محاولات متكررة للنيل من الإسلام وتشويه صورته تتأرجح بين الظهور والخفوت بين الحين والآخر. شهدت الآونة الأخيرة العديد من المحاولات الغربية لاستفزاز مشاعر المسلمين حول العالم وتنوع الهجوم بين أساليب مبتكرة مثل النائب الهولندي المتطرف جيريت فيلدرز الذي وصف القرآن ب"كتاب الشر" وفي أواخر يوليو دعا إلي سحب الجنسية من المسلمين في هولندا من خلال جبهة داخل البرلمان الهولندي مناوئة للإسلام أسماها "التحالف الدولي من أجل الحرية" للحد من انتشار الإسلام.كما أن فيلدرز هو الذي أنتج فيلم "فتنة" الشهير عام2008 وتضمن مشاهد تروج لدموية المسلمين وهمجيتهم. ولا يختلف الأمر كثيراً عما حدث في الولاياتالأمريكية قبل أسابيع حيث دعت كنيسة في ولاية فلوريدا إلي حرق المصاحف في ذكري11 سبتمبر المقبلة في محاولة لتحويل هذه المناسبة إلي "يوم عالمي لحرق القرآن". قساوسة أمريكا كان لهم دور في الفترة الأخيرة لمعاداة الإسلام بصورة واضحة حيث أصدر القس تيري جونس كتاباً بعنوان "الإسلام هو الشيطان" ودأب علي تقديم هدايا تذكارية لمرتادي كنيسته عبارة عن أكواب وقمصان ومواد أخري كتب عليها نفس العبارة. وشهدت شوارع الولاياتالمتحدة في الآونة الأخيرة أيضاً حملة منظمة للنيل من الإسلام واستفزاز مشاعر المسلمين هناك حيث نظمت جماعات يمينية متطرفة حملة إعلانية واسعة ضد الإسلام تحذر الأمريكيين من الإسلام في عدد من المدن الأمريكية، وقامت مجموعة ترفع شعار "أوقفوا أسلمة أمريكا" بوضع ملصقات إعلانية علي حافلات النقل في عدد من المدن الأمريكية تطالب الأمريكيين بالابتعاد عن الدين الإسلامي، وتأتي هذه الحملة في إطار حملة واسعة ضد الإسلام عقب الجدل الذي أثاره الإعلان عن بناء مسجد قرب موقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وكانت حركة "تي بارتي" الأمريكية قد دعت – في محاولة فاشلة - قبل شهر إلي القيام بمظاهرة ضد المسلمين في ولاية كاليفورنيا يصطحبون فيها الكلاب ثم يطلقونها علي المصلين المسلمين أثناء تأديتهم لشعائر صلاة الجمعة، اعتراضاً علي بناء أحد المساجد في أمريكا. الأعداء الجُدد ويبدو أن هذه المساعي الدؤوبة لمحاربة الإسلام والنيل من المسلمين بل والقضاء تماماً عليهم تقف وراءها أفكار غربية متشددة هدفها القضاء التام علي دين محمد ([) ربما لحكمة أو معتقد يؤمن به الملايين من الأمريكيين، وهو ما ذهب إليه د.أحمد ماضي أبو العزايم الرئيس السابق للاتحاد العالمي للصحة النفسية، حيث يقول: في أوائل التسعينيات من القرن الماضي كان هناك اتجاه يسمي "new world order" أو ما عرف بالاتجاه العالمي الجديد لحل الصراعات وأنشئ في أمريكا معهد دراسات السلام والذي اعتمد علي بحث الصراعات العالمية في كل مكان وتحليلها، ومن قبله كان المركز الأوروبي لحل الصراعات الذي سمي ب"مركز الأندلس" وهي الحقبة التاريخية لحكم المسلمين في أوروبا التي وجد فيها اليهود حرية اعتناق ديانتهم ولم يكونوا فيها عبيداً. كل هذه كانت محاولات جيدة لكن مع انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي بوش اتجه المعهد إلي منحي خطير وهو أن كل الصراعات العالمية في أي دولة تحتاج إلي الولاياتالمتحدة وإلي دور أمريكي مباشر، ومع تصاعد الهجمة الغربية علي الإسلام وانقلاب الأمريكيين علي بن لادن حليفهم ظهرت الموجة المضادة للإسلام وأهانت الإسلام والمسلمين وهذا أتاح فرصة سهلة للغرب للتخلص من الأعداء الجدد وهم المسلمون وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واختفاء عدو أمريكا وتحديد العدو الجديد في الإسلام والمسلمين ومن هنا تعززت الفكرة التي يعتقد فيها