضائي، وتأخذ شكل دائرة من دوائر المحكمة الدستورية العليا، ويعتبر قرار التحصين بمثابة حكم قضائي. لافتا إلي أن القانون يجيز التقدم بالطعون علي أي مخالفة للجنة العليا.