قائد الإنكشارية يقرأ رسالة السلطان العثمانى إلى والى تونس يوسف بشير فنان حكاية.. موهوب.. شامل، يمثل ويكتب ويغني ويقدم الاستعراض برشاقة الفراشة.. يصعد بسرعة الصاروخ نحو قمة النجومية هناك في «قرطاج» درس الفنان الهندسة وتخصص في العمارة والديكور ثم حملته الهواية إلي المعهد العالي للفنون الدرامية حتي حصل علي الماجستير في فنون العرض.. يقول: بدأت التمثيل وعمري 51 سنة بمسرح المدرسة ثم الجامعة ونلت جوائز قيمة وفي هذا الجو الدراسي اكتشفني المخرج الكبير معز العاشوري فقدمني للجمهور في مسرحية «ليلة الغفلة» وهي أول عمل بعد الثورة التونسية تدور أحداثها في منطقة شعبية تستقبل خبر الثورة ونجاحها وتعيش أولي لحظات الحرية وتعكس رد الفعل الوطني في جو تسوده الفوضي. وفي ثاني أكبر عمل شارك يوسف بشير المخرج السوري سامي شراب فيلمه «الكوكب الأحمر» وكان مفاجأة للجمهور بحضوره الذي طبع صورته في قلوب الجماهير.. وأخيرا يستعد الآن للانتهاء من تصوير مشاهده الخاصة في فيلم «صراع» الذي يحكي فترة حكم بن علي وأسرته خاصة ليلي زوجته التي احتقرت الشعب ونهبت ثروته وكيف صعدت الكوافيرة ليلي إلي كرسي حرم الرئيس. سألته: ماذا جد للسينما التونسية بعد الثورة؟ يفاجئني الفنان يوسف بشير بلهجته المصرية الرائعة يووووه.. كثير قوي.. دا إحنا كنا في عتمة وعزبة.. الله لايعودها تاني.. كانت السينما لونا واحدا فقط ونصا واحدا فقط بيكرر نفس الحكاية حكاية النخبة ومشاكلها بس! فلم تكن سينما شعبية تعبر عن المواطن وهمومه ولاترصد ولاتمثل حياة الوطن.. بعد الثورة عاد الكُتاب يبدعون وعاد المخرجون يبدعون في مساحة حرية عريضة وإن كنت أخشي عليها من صعود التيار الديني الذي ربما.. أقول ربما يفرض بعض القيود عليها وأنبههم لاتكرروا خطأ الديكتاتور الهارب فالسينما مدرسة الثقافة والوعي والتنوير والمسرح كذلك والأمم بدون فن تموت. كيف تري السينما المصرية؟ مصر أم الفنون والسينما المصرية شكلت وجدان العرب من زمان وأبي قال لي: لولا السينما المصرية ماعرفنا الفن وقيمته لقد أبدع الرواد يوسف وهبي، فاتن حمامة، عمر الشريف، اسماعيل يس وأخيرا يحيي الفخراني ومحمد صبحي.. وأتمني أن تبقي علي القمة بروح العصر ومعطياته. وماذا عن أمنياتك الشخصية؟ أمنية راح وقتها.. أن أعمل مع المخرج العظيم يوسف شاهين وأخري مازالت حاضرة أن أعمل في فيلم مشترك مع الفنان الكبير يحيي الفخراني أو في مسرحية مع العظيم محمود يس. ماهي حكاية هذا المشهد التاريخي الذي مثلته في استقبالنا؟ أنا قائد حامية الإنكشارية جئت برسالة من السلطان العثماني محمد علي إلي السلطان التونسي علي باشا سلطان الدولة الحسينية أخبره بانتصار جيش السلطان في الحرب ضد روسيا التي تحالفت مع الفرس وسيطرت علي البحر الأسود ودول من ش رق أوروبا وقد استقر الأمن والأمان في حوض البحر المتوسط ولذا فإنه بحكم الأخوة الإسلامية نطمئن بلادكم وسلطانكم ونرجو أن يظل ولاؤه للسلطان محمد علي.. وكما رأيت قام الوالي بتقبيل الرسالة وحملها علي رأسه طاعة وعرفانا. وأخيرا كيف تري حال المسرح التونسي؟ حاله أفضل.. تكاليفه أقل.. والدولة تهتم به أكثر وبه رواد من الكُتاب والمخرجين والممثلين، منصف السوسي وفاضل الجعابي وعلي بن عياد وحبيبة مسيكة وهي يهودية الأصل من مبدعي المسرح التونسي. وهو بالفعل حقق ريادة وتفوقا في الوطن العربي ويقدم فنا راقيا يقبل عليه الجمهور العربي خاصة في فصل الصيف عندما يقدم السياح إلي تونس وقد شهدت خشبة المسرح منذ فترة مسرحيات من أهمها «مراد الثالث» و«زهايمر» و«ريتشارد الثالث» و«الرهيب بن الأغلب».. كما تري مسرحيات تاريخية لكنها تعالج واقعا وتسقط عليه الأحداث المعاصرة فتبدو ممتعة في رسالتها ومشاهدها.. اطمئن المسرح التونسي بخير. مخاوف مشروعة قلت لي إنكم تتحسبون للمستقبل خاصة في حالة فوز الإسلاميين في البرلمان القادم؟ - نعم.. نحن نترقب ونتحسب لما سوف تنتجه وتفرزه الانتخابات القادمة ولدينا تحفظات علي التيار الإسلامي وتخوفات منه ولك أن تعرف أنهم منذ تصدروا المشهد السياسي بعد الثورة تعمدوا إنقاص ميزانية الثقافة والفنون بشكل خاص.. ولهذا خرج الفنانون في تظاهرة حضارية يحتجون علي هذا التصرف الذي لايقدر الثقافة ولا يقيم للفن وزنا وقدمنا اعتراضات مكتوبة ومازلنا نرفض سيطرة وهمينة التيار الإسلامي علي المشهد السياسي بتونس ولو حدث لا قدر الله فستحدث ردة للسينما والثقافة والإسلاميون عموما في الوطن العربي كله لايملكون مشروعا ينهض بالفنون.. ولذلك أقول إن الفن عاني كثيرا في عصر الديكتاتورية الغاشمة وسوف يعاني لو فاز الإسلاميون! الصراع قريبا ما هي حكاية الفيلم الجديد «الصراع» ولماذا هو مهم جدا الآن؟ - يقول الفنان يوسف بشير «الصراع» يعد أول عمل سينمائي روائي طويل للمخرج المبدع منصف بربوش وهو صاحب الفكرة فبعد عودته من المنفي الاختياري في كندا بعد الثورة بادر بالاتصال بالكاتب والفنان المسرحي حسين المحنوش وعرض عليه فكرة الفيلم وبالفعل بدأ الكاتب في عمل مقابلات وزيارات ميدانية للمعتقلين السابقين في سجون بن علي بورقيبة وكانت المعلومات مذهلة علي حد تصريح الكاتب نفسه الذي قال لم أتصور هذا التعذيب للشعب التونسي لقد فاق وتفوق علي تعذيب الأمريكان للمساجين في جوانتانامو بل وإسرائيل لم تعذب المعتقلين الفلسطينيين بهذا القدر وهذه القسوة التي مارسها زين العابدين بن علي ضد الشعب التونسي العظيم. إذن الفيلم يحكي صراع السلطة والمعارضة والبطش بالمعارضين ويصور حقبة سوداء من الحكم والاستبداد والظلم والنهب خاصة سنوات بن علي.. وفي غضون سنة بدأ العمل والتصوير وقد أعطي المخرج منصف بربوش فرصا هائلة للشباب في هذا العمل إيمانا منه بأن الشباب هم أبطال الثورة وأن من حقهم أن يعبروا عنها وعن أنفسهم بشكل جيد، مع مشاركة لنجوم كبار مثل صلاح مصدق وهشام رستم.. ويضحك من قلبه.. وأنا طبعا. متي يعرض «الصراع» ؟ - قريبا لقد انتهينا تقريبا برغم صعوبات الإنتاج التي واجهتنا ولكن اعتقد أن الفيلم سيعرض في ديسمبر القادم إن شاء الله في تونس وبلاد عربية كثيرة وأظن أن النية تتجه لإهدائه لمحطات تلفزة عربية لتحقيق الانتشار العالمي المطلوب.