الكثير من الأمريكيين وهي "عودة المسيح علي يد الدماء اليهودية" والتي تعني قضاء اليهود علي المسلمين، وقد شاركتُ خلال السنوات الأخيرة في العديد من المؤتمرات الأوروبية لمناقشة هذه الفكرة وصبت الآراء في خطأ هذه الاعتقادات، ورغم ذلك يجب أن نوضح أنه في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 كان هناك الكثير من التآمر ضد الإسلام وتواطأت المخابرات الأمريكية حتي تذكي فكرة العداء للإسلام وحتي يعود المسيح علي دماء اليهود وفق هذا المعتقد السائد لديهم. حرب اقتصادية دينية ويوضح د.أبو العزايم فكرة هذا الاعتقاد بأنه كلما ترتكب إسرائيل جرائم ضد العدو (المسلمين) لا يتحرك أحد نظراً للاعتقاد السائد لدي الكثير من الغربيين وبخاصة في أمريكا بأن الانتصار علي عدو اليهود هو مقدمة لظهور المسيح مجدداً، وهذا مفهوم مرضي تغذيه العمليات الإرهابية من ناحية وتدمير كيانات اقتصاد الدول الإسلامية من ناحية أخري للقضاء بكل الوسائل علي الإسلام وتشويه صورة المسلمين أمام العالم أجمع. وبالتالي هي حرب اقتصادية دينية تحتاج إلي عقول علي درجة عالية من الكفاءة لمواجهة هذه الأفكار لنحقق الانتصار العقلي والفكري عليهم، فمن الناحية النفسية كلما شعرت بالانهزام أمام هذه الحرب الغربية ضد الإسلام كلما كان ذلك بداية لعمل واسع وتشكيل رأي عام واع يتصاعد وصولاً إلي الإحساس بالفشل وهنا تحدث الانطلاقة الثانية للنهوض فإحساسنا بالضعف يحتاج منا إلي انطلاقة فكرية وليس انطلاقة عداء للغرب وهو ما يعرف في علم النفس بمرحلة "الهياج الفكري" أو مرحلة التعبئة، ومن هنا علينا أن نتوقف عن الهجوم بالانتقام لذواتنا ولكن علينا أن ننهض لتطوير دولنا وبلادنا الإسلامية. جورج بوش من أنصار الفكرة فكرة عودة ظهور المسيح مجدداً وارتباط تحقق هذه الفكرة بقتل المسلمين وإبادتهم من علي وجه الأرض يؤمن بها الملايين من أبناء الولاياتالمتحدة وحدها حيث يؤكد د.محمد أبو غدير (أستاذ الدراسات العبرية بكلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر) أن هناك في أمريكا طائفة مسيحية متطرفة تضم نحو 85 مليون أمريكياً بينهم جورج بوش ومعظم رؤساء أمريكا السابقين يؤمنون بأن المسيح المنتظر ظهوره مجدداً مرهون بتغلب وانتصار اليهود علي المسلمين وبعد ذلك يأتي المسيحيون – حسب فكرة هذه المجموعة – ويقضون علي اليهود، وحينئذ سيظهر المسيح المنتظر وينتشر أنصاره ويسيطرون علي العالم. يضيف د.أبو غدير: الخطورة أن الذين يؤمنون بهذه الفكرة رغم أنهم بالملايين إلا أنهم في المجمل ليسوا أغلبية بل قلة ولكن لهم سطوة اقتصادية ومتآلفين مع مجموعة من اليهود في أمريكا. المشكلة أن الصراع العربي الإسرائيلي دخل فيه بعد آخر يوظف الدين لخدمة أهداف هذه الطائفة. واليهود قالوا نأخذ من أنصار هذه الطائفة ما نريده – وهو القضاء علي المسلمين – وعندما يظهر المسيح يحلها ربنا. وعموماً مسيحيو أمريكا المتأثرون بهذه الفكرة يسيطر عليهم بعد ديني يصب في خدمة معتقدهم لأن المسيح المنتظر لن يظهر إلا بقضاء اليهود علي المسلمين والمحرك لهذه الجماعات المسيحية عناصر يهودية. المسيح علي حمار أبيض ويوضح د.أبو غدير: المسيح المنتظر أو المُخلص هو فكرة يهودية روج لها رجال دين يهود حينما طُرد بنو إسرائيل عام 70 ميلادية علي يد الرومان وانتشروا حول العالم وقال رجال الدين إن هذا ليس عقاباً لكنه اختبار من الله وسنعود مجدداً لكن هذا مرهون بظهور المسيح المخلص سيقودنا من كل دول العالم إلي فلسطين، وتحدثوا عن عودة المسيح وهو راكب علي ظهر حمار أبيض اللون وينفخ في بوقه ليجمع اليهود من كل مكان ويقودهم إلي فلسطين.